صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم

سعيد المفضلي
1438/06/11 - 2017/03/10 07:05AM
أما بعد:
فيا عباد الله: ثبت في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى ذات يوم على المنبر، فكان إذا أراد أن يسجد نزل إلى الأرض ثم سجد عليها، فلما فرغ قال -عليه الصلاة والسلام-: "إنما فعلت ذلك لتأتموا بي، ولِتعلَّموا صلاتي". وقد أمر -عليه الصلاة والسلام- كما عند البخاري أن نصلي كصلاته  فقال: "صلوا كما رأيتموني أصلي".
فإذا أحسن المسلم وضوءه فإنه يستقبل القبلة، وقبل أن يكبّر تكبيرة الإحرام عليه أن لا يتلفظ بأي قول، فما يُسمع من بعض المأمومين حينما يفرغ المؤذن من الإقامة من قول: توجهنا إلى الله، أو اللهم اجعل لنا منها حظًّا ونصيبًا، أو ما شابه ذلك، لم يرد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل كان عليه الصلاة والسلام كما في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- في الصحيحين "كان إذا قام في مصلاه كبّر"، فلم يسبق التكبيرة بأي لفظ، فعلى المسلم أن يتقيد بسنته -عليه الصلاة والسلام-.
فيكبر تكبيرة الإحرام قائلاً: "الله أكبر". وعليه أن يستحضر معناها، "الله أكبر" أي من كل شيء، بمعنى أن ما في ذهني أو ما في كياني من الدنيا من الهموم ومن الأحزان تتلاشى؛ لأن الله -عز وجل- أكبر من كل شيء، ولذا -عليه الصلاة والسلام- كما عند أبي داود إذا حزبه أمر قال: "أرحنا بها يا بلال"، بينما الواحد منَّا لو جاءه أمر يُثْقله أو همٌّ يقْلِقه فإن الصلاة تكون عليه ثقيلة، بينما حال النبي  ليس كذلك؛ لأنه يعلم أن الله -عز وجل- أكبر من كل شيء.
فيكبر تكبيرة الإحرام، والسنة له في مثل هذا الموطن أن يرفع يديه مضمومتي الأصابع إما حذو منكبيه وإما حيال أذنيه، ورد هذا وورد هذا، فلو فعل ذلك مرة ومرة فعل الأخرى لكان أفضل وأحسن، وأما ما يفعله البعض من كونه يضع إبهاميه عند شحمة أذنيه، فإن هذا قد جاء في سنن أبي داود لكنه حديث ضعيف، وأما السنة كما أسلفتُ إما أن يكون الرفع حذو منكبيه أو حيال أذنيه، وتكون الأصابع مضمومة، ويستحضر المسلم بأن هذا الرفع زينة للصلاة، وأنه تعظيم لله -عز وجل- تعظيمًا فعليًّا، فإنه لما عظَّم الله سبحانه وتعالى بقول: "الله أكبر"، فإنه ذكَّر نفسه بتعظيم فعلي، وذلك بأن يرفع يديه، وليعلم أيضًا أن الرفع إيذان بأنه أحرم في الصلاة، وأنه دخل في مناجاة الله -عز وجل-، إلى غير ذلك من الحكم التي ذكرها العلماء في استحباب رفع اليدين.
والرفع -عباد الله- إما أن يكون مع التكبير، فيكون الرفع مقارنًا للتكبير، وإما أن تبدأ بالرفع ثم تقول: "الله أكبر"، أو تقول: "الله أكبر" ثم ترفع يديك، كل هذا وارد، فهذه الصفات الثلاث واردة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فلو فعلها المسلم أحيانًا وأحيانًا، مرة هذه ومرة تلك فهذا خير عظيم.
فإذا رفع يديه مع التكبير أو قبل التكبير أو بعد التكبير فإن السنة في حقه أن يضع يده اليمنى على يده اليسرى على صدره في الصلاة، وليس المقصود أن يُبالغ في هذا مثل ما يفعل البعض، ربما يرفع يديه إلى أن يصل إلى حنجرته، والصحيح أن تكون اليدان اليمنى على اليسرى على الصدر في الوسط، وما يفعله البعض من جعل اليمنى على اليسرى جهة الصدر الأيسر باعتبار أن القلب فيها فهذا ليس واردًا عن النبي ، وشرْعُ الله لا يخضع للاستحسانات ولا للآراء، وإنما يكون اتباعًا واقتداءً وتأسيًا برسول الله صلى الله عليه وسلم.
والسنة في حقك أن تنظر إلى موضع سجودك في الصلاة كما ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام-.
فيقرأ المسلم دعاء الاستفتاح، فيبدأ بدعاء الاستفتاح بعد تكبيرة الإحرام، ودعاء الاستفتاح إنما يكون في الركعة الأولى فقط، وأنواع الاستفتاحات كثيرة، مَنْ فعل واحدًا منها أصاب السنة، ومن فعلها مرارًا -مرةً هذا النوع ومرةً هذا النوع- فهذا خير عظيم وأجر كبير، فيستفتح وهو سنة عند جماهير العلماء لو تركه لما بطلت صلاته، ثم يستعيذ بالله -عز وجل- من الشيطان الرجيم، ثم يقول: "بسم الله الرحمن الرحيم"، ثم يقرأ الفاتحة.
وقراءة الفاتحة ركن من أركان الصلاة في حق الإمام وفي حق المنفرد، وكذلك في حق المأموم على الصحيح، سواء أكان في صلاة سرية أم جهرية، ومن ثمّ فإن الناس كثيرًا ما يسألون عن قراءتهم للفاتحة إذا قرأ الإمام في صلاة جهرية بعد الفاتحة حينما يقرأ سورة، هل يقرأ أم لا؟! خلاف بين العلماء، والذي عليه فتوى الشيخين ابن باز وابن عثيمين – عليهما رحمة الله- وهو قول لبعض سلف هذه الأمة أنه يقرأ سورة الفاتحة ولو كان الإمام يقرأ؛ لأن سورة الفاتحة مستثناة من قوله تعالى: (وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) [الأعراف: 204]، وثبت في مسند أحمد بإسناد حسن أن النبي  قال: "لعلكم تقرؤون خلف إمامكم!!"، قالوا: نعم يا رسول الله، قال: "لا تفعلوا إلا بأم الكتاب". ثم إذا قرأ الفاتحة فإن السنة في حقه أن يقول: "آمين"، ومعناها: "اللهم استجب"، لأن في الفاتحة دعاء، وهو قول: (اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ)، فنقول: "آمين"، وليست هي من الفاتحة، وهي سنة، لو تركها لا شيء عليه، لكن الأفضل أن يؤتى بها، وإذا كانت في صلاة جهرية فالسنة في حق المأموم أن يجهر بها وأن يرفع بها صوته كما هي السنة في حق الإمام، ويكون قولها بعد قول: (وَلاَ الضَّالِّينَ)، يقولها الإمام ويتابعه المأموم في قولها، وأما ما يصنعه البعض من مسابقة الإمام بالتأمين قبل أن ينهي الفاتحة فهذا من المسابقة للإمام التي رتب عليها النبي  وعيدًا شديدًا، فلا يجوز لأحد أن يقول: "آمين" قبل أن يفرغ الإمام من قول: (وَلاَ الضَّالِّينَ).
فإذا قرأ سورة الفاتحة فإن السنة له في الركعة الأولى والثانية، أن يقرأ سورة أو ما تيسر من القرآن وليست واجبة؛ لأن البعض من الناس نسمعهم إذا قرأ الإمام الفاتحة في صلاة جهرية يقرأ بالفاتحة ويقرأ سورة أخرى يظن أن صلاته لا تصح إلا بقراءة السورة الأخرى، وهذا وقع في خطأ، كيف وقع في خطأ؟!
أولاً: أن هذه السورة التي بعد الفاتحة سنة.
ثانيًا: أنه يقرأ سورة والإمام يقرأ، ومعلوم أن الإمام إذا قرأ لا يجوز لأحد أن يقرأ لا قرآنًا ولا ذكرًا ولا تسبيحًا ولا استغفارًا ولا غير ذلك، اللهم إلا ما استثناه الشرع من قراءة الفاتحة فقط، ولذلك لو أتيت إلى الإمام وهو يقرأ في الفاتحة وكبرت تكبيرة الإحرام لا تستفتح إنما تستمع، لم؟! لأن دعاء الاستفتاح سنة، ولو استفتحت لخالفت الإمام؛ لأنك قرأت والإمام يقرأ، ومعلوم -كما أسلفت- أن المأموم لا يقرأ شيئًا البتَّة لا قراءة ولا ذكرًا والإمام يقرأ إلا الفاتحة فقط.
ويسن أن يقرأ في الصلاة السرية بعد الفاتحة ما تيسر من القرآن الكريم. فإذا فرغ من ذلك فإنه يكبر تكبيرة الانتقال، فيكبّر للركوع، وما يصنع البعض من تأخير التكبير إلى أن يصل إلى الركوع، فهذا خطأ، فمن حين ما تنحني تكبِّر مباشرة، أما ما يفعله البعض -وهو أنه ينحني إلى الركوع وهو ساكت- فإذا وصل إلى الركوع قال: "الله أكبر"، فهذا خطأ، السنة من حين ما تنحني تكبّر، والسنة أن ترفع يديك مع تكبيرة الركوع.
وصفة الركوع أن يكون الظهر متساويًا مع الرأس، ولذلك النبي -عليه الصلاة والسلام- حينما يركع، يقول الراوي: "لو صُبَّ الماء على ظهره لاستقر"، من استقامة ظهره -عليه الصلاة والسلام-، فيقول: "سبحان ربي العظيم"، لو قالها مرة كفت، وهذا هو الواجب، وأدنى الكمال ثلاث، ولا حد لأكثره، وكلما كان الإنسان معظمًا لله -سبحانه وتعالى- في ركوعه كان أفضل وأعظم، فإن كان الإنسان يحفظ ما ورد عن النبي  من تعظيم لله -عز وجل- في الركوع فشيء حسن، لكن إن لم يحفظ يقول: "سبحان ربي العظيم"، ثم يعظم الله -عز وجل- بما يليق به -سبحانه وتعالى-، فإذا رفع من الركوع يقول: "سمع الله لمن حمده"، ومعناها: استجاب الله لمن حمده، ولذلك إذا قلنا: "سمع الله لمن حمده"، ماذا نقول؟! نقول: "ربنا ولك الحمد"، يعني ربنا استجب ولك الحمد.
وهنا يخطئ بعض الأئمة، بل إني أقول: إنه يجني على المأمومين؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام -كما عند البخاري- قال عن الأئمة: "يصلون لكم، فإن أصابوا فلكم ولهم، وإن أخطئوا فلكم وعليهم"، فيجني على نفسه قبل أن يجني على إخوانه المصلين، فبعضهم إذا رفع رأسه من الركوع لا يقول شيئًا، حتى ينتصب قائمًا ثم يقول: "سمع الله لمن حمده"، وهذا خطأ، فمن حين ما ترفع رأسك من الركوع تقول: "سمع الله لمن حمده" مثل ما ذُكر في التكبير؛ لأن البعض من المسبوقين قد يأتي والإمام خلفه ثلاثة صفوف أو عشرة صفوف، فيظن هذا المأموم أن الإمام ما زال راكعًا وأنه قد أدرك الركعة معه، وهو في حقيقة الواقع لم يدرك الركعة؛ لأن الإمام قد قام وانتصب، فيجب على الإمام حينما يرفع رأسه من الركوع أن يبدأ قائلاً - -: "سمع الله لمن حمده"، ثم يقول الجميع: "ربنا ولك الحمد"، هذا هو الواجب، وإن زاد "حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه مباركًا عليه ملء السماوات والأرض..."، إلى آخر ما ورد عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، فهذا شيء حسن، لكن إن كان لا يحفظ والإمام يطيل يمكن أن يكرر: "ربنا ولك الحمد، ربنا ولك الحمد"، جاءت بذلك السنة في سنن أبي داود، فإذا أراد أن يسجد يكبر من حين ما ينحني، ولذلك بعض الناس -وهذا الخطأ هو نفس الخطئين السابقين- يقول وهو قائم: "ربنا ولك الحمد"، ثم وهو نازل يقول: "حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه كما يحب ربنا ويرضى ملء السماوات والأرض..."، فإذا وصل إلى السجود قال: "الله أكبر"، فهذا خطأ، من حين ما تنحني ينتهى ذكر القيام الذي بعد الركوع، فمن حين ما تنحني تبدأ بالتكبير. ثم إذا هوى إلى سجوده فهو على التخيير بحسب الأيسر له. إن شاء قدم يديه أو ركبتيه، لأنه لم يصح في المسألة حديث مرفوع. قاله الشيخ الطريفي حفظه الله.
والسنة في السجود أن يضم أصابع كفيه مستقبلاً بهما القبلة، وأن يرفع ذراعيه ولا يبسطهما بسط الكلب، ويجافي عن عضديه ويرفع فخذيه عن ساقيه وبطنه عن فخذيه، هذا إذا كان منفردًا أو إمامًا، أو مأمومًا بحيث لا يشق على إخوانه، فإن كان عن جانبيه أحد يشق عليه إذا جافى فلا يجافي لأنها سنة، كما أن السنة في الركوع أنه يمكن يديه من ركبتيه، ويفرج بين أصابع يديه، والسجود يكون على الأعضاء السبعة (الجبهة مع الأنف - وأطراف أصابع القدمين - والكفين – والركبتين)، ولذلك إذا لم يسجد الإنسان على هذه الأعضاء السبعة فإن سجوده لا يصح، ومن ثم إذا لم يصح السجود -وهو ركن- لم تصح الصلاة، ومن هنا تقع أخطاء، من بينها:
أن البعض من الناس يسجد على جبهته دون أن يلامس أنفه الأرض، هذا خطأ، لابد أن يصل الأنف إلى الأرض مع الجبهة، وليس معنى هذا كما أسلفتُ أن يبالغ الإنسان وأن يضغط على جبينه وعلى أنفه في الأرض، لا، وإنما المراد أن يصل الأنف إلى الأرض ملامسًا لها وكذلك الجبهة.
ومن الأخطاء: أن البعض -وخصوصًا الشباب- إذا سجد سجد على أطراف أصابعه، وباطن الكفين لا يصلان إلى الأرض ولا يمسان الأرض إذا سجد، وهذا خطأ، فلابد أن تسجد بجميع الكف على الأرض.
ومن الأخطاء: أن البعض يرفع أصابع قدميه عن الأرض، وهذا خطأ، لابد أن يسجد على أصابع قدميه فيستقبل بها القبلة. ويقول: "سبحان ربي الأعلى"، والواجب مرة واحدة، وإن قالها ثلاثًا فهو أكمل، وإن زاد فهو أفضل، ولكن في السجود عليه أن يُكثر من الدعاء، كما أن الركوع كما قلتُ عليه أن يكثر من تعظيم الله -عز وجل-، وليس معنى هذا أن الركوع لا يدعى فيه الله -عز وجل-، لا، لو دعا في بعض الأحيان في الركوع لا بأس بذلك، وردت بذلك السنة، ولو عظَّم الله -سبحانه وتعالى- في سجوده في بعض الأحيان فقد وردت بذلك السنة، لكن الغالبية في الركوع هو تعظيم الله -عز وجل-، والغالبية في السجود هو دعاء الله -عز وجل-.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.


الخطبة الثانية:
ثم يرفع من السجود قائلاً من حين الرفع: "الله أكبر"، وبين السجدتين تكون اليدان موضوعة على فخذيه وأطراف أصابعه ممدودة إلى ركبتيه، ويقول: "رب اغفر لي"، هذا هو الواجب، وإن زاد مما وردت به السنة فهو حسن، وإن كرر "رب اغفر لي، رب اغفر لي، رب اغفر لي"، جاءت بذلك السنة عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، هذا الدعاء يقال بين السجدتين؛ لأن البعض من الناس يقولها من حين ما يرفع، وهذا خطأ، والصحيح أن يقوله إذا استتم جالسًا، كما هو الشأن في بعض الناس حينما يرفع قائمًا إلى الركوع الثاني قبل أن ينتصب قائمًا يقول: (الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمـنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ)، هذا خطأ أيضاً، فقراءة الفاتحة لابد أن تكون وأنت قائم لا تصح وأنت منحنٍ، إلا إن كنت عاجزًا عن الاستتمام قائماً، فهذا شيء آخر.
ومما يقال أيضاً بين السجدتين: "رب اغفر لي، وارحمني وعافني واهدني وارفعني وارزقني واجبرني"، إلى غير ذلك مما ورد عنه -عليه الصلاة والسلام-.
وهنا أمر وهو أن البعض من الناس لا تصح له صلاة، لم؟! لأنه من حين ما يرفع من السجود مباشرة يسجد السجدة الثانية، هذا خطأ، فأين الطمأنينة؟! يجب أن تكون الطمأنينة موجودة في جميع الأركان، كما يفعل بعضهم إذا رفع من الركوع يقول: "سمع الله لمن حمده"، ثم مباشرة يهوي ساجدًا، وهذا خطأ، لابد أن يستتم قائمًا، وأن يطمئن في قيامه.
فإن سجد للسجدة الثانية قام بعدها إلى الركعة الثانية، وكما أسلفت لا يقرأ الفاتحة حال نهوضه، وإنما إذا انتصب قائمًا، فيفعل في الركعة الثانية ما فعل في ركعته الأولى ما عدا دعاء الاستفتاح، فهو في الركعة الأولى فقط. فإذا رفع من السجدة الثانية في الركعة الثانية، هنا يأتي التشهد، فإن كانت الصلاة ثنائية مثل الفجر أو الكسوف أو الاستسقاء أو العيدين، فهذا التشهد يكون في حقه التشهد الأخير فيتشهد "التحيات لله"، إلى آخر ما ورد عنه -عليه الصلاة والسلام-، وهذه الألفاظ لايجوز أن توضع في غير ما وضعت له، من مواضع الصلاة. والسنة في حقه بعد التشهد الأخير على الصحيح من قول أهل العلم الصلاة على النبي  وآله، ثم يقول: "اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن شر فتنة المسيح الدجال".
وإذا جلس للتشهد الأخير في الصلاة الثنائية كصلاة الفجر فيجلس مفترشًا، وجلسة الافتراش تكون أيضًا بين السجدتين، وتكون في التشهد في الصلاة الثنائية.
والافتراش: أن ينصب رجله اليمنى وتكون أطراف أصابع اليمنى تجاه القبلة، وأما الرجل اليسرى فإنه يفترشها ويجلس عليها، وتكون يداه مبسوطتان على فخذيه، ويضم أصابع اليمنى، ويُحلِّق الإبهام على الوسطى ثم يشير بالسبابة إذا دعا.
وإذا كانت الصلاة ثلاثية مثل المغرب، أو رباعية مثل الظهر والعصر والعشاء، فيسن في تشهدها الثاني جلسة التورك.
وصفته: أن ينصب المصلي رجله اليمنى، ويخرج يسراه من جهة يمينه، ويلصق وركه، وكذا إليته اليسرى بالأرض.
ثم يسلم وينصرف من الصلاة لقوله صلى الله عليه وسلم: " وتحليلها التسليم" أي لا يحلُّ له أن يفعل شيئاً إلا بعد التسليم.
المرفقات

صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم.docx

صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم.docx

المشاهدات 1240 | التعليقات 1

بعد التعديل وإلإضافة اليسيرة

أما بعد:
فيا عباد الله: ثبت في الصحيح أن رسول الله  صلى ذات يوم على المنبر، فكان إذا أراد أن يسجد نزل إلى الأرض ثم سجد عليها، فلما فرغ قال -عليه الصلاة والسلام-: "إنما فعلت ذلك لتأتموا بي، ولِتعلَّموا صلاتي". وقد أمر -عليه الصلاة والسلام- كما عند البخاري أن نصلي كصلاته  فقال: "صلوا كما رأيتموني أصلي".
فإذا أحسن المسلم وضوءه فإنه يستقبل القبلة، وقبل أن يكبّر تكبيرة الإحرام عليه أن لا يتلفظ بأي قول، فما يُسمع من بعض المأمومين حينما يفرغ المؤذن من الإقامة من قول: توجهنا إلى الله، أو اللهم اجعل لنا منها حظًّا ونصيبًا، أو ما شابه ذلك، لم يرد عن رسول الله ، بل كان عليه الصلاة والسلام كما في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- في الصحيحين "كان إذا قام في مصلاه كبّر"، فلم يسبق التكبيرة بأي لفظ، فعلى المسلم أن يتقيد بسنته -عليه الصلاة والسلام-.
فيكبر تكبيرة الإحرام قائلاً: "الله أكبر". وعليه أن يستحضر معناها، "الله أكبر" أي من كل شيء، بمعنى أن ما في ذهني أو ما في كياني من الدنيا من الهموم ومن الأحزان تتلاشى؛ لأن الله -عز وجل- أكبر من كل شيء، ولذا -عليه الصلاة والسلام- كما عند أبي داود إذا حزبه أمر قال: "أرحنا بها يا بلال"، بينما الواحد منَّا لو جاءه أمر يُثْقله أو همٌّ يقْلِقه فإن الصلاة تكون عليه ثقيلة، بينما حال النبي  ليس كذلك؛ لأنه يعلم أن الله -عز وجل- أكبر من كل شيء.
فيكبر تكبيرة الإحرام، والسنة له في مثل هذا الموطن أن يرفع يديه مضمومتي الأصابع إما حذو منكبيه وإما حيال أذنيه، ورد هذا وورد هذا، فلو فعل ذلك مرة ومرة فعل الأخرى لكان أفضل وأحسن، وأما ما يفعله البعض من كونه يضع إبهاميه عند شحمة أذنيه، فإن هذا قد جاء في سنن أبي داود لكنه حديث ضعيف، وأما السنة كما أسلفتُ إما أن يكون الرفع حذو منكبيه أو حيال أذنيه، وتكون الأصابع مضمومة، ويستحضر بأن هذا الرفع زينة للصلاة، وأنه تعظيم لله -عز وجل- تعظيمًا فعليًّا، فإنه لما عظَّم الله سبحانه وتعالى بقول: "الله أكبر"، فإنه ذكَّر نفسه بتعظيم فعلي، وذلك بأن يرفع يديه، وليعلم أيضًا أن الرفع إيذان بأنه أحرم في الصلاة، وأنه دخل في مناجاة الله -عز وجل-، إلى غير ذلك من الحكم التي ذكرها العلماء في استحباب رفع اليدين.
والرفع -عباد الله- إما أن يكون مع التكبير، فيكون الرفع مقارنًا للتكبير، وإما أن تبدأ بالرفع ثم تقول: "الله أكبر"، أو تقول: "الله أكبر" ثم ترفع يديك، كل هذا وارد، فهذه الصفات الثلاث واردة عن النبي -، فلو فعلها المسلم أحيانًا وأحيانًا، مرة هذه ومرة تلك فهذا خير عظيم.
فإذا رفع يديه مع التكبير أو قبل التكبير أو بعد التكبير فإن السنة في حقه أن يضع يده اليمنى على يده اليسرى على صدره في الصلاة، وليس المقصود أن يُبالغ في هذا مثل ما يفعل البعض، ربما يرفع يديه إلى أن يصل إلى حنجرته، والصحيح أن تكون اليدان اليمنى على اليسرى على الصدر في الوسط، وما يفعله البعض من جعل اليمنى على اليسرى جهة الصدر الأيسر باعتبار أن القلب فيها فهذا ليس واردًا عن النبي ، وشرْعُ الله لا يخضع للاستحسانات ولا للآراء، وإنما يكون اتباعًا واقتداءً وتأسيًا برسول الله .
والسنة في حقك أن تنظر إلى موضع سجودك في الصلاة كما ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام-.
ثمّ يبدأ بدعاء الاستفتاح بعد تكبيرة الإحرام، ودعاء الاستفتاح إنما يكون في الركعة الأولى فقط، وأنواع الاستفتاحات كثيرة، مَنْ فعل واحدًا منها أصاب السنة، ومن فعلها مرارًا -مرةً هذا النوع ومرةً هذا النوع- فهذا خير عظيم وأجر كبير، فيستفتح وهو سنة عند جماهير العلماء لو تركه لما بطلت صلاته، ثم يستعيذ بالله -عز وجل- من الشيطان الرجيم، ثم يقول: "بسم الله الرحمن الرحيم"، ثم يقرأ الفاتحة.
وقراءة الفاتحة ركن من أركان الصلاة في حق الإمام وفي حق المنفرد، وكذلك في حق المأموم على الصحيح، سواء أكان في صلاة سرية أم جهرية، ومن ثمّ فإن الناس كثيرًا ما يسألون عن قراءتهم للفاتحة إذا قرأ الإمام في صلاة جهرية بعد الفاتحة حينما يقرأ سورة، هل يقرأ أم لا؟! خلاف بين العلماء، والذي عليه فتوى الشيخين ابن باز وابن عثيمين – عليهما رحمة الله- وهو قول لبعض سلف هذه الأمة أنه يقرأ سورة الفاتحة ولو كان الإمام يقرأ؛ لأن سورة الفاتحة مستثناة من قوله تعالى: (وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) [الأعراف: 204]، وثبت في مسند أحمد بإسناد حسن أن النبي  قال: "لعلكم تقرؤون خلف إمامكم!!"، قالوا: نعم يا رسول الله، قال: "لا تفعلوا إلا بأم الكتاب". ثم إذا قرأ الفاتحة فإن السنة في حقه أن يقول: "آمين"، ومعناها: "اللهم استجب"، لأن في الفاتحة دعاء، وهو قول: (اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ)، فنقول: "آمين"، وليست هي من الفاتحة، وهي سنة، لو تركها لا شيء عليه، لكن الأفضل أن يؤتى بها، وإذا كانت في صلاة جهرية فالسنة في حق المأموم أن يجهر بها وأن يرفع بها صوته كما هي السنة في حق الإمام والمنفرد، ويكون قولها بعد قول: (وَلاَ الضَّالِّينَ)، يقولها الإمام ويتابعه المأموم في قولها، وأما ما يصنعه البعض من مسابقة الإمام بالتأمين قبل أن ينهي الفاتحة فهذا من المسابقة للإمام التي رتب عليها النبي  وعيدًا شديدًا، فلا يجوز لأحد أن يقول: "آمين" قبل أن يفرغ الإمام من قول: (وَلاَ الضَّالِّينَ).
فإذا قرأ الإمام والمنفرد سورة الفاتحة فإن السنة له في الركعة الأولى والثانية، أن يقرأ سورة أو ما تيسر من القرآن وليست واجبة؛ لأن البعض من الناس نسمعهم إذا قرأ الإمام الفاتحة في صلاة جهرية يقرأ بالفاتحة ويقرأ سورة أخرى يظن أن صلاته لا تصح إلا بقراءة السورة الأخرى، وهذا وقع في خطأ، كيف وقع في خطأ؟!
أولاً: أن هذه السورة التي بعد الفاتحة سنة.
ثانيًا: أنه يقرأ سورة والإمام يقرأ، ومعلوم أن الإمام إذا قرأ لا يجوز لأحد أن يقرأ لا قرآنًا ولا ذكرًا ولا تسبيحًا ولا استغفارًا ولا غير ذلك، اللهم إلا ما استثناه الشرع من قراءة الفاتحة فقط، ولذلك لو أتيت إلى الإمام وهو يقرأ في الفاتحة وكبرت تكبيرة الإحرام لا تستفتح إنما تستمع، لم؟! لأن دعاء الاستفتاح سنة، ولو استفتحت لخالفت الإمام؛ لأنك قرأت والإمام يقرأ، ومعلوم -كما أسلفت- أن المأموم لا يقرأ شيئًا البتَّة لا قراءة ولا ذكرًا والإمام يقرأ إلا الفاتحة فقط.
ويسن أن يقرأ في الصلاة السرية بعد الفاتحة ما تيسر من القرآن الكريم. فإذا فرغ من ذلك فإنه يكبر تكبيرة الانتقال، فيكبّر للركوع، وما يصنع البعض من تأخير التكبير إلى أن يصل إلى الركوع، فهذا خطأ، فمن حين ما تنحني تكبِّر مباشرة، أما ما يفعله البعض -وهو أنه ينحني إلى الركوع وهو ساكت- فإذا وصل إلى الركوع قال: "الله أكبر"، فهذا خطأ، السنة من حين ما تنحني تكبّر، والسنة أن ترفع يديك مع تكبيرة الركوع.
وصفة الركوع أن يكون الظهر متساويًا مع الرأس، ولذلك النبي -عليه الصلاة والسلام- حينما يركع، يقول الراوي: "لو صُبَّ الماء على ظهره لاستقر"، من استقامة ظهره -عليه الصلاة والسلام-، فيقول: "سبحان ربي العظيم"، لو قالها مرة كفت، وهذا هو الواجب، وأدنى الكمال ثلاث، ولا حد لأكثره، وكلما كان الإنسان معظمًا لله -سبحانه وتعالى- في ركوعه كان أفضل وأعظم، فإن كان الإنسان يحفظ ما ورد عن النبي  من تعظيم لله -عز وجل- في الركوع فشيء حسن، لكن إن لم يحفظ يقول: "سبحان ربي العظيم"، ثم يعظم الله -عز وجل- بما يليق به -سبحانه وتعالى-، فإذا رفع من الركوع يقول: "سمع الله لمن حمده"، ومعناها: استجاب الله لمن حمده، ولذلك إذا قلنا: "سمع الله لمن حمده"، ماذا نقول؟! نقول: "ربنا ولك الحمد"، يعني ربنا استجب ولك الحمد.
وهنا يخطئ بعض الأئمة، بل إني أقول: إنه يجني على المأمومين؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام -كما عند البخاري- قال عن الأئمة: "يصلون لكم، فإن أصابوا فلكم ولهم، وإن أخطئوا فلكم وعليهم"، فيجني على نفسه قبل أن يجني على إخوانه المصلين، فبعضهم إذا رفع رأسه من الركوع لا يقول شيئًا، حتى ينتصب قائمًا ثم يقول: "سمع الله لمن حمده"، وهذا خطأ، فمن حين ما ترفع رأسك من الركوع تقول: "سمع الله لمن حمده" مثل ما ذُكر في التكبير؛ لأن البعض من المسبوقين قد يأتي وبينه وبين الإمام صفوف كثيرة لا يرى معها الإمام، فيظن هذا المأموم أن الإمام ما زال راكعًا وأنه قد أدرك الركعة معه، وهو في حقيقة الواقع لم يدرك الركعة؛ لأن الإمام قد قام وانتصب، فيجب على الإمام حينما يرفع رأسه من الركوع أن يبدأ قائلاً - -: "سمع الله لمن حمده"، ثم يقول الجميع: "ربنا ولك الحمد"، هذا هو الواجب، وإن زاد "حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه ملء السماوات والأرض..."، إلى آخر ما ورد عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، فهذا شيء حسن، لكن إن كان لا يحفظ والإمام يطيل يمكن أن يكرر: "ربنا ولك الحمد، ربنا ولك الحمد"، جاءت بذلك السنة في سنن أبي داود، فإذا أراد أن يسجد يكبر من حين ما ينحني، ولذلك بعض الناس -وهذا الخطأ هو نفس الخطئين السابقين- يقول وهو قائم: "ربنا ولك الحمد"، ثم وهو نازل يقول: "حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه كما يحب ربنا ويرضى ملء السماوات والأرض..."، فإذا وصل إلى السجود قال: "الله أكبر"، فهذا خطأ، من حين ما تنحني ينتهى ذكر القيام الذي بعد الركوع، فمن حين ما تنحني تبدأ بالتكبير. ثم إذا هوى إلى سجوده فهو على التخيير بحسب الأيسر له. إن شاء قدم يديه أو ركبتيه، لأنه لم يصح في المسألة حديث مرفوع. قاله الشيخ المحدث عبدالعزيز الطريفي حفظه الله.
والسنة في السجود أن يضم أصابع كفيه مستقبلاً بهما القبلة، وأن يرفع ذراعيه ولا يبسطهما بسط الكلب، ويجافي عن عضديه ويرفع فخذيه عن ساقيه وبطنه عن فخذيه، هذا إذا كان منفردًا أو إمامًا، وأما إذا كان مأمومًا فلا يشق على إخوانه بجانبيه في تطبيق هذه السنة، كما أن السنة في الركوع أنه يمكن يديه من ركبتيه، ويفرج بين أصابع يديه، والسجود يكون على الأعضاء السبعة (الجبهة مع الأنف - وأطراف أصابع القدمين - والكفين – والركبتين)، ولذلك إذا لم يسجد الإنسان على هذه الأعضاء السبعة فإن سجوده لا يصح، ومن ثم إذا لم يصح السجود -وهو ركن- لم تصح الصلاة، ومن هنا تقع أخطاء، من بينها:
أن البعض من الناس يسجد على جبهته دون أن يلامس أنفه الأرض، هذا خطأ، لابد أن يصل الأنف إلى الأرض مع الجبهة، وليس معنى هذا كما أسلفتُ أن يبالغ الإنسان وأن يضغط على جبينه وعلى أنفه في الأرض، لا، وإنما المراد أن يصل الأنف إلى الأرض ملامسًا لها وكذلك الجبهة.
ومن الأخطاء: أن البعض -وخصوصًا الشباب- إذا سجد سجد على أطراف أصابعه، وباطن الكفين لا يمسّان الأرض إذا سجد، وهذا خطأ، فلابد أن تسجد بجميع الكف على الأرض.
ومن الأخطاء: أن البعض يرفع أصابع قدميه عن الأرض، وهذا خطأ، لابد أن يسجد على أصابع قدميه فيستقبل بها القبلة. ويقول: "سبحان ربي الأعلى"، والواجب مرة واحدة، وإن قالها ثلاثًا فهو أكمل، وإن زاد فهو أفضل، ولكن في السجود عليه أن يُكثر من الدعاء، كما أن الركوع كما قلتُ عليه أن يكثر من تعظيم الله -عز وجل-، وليس معنى هذا أن الركوع لا يدعى فيه الله -عز وجل-، فلو دعا في بعض الأحيان في الركوع لا بأس بذلك، وردت بذلك السنة، ولو عظَّم الله -سبحانه وتعالى- في سجوده في بعض الأحيان فقد وردت بذلك السنة، لكن الغالبية في الركوع هو تعظيم الله -عز وجل-، والغالبية في السجود هو دعاء الله -عز وجل-.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.




الخطبة الثانية:
ثم يرفع المصلي من السجود قائلاً من حين الرفع: "الله أكبر"، وبين السجدتين تكون اليدان موضوعة على فخذيه وأطراف أصابعه ممدودة إلى ركبتيه، ويقول: "رب اغفر لي"، هذا هو الواجب، وإن زاد مما وردت به السنة فهو حسن، وإن كرر "رب اغفر لي، رب اغفر لي، رب اغفر لي"، جاءت بذلك السنة عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، هذا الدعاء يقال بين السجدتين؛ لأن البعض من الناس يقولها من حين ما يرفع، وهذا خطأ، والصحيح أن يقوله إذا استتم جالسًا، كما هو الشأن في بعض الناس حينما يرفع قائمًا إلى الركوع الثاني قبل أن ينتصب قائمًا يقول: (الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمـنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ)، هذا خطأ أيضاً، فقراءة الفاتحة لابد أن تكون وأنت قائم لا تصح وأنت منحنٍ، إلا إن كنت عاجزًا عن الاستتمام قائماً، فهذا شيء آخر.
ومما يقال أيضاً بين السجدتين: "رب اغفر لي، وارحمني وعافني واهدني وارفعني وارزقني واجبرني"، إلى غير ذلك مما ورد عنه -عليه الصلاة والسلام-.
وهنا أمر وهو أن البعض من الناس لا تصح له صلاة، لم؟! لأنه من حين ما يرفع من السجود مباشرة يسجد السجدة الثانية، هذا خطأ، فأين الطمأنينة؟! يجب أن تكون الطمأنينة موجودة في جميع الأركان، كما يفعل بعضهم إذا رفع من الركوع يقول: "سمع الله لمن حمده"، ثم مباشرة يهوي ساجدًا، وهذا خطأ، لابد أن يستتم قائمًا، وأن يطمئن في قيامه.
فإن سجد للسجدة الثانية قام بعدها إلى الركعة الثانية، وكما أسلفت لا يقرأ الفاتحة حال نهوضه، وإنما إذا انتصب قائمًا، فيفعل في الركعة الثانية ما فعل في ركعته الأولى ما عدا دعاء الاستفتاح، فهو في الركعة الأولى فقط. فإذا رفع من السجدة الثانية في الركعة الثانية، هنا يأتي التشهد، فإن كانت الصلاة ثنائية مثل الفجر أو الكسوف أو الاستسقاء أو العيدين، فهذا التشهد يكون في حقه التشهد الأخير فيتشهد "التحيات لله"، إلى آخر ما ورد عنه -عليه الصلاة والسلام-، وهذه الألفاظ لايجوز أن توضع في غير ما وضعت له، من مواضع الصلاة. والسنة في حقه بعد التشهد الأخير على الصحيح من قول أهل العلم الصلاة على النبي  وآله، ثم يقول: "اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن شر فتنة المسيح الدجال".
وإذا جلس للتشهد الأخير في الصلاة الثنائية كصلاة الفجر فيجلس مفترشًا، وجلسة الافتراش تكون أيضًا بين السجدتين، وتكون في التشهد في الصلاة الثنائية.
والافتراش: أن ينصب رجله اليمنى وتكون أطراف أصابع اليمنى تجاه القبلة، وأما الرجل اليسرى فإنه يفترشها ويجلس عليها، وتكون يداه مبسوطتان على فخذيه، ويضم أصابع اليمنى، ويُحلِّق الإبهام على الوسطى ثم يشير بالسبابة إذا دعا.
وإذا كانت الصلاة ثلاثية مثل المغرب، أو رباعية مثل الظهر والعصر والعشاء، فيسن في تشهدها الثاني جلسة التورك.
وصفته: أن ينصب المصلي رجله اليمنى، ويخرج يسراه من جهة يمينه، ويلصق وركه، وكذا إليته اليسرى بالأرض.
ثم يسلم وينصرف من الصلاة لقوله : " وتحليلها التسليم" أي لا يحلُّ له أن يفعل شيئاً إلا بعد التسليم.