صلاة الفجر ... يا مسلمون

الحمد لله الكريم المتفضل، البر الجواد، الحمد لله على إنعامه الذي ما له من نفاد، الحمد لله الذي جعل الصلاة كتابًا موقوتًا على المؤمنين، وألزم بها المسلمين في محكم الذكر المبين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وخيرته من خلقه، خير من صلى وصام، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه، واستن بسنته، واقتفى أثره، وسار على نهجه إلى يوم الدين.

]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ[.

إخوة الإيمان والعقيدة .. هنيئًا لكم يا من صليتم الفجر جماعة في المسجد، بدأتم يومكم بطاعة الرحمن، قمتم وتوضأتم، وأسبغتم الوضوء، سِرتم على خُطا الطاعة، ودرب الضياء، ونور الإيمان.

هنيئًا لكم حِفظ الله ورعايته؛ تصديقًا لقول النبي ﷺ (من صلى الفجر، فهو في ذمة الله إلى أن يمسي) هنيئًا لكم النور التام يوم القيامة، تصديقًا لقول نبيكم ﷺ (بَشِّرِ المشائين في الظُّلَم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة).

كان المصلي لصلاة الفجر -كان- مستريحًا على الفراش، إلا أنه تذكر أن الوقوف بين يدي الله أكثر راحة، وأكثر سعادة، وأكثر بهجة وطمأنينة، أهل الفجر يُرزقون السكينة؛ لأنهم أخذوا من آخر الليل السكون والراحة. فأعانتهم هذه السكينة على أعمالهم.

يا عبد الله .. إنك إذا أطعت الله تعالى، فإن الله ييسر لك أمورك، ويكشف همومك وغمومك بإذنه سبحانه، فإذا تعرَّف العبد إلى الله بضعفه، يعطيه الله من القوة والعزيمة.

إخوة الإيمان .. مقولة مشهورة عن أحد وزراء اليهود يقول: "لا تزال إسرائيل بأمن ما دام مصلو الفجر أقلَّ من مصلي الجمعة"، نعم، حال بعض المسلمين النوم عن صلاة الفجر جماعة، وأداؤها في المنزل، والأدهى من ذلك من يؤديها خارج وقتها، المصلون واقفون بين يدي الله يرجون رحمته، ويخافون عذابه، وهذا المتخلف يتقلب على فراشه؛ لأنه ما تذكر يوم المعاد، ضعفت مراقبته لرب الأرباب، كم من حسرات في القبور! وكم من ندامة تحت التراب! يتمنى أحدهم أن يرجع إلى الدنيا ليخطو بقدميه إلى بيت الله مع المؤمنين.

لما ذُكر عند النبي ﷺ عن رجل نام ليلةً حتى أصبح، قال ﷺ (ذاك رجل بال الشيطان في أذنيه) كيف يخرج الإنسان للعمل في الصباح الباكر، وهو لم يصلِّ الفجر في المسجد؟ يطلب الرزق من الله، وهو قد عصى الله قبل طلبه للرزق، وبدأ يومه بالمعصية.

إن من الخلل أن تكون مشكلتنا التخلف عن صلاة الفجر؛ لأنه ما كان يعرف في سلف الأمة التخلف عن صلاة الفجر جماعة، ولا يعرف ذلك في صفوف المؤمنين، بل ما كان يعرف ذلك إلا في صفوف المنافقين؛ قال ﷺ (أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما، لأتوهما ولو حَبْوًا) لو كان لا يستطيع المشي لعلَّةٍ به، لأتى إلى الصلاة حبوًا، كما يحبو الطفل الصغير؛ لعظم الأجر المترتب على هذه الصلاة.

يقول ابن مسعود t: ولقد رأيتُنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف. فكيف بأناس أصحاء ليس بهم مرض ولا علة، ويتقلبون في أمن ورغد عيشٍ، ومع ذلك يتخلفون عن الصلاة؟ ]أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ * أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ * أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ[ هذه النعم لا تدوم بكفران المنعِم جل وعلا، والإعراض عن طاعته، بل دوامها بشكرها وطاعة معطيها.

إنه ما قدر الله حق قدره من عمد إلى ساعته أو هاتفه، فجعل التنبيه على وقت عمله دون صلاته لمولاه وخالقه، ليتذكر من تخلف عن الصلاة أنه ربما تكون هذه الصلاة التي تخلفت عنها هي آخر صلاة لك، فهل تحب أن يختم لك بذلك؟ لو ناداك والدك فلم تجُبْ، لخشيتَ أن يغضب عليك، فكيف إذا ناداك ربك ومولاك؟ أمَا تخشى أن يغضب عليك؟

في حديث سمرة رضي الله عنه الطويل، وفيه قال الرسول ﷺ (أتينا على رجل مضطجع وإذا آخر قائم عليه بصخرة، وإذا هو يهوي بالصخرة لرأسه فيثلغ رأسه، فيتدهده الحجر ها هنا، فيتبع الحجر فيأخذه، فلا يرجع إليه حتى يصح رأسه كما كان، ثم يعود عليه، فيفعل به مثلما فعل المرة الأولى، قال: قلت: لهما سبحان الله ما هذان؟ - وفي آخر الحديث - أما الرجل الذي أتيت عليه يثلغ رأسه بالحجر، فإنه الرجل يأخذ القرآن فيرفضه، وينام عن الصلاة المكتوبة).

يا من تنام عن صلاة الفجر، ماذا أعددت لما بعد الموت؟ هل نسيت الأحداث والأهوال بعد الموت؟ هل تعلم ماذا ستكون أمنياتك حين تغادر هذه الدنيا؟

أسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين، وأن يردهم إليه ردًّا جميلاً.

 

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليمًا كثيرًا.

معاشر المؤمنين .. ابشروا يا أهل الصلاة جماعة في المسجدـ بقول الصادق المصدوق ﷺ (لن يلج النار أحد صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها) وقال عليه الصلاة والسلام (من صلى البردين، دخل الجنة) وقال (من صلى العشاء في جماعة، فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى الصبح في جماعة، فكأنما قام الليل كله) وفي الحديث (ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها) هذه النافلة، فما بالك بالفريضة؟ وما تقرب عبد أحب إلى الله مما افترضه الله عليه.

أبشروا يا من داومتم على صلاة الفجر وتذكروا أعظم فرحة وُجدت وأعظم فرحة قُدرت، ما عُلم ولا عُرف فرحة أعظم ولا أجل ولا أكبر ولا أفضل من رؤية المولى جل وعلا في جنات عدن؛ يقول جرير البجلي t: كنا جلوسًا ليلةً مع النبي ﷺ فنظر إلى القمر ليلة أربع عشرة، فقال  (إنكم سترون ربكم كما ترون هذا لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم ألا تُغلَبوا على صلاة قبل طلـوع الشمس وقبل غروبها، فافعلوا؛ ثم قرأ ]وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ[.

تذكر أنه لن ينفعك مالك ولا منصبك، ولا جاهك ولا دنياك، إنه لن ينفعك إلا عملك، وما قدمت لله، فاغتنم المهلة قبل أن ينقضي الأجل؛ فإنه معدود، وعما قريب سيفنى ويزول ]وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ[.

رزقني الله وإياكم حسن النية وحسن العمل وحسن الختام، ونسأل الله صلاح الراعي والرعية.

وصلى الله على نبينا محمد

المرفقات

1720732986_صلاة الفجر.pdf

1720732997_صلاة الفجر.docx

المشاهدات 494 | التعليقات 0