صلة الأرحام سعة في الأرزاق وطول في الأعمار
كامل الضبع زيدان
1436/08/21 - 2015/06/08 08:21AM
خطبة الجمعة بجامع الأخوين سحيم وناصر ابني الشيخ حمد بن عبد الله بن جاسم آل ثاني رحمهما الله
صلة الأرحام سعة في الأرزاق وطول في الأعمار
من أوجب الواجبات على كل مسلم أن يكون واصلا لأرحامه بارا بهم يبذل كل ما يستطيع لإيصال النفع والخير لهم ودفع الشر والسوء عنهم ولكن العجب العجاب أن ترى كثيرا من المسلمين اليوم في غاية القطيعة لأرحامه وهو غير مكترث بذلك وكأنهم لم يقرأوا شيئا من كتاب الله ولم يسمعوا حديثا من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فالآيات في كتاب الله تدفع العباد دفعا إلى أن يكونوا واصلين لأرحامهم باريين بهم غاية البر والصلة قال الله عزو جل {لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (177) (البقرة) وقال جل جلاله {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا (36) (النساء) وقال سبحانه {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90) (النحل)وقال تعالى {فَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَٰلِكَ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (38) (الروم) } هذه الآيات وغيرها كثير يحثنا على صلة الأرحام والبر بهم غاية البر وهي أوامر من الرب الجليل والذي ينبغي لكل مسلم ومسلمة ومؤمن ومؤمنة أن يسلم لها ويقول سمعنا وأطعنا ويسارع في طاعة مولاه.
من أول ما دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة صلة الأرحام
فعن عبد الله ابن سلام رضي الله عنه وكان حبرا من خيرة أحبار اليهود أسلم وحسن إسلامه وشهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة قال لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة انجفل إليه الناس أي هرعوا وأسرعوا إليه وقالوا جاء رسول الله وكنت من أول من انجفل إليه فلما نظرت في وجهه عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب وسمعته يقول من أول كلامه صلى الله عليه وسلم بالمدينة {يا أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا الأرحام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام} رواه الترمذي وابن ماجة
صلة الأرحام صلة بالله عزو جل
ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال {إن الله عزو جل خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فقالت هذا مقام العائذ بك من القطيعة قال نعم أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك قالت بلى قال فذلك لك ثم قال صلى الله عليه وسلم اقرأوا إن شئتم { فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَىٰ أَبْصَارَهُمْ} فهذا كلام الصادق المصدوق يبلغنا عن الله عزو جل وعهده جل جلاله للرحم أن من وصلها وصله الله ومن قطعها قطعه الله ومن منا يستطيع أن يعيش مقطوع الصلة بالله عزو جل لا أحد يعقل يستطيع ذلك بل من انقطعت صلته بالله عزو جل فموته خير له من بقاءه لأن المؤمن يحيا بمعية الله وبصلته بالله وبغير الله لا حياة له ولا وجود وإذا وثق الصلة بالله حماه الله وكفاه الله ووقاه الله وأيده الله وسدده الله وأعطاه الله ووسع رزقه فهو جل جلاله المعطي على الحقيقة لا معطي لما منع ولا مانع لما أعطى ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن جل جلال الله .وقاطع الرحم ملعون بلعنة الله مطرود من رحمة الله كالأعمى والأصم في هذه الدنيا.
سعة الرزق وطول العمر لمن وصل أرحامه
وفي الصحيحين أيضا من حديث أنس رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول {من سره وفي رواية من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه} وكلنا نحب ذلك ونسر بذلك أن يوسع الله عزو جل في أرزاقنا وأن يطيل في أعمارنا وبخاصة إذا كان العبد في طاعة وعبادة فقد قال الحبيب صلى الله عليه وسلم خيركم من طال عمره وحسن عمله فهذا هو السبيل لذلك صلة الأرحام توسع الأرزاق توسعة حقيقية وتزيد الأعمار زيادة حقيقية كما قال الإمام النووي رحمه الله تعالى في شرح مسلم أن الله عزو جل يأمر الملائكة بأن تكتب أجل فلان كذا وكذا فإن وصل رحمه زيدوه كذا وكذا والله أعلم هل سيوفي بالشرط أم لا والملائكة لا يعلمون إلا ما يعلمهم الله عز وجل وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى القضاء قضاءان قضاء مبرم وقضاء مقيد بشرط القضاء المبرم وهو ما قضاه الله عنده في أم الكتاب في اللوح المحفوظ والمقيد بشرط وهو الذي في صحف الملائكة قال الله تعالى {يمح الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب} الذي يمحا ويثبت ما في صحف الملائكة إذا حقق العبد الشرط أثبتت الملائكة الزيادة وإذا لم يحقق الشرط وهو في حديثنا صلة الرحم محت الملائكة من الصحف الزيادة وكل ذلك بأمر الله عزو جل ومشيئته وأما ما في أم الكتاب وفي اللوح المحفوظ فهو ثابت لا يتغير ولا يمحا منه شيء.
ليس الواصل بالمكافئ
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال {ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها} رواه البخاري. وروى الإمام مسلم عن ابي هريرة رضي الله عنه أن رجلا قال يا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني وأحسن إليهم ويسيئون إلي وأحلم عنهم ويجهلون علي فقال الحبيب صلى الله عليه وسلم لإن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك} إذا فنحن مأمورون بالصلة وبالبر وإن وجدنا من أقربائنا إساءة وقطيعة وإيذاء لا يمنعنا ذلك من أن نؤدي الحق الذي علينا كما أمرنا الله عزو جل والله معنا والله يدافع عنا والله يتولى أمورنا ومعنى تسفهم المل أي الرماد الحار الذي يكون بعد انطفاء جمر النار مباشرة فيكون فيه من حرارة النار وهذا إشارة إلى خطئهم وتعديهم وارتكابهم كبيرة من أكبر الكبائر بقطيعتهم وإساءتهم وجهلهم ولا شك أن عذاب الآخرة أشد وأبقى نسأل الله العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة.
منع البنات من ميراثهم وحقهم من أعظم أسباب القطيعة
وهذه ظاهرة متفشية في كثير من بلاد المسلمين الله عزو جل واهب المال يعطيه من يشاء في أي وقت شاء وهو جل جلاله الذي فرض الفرائض وقسم المواريث لأصحابيها وقال فريضة من الله كما قال جل جلاله {لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا (7) (النساء) فنصيب البنات من ميراث والدهم مفروض من الله عزو جل ويأتي الولد ويقول أعطي مال أبي للأغراب يقصد أزواج أخواته البنات وهذا متبع لهواه ضال عن هدى مولاه لأن الله عزو جل هو الذي فرض وهو الذي أمر وهو الذي حكم وليس لنا إلا أن نسلم بقضائه ونرضى بقسمته جل جلاله وإلا فستمحق بركة هذا المال ولا يجني هذا الولد آكل حقوق أخواته البنات إلا الحسرة والندامة والخيبة في الدنيا والآخرة .
اللهم اجعلنا من عبادك الواصلين لأرحامنا البارين بهم لنصل بذلك إلى رضوانك اللهم آمين وصلي اللهم وسلم وبارك على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أخوكم / كامل الضبع محمد زيدان
صلة الأرحام سعة في الأرزاق وطول في الأعمار
من أوجب الواجبات على كل مسلم أن يكون واصلا لأرحامه بارا بهم يبذل كل ما يستطيع لإيصال النفع والخير لهم ودفع الشر والسوء عنهم ولكن العجب العجاب أن ترى كثيرا من المسلمين اليوم في غاية القطيعة لأرحامه وهو غير مكترث بذلك وكأنهم لم يقرأوا شيئا من كتاب الله ولم يسمعوا حديثا من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فالآيات في كتاب الله تدفع العباد دفعا إلى أن يكونوا واصلين لأرحامهم باريين بهم غاية البر والصلة قال الله عزو جل {لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (177) (البقرة) وقال جل جلاله {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا (36) (النساء) وقال سبحانه {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90) (النحل)وقال تعالى {فَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَٰلِكَ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (38) (الروم) } هذه الآيات وغيرها كثير يحثنا على صلة الأرحام والبر بهم غاية البر وهي أوامر من الرب الجليل والذي ينبغي لكل مسلم ومسلمة ومؤمن ومؤمنة أن يسلم لها ويقول سمعنا وأطعنا ويسارع في طاعة مولاه.
من أول ما دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة صلة الأرحام
فعن عبد الله ابن سلام رضي الله عنه وكان حبرا من خيرة أحبار اليهود أسلم وحسن إسلامه وشهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة قال لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة انجفل إليه الناس أي هرعوا وأسرعوا إليه وقالوا جاء رسول الله وكنت من أول من انجفل إليه فلما نظرت في وجهه عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب وسمعته يقول من أول كلامه صلى الله عليه وسلم بالمدينة {يا أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا الأرحام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام} رواه الترمذي وابن ماجة
صلة الأرحام صلة بالله عزو جل
ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال {إن الله عزو جل خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فقالت هذا مقام العائذ بك من القطيعة قال نعم أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك قالت بلى قال فذلك لك ثم قال صلى الله عليه وسلم اقرأوا إن شئتم { فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَىٰ أَبْصَارَهُمْ} فهذا كلام الصادق المصدوق يبلغنا عن الله عزو جل وعهده جل جلاله للرحم أن من وصلها وصله الله ومن قطعها قطعه الله ومن منا يستطيع أن يعيش مقطوع الصلة بالله عزو جل لا أحد يعقل يستطيع ذلك بل من انقطعت صلته بالله عزو جل فموته خير له من بقاءه لأن المؤمن يحيا بمعية الله وبصلته بالله وبغير الله لا حياة له ولا وجود وإذا وثق الصلة بالله حماه الله وكفاه الله ووقاه الله وأيده الله وسدده الله وأعطاه الله ووسع رزقه فهو جل جلاله المعطي على الحقيقة لا معطي لما منع ولا مانع لما أعطى ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن جل جلال الله .وقاطع الرحم ملعون بلعنة الله مطرود من رحمة الله كالأعمى والأصم في هذه الدنيا.
سعة الرزق وطول العمر لمن وصل أرحامه
وفي الصحيحين أيضا من حديث أنس رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول {من سره وفي رواية من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه} وكلنا نحب ذلك ونسر بذلك أن يوسع الله عزو جل في أرزاقنا وأن يطيل في أعمارنا وبخاصة إذا كان العبد في طاعة وعبادة فقد قال الحبيب صلى الله عليه وسلم خيركم من طال عمره وحسن عمله فهذا هو السبيل لذلك صلة الأرحام توسع الأرزاق توسعة حقيقية وتزيد الأعمار زيادة حقيقية كما قال الإمام النووي رحمه الله تعالى في شرح مسلم أن الله عزو جل يأمر الملائكة بأن تكتب أجل فلان كذا وكذا فإن وصل رحمه زيدوه كذا وكذا والله أعلم هل سيوفي بالشرط أم لا والملائكة لا يعلمون إلا ما يعلمهم الله عز وجل وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى القضاء قضاءان قضاء مبرم وقضاء مقيد بشرط القضاء المبرم وهو ما قضاه الله عنده في أم الكتاب في اللوح المحفوظ والمقيد بشرط وهو الذي في صحف الملائكة قال الله تعالى {يمح الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب} الذي يمحا ويثبت ما في صحف الملائكة إذا حقق العبد الشرط أثبتت الملائكة الزيادة وإذا لم يحقق الشرط وهو في حديثنا صلة الرحم محت الملائكة من الصحف الزيادة وكل ذلك بأمر الله عزو جل ومشيئته وأما ما في أم الكتاب وفي اللوح المحفوظ فهو ثابت لا يتغير ولا يمحا منه شيء.
ليس الواصل بالمكافئ
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال {ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها} رواه البخاري. وروى الإمام مسلم عن ابي هريرة رضي الله عنه أن رجلا قال يا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني وأحسن إليهم ويسيئون إلي وأحلم عنهم ويجهلون علي فقال الحبيب صلى الله عليه وسلم لإن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك} إذا فنحن مأمورون بالصلة وبالبر وإن وجدنا من أقربائنا إساءة وقطيعة وإيذاء لا يمنعنا ذلك من أن نؤدي الحق الذي علينا كما أمرنا الله عزو جل والله معنا والله يدافع عنا والله يتولى أمورنا ومعنى تسفهم المل أي الرماد الحار الذي يكون بعد انطفاء جمر النار مباشرة فيكون فيه من حرارة النار وهذا إشارة إلى خطئهم وتعديهم وارتكابهم كبيرة من أكبر الكبائر بقطيعتهم وإساءتهم وجهلهم ولا شك أن عذاب الآخرة أشد وأبقى نسأل الله العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة.
منع البنات من ميراثهم وحقهم من أعظم أسباب القطيعة
وهذه ظاهرة متفشية في كثير من بلاد المسلمين الله عزو جل واهب المال يعطيه من يشاء في أي وقت شاء وهو جل جلاله الذي فرض الفرائض وقسم المواريث لأصحابيها وقال فريضة من الله كما قال جل جلاله {لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا (7) (النساء) فنصيب البنات من ميراث والدهم مفروض من الله عزو جل ويأتي الولد ويقول أعطي مال أبي للأغراب يقصد أزواج أخواته البنات وهذا متبع لهواه ضال عن هدى مولاه لأن الله عزو جل هو الذي فرض وهو الذي أمر وهو الذي حكم وليس لنا إلا أن نسلم بقضائه ونرضى بقسمته جل جلاله وإلا فستمحق بركة هذا المال ولا يجني هذا الولد آكل حقوق أخواته البنات إلا الحسرة والندامة والخيبة في الدنيا والآخرة .
اللهم اجعلنا من عبادك الواصلين لأرحامنا البارين بهم لنصل بذلك إلى رضوانك اللهم آمين وصلي اللهم وسلم وبارك على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أخوكم / كامل الضبع محمد زيدان