صم صيام مودع
أبو عبد الله الأنصاري
1434/09/11 - 2013/07/19 02:54AM
الوقفة الأولى : بلوغ رمضان نعمة وأي نعمة ؟!
كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يبشر أصحابه بقدوم رمضان كما أخرجه الإمام أحمد والنسائي ، فعن أبي قلابة عن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يبشر أصحابه : ( قد جاءكم شهر رمضان ، شهر مبارك ، افترض الله عليكم صيامه ، يفتح فيه أبواب الجنة ، ويُغلق فيه أبوابَ الجحيم ، وتُغل فيه الشياطين ، فيه ليلة خير من ألف شهر ، من حرم خيرها فقد حرم".البيهقي بإسناده صحيح .
قال الإمام ابن رجب رحمه الله : "هذا الحديث أصل في تهنئة الناس بعضهم بعضاً بشهر رمضان ، كيف لا يبشر المؤمن بفتح أبواب الجنان ، كيف لا يبشر المذنب بغلق أبواب النيران ، كيف لا يبشر العاقل بوقت يغل فيه الشيطان ، من أين يشبه هذا الزمان زمان؟!"
قال معلى بن الفضل: كانوا يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان ثم يدعونه ستة أشهر أن يتقبل منهم ، وقال يحيى بن أبي كثير: "كان من دعائهم : اللهم سلمني إلى رمضان ، وسلم لي رمضان ، وتسلمه مني متقبلا".
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بإسناد ضعيف أنه : كان إذا دخل رجب قال : ( اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان) قال ابن رجب : فيه دليل ندب الدعاء بالبقاء إلى الأزمان الفاضلة لإدراك الأعمال الصالحة فيها فإن المؤمن لا يزيده عمره إلا خيرا.
وعن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: "كان رجلان من بليِّ من قضاعة أسلما مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم فاستشهد أحدهما وأُخِّر الآخر سنة ، قال طلحة بن عبيد الله: فأُريت الجنة ، فرأيت فيها المؤخَّر منهما أدخل قبل الشهيد ، فعجبت لذلك ، فأصبحت فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، أو ذُكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فقال صلى الله عليه وآله وسلم : ( أليس قد صام بعده رمضان ؟! ، وصلى ستة آلاف ركعة أو كذا وكذا ركعة ؟! صلاة السنة" أخرجه أحمد بإسناده صحيح .
الوقفة الثالثة : كان قتادة يقول : كان يقال من لم يغفر له في رمضان فلن يغفر له ؟!!
• عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( قال أعطيت أمتي في شهر رمضان خمسا لم يعطهن نبي قبلي ، أما واحدة فإنه إذا كان أول ليلة من شهر رمضان نظر الله عز وجل إليهم ومن نظر الله إليه لم يعذبه أبدا ، وأما الثانية فإن خلوف أفواههم حين يمسون أطيب عند الله من ريح المسك ، وأما الثالثة فإن الملائكة تستغفر لهم في كل يوم وليلة ، وأما الرابعة فإن الله عز وجل يأمر جنته فيقول لها استعدي وتزيني لعبادي أوشك أن يستريحوا من تعب الدنيا إلى داري وكرامتي ، وأما الخامسة فإنه إذا كان آخر ليلة غفر الله لهم جميعا ، فقال رجل من القوم : أهي ليلة القدر ؟ فقال : ( لا ، ألم تر إلى العمال يعملون فإذا فرغوا من أعمالهم وُفُّوا أجورهم ؟ ) قال المنذري رحمه الله: إسناده مقارب أصلح مما قبله .
• وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : ( من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ومن صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ) متفق عليه.
• في الصحيحينِ عن أبي هُريرَةَ رضي الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إذا دَخَلَ رمضانُ فُتِّحَت أبوابُ السماءِ، وغُلِّقَتْ أبوابُ جَهنَّم، وسُلسِلتِ الشياطينُ». ولمسلمٍ: «فُتِّحَتْ أبوابُ الرَّحمةِ»، وعنهُ رضي الله عنه أنَّ رسول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم قالَ: «إِذا كان أوَّلُ ليلةٍ من رمضانَ صُفِّدتِ الشياطينُ ومَردَةُ الجنِّ، وغُلِّقت أبوابُ النيرانِ، فلم يفتح منها بابٌ، وفُتِّحتْ أبوابُ الجنةِ فلم يغلقْ منها باب، ويُنادي منادٍ: يا باغيَ الخير أَقبلْ، ويا باغيَ الشرِّ أقصِر، وللهِ عتقاءُ من النارِ، وذلك كل ليلة» رواهُ الترمذيُّ والنِسائيُ والحاكم وحسنه الألباني .
• عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : ( من صام رمضان ، فعرف حدوده ، وحفظ ما ينبغي له أن يتحفظ كان كفارة له ) .
• وقد روى الحافظ أبو موسى المديني في كتاب الترغيب في الخصال المنجية والترهيب من الخلال المردية حديثاً طويلاً في الأعمال المنجية من عذاب القبر جاء فيه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : ( ورأيت رجلا من أمتي يلهب ـ وفي رواية يلهث ـ عطشا كلما دنا من حوض منع وطرد فجاءه صيام شهر رمضان فأسقاه وأرواه ).
• وعن عمرو بن مرة الجهني رضي الله عنه قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال : يا رسول الله شهدت أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله وصليت الخمس وأديت زكاة مالي وصمت رمضان فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( من مات على هذا كان مع النبيين والصديقين والشهداء يوم القيامة هكذا ونصب أصبعيه ما لم يعق والديه ) صححه المنذري والألباني .
أنا رمضان
أسكب الأنوار فجراً في قلوب مظلمة أملأ الأرواح طهراً في نفوس هائمة
أجعل التقوى دليلاً كي تعود إلى الطريق أمة عزت وسادت يوم عاشت مسلمة
دمعة العاصي ذليلاً خائفاً ممن عصاه سجدة الملهوف للرحمن يستجدي رضاه
موجة الإيمان ألقت نحو شطآآآن النجاة نعمة من فضل ربي جل ربي في علاه
1) إنه غنم للمؤمن : فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:" أظلكم شهركم هذا بمحلوف رسول الله ما مر على المسلمين شهر هو خير لهم منه ، ولا يأتي على المنافقين شهر شر لهم منه ، إن الله يكتب أجره وثوابه من قبل أن يدخل ، ويكتب وزره وشقاءه من قبل أن يدخل ، ذلك أن المؤمن يُعد فيه النفقة للقوة في العبادة ، ويعد فيه المنافق اغتياب المؤمنين واتباع عوراتهم ، فهو غنمٌ للمؤمن ، ونقمةٌ على الفاجر"رواه أحمد والبيهقي وحسنه الألباني في صحيح الترغيب.
2) كيوم ولدته أمه جاء في مصنف ابن أبي شيبة عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : أَوَّلُ مَا يُصِيبُ صَاحِبُ رَمَضَانَ الَّذِي يُحْسِنُ قِيَامَهُ وَصِيَامَهُ ، أَنْ يَفْرُغَ مِنْهُ وَهُوَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ مِنَ الذُّنُوبِ.
3) نفحة من نفحات الله روى الطبراني بسند حسن عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: ( افْعَلُوا الْخَيْرَ دَهْرَكُمْ، وَتَعَرَّضُوا لِنَفَحَاتِ رَحْمَةِ اللَّهِ، فَإِنَّ لِلَّهِ نَفَحَاتٍ مِنْ رَحْمَتِهِ يُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ، وَسَلُوا اللَّهَ أَنْ يَسْتُرَ عَوْرَاتِكُمْ، وَأَنْ يُؤَمِّنَ رَوْعَاتِكُمْ)
4) عقوبة المحرومين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم صعد المنبر فقال آمين آمين آمين قيل يا رسول الله إنك صعدت المنبر فقلت آمين آمين آمين فقال إن جبريل عليه السلام أتاني فقال من أدرك شهر رمضان فلم يغفر له فدخل النار فأبعده الله قل آمين فقلت آمين الحديث رواه ابن خزيمة وابن حبان وصححه الألباني .
5) شهر العتق من النار وإجابة الدعاء وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : (إن لله عتقاء من النار في كل يوم وليلة، ولكل مسلم في كل يوم وليلة دعوة مستجابة) رواه الطبراني، وصححه الألباني ، وفي حديث آخر عند كل فطر كما في حديث أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( إِنَّ لِلَّهِ عِنْدَ كُلِّ فِطْرٍ عُتَقَاءَ وَذَلِكَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ ) رواه ابن ماجه، وصححه الألباني ، فمن ضيع حظه من الدعاء في رمضان فمتى يسعد بإجابة الله تعالى وعطائه ؟!
6) وصية نبوية برمضان : حديث عبادة بن الصامت الذي رواه الطبراني ورواته ثقات أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا أقبل شهر رمضان يقول بأبي هو وأمي: ( أتاكم رمضان شهر بركة يغشاكم الله فيه ، فينزل الرحمة ، ويحط الخطايا ، ويستجيب فيه الدعاء، ويباهي بكم ملائكته، وينظر فيه إلى تنافسكم في الخير، فأروا الله من أنفسكم خيراً، فإن الشقي من حرم فيه رحمة الله عز وجل ).
7) اجتهاد المصطفى في رمضان يقول ابن القيم : ( وكان من هَدْيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في شهر رمضان، الإكثارُ من أنواع العبادات، فكان جبريلُ عليه الصلاة والسلام يُدارسه القرآن في رمضان، وكان إذا لقيه جبريل أجودَ بالخير من الريح المرسلة، وكان أجودَ الناس، وأجود ما يكون في رمضان، يُكْثِرُ فيه مِن الصدقة والإحسان، وتلاوة القرآن، والصلاة، والذِّكرِ، والاعتكاف) .
رمضـان أقبل قم بنـا يا صاح هـذا أوان تبـتّـل وصلاح
الكون مِعطـار بطيـب قدومه روح ريحـان ونفـح أقاحـي
صفو أتيح فخذ لنفسك قسطها فالصفو ليس على المدى بمُتاح
واغنم ثواب صيـامه وقيـامه تسعـد بخيـرٍ دائـم وفلاح
الوقفة الثالثة : حقيقة الصيام
• روى البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ : مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ وَالْجَهْلَ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ.
• وصح عنه من حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : "الصيام جُنة من النار، فمن أصبح صائماً فلا يجهل يومئذ، وإن امرؤ جهل عليه فلا يشتمه ولا يسبه ، وليقل إني صائم ، والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك" .
• وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : ( إن سُبَّ أحَدُكُم وهو صائم فَلْيَقُل : إني صائم ) ينهى بذلك عن مراجعة الصائم . حسنه الألباني .
• وعنه أيضاً رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : ( ليس الصيام من الأكل والشرب إنما الصيام من اللغو والرفث فإن سابك أحد أو جهل عليك فلتقل : إني صائم إني صائم ).
• وعنه أيضاً رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وآله وسلم : ( رب صائم حظه من صيامه الجوع و العطش و رب قائم من قيامه السهر ) وصححه الألباني والأعظمي.
• وعَنْ عِيَاضِ بْنِ غُطَيْفٍ، قَالَ: مَرِضَ أَبُو عُبَيْدَةَ فَأَتَيْنَاهُ نَعُودُهُ ، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم يَقُولُ: " الصَّوْمُ جُنَّةٌ مَا لَمْ يَخْرِقْهَا " حسنه بعضهم .
• يقول جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما : ( إِذَا صُمْتَ فَلْيَصُمْ سَمْعُكَ وبَصَرُكَ وَلِسَانُكَ، عَنِ الْكَذِبِ وَالْمَحَارِمِ – أي الحرام - ، وَدَعْ أَذَى الْخَادِمِ ، وَلْيَكُنْ عَلَيْكَ وَقَارٌ وَسَكِينَةٌ يَوْمَ صِيَامِكَ ، وَلَا تَجْعَلْ يَوْمَ فِطْرِكَ وَصَوْمِكَ سَوَاءً ).
• وعَنْ طَلِيقِ بْنِ قَيْسٍ ، قَالَ : قَالَ أَبُو ذَرٍّ : إذَا صُمْتَ فَتَحَفَّظْ مَا اسْتَطَعْت ، فَكَانَ طَلِيقٌ إذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِهِ دَخَلَ فَلَمْ يَخْرُجْ إِلاَّ لِصَلاَةٍ .
• عَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ ؛ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ وَأَصْحَابَهُ كَانُوا إذَا صَامُوا جَلَسُوا فِي الْمَسْجِدِ ، وهذا لمن لا يحتاج إلى السعي والتكسب ، أما من احتاج لذلك فيلزمه السعي له وإن كان صائماً.
• يقول عُمَرُ : لَيْسَ الصِّيَامُ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَحْدَهُ ، وَلَكِنَّهُ مِنَ الْكَذِبِ وَالْبَاطِلِ وَاللَّغْوِ وَالْحَلِفِ.
• عَنْ جَعْفَرٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ مَيْمُونًا يَقُولُ : إنَّ أَهْوَنَ الصَّوْمِ تَرْكُ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ .
• عَنْ مُجَاهِدٍ ، قَالَ : خَصْلَتَانِ مَنْ حَفِظَهُمَا سَلِمَ لَهُ صَوْمُهُ ؛ الْغِيبَةُ وَالْكَذِبُ.
• عَنْ إبْرَاهِيمَ ، قَالَ : كَانُوا يَقُولُونَ : الْكَذِبُ يُفْطِرُ الصَّائِمَ.
• عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ ، قَالَ : الصَّائِمُ فِي عِبَادَةٍ مَا لَمْ يَغْتَبْ.
• يقول ابن الجوزي : "وما من جارحة في بدن الإنسان إلا ويلزمها الصوم في رمضان وغير رمضان، فصوم اللسان ترك الكلام إلا في ذكر الله تعالى، وصوم السمع ترك الإصغاء إلى الباطل وإلى ما لا يحلّ سماعه، وصيام العينين ترك النظر والغض عن محارم الله" .
• ذم أعرابي قوماً فقال: يصومون عن المعروف، ويفطرون على الفواحش.
• يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى : ( ونقل طائفة عن طائفة من السلف: أن الغيبة والنميمة ونحوهما تفطر الصائم وذكر وجها في مذهب أحمد ، وتحقيق الأمر في ذلك: أن الله تعالى أمر بالصيام لأجل التقوى، وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم «من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه» فإذا لم تحصل له التقوى لم يحصل له مقصود الصوم فينقص من أجر الصوم بحسب ذلك ، والأعمال الصالحة لها مقصودان: حصول الثواب، واندفاع العقاب ، فإذا فعلها – أي الطاعة - مع المنهيات من الغيبة والنميمة وأكل الحرام وغيره فاته الثواب ) .
• ويبين تلميذه الفذ ابن قيم الجوزية رحمه الله من هو الصائم فيقول: ( والصائم هو الذي صامت جوارحه عن الآثام ولسانه عن الكذب والفحش وقول الزور وبطنه عن الطعام والشراب وفرجه عن الرفث فإن تكلم لم يتكلم بما يجرح صومه وإن فعل لم يفعل ما يفسد صومه فيخرج كلامه كله نافعا صالحا وكذلك أعماله فهي بمنزلة الرائحة التي يشمها من جالس حامل المسك كذلك من جالس الصائم انتفع بمجالسته وأمن فيها من الزور والكذب والفجور والظلم هذا هو الصوم المشروع لا مجرد الإمساك عن الطعام والشراب ففي الحديث الصحيح [ من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه ] وفي الحديث [ رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش ] ، فالصوم هو صوم الجوارح عن الآثام وصوم البطن عن الشراب والطعام فكما أن الطعام والشراب يقطعه ويفسده فهكذا الآثام تقطع ثوابه وتفسد ثمرته فتصيره بمنزلة من لم يصم ) .
• يقول الإمام ابن رجب الحنبلي رحمه الله تعالى : ( واعلم أنه لا يتم التقرب إلى الله تعالى بترك هذه الشهوات المباحة في غير حالة الصيام إلا بعد التقرب إليه بترك ما حرم الله في كل حال من الكذب والظلم و العدوان على الناس في دمائهم وأموالهم وأعراضهم ..وسر هذا : أن التقرب إلى الله تعالى بترك المباحات لا يكمل إلا بعد التقرب إليه بترك المحرمات فمن ارتكب المحرمات ثم تقرب إلى الله تعالى بترك المباحات كان بمثابة من يترك الفرائض ويتقرب بالنوافل ) .
• ويقول البيضاوي رحمه الله : ( ليس المقصود من شرعية الصوم نفس الجوع والعطش، بل ما يتبعه من كسر الشهوات وتطويع النفس الأمارة للنفس المطمئنة، فإذا لم يحصل ذلك لا ينظر الله إليه نظر المقبول ) .
رمضان رُبَّ فَمٍ تمنع عن شراب أو طعام ظن الصيام عن الغذاء هو الحقيقة في الصيام
وهوى على الأعراض ينهشها ويقطع كالحُمام يا ليته إذ صام صام عن النمائم والحرام
واستاك إذ يستاك عن كذب وتزوير الكلام وعن القيام لو أنه فيما يحاوله استقام
رمضان نجوى مخلص للمسلمين وللسلام تسمو بها الصلوات والدعوات تضطرم اضطرام
كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يبشر أصحابه بقدوم رمضان كما أخرجه الإمام أحمد والنسائي ، فعن أبي قلابة عن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يبشر أصحابه : ( قد جاءكم شهر رمضان ، شهر مبارك ، افترض الله عليكم صيامه ، يفتح فيه أبواب الجنة ، ويُغلق فيه أبوابَ الجحيم ، وتُغل فيه الشياطين ، فيه ليلة خير من ألف شهر ، من حرم خيرها فقد حرم".البيهقي بإسناده صحيح .
قال الإمام ابن رجب رحمه الله : "هذا الحديث أصل في تهنئة الناس بعضهم بعضاً بشهر رمضان ، كيف لا يبشر المؤمن بفتح أبواب الجنان ، كيف لا يبشر المذنب بغلق أبواب النيران ، كيف لا يبشر العاقل بوقت يغل فيه الشيطان ، من أين يشبه هذا الزمان زمان؟!"
قال معلى بن الفضل: كانوا يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان ثم يدعونه ستة أشهر أن يتقبل منهم ، وقال يحيى بن أبي كثير: "كان من دعائهم : اللهم سلمني إلى رمضان ، وسلم لي رمضان ، وتسلمه مني متقبلا".
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بإسناد ضعيف أنه : كان إذا دخل رجب قال : ( اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان) قال ابن رجب : فيه دليل ندب الدعاء بالبقاء إلى الأزمان الفاضلة لإدراك الأعمال الصالحة فيها فإن المؤمن لا يزيده عمره إلا خيرا.
وعن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: "كان رجلان من بليِّ من قضاعة أسلما مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم فاستشهد أحدهما وأُخِّر الآخر سنة ، قال طلحة بن عبيد الله: فأُريت الجنة ، فرأيت فيها المؤخَّر منهما أدخل قبل الشهيد ، فعجبت لذلك ، فأصبحت فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، أو ذُكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فقال صلى الله عليه وآله وسلم : ( أليس قد صام بعده رمضان ؟! ، وصلى ستة آلاف ركعة أو كذا وكذا ركعة ؟! صلاة السنة" أخرجه أحمد بإسناده صحيح .
الوقفة الثالثة : كان قتادة يقول : كان يقال من لم يغفر له في رمضان فلن يغفر له ؟!!
• عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( قال أعطيت أمتي في شهر رمضان خمسا لم يعطهن نبي قبلي ، أما واحدة فإنه إذا كان أول ليلة من شهر رمضان نظر الله عز وجل إليهم ومن نظر الله إليه لم يعذبه أبدا ، وأما الثانية فإن خلوف أفواههم حين يمسون أطيب عند الله من ريح المسك ، وأما الثالثة فإن الملائكة تستغفر لهم في كل يوم وليلة ، وأما الرابعة فإن الله عز وجل يأمر جنته فيقول لها استعدي وتزيني لعبادي أوشك أن يستريحوا من تعب الدنيا إلى داري وكرامتي ، وأما الخامسة فإنه إذا كان آخر ليلة غفر الله لهم جميعا ، فقال رجل من القوم : أهي ليلة القدر ؟ فقال : ( لا ، ألم تر إلى العمال يعملون فإذا فرغوا من أعمالهم وُفُّوا أجورهم ؟ ) قال المنذري رحمه الله: إسناده مقارب أصلح مما قبله .
• وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : ( من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ومن صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ) متفق عليه.
• في الصحيحينِ عن أبي هُريرَةَ رضي الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إذا دَخَلَ رمضانُ فُتِّحَت أبوابُ السماءِ، وغُلِّقَتْ أبوابُ جَهنَّم، وسُلسِلتِ الشياطينُ». ولمسلمٍ: «فُتِّحَتْ أبوابُ الرَّحمةِ»، وعنهُ رضي الله عنه أنَّ رسول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم قالَ: «إِذا كان أوَّلُ ليلةٍ من رمضانَ صُفِّدتِ الشياطينُ ومَردَةُ الجنِّ، وغُلِّقت أبوابُ النيرانِ، فلم يفتح منها بابٌ، وفُتِّحتْ أبوابُ الجنةِ فلم يغلقْ منها باب، ويُنادي منادٍ: يا باغيَ الخير أَقبلْ، ويا باغيَ الشرِّ أقصِر، وللهِ عتقاءُ من النارِ، وذلك كل ليلة» رواهُ الترمذيُّ والنِسائيُ والحاكم وحسنه الألباني .
• عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : ( من صام رمضان ، فعرف حدوده ، وحفظ ما ينبغي له أن يتحفظ كان كفارة له ) .
• وقد روى الحافظ أبو موسى المديني في كتاب الترغيب في الخصال المنجية والترهيب من الخلال المردية حديثاً طويلاً في الأعمال المنجية من عذاب القبر جاء فيه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : ( ورأيت رجلا من أمتي يلهب ـ وفي رواية يلهث ـ عطشا كلما دنا من حوض منع وطرد فجاءه صيام شهر رمضان فأسقاه وأرواه ).
• وعن عمرو بن مرة الجهني رضي الله عنه قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال : يا رسول الله شهدت أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله وصليت الخمس وأديت زكاة مالي وصمت رمضان فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( من مات على هذا كان مع النبيين والصديقين والشهداء يوم القيامة هكذا ونصب أصبعيه ما لم يعق والديه ) صححه المنذري والألباني .
أنا رمضان
أسكب الأنوار فجراً في قلوب مظلمة أملأ الأرواح طهراً في نفوس هائمة
أجعل التقوى دليلاً كي تعود إلى الطريق أمة عزت وسادت يوم عاشت مسلمة
دمعة العاصي ذليلاً خائفاً ممن عصاه سجدة الملهوف للرحمن يستجدي رضاه
موجة الإيمان ألقت نحو شطآآآن النجاة نعمة من فضل ربي جل ربي في علاه
1) إنه غنم للمؤمن : فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:" أظلكم شهركم هذا بمحلوف رسول الله ما مر على المسلمين شهر هو خير لهم منه ، ولا يأتي على المنافقين شهر شر لهم منه ، إن الله يكتب أجره وثوابه من قبل أن يدخل ، ويكتب وزره وشقاءه من قبل أن يدخل ، ذلك أن المؤمن يُعد فيه النفقة للقوة في العبادة ، ويعد فيه المنافق اغتياب المؤمنين واتباع عوراتهم ، فهو غنمٌ للمؤمن ، ونقمةٌ على الفاجر"رواه أحمد والبيهقي وحسنه الألباني في صحيح الترغيب.
2) كيوم ولدته أمه جاء في مصنف ابن أبي شيبة عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : أَوَّلُ مَا يُصِيبُ صَاحِبُ رَمَضَانَ الَّذِي يُحْسِنُ قِيَامَهُ وَصِيَامَهُ ، أَنْ يَفْرُغَ مِنْهُ وَهُوَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ مِنَ الذُّنُوبِ.
3) نفحة من نفحات الله روى الطبراني بسند حسن عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: ( افْعَلُوا الْخَيْرَ دَهْرَكُمْ، وَتَعَرَّضُوا لِنَفَحَاتِ رَحْمَةِ اللَّهِ، فَإِنَّ لِلَّهِ نَفَحَاتٍ مِنْ رَحْمَتِهِ يُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ، وَسَلُوا اللَّهَ أَنْ يَسْتُرَ عَوْرَاتِكُمْ، وَأَنْ يُؤَمِّنَ رَوْعَاتِكُمْ)
4) عقوبة المحرومين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم صعد المنبر فقال آمين آمين آمين قيل يا رسول الله إنك صعدت المنبر فقلت آمين آمين آمين فقال إن جبريل عليه السلام أتاني فقال من أدرك شهر رمضان فلم يغفر له فدخل النار فأبعده الله قل آمين فقلت آمين الحديث رواه ابن خزيمة وابن حبان وصححه الألباني .
5) شهر العتق من النار وإجابة الدعاء وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : (إن لله عتقاء من النار في كل يوم وليلة، ولكل مسلم في كل يوم وليلة دعوة مستجابة) رواه الطبراني، وصححه الألباني ، وفي حديث آخر عند كل فطر كما في حديث أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( إِنَّ لِلَّهِ عِنْدَ كُلِّ فِطْرٍ عُتَقَاءَ وَذَلِكَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ ) رواه ابن ماجه، وصححه الألباني ، فمن ضيع حظه من الدعاء في رمضان فمتى يسعد بإجابة الله تعالى وعطائه ؟!
6) وصية نبوية برمضان : حديث عبادة بن الصامت الذي رواه الطبراني ورواته ثقات أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا أقبل شهر رمضان يقول بأبي هو وأمي: ( أتاكم رمضان شهر بركة يغشاكم الله فيه ، فينزل الرحمة ، ويحط الخطايا ، ويستجيب فيه الدعاء، ويباهي بكم ملائكته، وينظر فيه إلى تنافسكم في الخير، فأروا الله من أنفسكم خيراً، فإن الشقي من حرم فيه رحمة الله عز وجل ).
7) اجتهاد المصطفى في رمضان يقول ابن القيم : ( وكان من هَدْيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في شهر رمضان، الإكثارُ من أنواع العبادات، فكان جبريلُ عليه الصلاة والسلام يُدارسه القرآن في رمضان، وكان إذا لقيه جبريل أجودَ بالخير من الريح المرسلة، وكان أجودَ الناس، وأجود ما يكون في رمضان، يُكْثِرُ فيه مِن الصدقة والإحسان، وتلاوة القرآن، والصلاة، والذِّكرِ، والاعتكاف) .
رمضـان أقبل قم بنـا يا صاح هـذا أوان تبـتّـل وصلاح
الكون مِعطـار بطيـب قدومه روح ريحـان ونفـح أقاحـي
صفو أتيح فخذ لنفسك قسطها فالصفو ليس على المدى بمُتاح
واغنم ثواب صيـامه وقيـامه تسعـد بخيـرٍ دائـم وفلاح
الوقفة الثالثة : حقيقة الصيام
• روى البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ : مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ وَالْجَهْلَ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ.
• وصح عنه من حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : "الصيام جُنة من النار، فمن أصبح صائماً فلا يجهل يومئذ، وإن امرؤ جهل عليه فلا يشتمه ولا يسبه ، وليقل إني صائم ، والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك" .
• وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : ( إن سُبَّ أحَدُكُم وهو صائم فَلْيَقُل : إني صائم ) ينهى بذلك عن مراجعة الصائم . حسنه الألباني .
• وعنه أيضاً رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : ( ليس الصيام من الأكل والشرب إنما الصيام من اللغو والرفث فإن سابك أحد أو جهل عليك فلتقل : إني صائم إني صائم ).
• وعنه أيضاً رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وآله وسلم : ( رب صائم حظه من صيامه الجوع و العطش و رب قائم من قيامه السهر ) وصححه الألباني والأعظمي.
• وعَنْ عِيَاضِ بْنِ غُطَيْفٍ، قَالَ: مَرِضَ أَبُو عُبَيْدَةَ فَأَتَيْنَاهُ نَعُودُهُ ، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم يَقُولُ: " الصَّوْمُ جُنَّةٌ مَا لَمْ يَخْرِقْهَا " حسنه بعضهم .
• يقول جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما : ( إِذَا صُمْتَ فَلْيَصُمْ سَمْعُكَ وبَصَرُكَ وَلِسَانُكَ، عَنِ الْكَذِبِ وَالْمَحَارِمِ – أي الحرام - ، وَدَعْ أَذَى الْخَادِمِ ، وَلْيَكُنْ عَلَيْكَ وَقَارٌ وَسَكِينَةٌ يَوْمَ صِيَامِكَ ، وَلَا تَجْعَلْ يَوْمَ فِطْرِكَ وَصَوْمِكَ سَوَاءً ).
• وعَنْ طَلِيقِ بْنِ قَيْسٍ ، قَالَ : قَالَ أَبُو ذَرٍّ : إذَا صُمْتَ فَتَحَفَّظْ مَا اسْتَطَعْت ، فَكَانَ طَلِيقٌ إذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِهِ دَخَلَ فَلَمْ يَخْرُجْ إِلاَّ لِصَلاَةٍ .
• عَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ ؛ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ وَأَصْحَابَهُ كَانُوا إذَا صَامُوا جَلَسُوا فِي الْمَسْجِدِ ، وهذا لمن لا يحتاج إلى السعي والتكسب ، أما من احتاج لذلك فيلزمه السعي له وإن كان صائماً.
• يقول عُمَرُ : لَيْسَ الصِّيَامُ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَحْدَهُ ، وَلَكِنَّهُ مِنَ الْكَذِبِ وَالْبَاطِلِ وَاللَّغْوِ وَالْحَلِفِ.
• عَنْ جَعْفَرٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ مَيْمُونًا يَقُولُ : إنَّ أَهْوَنَ الصَّوْمِ تَرْكُ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ .
• عَنْ مُجَاهِدٍ ، قَالَ : خَصْلَتَانِ مَنْ حَفِظَهُمَا سَلِمَ لَهُ صَوْمُهُ ؛ الْغِيبَةُ وَالْكَذِبُ.
• عَنْ إبْرَاهِيمَ ، قَالَ : كَانُوا يَقُولُونَ : الْكَذِبُ يُفْطِرُ الصَّائِمَ.
• عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ ، قَالَ : الصَّائِمُ فِي عِبَادَةٍ مَا لَمْ يَغْتَبْ.
• يقول ابن الجوزي : "وما من جارحة في بدن الإنسان إلا ويلزمها الصوم في رمضان وغير رمضان، فصوم اللسان ترك الكلام إلا في ذكر الله تعالى، وصوم السمع ترك الإصغاء إلى الباطل وإلى ما لا يحلّ سماعه، وصيام العينين ترك النظر والغض عن محارم الله" .
• ذم أعرابي قوماً فقال: يصومون عن المعروف، ويفطرون على الفواحش.
• يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى : ( ونقل طائفة عن طائفة من السلف: أن الغيبة والنميمة ونحوهما تفطر الصائم وذكر وجها في مذهب أحمد ، وتحقيق الأمر في ذلك: أن الله تعالى أمر بالصيام لأجل التقوى، وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم «من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه» فإذا لم تحصل له التقوى لم يحصل له مقصود الصوم فينقص من أجر الصوم بحسب ذلك ، والأعمال الصالحة لها مقصودان: حصول الثواب، واندفاع العقاب ، فإذا فعلها – أي الطاعة - مع المنهيات من الغيبة والنميمة وأكل الحرام وغيره فاته الثواب ) .
• ويبين تلميذه الفذ ابن قيم الجوزية رحمه الله من هو الصائم فيقول: ( والصائم هو الذي صامت جوارحه عن الآثام ولسانه عن الكذب والفحش وقول الزور وبطنه عن الطعام والشراب وفرجه عن الرفث فإن تكلم لم يتكلم بما يجرح صومه وإن فعل لم يفعل ما يفسد صومه فيخرج كلامه كله نافعا صالحا وكذلك أعماله فهي بمنزلة الرائحة التي يشمها من جالس حامل المسك كذلك من جالس الصائم انتفع بمجالسته وأمن فيها من الزور والكذب والفجور والظلم هذا هو الصوم المشروع لا مجرد الإمساك عن الطعام والشراب ففي الحديث الصحيح [ من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه ] وفي الحديث [ رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش ] ، فالصوم هو صوم الجوارح عن الآثام وصوم البطن عن الشراب والطعام فكما أن الطعام والشراب يقطعه ويفسده فهكذا الآثام تقطع ثوابه وتفسد ثمرته فتصيره بمنزلة من لم يصم ) .
• يقول الإمام ابن رجب الحنبلي رحمه الله تعالى : ( واعلم أنه لا يتم التقرب إلى الله تعالى بترك هذه الشهوات المباحة في غير حالة الصيام إلا بعد التقرب إليه بترك ما حرم الله في كل حال من الكذب والظلم و العدوان على الناس في دمائهم وأموالهم وأعراضهم ..وسر هذا : أن التقرب إلى الله تعالى بترك المباحات لا يكمل إلا بعد التقرب إليه بترك المحرمات فمن ارتكب المحرمات ثم تقرب إلى الله تعالى بترك المباحات كان بمثابة من يترك الفرائض ويتقرب بالنوافل ) .
• ويقول البيضاوي رحمه الله : ( ليس المقصود من شرعية الصوم نفس الجوع والعطش، بل ما يتبعه من كسر الشهوات وتطويع النفس الأمارة للنفس المطمئنة، فإذا لم يحصل ذلك لا ينظر الله إليه نظر المقبول ) .
رمضان رُبَّ فَمٍ تمنع عن شراب أو طعام ظن الصيام عن الغذاء هو الحقيقة في الصيام
وهوى على الأعراض ينهشها ويقطع كالحُمام يا ليته إذ صام صام عن النمائم والحرام
واستاك إذ يستاك عن كذب وتزوير الكلام وعن القيام لو أنه فيما يحاوله استقام
رمضان نجوى مخلص للمسلمين وللسلام تسمو بها الصلوات والدعوات تضطرم اضطرام
المشاهدات 3519 | التعليقات 2
جمع مميز وطريقة عرض طيبة وتدعيم بالاستشهادات ملفت واستطراد مميز فشكر الله لك ونفعنا وإياك وكل القارئين شيخ علي
رشيد بن ابراهيم بوعافية
خطبة جليلة و ثريّة بالشواهد ، بارك الله فيك وفي علمك، ونفع الله بك أستاذ عادل .
تعديل التعليق