صلاة الفجر-18-7-1441هـ-مستفادة من خطبة الشيخ سالم الغيلي
محمد بن سامر
1441/07/15 - 2020/03/10 19:20PM
صلاة الفجر-18-7-1441هـ-مستفادة من خطبة الشيخ سالم الغيلي
الحمدُ للهِ ربِ العالمينَ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وليُ الصالحينَ، وأشهدُ أنَّ محمدًا رسولُه الأمينُ، عليه وآلهِ الصلاةُ وأتمُ التسليمِ.
"يا أيها الذينَ آمنوا اتقوا اللهَ حقَ تقاتِه ولا تموتُنَّ إلا وأنتم مسلمون".
أما بعد: فيا إخواني الكرام:
يا صلاةَ الفجرِ يا نورَ اليقينِ*أخبرينا يا صلاةَ الفجرِ ممن تشتكينَ
صلاةُ الفجرِ في المسجدِ مع جماعةِ المسلمينِ دليلُ الإيمانِ والنجاةِ من النفاقِ، واليقينِ وحياةِ القلبِ، والخيرِ والقربِ من اللهِ.
بعضُ المسلمينَ-هدانا اللهُ وإياهم-أنعمَ اللهَ عليهم بالصحةِ في الأبدانِ، والأمنِ في الأوطانِ، والقربِ من المساجدِ بيوتِ الرحمنِ, ومع ذلك يتخلفونَ عن صلاةِ الفجرِ في المساجدِ دونَ عذرٍ, فما أعظَمها من خسارةٍ!.
لقدِ اختارَ اللهَ-تعالى-لها هذا الوقتَ ليختبرَ إيمانَ المسلمِ وحرصَه وإقبالَه على اللهِ, بعضُ المسلمينَ-هدانا اللهُ وإياهم-تفوتُه صلاةُ الفجرِ في المسجدِ كلَّ يومٍ، وبعضُهم يصلونها إذا أشرقتِ الشمسُ, أو يصلونها إذا دقتْ ساعةُ الاستيقاظِ للعملِ.
لسانُ حالِهم يقولُ: صلاةُ الفجرِ غيرُ مهمةٍ، ولا مشكلةَ-عندَهم-أن تفوتَ صلاةُ الفجرِ في المسجدِ, أما العملُ والسفرُ والطلعاتُ والسهراتُ فلا تفريطَ ولا تأخرَ.
فلا تعجبْ منْ بعضهِم إذا تعسرتْ أمورُهم، وانسدتْ مسالكُهم في الحياةِ, ولا تعجبْ من سرعةِ غضبِهم، وكثرةِ زعلِهم، وضيقِ صدورِهم، ولا تعجبْ من إصابتهمْ بالعقدِ النفسيةِ، والأمراضِ الروحيةِ, لأنَّ من أسبابِ ذلك تركَ صلاةَ الفجرِ في المسجدِ، وتأخيرَها عن وقتِها، قال-تعالى-: "وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا"، وقالَ-تعالى-: "فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ*الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ"، وقال-سبحانَه-: "فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا"، غيٌ: وادٍ في جهنمَ، نظرَ الرسولُ-صلى اللهُ عليهِ وآلِه وسلَّمَ-إلى القَمَرِ بدرًا لَيْلَةً-فَقَالَ: "إنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ، كما تَرَوْنَ هذا القَمَرَ، لا تُضَامُّونَ في رُؤْيَتِهِ، فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أنْ لا تُغْلَبُوا علَى صَلَاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وقَبْلَ غُرُوبِهَا فَافْعَلُوا ثُمَّ قَرَأَ: "وَسَبِّحْ بحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وقَبْلَ الغُرُوبِ"، وقالَ الرسولُ-صلى اللهُ عليهِ وآلِه وسلَّمَ-: "يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ علَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إذَا هو نَامَ ثَلَاثَ عُقَدٍ يَضْرِبُ كُلَّ عُقْدَةٍ عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ، فَارْقُدْ فَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ، انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فإنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فإنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فأصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ وإلَّا أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلَانَ"، وقالَ-صلى اللهُ عليهِ وآلِه وسلَّمَ-: "إنَّ أَثْقَلَ صَلَاةٍ علَى المُنَافِقِينَ صَلَاةُ العِشَاءِ، وَصَلَاةُ الفَجْرِ، ولو يَعْلَمُونَ ما فِيهِما لأَتَوْهُما ولو حَبْوًا، وَلقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بالصَّلَاةِ، فَتُقَامَ، ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فيُصَلِّيَ بالنَّاسِ، ثُمَّ أَنْطَلِقَ مَعِي برِجَالٍ معهُمْ حُزَمٌ مِن حَطَبٍ إلى قَوْمٍ لا يَشْهَدُونَ الصَّلَاةَ، فَأُحَرِّقَ عليهم بُيُوتَهُمْ بالنَّارِ"، وقالَ-صلى اللهُ عليهِ وآلِه وسلَّمَ-في حديث الرؤيا: "إنَّه أتانِي اللَّيْلَةَ آتِيانِ، وإنَّهُما ابْتَعَثانِي، وإنَّهُما قالا لي: انْطَلِقْ، وإنِّي انْطَلَقْتُ معهُما، وإنَّا أتَيْنا علَى رَجُلٍ مُضْطَجِعٍ، وإذا آخَرُ قائِمٌ عليه بصَخْرَةٍ، وإذا هو يَهْوِي بالصَّخْرَةِ لِرَأْسِهِ فَيَشْدَخُ به رَأْسَهُ..."، ثم أخبراه في نهايةِ الرؤيا فقالا: "أمَّا الرَّجُلُ الأوَّلُ الذي أتَيْتَ عليه يُشْدَخُ رَأْسُهُ بالحَجَرِ، فإنَّه الرَّجُلُ يَأْخُذُ القُرْآنَ فَيَرْفُضُهُ ويَنَامُ عَنِ الصَّلَاةِ المَكْتُوبَةِ..."
أستغفرُ اللهَ لي ولكم وللمسلمين...
الخطبة الثانية
الحمدُ للهِ كما يحبُ ربُنا ويرضى، أَمَّا بَعْدُ:
يا منْ يحافظُ على صلاةِ الفجرِ في المسجدِ، أبشرْ بالخيرِ والأجرِ، والبركةِ والسعادةِ، والجنةِ والرحمةِ.
هذه سبعُ بشائرَ لك:
البِشارةُ الأولى: إذا صليتَ الفجرَ في جماعةٍ فكأنّك قمتَ تصلي الليلَ كلَّه، قالَ رَسولُ اللهِ-صلى اللهُ عليهِ وآلِه وسلَّمَ-: "مَن صَلَّى العِشَاءَ في جَمَاعَةٍ فَكَأنَّما قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَمَن صَلَّى الصُّبْحَ في جَمَاعَةٍ فَكَأنَّما صَلَّى اللَّيْلَ كُلَّهُ".
البِشارةُ الثانيةُ: إذا صليتَ الفجرَ في جماعةٍ فأنتَ في ذمةِ اللهِ وحفظِه، ورعايتِه وحمايتِه حتى تمسي, قال رَسولُ اللهِ-صلى اللهُ عليهِ وآلِه وسلَّمَ-: "مَن صَلَّى الصُّبْحَ فَهو في ذِمَّةِ اللهِ، فلا يَطْلُبَنَّكُمُ اللَّهُ مِن ذِمَّتِهِ بشيءٍ فيُدْرِكَهُ فَيَكُبَّهُ في نَارِ جَهَنَّمَ".
البِشارةُ الثالثةُ: البراءةُ من النفاقِ, قال رَسولُ اللهِ-صلى اللهُ عليهِ وآلِه وسلَّمَ-: "إنَّ أَثْقَلَ صَلَاةٍ علَى المُنَافِقِينَ صَلَاةُ العِشَاءِ، وَصَلَاةُ الفَجْرِ".
البِشارةُ الرابعةُ: سنةُ الفجرِ خيرٌ لك من الدنيا وما فيها، فكيفَ بصلاةِ الفجرِ نفسِها، قال رَسولُ اللهِ-صلى اللهُ عليهِ وآلِه وسلَّمَ-: "رَكْعَتَا الفَجْرِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَما فِيهَا"، "هُما أحبُّ إليَّ من الدُّنيا جميعًا".
البِشارةُ الخامسةُ: اجتماعُ ملائكةِ الليلِ وملائكةِ النهارِ فيها, ومدحُهم للمصلينَ في المساجدِ عندَ اللهِ-عزَّ وجلَّ-، قال رَسولُ اللهِ-صلى اللهُ عليهِ وآلِه وسلَّمَ-: "يَتَعاقَبُ فِيكُمْ مَلائِكَةٌ باللَّيْلِ ومَلائِكَةٌ بالنَّهارِ، ويَجْتَمِعُونَ في صَلاةِ العَصْرِ وصَلاةِ الفَجْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ باتُوا فِيكُمْ، فَيَسْأَلُهُمْ-ربُهم-وهو أعْلَمُ بهِمْ: كيفَ تَرَكْتُمْ عِبادِي؟ فيَقولونَ: تَرَكْناهُمْ وهُمْ يُصَلُّونَ، وأَتَيْناهُمْ وهُمْ يُصَلُّونَ".
البِشارةُ السادسةُ: صلاةُ الفجرِ ضمانٌ لدخولِ الجنةِ بإذنِ اللهِ, قال رَسولُ اللهِ-صلى اللهُ عليهِ وآلِه وسلَّمَ-: "مَن صَلَّى البَرْدَيْنِ دَخَلَ الجَنَّةَ"، والبردانِ هما الفجرُ والعصرُ.
البِشارةُ السابعةُ: صلاةُ الفجرِ ضمانٌ لعدمِ دخولِ النارِ بإذنِ اللهِ, قال رَسولُ اللهِ-صلى اللهُ عليهِ وآلِه وسلَّمَ-: "لَنْ يَلِجَ النَّارَ أَحَدٌ صَلَّى قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَقَبْلَ غُرُوبِهَا، يَعْنِي الفَجْرَ وَالْعَصْرَ...".
فأينَ المشمرونَ العازمونَ على نيلِ هذهِ البشاراتِ؟!
اللهم اجعلنا والمسلمينَ منهم برحمتِك يا أرحمَ الراحمينَ.
اللهم اهدنا والمسلمينَ لأحسنِ الأخلاقِ والأعمالِ، واصرفْ عنا والمسلمينَ سيِئ الأخلاقِ والأعمالِ، اللهم أصلحْ ولاةَ أُمورِنا وولاةَ أُمورِ المسلمينِ، وارزقهمْ البطانةَ الصالحةَ الناصحةَ، ووفقهمْ لما تحبُ وترضى، وانصرْ جنودَنا المرابطينَ، ورُدَّهُم سالمينَ غانمينَ، اللهم اغفرْ لنا ولوالدينا وللمسلمينَ، أسألُك لي ولهم من كلِّ خيرٍ، وأعوذُ وأُعيذُهم بك من كلِّ شرٍ، اللهم اشفنا واشفِ مرضانا ومرضى المسلمين، اللهم اجعلنا والمسلمينَ ممن نصرَك فنصرْته، وحفظَك فحفظتْه، اللهم عليك بأعداءِ المسلمينَ فإنهم لا يعجزونَك، اكفنا واكفِ المسلمين شرَّهم بما شئتَ يا قويُ يا عزيزُ.