((صفة الحج ومشروعيته))
algehani algehani
1440/11/28 - 2019/07/31 06:16AM
((صفة الحج ومشروعيته))
الخطبة الأولى
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله – صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين، وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد: فأوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى ومراقبته في السر والعلن، فإن تقواه جلّ وعلا هي خير زاد يبلغ إلى رضوان الله؛ قال تعالى
﴿ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ ﴾ ثم إعلموا رحمكم الله أن الحج واجب وفرض بكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وبإجماع المسلمين . والحج أحد أركان الإسلام التي بني عليها . وهو واجب على من توافرت به الشروط في العمر مرة واحدة وما زاد فهو تطوع .
ودليل وجوبه قول الله تبارك وتعالى [ ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين ]
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : [ أيها الناس قد فرض الله عليكم الحج فحجوا ..] .
و يجب الحج بخمسة شروط
أولها : [ الإسلام ] وثانيها : [ العقل ]
وثالثها: [ البلوغ ] ورابعها : [ كمال الحرية ]
وخامسها : [ القدرة أو الاستطاعة بالمال والبدن ]
وللحج عباد الله أركان لا يتم الحج إلا بأدائها
من ترك ركناً منها فسد حجه .
أولها :الإحرام ( وهو نية الدخول بالنسك)
وثانيها : الطواف حول البيت ( طواف الإفاضة )
وثالثها : السعي بين الصفا والمروة
ورابعها : الوقوف بعرفة .
وللحج واجبات :وهي الإحرام من الميقات و الوقوف بعرفة إلى الغروب و المبيت بمزدلفة إلى ما بعد منتصف الليل و رمي الجمار و الحلق أو التقصير والمبيت بمنى ليالي ( أيام التشريق ) وطواف الوداع .
ومن ترك واجباً من هذه الواجبات جبره بدم يذبح في مكة ويوزع على فقرائها .
وللحج عباد الله مواقيت زمانيه ومواقيت مكانيه
فالمواقيت الزمانية هي أشهر الحج
شوال وذي القعده و ذي الحجه
و المواقيت المكانية خمسة مواقيت : [ ذو الحليفة والجحفة و يلملم و قرن المنازل و ذات عرق ]
ولمّا وقت النبي صلى الله عليه وسلم هذه المواقيت المكانيه قال : [ هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج أو العمرة ]
والحاج عباد الله عند الإهلال بالنسك مخير بين
التمتع أو القران أو الإفراد
فإذا كان اليوم الثامن من ذي الحجة وهو يوم التروية توجه الحاج إلى منى فيصلي بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء وفجر اليوم التاسع كل صلاة في وقتها مع قصر الظهر والعصر والعشاء إلى ركعتين
فإذا طلعت الشمس عن اليوم التاسع سار من منى إلى عرفة
فإذا زالت الشمس صلى الحاج الظهر والعصر ركعتين - ركعتين بأذان واحد وإقامتين يجمع بينهما جمع تقديم أي يجمعهما في وقت الظهر وذلك حتى يتفرغ للدعاء والذكر وقراءة القرآن وخير الدعاء هو دعاء يوم عرفة كما قال عليه الصلاة والسلام ( خير الدعاء دعاء يوم عرفة ، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير)
و بعد غروب شمس يوم التاسع يدفع الواقف بعرفة إلى مزدلفة فيصلي بها المغرب والعشاء جمعاً ويقصر العشاء ركعتين ويبيت بها حتى يصلي الفجر فإذا صلى الفجر أتى المشعر الحرام فاستقبل القبلة فوحد الله وكبره وهلله ودعا بما أحب حتى يسفر جداً وإن لم يتيسر له الذهاب إلى المشعر الحرام دعا في مكانه لقوله صلى الله عليه وسلم [ وقفت ههنا وجمع ( يعني مزدلفة ) كلها موقف ]
وعند الانتهاء من الدعاء والذكر ينصرف الحجاج المقيمون بمزدلفة قبل طلوع الشمس إلى منى
فيبدأون برمي جمرة العقبة بسبع حصيات يرمي بهن واحدة تلو الأخرى ويكبر مع كل حصاة .
ثم بعد رمي الجمرة يذبح الهدي إن كان متمتعاً أو قارناً.
ثم يحلق رأسه إن كان رجلاً أو يقصّره والحلق أفضل فإذا فعل الحاج ما سبق حلت له جميع محظورات الإحرام ما عدا النساء.
فإذا طاف طواف الإفاضة وسعى للحج حل التحلل الثاني وحلت له جميع محظورات الإحرام بما فيها النساء
وبعد تمام الطواف والسعي بمكة
يعود الحاج إلى منى ليبيت بها ليلة الحادي عشر
ومع بدء أيام التشريق في اليوم الحادي عشر يرمي الحاج الجمرات الثلاث وذلك بعد زوال الشمس أي وقت صلاة الظهر يرمي كل واحدة بسبع حصيات متعاقبات يكبّر مع كل حصاة .
يبدأ بالجمرة الأولى ثم يرمي الجمرة الوسطى ثم يرمي جمرة العقبة
وبعد أن يبيت الحاج ليلته تلك يعود في اليوم الثاني عشر ليرمي الجمرات الثلاث تماماً كما فعل في اليوم الحادي عشر وحينها يكون قد انتهى من واجب الحج فهو بالخيار إن شاء بقي في منى لليوم الثالث عشر ورمى الجمار بعد الزوال وإن شاء نفر منها لقوله تعالى [ فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى ] والتأخر أفضل لأنه فعل النبي صلى الله عليه وسلم
فإذا نفر الحاج من منى متعجلاً كان أم متأخراً وانتهت جميع أعمال الحج وأراد السفر إلى بلده فإنه لا يخرج حتى يطوف بالبيت للوداع سبع أشواط لقوله عليه الصلاة والسلام
[ لا ينفر أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت ]
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَنَفَعَنَي وإياكم بِمَا فِيهِمَا مِنَ الآيَاتِ وَالْحِكْمَةِ. أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَإِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخطبة الثانيه
الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ تَعْظِيمًا لِشَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوانِهِ، صَلَّى اللهُ عَليْهِ وَعَلى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَعْوَانِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.. أَمَّا بَعْدُ:
عِبَادَ اللَّهِ / فِي هَذَا الْيَوْمِ الْمُبَارَكِ نَعِيشُ مَعَ أَوَّلِ أَيَّامِ الْعَشْرِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ ، أَيَّامٌ مُبَارَكَاتٌ فَاضِلَةٌ عَظَّمَ اللَّهُ شَأْنَهَا ،وَرَفْعَ مَكَانَتَهَا ، وَأَقْسَمَ بِهَا فِي كِتَابِهِ فَقَالَ جَلَّ وَعَلًا: ﴿وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ﴾ .
وَقَدْ أَخْبَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْعَمَلَ الصَّالِحَ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ أَفْضَلُ مِنْ الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ((مَا مِنْ أيّامٍ العملُ الصّالِحُ فِيهنَّ أحبُّ إلى الله منه في هذِهِ الأيّامِ الْعَشر)) قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ ، وَلَا الْجِهَادُ في سَبِيلِ اللهِ؟ قالَ: ((وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبيلِ اللهِ، إلّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ ولَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشيءٍ))
وَمِمَّا يَشْرَعُ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ الْمُبَارَكَةِ وَفِي غَيْرِهَا ؛الصِّيَامُ ، قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (( مَا مَنْ عَبْدٍ يَصُومُ يَوْماً في سَبِيلِ اللهِ تَعَالى إِلَّا بَاعَدَ اللهُ بِذلِكَ الْيَوْمِ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفاً )) .
وَمِنْ الْأَعْمَالِ الْمَشْرُوعَةِ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ الْمُبَارَكَةِ : الْإِكْثَارُ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّحْمِيدِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالِاسْتِغْفَارِ ، قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((مَا مِنْ أَيَّامِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ وَلَا أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعَمَلُ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ ، فَأَكْثَرُوا فِيهِنَّ مِنْ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّسْبِيحِ ))
وَأَعْظَمُ الْأَعْمَالِ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ الْمُبَارَكَةِ ، وَأَجَلُّهَا وَأَزْكَاهَا عِنْدَ اللَّهِ عز وجل حِجُّ بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامَ لِمَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ،قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
(العمرة إلى العمرة كفارة ما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة).
وقال صلى الله عليه وسلم (تابعوا بين الحج والعمرة، فإنهما ينفيان الفقر والذنوب، كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب)
فَاتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ ، وَبَادِرُوا أَعْمَارَكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ ،
وإستكثروا من الأعمال الصالحة من نوافل العبادات وَاشْكُرُوا رَبَّكُمْ الَّذِي أَمْهَلَكُمْ لِتُدْرِكُوا هَذِهِ الْأَيَّامِ الْفَاضِلَاتِ ، وَتَفُوزُوا إِنْ أَحْسَنْتُمْ اسْتِغْلَالَهَا بِمَوْفُورٍ مِنْ الْحَسَنَاتِ وَتَكْفِيرٍ السَّيِّئَاتِ.
هذا وصلوا رحمكم الله على إمام المتقين، وسيد الأولين والآخرين فقد أمركم الله بذلك فقال عز من قائل (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)
اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وآله الطيبين الطاهرين، .
اللهم أعزّ الإسلام والمسلمين، وأذلّ الشرك والمشركين، ودمّر أعداء الدين،
اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا وإجعل ولايتنا فيمن خافك وإتقاك وإتبع رضاك
(ربنا آتنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النار)
(عباد الله) إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي
يعظكم لعلكم تذكرون
فأذكروا الله العظيم الجليل يذكركم
وأشكروه على نعمه يزدكم
ولذكر الله أكبر والله يعلم ماتصنعون