صَلَاةُ الفَجْرِ؛ فَضَائِلُهَا، وَتَفْرِيْطُ البَعْضِ فِيْهَا
مبارك العشوان 1
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
عِبَادَ اللهِ: يَقُولُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: ( بُنِيَ الإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُــولُ اللهِ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَــانَ. ) رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.
الصَّلَاةُ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الإِسْلَامِ؛ وَقَدْ فَرَضَهَا اللهُ جَلَّ وَعَلَا خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي اليَومِ وَاللَّيْلَةِ: الفَجْرَ وَالظُّهْرَ وَالعَصْرَ وَالمَغْرِبَ وَالعِشَاءَ.
وَفِي البُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَـالَ: ( نَزَلَ جِبْرِيلُ فَأَمَّنِي فَصَلَّيْتُ مَعَهُ، ثُمَّ صَلَّيْتُ مَعَهُ، ثُمَّ صَلَّيْتُ مَعَهُ، ثُمَّ صَلَّيْتُ مَعَهُ، ثُمَّ صَلَّيْتُ مَعَهُ، يَحْسُبُ بِأَصَابِعِهِ خَمْسَ صَلَوَاتٍ ).
قَدْ يَسْتَغْرِبُ البَعْضُ عِنْدَمَا نُعَدِّدُ الصَّلَوَاتِ؛ فَالصَّغِيْرُ وَالْكَبِيْرُ يَعْلَمُونَ أَنَّهَا خَمْسًا؛ وَأَنَّ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَقْتًا؛ وَلَكِنَّ المُتَأَمِّلَ يَجِدُ فِي النَّاسِ مَنْ لَا يُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ إِلَّا أَرْبَعًا، مِنْهُمْ مَنْ لَا يَشْهَدُ الفَجْرَ مَعَ الجَمَاعَةِ، مِنْهُمْ مَنْ لَا يُصَلِّيْهَا فِي وَقْتِهَا، بَلْ وُجِدَ مَنْ لَا يُصَلِّيْهَا.
وَلَعَلَّنَا اليَوْمَ نَتَذَاكَرُ شَيْئًا عَنْ هَذِهِ الصَّلَاةِ العَظِيْمَةِ، نَتَذَاكَرُ بَعْضَ فَضَائِلِهَا، وَمَا أَعَدَّ اللهُ تَعَالَى لِأَهْلِهَا؛ نَتَذَاكَرُ بَعْضَ مَا جَاءَ فِي التَّحْذِيْرِ مِنَ التَّهَاوُنِ بِهَا؛ نَتَوَاصَى بِهَذِهِ الصَّلَاةِ
عَسَى غَافِلًا أَنْ يَنْتَبِهَ، وَمُفَرِّطًا أَنْ يَسْتَدْرِكْ.
عِبَادَ اللهِ: هَذِهِ الصَّلَاةُ مَشْهُودَةٌ، تَشْهَدُهَا المَلَائِكَةُ؛ يَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( تَجْتَمِعُ مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ وَمَلَائِكَةُ النَّهَارِ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ ) قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: { إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا }رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
وَيَقُولُ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالَّسَّلَاُم: ( يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلَائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلَائِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ وَصَلَاةِ الْعَصْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ، فَيَسْأَلُهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ: كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي؟ فَيَقُولُونَ تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ، وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ ) رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.
مَنْ صَلَّى هَذِهِ الصَّلَاةَ فَهُوَ فِي عَهْدِ اللهِ جَلَّ وَعَلَا وَأَمَانِهِ؛ يَحْفَظُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ؛ يَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّـــــمَ: ( مَنْ صَلَّى صَلَاةَ الصُّبْحِ فَهُوَ فِي ذِمَّةِ اللهِ ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَمِنْ خَيْرَاتِ هَذِهِ الصَّلَاةِ وَبَرَكَاتِهَا أَنَّ: ( مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا صَلَّى اللَّيْلَ كُلَّهُ ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
هَذِهِ الصَّلَاةُ سَبَبٌ لِلنَّجَاةِ مِنَ النَّارِ؛ فَفِي الحَدِيْثِ: ( لَنْ يَلِجَ النَّارَ أَحَدٌ صَلَّى قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا يَعْنِي الْفَجْرَ وَالْعَـصْرَ ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
هَذِهِ الصَّلَاةُ سَبَبٌ لِدُخُولِ الجَنَّةِ؛ فَفِي الحَدِيْثِ المُتَّفَقِ عَلَيْهِ: ( مَنْ صَلَّى الْبَرْدَيْنِ دَخَلَ الْجَنَّةَ ). وَالْبَرْدَانِ هُمَا: الصُّبْحُ وَالعَصْرُ.
هَذِهِ الصَّلَاةُ سَبَبٌ لِلْفَوزِ بِأَعْظَمِ نَعِيْمٍ يُنَعَّمُ بِهِ أَهْلُ الجَنَّةِ؛ يَقُولُ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ نَظَرَ إِلَى الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ فَقَالَ: ( أَمَا إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا الْقَمَرَ لَا تُضَامُّونَ فِي رُؤْيَتِهِ، فَإِنْ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لَا تُغْلَبُوا عَلَى صَلَاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا، يَعْنِي الْعَصْرَ وَالْفَجْرَ، ثُمَّ قَرَأَ جَرِيرٌ: { وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَــا } رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.
عِبَادَ اللهِ: وَهَلْ سَمِعْتُمْ بِفَضْلِ سُنَّةِ هَذِهِ الصَّلَاةِ؟!
يَقُولُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَإِذَا كَانَ هَذَا فَضْلُ رَاتِبَةِ الفَجْرِ؛ فَمَا ظَنُّكُمْ بِفَرِيْضَتِهَا ؟! وَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّهُ مَا تَقَرَّبَ أَحَدٌ إِلَى اللهِ تَعَالَى بِأَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا افْتَرَضَ عَلَيْهِ.
المُحَافَظَةُ عَلَى هَذِهِ الصَّلَاةِ مَعَ بَقِيَّةِ الصَّلَوَاتِ سَبَبٌ لِتَكْفِيْرِ السَّيِّئَاتِ؛ كَمَا فِي البُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهْرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ هَلْ يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ قَالُوا لَا يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ قَالَ فَذَلِكَ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ يَمْحُو اللهُ بِهِنَّ الْخَطَايَا ).
وَفِي الحَدِيْثِ الآخَرِ: ( الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ وَالْجُمْعَةُ إِلَى الْجُمْعَةِ وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
جَعَلَنِي اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِمَّنْ قَالَ فِيْهِمْ: { وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ، أُوْلَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُّكْرَمُونَ }المعارج 34ـ 35
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ وَنَفَعَنَا بِمَا فِيهِ مِنَ الْآيِ وَالذَّكَرِ الْحَكِيمِ وَأَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَظِيمَ الْجَلِيلَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلُّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخطبة الثانية:
الحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ؛ أمَّا بَعدُ:
فَاتَّقُوا اللهَ - رَحِمَكُمُ اللهُ - وَاحْذَرُوا أَنْ تَتَهَاوَنُوا بِصَلَوَاتِكُمْ؛ فَهَذِهِ سِمَةُ أَهْلِ النِّفَاقِ - أَعَاذَنِي اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِنَ النِّفَاقِ – قَالَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمْ: { إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلَاةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلاً }النساء 142 وَقَالَ عَنْهُمْ: { وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى } التوبة 54
وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَاُم: ( لَيْسَ صَلَاةٌ أَثْقَلَ عَلَى الْمُنَافِقِينَ مِنْ الْفَجْرِ وَالْعِشَاءِ وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ الْمُؤَذِّنَ فَيُقِيمَ ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا يَؤُمُّ النَّاسَ ثُمَّ آخُذَ شُعَلًا مِنْ نَارٍ فَأُحَرِّقَ عَلَى مَنْ لَا يَخْرُجُ إِلَى الصَّلَاةِ بَعْدُ ) رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: ( كُنَّا إِذَا فَقَدْنَا الْإِنْسَانَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ وَالْعِشَاءِ أَسَأْنَا بِهِ الظَّنَّ ).
رَضِيَ اللهُ عَنِ ابنِ عُمَرَ، وَعَنْ أَبِيْهِ، وَعَنْ سَائِرِ صَحْبِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
عِبَادَ اللهِ: أَلَيْسَتْ هَذِهِ حَالُ البَعْضِ مَعَ الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا، أَوْ مَعَ بَعْضِهَا، يَتَهَاوَنُونَ، وَيَتَثَاقَلُونَ، وَيَتَكَاسَلُونَ؛ يَتَّصِفُونَ بِأَبْرَزِ صِفَةٍ لِلْمُنَافِقِيْنَ؛ ثُمَّ يَأْمَنُونَ النِّفَاقَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ.
عِبَادَ اللهِ: إِنَّ مِنْ أَسْبَابِ العَذَابِ الشَّدِيْدِ: تَعَمُّدُ النَّوْمِ عَنْ الصَّلَاةِ؛ فَفِي حَدِيثِ رُؤْيَا النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: ( إِنَّهُ أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتِيَانِ، وَإِنَّهُمَا ابْتَعَثَانِي، وَإِنَّهُمَا قَالَا لِي انْطَلِقْ، وَإِنِّي انْطَلَقْتُ مَعَهُمَا، وَإِنَّا أَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُضْطَجِعٍ وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِصَخْرَةٍ، وَإِذَا هُوَ يَهْوِي بِالصَّخْرَةِ لِرَأْسِهِ فَيَثْلَغُ رَأْسَهُ، فَيَتَدَهْدَهُ الحَجَرُ هَا هُنَا، فَيَتْبَعُ الحَجَرَ فَيَأْخُذُهُ، فَلَا يَرْجِعُ إِلَيْهِ حَتَّى يَصِحَّ رَأْسُهُ كَمَا كَانَ، ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ المَرَّةَ الأُولَى ) قَــــالَ: ( قُلْتُ لَهُمَا: سُبْحَانَ اللهِ مَا هَذَانِ؟ ) إِلَى آخِرِ الحَدِيْثِ؛ وَفِيْهِ أَنَّهُمَا قَالَا لَهُ: أَمَّا الرَّجُلُ الأَوَّلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ يُثْلَغُ رَأْسُهُ بِالحَجَرِ، فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَأْخُذُ القُرْآنَ فَيَرْفُضُهُ وَيَنَامُ عَنِ الصَّلاَةِ المَكْتُوبَةِ ). وَالحَدِيْثُ فِي البُخَارِيِّ
أَجَارَنِي اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِنْ عَذَابِهِ.
أَلَا فَلْنَتَوَاصَ بِهَذِهِ الفَرِيْضَةِ؛ وَلْنَصْطَبِرْ عَلَيْهَا؛ الْوَالِدَانِ مَعَ أَبْنَائِهِمْ وَبَنَاتِهِمْ، وَالْأَخُ مَعَ إِخْوَتِهِ، وَالصَّاحِبُ مَعَ صَاحِبِهِ، وَالمُوَظَّفُ وَالعَامِلُ مَعَ زُمَلَائِهِمْ.
وَلْنَأْخُذْ - وَفَّقَكُمُ اللهُ - بِالْأَسْبَابِ الْمُعِيْنَةِ عَلَى تَعْظِيْمِ هَذِهِ الصَّلَاةِ، وَعَلَى الِاسْتِيْقَاظِ لَهَا.
وَإِلَيْكُمْ عَلَى وَجْهِ الِاخْتِصَارِ بَعْضَهَا:
فَمِنْ ذَلِكَ: سُؤَالُ اللهِ تَعَالَى التَّوْفِيْقَ وَالعَوْنَ لِلْقِيَامِ لِهَذِهِ الصَّلَاةِ، فَبِهِ تَعَالَى يُسْتَعَانُ عَلَى أُمُورِ الدِّيْنِ وَالدُّنْيَا، وَلِهَذَا نَقْرَأُ فِي أَعْظَمِ سُوَرِ القُرْآنِ الكَرِيْمِ وَفِي كُلِّ رَكْعَةٍ مِنْ صَلَوَاتِنَا: { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } فَاللَّهُمَّ أّعِنَّا عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ.
وَمِنْهَا: تَرْكُ المَعَاصِي وَالبُعْدُ عَنْهَا؛ فَبِالْمَعَاصِي تَزُولُ النِّعَمُ، وَتَحُلُّ المَصَائِبُ وَالنِّقَمُ، وَفَوَاتُ صَلَاةِ الفَجْرِ مُصِيْبَةٌ؛ وَمَنْ عَرَفَ قَدْرَ هَذِهِ الصَّلَاةَ عَرَفَ عِظَمَ المُصَابِ فِي فَوَاتِهَا.
فَرَاجِعْ نَفْسَكَ أَخِي - وَفَّقَكَ اللهُ - وَتَخَلَّصْ مِنْ ذُنُوبٍ حَرَمَتْكَ هَذِهِ الصَّلَاةَ؛ اِسْتَمِعْ مَا قَالَ الحَسَنُ البَصْرِيُّ رَحِمَهُ اللهُ؛ وَقَدْ سَأَلَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَبَا سَعِيْدٍ؛ أُعِدُّ طَهُوْرِي، وَأَبِيْتُ مُعَافَى، وَلَا أَسْتَيْقِظُ لِلصَّلَاةِ.
فَقَالَ الحَسَنُ: قَيَّدَتْكَ ذُنُوبُكَ، أَحْسِنْ فِي نَهَارِكَ؛ يُحْسَنْ لَكَ فِي لَيْلِكَ.
وَمِنَ الأَسْبَابِ: التَذَكُّرُ الدَّائِمُ لِمَا أَعَدَّ اللهُ تَعَالَى لِمَنْ حَافَظَ عَلَى هَذِهِ الصَّلَاةِ مِنَ الخَيْرَاتِ، وَمَا أَعَدَّ لِمَنْ فَرَّطَ فِيْهَا وَضَيَّعَهَا مِنَ العُقُوبَاتِ.
وَمِنْ ذَلِكَ: تَرْكُ السَّهَرِ، وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَ العِشَاءِ وَالْحَدِيْثَ بَعْدَهَا.
وَقَدْ سُئِلَ الشَّيْخُ ابنُ بَازٍ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى عَنْ تَأْخِيْرِ صَلَاةِ الفَجْرِ بِسَبَبِ السَّهَرِ؛ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ: لَا يَجُوزُ لِلْمْسِلِمِ أَنْ يَسْهَرَ سَهَرًا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ إِضَاعَتُهُ لِصَلَاةِ الفَجْرِ فِي الجَمَاعَةِ أَوْ فِي وَقْتِهَا وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي قِرَاءَةِ القُرْآنِ، أَوْ طَلَبِ العِلْمِ.
وَمِنَ الْأَسْبَابِ: التَطَهُّرُ قَبْلَ النَّومِ، وَقِرَاءَةُ أَذْكَارِهِ، وَالنُّومُ عَلَى الجَنْبِ الْأَيْمَنِ.
وَمِنْهَا: اتِّخَاذُ أَسْبَابِ الِاسْتِيْقَاظِ وَضَبْطِ المُنَبِّهِ عَلَى وَقْتِ الصَّلَاةِ، أَوْ قَبْلَهُ بِقَلِيْلٍ؛ لِتَتَمَكَّنَ مِنَ الِاسْتِعْدَادِ لِلصَّلَاةِ، وَتُوْقِظَ غَيْرَكَ لَهَا، أَوْ تُوصِي مَنْ يُوقِظُكَ لِلصَّلَاةِ مِنْ أَهْلِكَ أَوْ أَصْحَابِكَ.
وَمِنْهَا: عَدَمُ الإِكْثَارِ مِنَ الْأَكْلِ قَبْلَ النَّوْمِ.
وَمِنْهَا: ذِكُرُ اللهِ تَعَالَى عِنْدَ الِاسْتِيْقَاظِ مُبَاشَرَةً؛ حَتَّى لَا يُعَاوِدَ النَّوْمَ؛ فَإِنَّ المُسْلِمَ إِذَا ذَكَرَ اللهَ عِنْدَ اسْتِيْقَاظِهِ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ مِنْ عُقَدِ الشَّيْطَانِ وَسَهُلَ عَلَيْهِ القِيَامُ.
أَعَاذَنِي اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَأَعَانَنَا تَعَالَى عَلَى ذِكْرِهِ وَشُكْرِهِ وَحُسْنِ عِبَادَتِهِ.
ثُمَّ صَلُّوا وَسَلِّمُوا - رَحِمَكُمُ اللهُ - عَلَى مَنْ أَمَرَكُمُ اللهُ بِالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَيهِ؛ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: { إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا }الأحزاب 56
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.
اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإسْلَامَ وَالمُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ وَانْصُرْ عِبَادَكَ المُوَحِّدِينَ، اللَّهُمَّ وَعَلَيكَ بِأَعْدَئِكَ يَا قَوِيُّ يَا عَزِيزُ.
اللَّهُمَّ أصْلِحْ أئِمَّتَنَا وَوُلَاةَ أُمُورِنَا، اللَّهُمَّ وَفِّقْ وُلَاةَ أمْرِنَا لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، اللَّهُمَّ خُذْ بِنَوَاصِيهِمْ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا وَإِيَّاهُمْ لِهُدَاكَ، واجْعَلْ عَمَلَنَا فِي رِضَاكَ، اللَّهُمَّ مَنْ أَرَادَنَا وَدِينَنَا وَبِلَادَنَا بِسُوءٍ فَرُدَّ كَيْدَهُ إِلَيهِ، وَاجْعَلْ تَدْبِيرَهُ تَدْمِيرًا عَلَيهِ، يَا قَوِيُّ يَا عَزِيزُ.
عِبَادَ اللهِ: اُذْكُرُوا اللهَ العَلِيَّ الْعَظِيْمَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ وَلَذِكْرُ اللهِ أكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.
المرفقات
صَلَاةُ-الفَجْرِ؛-فَضَائِلُهَا،-وَت
صَلَاةُ-الفَجْرِ؛-فَضَائِلُهَا،-وَت