شهيق الحياة الأول تضحيات والتزامات لجواد عبد المحسن الهشلمون
مازن النجاشي-عضو الفريق العلمي
1432/01/27 - 2011/01/02 15:21PM
شهيق الحياة الأول تضحيات والتزامات
جواد عبد المحسن الهشلمون - الخليل – فلسطين
بسم الله الرحمن الرحيم
إن سرد الماضي حين نسرده بقولنا لقد بنى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الدولة في المدينة، أو حين نقول لقد هاجر المسلمونَ إلى المدينة، أو حين نقول لقد فتح المسلمونَ بلاد الشام، ربما لا نتصور حجم المعاناة والضيق والفقر، أو العزم والإصرار والتضحية عند المسلمين الأوائل... فالمسافة بين المدينة ومكة تقارب (500) كم وهذه المسافة قطعها المهاجرون خطوةَ خطوة في أجواء الصحراء وقلة الماء والزاد ووحشة البيداء، ولو قارنا هذه المسافة وهذه الأوضاع بهذا الإصرار وهذه العزيمة والتضحية لعلمنا القوة الكامنة المستقرة في نفوسهم وتعلقهم بهذا الدين، ولو تصورنا كيف كانوا يشربونَ، وكيف كانوا يطعمونَ ظهورهم، وكيف كانوا يسيرون، وتمعنا في هذا لأدركنا حجم التضحية والجهد المبذول من قبلهم قربى لله عز وجل حتى يرضى عنهم، ولأدركنا كيفية تلقيهم لقول الله عز وجل: (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) [آل عمران 133]. لقد حدث هذا الأمر وأقام الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) الدولة.
ونحن اليوم نعيش وعد الله لنا بالاستخلاف، ويمكن أن نعيش وضعهم وأحوالهم، فلا يقولنَّ قائل: إنه بمجرد أن يمنَّ الله علينا بالنصر وتقام الخلافة الثانية على منهاج النبوةِ فإن كل الأمور سوف تحل، ولن توجد مشكلة، فأمير المؤمنين هو الحل السحري والطاقة غير المحدودة لعلاج أي أمر، فبمجرد قيام الدولة ووجود الخليفة سوف تحل مشكلة الفقر والتوظيف والضيق وقلة الموارد، ومجرد وجوده سوف يحثو المال حثواً ولا يعده عداً. لا يقولنَّ هذا القول قائل، فلقد عانى الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وصحابته الكرام ومن آمن معه من التربص والغدر والمؤامرات منذ شهيق حياة الدولة الأول في السنة الأولى ممن كانوا في المدينة ومن حولها من يهود ومنافقين وأعراب، وعانى وأصحابه فعاشوا الفقر والجوع وقلة الموارد. والكافر اليوم هو أخبث من كافر الأمس، ومنافق اليوم هو أشد مكراً من منافق الأمس، وإذاً لابد من إبراز هذه الصور والأحداث حتى تتهيأ النفس لما قد يحصل... فالقضية ليست بهذه البساطة والسلاسة.
إنه لمن البديهي أن ندرك إدراكاً فكرياً هذه المرحلة، وأن نعيها وعياً مستنيراً نضع فيه العلاج لما قد يحصل حتى لا تأخذنا المفاجأة، إذ إن هذه المرحلة لا تقل صعوبة وخطورة عن مرحلة استلام الحكم، بل هي أصعب وأخطر منها، فإن الوصول إلى الحكم وإن كان صعباً فإن المحافظة على استمراره وبناء المجتمع أصعب وأشق وأخطر، وإننا في هذه الفترة نحتاج إلى الجهد المضاعف والتضحية اللا محدودة، لأننا نحن النواة الصلبة واللبنات الاستنادية والمرتكزات لهذه الدولة، وسواء أكنا كالمهاجرين أم كالأنصار، فإن من أوجب الأعمال وأولها أن نكون كلنا بأجسادنا وأموالنا وطاقاتنا وكل من هو تحت أيدينا، تحت تصرف الخليفة بأمره فيما شاء وكيف شاء حتى دون أخذ رأينا؛ لأن الوقت حَرِجٌ والمؤامرات كثيرة، وهنا تكمن تهيئة الرأي العام مسبقاً بالعمل الجاد لكسب الأمة حتى توجد الأجواء في أوساط المؤثرين والفاعلين وذوي الرأي في المجتمع بتوحدهم على فكرةٍ واحدة، وهي ضرورة وجود الخلافة والعمل لها، وهذا لا يأتي مصادفة بل بالنشاط الحثيث و دوام التفاعل مع الأمة.
لقد كان الصحابة في مقدمة كل أمر، دقّ أو جلّ، غزوة يسر أو غزوة عسر، لأنهم أدركوا كونهم سهام الإسلام الأولى والنواة الصلبة، فقد وصفهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم بدر حين تضرع إلى الله تعالى فقال: «اللَّهُمَّ إِنَّكَ إِنْ تُهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةَ مِنْ أَهْلِ الإِسْلامِ فَلا تُعْبَدْ فِي الأَرْضِ أَبَدًا» فواجب علينا توطين أنفسنا والتعاطي مع هذا الأمر لأنه هكذا هو، وهو وعد الله لنا، ولا يخلف الله سبحانه وعده، بغض النظر عن العدد والقوة، فقد روى البخاري في صحيحه عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ (رضي الله عنه) قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ (صلى الله عليه وآله وسلم): «اكْتُبُوا لِي مَنْ تَلَفَّظَ بِالإِسْلامِ مِنْ النَّاسِ، فَكَتَبْنَا لَهُ أَلْفًا وَخَمْسَ مِائَةِ رَجُلٍ، فَقُلْنَا: نَخَافُ وَنَحْنُ أَلْفٌ وَخَمْسُ مِائَةٍ؟ فَلَقَدْ رَأَيْتُنَا ابْتُلِينَا حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ لَيُصَلِّي وَحْدَهُ وَهُوَ خَائِفٌ». وفي حديث أحمد عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) فَقَالَ: «أَحْصُوا لِي كَمْ يَلْفِظُ الإِسْلامَ، قَالَ: فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتَخَافُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ مَا بَيْنَ السِّتِّ مِائَةٍ إِلَى السَّبْعِ مِائَةٍ؟...».
وكذلك الأمر بالنسبة للأمة، فإن عليها أن تدرك واجبها الشرعي تجاه هذا الأمر، وأن تُسقى الأمة هذه المفاهيم سقياً مؤثراً، فإن الكافر وصنائعه وأذنابه سوف يحاولون استخدامها كوسيلة هدم أو ضغط في خضمِّ الأحداث، وأن تحرص الأمة التي هتفت لدولة الخلافة وللأمير، وتشوقت للحياة الإسلامية اليوم، ألا تهتف ضده في الغد وتضيع تضحياتها شذر مذر، فالذين خرجوا للقاء الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) يستقبلونه ويهتفون:
طلع البدر علينا من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا ما دعا لله داع
فإن هذا الكلام عبر عن موقفهم فلم يغيروه أو يبدلوه رغم الجوع والعنت، فعلى هلكة المال والولد قد بايعوه، وعلى قتال الأحمر والأبيض قد عاهدوه، فالأمة التي كانت البانية اليوم لا يحل لها أن تدع الغير يستخدمها معولاً للهدم في الغد، فإنها قد ذاقت كل أنواع المر: مر الذل، ومر الفقر، ومر المرض، ومر القتل والمذابح... منذ هَدَمَ الكافرُ الخلافةَ، وليس هذا فحسب وإنما رأت وعاشت مولد حركاتٍ وانحرافها ثم تهافتها عند أول صدمة، تلك الحركات التي رفعت الشعارات المتناقضة والطروحات المتباينة وجعلت الأمة تعيش معها الأضداد، ولكنها في النهاية فشلت جميعها في خداع الأمة بقصد أو بغير قصد، فقد عشنا ورأينا كيف تفاعلت الأمة مع الأحداث التي حصلت في لبنان وغزة، وكيف تشوقت ليوم تعيشه بعزة وكرامة، وكيف أنها تتحرق لتنقاد للصادقين من الأمة استجابة لقول الحق سبحانه وتعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) [التوبة 119].
إن الكافر حين يرى ويسمع قيام دولة الخلافة لن يستقبل هذا الأمر بالفرح ولا ببرقيات التهنئة والتأييد مطلقاً، حتى إنه لن يُتوقع تظاهره بذلك، وإنما سيعتبر هذا الأمر ناعياً مؤذناً لخراب بيته وفقره، ولن يُسّلم بالأمر الواقع ولن يبقى مكتوف اليدين، لقد ظن الغرب الكافر، وخاب ظنه، فإنه ظن أن الأمة الإسلامية كغيرها من الأمم التي هزمت ثم استسلمت، وظن أنه عندما وضع صنائعه وعملاءه حكاماً على الأمة الإسلامية قد استقر له الأمر ولن تقوم للأمة قائمة، إذ لم يدرك أن هذه العقيدة التي تحملها هذه الأمة عقيدة فاعلة مؤثرة غير منفعلة، وأن الأمة برغم ما عانت وتعاني لم ترفع علماً أبيض، وبرغم جليد سيبيريا، وقهر ستالين وغيره عشرات السنين، ظل الدم الدافئ في عروق أبنائها يتدفق شوقاً لدولة الخلافة. إن هذا الغرب الكافر اللئيم سوف يهدم هذا البناء الذي تعمل الأمة على بنائه متى اكتمل البناء بأساليب ووسائل منها:
1- إثارة الرأي العام على هذا الكيان واعتباره مهدداً للسلم الأهلي، وهذا ما حصل حين استعدت قريش قبائل العرب؛ فرمت المسلمين في المدينة عن قوس واحدةٍ وحرضتهم وحالفتهم يهود في ذلك بل وقالت عن دينها، دين الشرك، بأنه خير من دين محمد، قال تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا سَبِيلًا) [النساء 51].
2- استقطاب الصنائع والعملاء الفكريين، وجعل عواصم بلاد الكفر منابر توجِّه عُواءَها ونعيقَها للفتِّ في عضد الأمة ولزرع بذور الريبة في نفوسهم، وهذا ما حدث ويحدث ونراه ونسمعه ممن يصفونَ أنفسهم بالمعارضة والوسط السياسي، سواء أكانوا من سوريا أم العراق أم الجزائر وغيرها، فهم حاضرون وجاهزون للاستعمال الفوري.
3- استخدام الأمم المتحدة وهيئاتها ودوائرها أبواق دعاية وخراطيم لتمرير ما يشاءون من قرارات تهدف لإضفاء الشرعية على كل عمل يعملونه أو قرار يقررونه ووصف أي فعل للدولة بأنه اعتداء وإرهاب، وهذا ما حصل للعراق وغيره من بلاد المسلمين، فهذه وصاية وهذا انتداب، وغيره وغيره.
4- الحصار الاقتصادي: وهذا الأمر يدركونه ويعونه وعياً واضحاً إذ إن العالم الإسلامي يستورد أكثر احتياجاته، وهو يعتبر من المستهلكين الممتازين للغرب، والأمة مع الأسف لا تنتج ما تأكل أو ما تحتاج، سواء أقله أهمية أم أكثره، ابتداءً من مساحيق وسوائل التنظيف إلى القمح، وكل ذلك عن قصد وتدبير من الغرب وانصياع من الحكام، ولسوف يعملون جاهدين ليصلوا إلى مرحلة يرفعون فيها شعار الغذاء مقابل العزة كما رفع بالأمس شعار النفط مقابل الغذاء.
5- إثارة النعرات الداخلية لإشغال الدولة الفتية أو محاولة حرفها عن الطريق الذي تترسمه كما فعلت يهود في المدينة وجوارها، أو حتى يحاولوا تنصيب خليفة ترضى عنه أميركا.
هذا بعض ما سيفعله الكافر ضد الدولة الوليدة، أما ما الذي سوف تفعله الدولة الوليدة للوقوف في وجه هذه الأمور وغيرها على صعيد الجبهة الداخلية والخارجية لفرض هيبتها داخلياً وخارجياً؟ فإنها لابد من أن تقوم بأعمال، فبالنسبة للأعمال المتعلقة بالجبهة الداخلية عليها:
1- إفهام الأفراد ممن يُخشى تمردهم أن دولة الإسلام دولة عز وسيادة وكف يد الغرب والذل عنا، وهؤلاء أمرهم سهل... وهناك الجماعات أو الأحزاب التي قامت على غير أساس الإسلام فعلى الدولة أن تسكتها إسكاتاً مؤثراً في غيرها حتى لا تستعمل هذه الأحزاب أبواقاً يمكن للكافر استغلالها.
2- إفهام الأمة أن ما حصل ليس انقلاباً عسكرياً كالذي عاشته وإنما هو انقلاب من مجتمع غير إسلامي إلى مجتمع إسلامي، ومن دار كفر إلى دار إسلام، تطبق فيها كل أحكام الإسلام دفعة واحدة.
3- تسخير كل أجهزة الإعلام المتاحة لشحن الأمة ووضعها موضع المسؤولية حتى ترى وتسمع الخطر المحدق بها ووجوب التضحية من أجل هذه الدولة بوصفها حكماً شرعياً.
4- التعامل مع قلة الموارد بقسمة العدل، وأن يبرز هذا العدل بروزاً مؤثراً ما بين الأمير وغيره من سائر الناس، وإبراز جانب الأخوة الإسلامية وإيثار الغير على النفس كما فعل الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) فقد روى أحمد عَنْ أَنَسِ أَنَّ فَاطِمَةَ (رضي الله عنها) نَاوَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) كِسْرَةً مِنْ خُبْزِ شَعِيرٍ فَقَالَ: «هَذَا أَوَّلُ طَعَامٍ أَكَلَهُ أَبُوكِ مِنْ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ». وأخرج البخاري والترمذي عن ابن سيرين قال: كنا عند أبي هريرةَ (رضي الله عنه) وعليه ثوبان ممشقان -يعني مصبوغان بالأحمر- من كتان، فمخط في أحدهما ثم قال: «بخٍ بخٍ يمتخط أبو هريرةَ في الكتان، لقد رأيتني وإني لأخرُّ فيما بين منبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وحجرة عائشة (رضي الله عنها) مغشياً عليَّ فيجئُ الجائي فيضع رجله على عنقي يرى أن بي الجنون وما هو إلا الجوع».
إن امير المؤمنين القادم بوعد الله ومشيئته لسوف يحثو المال حثواً ولا يعده عداً، ولكنَّ هذا الأمر وهذه المرحلة تسبقها مرحلة وهي التي نناقشها ونحاول أن نوطد النفس لاستقبالها والتعاطي معها والصبر عليها، وهذه المرحلة على الأمة أن تستعين بالله عليها وأن تجعل نصب عينيها قوله سبحانه وتعالى: (وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ) [محمد 35].
وأما الأعمال المتعلقة بالجبهة الخارجية فيمكن تقسيمها إلى أربعة أقسام:
1- دول غير طامعة في بلاد المسلمين مثل بوليفيا وأميركا الجنوبية.
2- دول طامعة في بلاد المسلمين مثل بريطانيا أميركا وفرنسا وروسيا...
وهذه يمكن التعامل معها بالمناورات السياسية لكسب الوقت أو ضرب المصالح، وهذه لا بد من وضع خطط معينة لكيفية التعامل معها ولا ندخل في تفاصيل الأساليب والوسائل.
3 – دول تحكم المسلمين غير مجاورة لحاضرة الخلافة.
4 – دول تحكم المسلمين مجاورة لحاضرة الخلافة.
وهذه تخاطب خطاباً مؤثراً أن هذه الدولة الوليدة هي دولتهم هم، وأن الحكم الشرعي في حقهم هو العمل للانضمام إليها لأنها الدولة الأم.
إن بحبوحة العيش ورغده في الدولة الفتية تحتاج إلى التضحية والبذل والعزيمة والإصرار للوصول إليها، فالجنة حفت بالمكاره والنار حفت بالشهوات ونسأل الله العافية.
إن العمل لاستئناف الحياة الإسلامية فرض، ولا يمكن فصل الفرض عن متعلقاته اللازمة له، والتضحية من متعلقاته اللازمة وحكمها كحكمه إذ إنه لا يتم العمل لاستئناف الحياة الإسلامية واستمرارها إلا بالتضحية، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، قال تعالى: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ) [البقرة 214]، وقال تعالى: (قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) [التوبة 24].
المصدر: مجلة الوعي
جواد عبد المحسن الهشلمون - الخليل – فلسطين
بسم الله الرحمن الرحيم
إن سرد الماضي حين نسرده بقولنا لقد بنى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الدولة في المدينة، أو حين نقول لقد هاجر المسلمونَ إلى المدينة، أو حين نقول لقد فتح المسلمونَ بلاد الشام، ربما لا نتصور حجم المعاناة والضيق والفقر، أو العزم والإصرار والتضحية عند المسلمين الأوائل... فالمسافة بين المدينة ومكة تقارب (500) كم وهذه المسافة قطعها المهاجرون خطوةَ خطوة في أجواء الصحراء وقلة الماء والزاد ووحشة البيداء، ولو قارنا هذه المسافة وهذه الأوضاع بهذا الإصرار وهذه العزيمة والتضحية لعلمنا القوة الكامنة المستقرة في نفوسهم وتعلقهم بهذا الدين، ولو تصورنا كيف كانوا يشربونَ، وكيف كانوا يطعمونَ ظهورهم، وكيف كانوا يسيرون، وتمعنا في هذا لأدركنا حجم التضحية والجهد المبذول من قبلهم قربى لله عز وجل حتى يرضى عنهم، ولأدركنا كيفية تلقيهم لقول الله عز وجل: (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) [آل عمران 133]. لقد حدث هذا الأمر وأقام الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) الدولة.
ونحن اليوم نعيش وعد الله لنا بالاستخلاف، ويمكن أن نعيش وضعهم وأحوالهم، فلا يقولنَّ قائل: إنه بمجرد أن يمنَّ الله علينا بالنصر وتقام الخلافة الثانية على منهاج النبوةِ فإن كل الأمور سوف تحل، ولن توجد مشكلة، فأمير المؤمنين هو الحل السحري والطاقة غير المحدودة لعلاج أي أمر، فبمجرد قيام الدولة ووجود الخليفة سوف تحل مشكلة الفقر والتوظيف والضيق وقلة الموارد، ومجرد وجوده سوف يحثو المال حثواً ولا يعده عداً. لا يقولنَّ هذا القول قائل، فلقد عانى الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وصحابته الكرام ومن آمن معه من التربص والغدر والمؤامرات منذ شهيق حياة الدولة الأول في السنة الأولى ممن كانوا في المدينة ومن حولها من يهود ومنافقين وأعراب، وعانى وأصحابه فعاشوا الفقر والجوع وقلة الموارد. والكافر اليوم هو أخبث من كافر الأمس، ومنافق اليوم هو أشد مكراً من منافق الأمس، وإذاً لابد من إبراز هذه الصور والأحداث حتى تتهيأ النفس لما قد يحصل... فالقضية ليست بهذه البساطة والسلاسة.
إنه لمن البديهي أن ندرك إدراكاً فكرياً هذه المرحلة، وأن نعيها وعياً مستنيراً نضع فيه العلاج لما قد يحصل حتى لا تأخذنا المفاجأة، إذ إن هذه المرحلة لا تقل صعوبة وخطورة عن مرحلة استلام الحكم، بل هي أصعب وأخطر منها، فإن الوصول إلى الحكم وإن كان صعباً فإن المحافظة على استمراره وبناء المجتمع أصعب وأشق وأخطر، وإننا في هذه الفترة نحتاج إلى الجهد المضاعف والتضحية اللا محدودة، لأننا نحن النواة الصلبة واللبنات الاستنادية والمرتكزات لهذه الدولة، وسواء أكنا كالمهاجرين أم كالأنصار، فإن من أوجب الأعمال وأولها أن نكون كلنا بأجسادنا وأموالنا وطاقاتنا وكل من هو تحت أيدينا، تحت تصرف الخليفة بأمره فيما شاء وكيف شاء حتى دون أخذ رأينا؛ لأن الوقت حَرِجٌ والمؤامرات كثيرة، وهنا تكمن تهيئة الرأي العام مسبقاً بالعمل الجاد لكسب الأمة حتى توجد الأجواء في أوساط المؤثرين والفاعلين وذوي الرأي في المجتمع بتوحدهم على فكرةٍ واحدة، وهي ضرورة وجود الخلافة والعمل لها، وهذا لا يأتي مصادفة بل بالنشاط الحثيث و دوام التفاعل مع الأمة.
لقد كان الصحابة في مقدمة كل أمر، دقّ أو جلّ، غزوة يسر أو غزوة عسر، لأنهم أدركوا كونهم سهام الإسلام الأولى والنواة الصلبة، فقد وصفهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم بدر حين تضرع إلى الله تعالى فقال: «اللَّهُمَّ إِنَّكَ إِنْ تُهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةَ مِنْ أَهْلِ الإِسْلامِ فَلا تُعْبَدْ فِي الأَرْضِ أَبَدًا» فواجب علينا توطين أنفسنا والتعاطي مع هذا الأمر لأنه هكذا هو، وهو وعد الله لنا، ولا يخلف الله سبحانه وعده، بغض النظر عن العدد والقوة، فقد روى البخاري في صحيحه عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ (رضي الله عنه) قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ (صلى الله عليه وآله وسلم): «اكْتُبُوا لِي مَنْ تَلَفَّظَ بِالإِسْلامِ مِنْ النَّاسِ، فَكَتَبْنَا لَهُ أَلْفًا وَخَمْسَ مِائَةِ رَجُلٍ، فَقُلْنَا: نَخَافُ وَنَحْنُ أَلْفٌ وَخَمْسُ مِائَةٍ؟ فَلَقَدْ رَأَيْتُنَا ابْتُلِينَا حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ لَيُصَلِّي وَحْدَهُ وَهُوَ خَائِفٌ». وفي حديث أحمد عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) فَقَالَ: «أَحْصُوا لِي كَمْ يَلْفِظُ الإِسْلامَ، قَالَ: فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتَخَافُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ مَا بَيْنَ السِّتِّ مِائَةٍ إِلَى السَّبْعِ مِائَةٍ؟...».
وكذلك الأمر بالنسبة للأمة، فإن عليها أن تدرك واجبها الشرعي تجاه هذا الأمر، وأن تُسقى الأمة هذه المفاهيم سقياً مؤثراً، فإن الكافر وصنائعه وأذنابه سوف يحاولون استخدامها كوسيلة هدم أو ضغط في خضمِّ الأحداث، وأن تحرص الأمة التي هتفت لدولة الخلافة وللأمير، وتشوقت للحياة الإسلامية اليوم، ألا تهتف ضده في الغد وتضيع تضحياتها شذر مذر، فالذين خرجوا للقاء الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) يستقبلونه ويهتفون:
طلع البدر علينا من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا ما دعا لله داع
فإن هذا الكلام عبر عن موقفهم فلم يغيروه أو يبدلوه رغم الجوع والعنت، فعلى هلكة المال والولد قد بايعوه، وعلى قتال الأحمر والأبيض قد عاهدوه، فالأمة التي كانت البانية اليوم لا يحل لها أن تدع الغير يستخدمها معولاً للهدم في الغد، فإنها قد ذاقت كل أنواع المر: مر الذل، ومر الفقر، ومر المرض، ومر القتل والمذابح... منذ هَدَمَ الكافرُ الخلافةَ، وليس هذا فحسب وإنما رأت وعاشت مولد حركاتٍ وانحرافها ثم تهافتها عند أول صدمة، تلك الحركات التي رفعت الشعارات المتناقضة والطروحات المتباينة وجعلت الأمة تعيش معها الأضداد، ولكنها في النهاية فشلت جميعها في خداع الأمة بقصد أو بغير قصد، فقد عشنا ورأينا كيف تفاعلت الأمة مع الأحداث التي حصلت في لبنان وغزة، وكيف تشوقت ليوم تعيشه بعزة وكرامة، وكيف أنها تتحرق لتنقاد للصادقين من الأمة استجابة لقول الحق سبحانه وتعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) [التوبة 119].
إن الكافر حين يرى ويسمع قيام دولة الخلافة لن يستقبل هذا الأمر بالفرح ولا ببرقيات التهنئة والتأييد مطلقاً، حتى إنه لن يُتوقع تظاهره بذلك، وإنما سيعتبر هذا الأمر ناعياً مؤذناً لخراب بيته وفقره، ولن يُسّلم بالأمر الواقع ولن يبقى مكتوف اليدين، لقد ظن الغرب الكافر، وخاب ظنه، فإنه ظن أن الأمة الإسلامية كغيرها من الأمم التي هزمت ثم استسلمت، وظن أنه عندما وضع صنائعه وعملاءه حكاماً على الأمة الإسلامية قد استقر له الأمر ولن تقوم للأمة قائمة، إذ لم يدرك أن هذه العقيدة التي تحملها هذه الأمة عقيدة فاعلة مؤثرة غير منفعلة، وأن الأمة برغم ما عانت وتعاني لم ترفع علماً أبيض، وبرغم جليد سيبيريا، وقهر ستالين وغيره عشرات السنين، ظل الدم الدافئ في عروق أبنائها يتدفق شوقاً لدولة الخلافة. إن هذا الغرب الكافر اللئيم سوف يهدم هذا البناء الذي تعمل الأمة على بنائه متى اكتمل البناء بأساليب ووسائل منها:
1- إثارة الرأي العام على هذا الكيان واعتباره مهدداً للسلم الأهلي، وهذا ما حصل حين استعدت قريش قبائل العرب؛ فرمت المسلمين في المدينة عن قوس واحدةٍ وحرضتهم وحالفتهم يهود في ذلك بل وقالت عن دينها، دين الشرك، بأنه خير من دين محمد، قال تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا سَبِيلًا) [النساء 51].
2- استقطاب الصنائع والعملاء الفكريين، وجعل عواصم بلاد الكفر منابر توجِّه عُواءَها ونعيقَها للفتِّ في عضد الأمة ولزرع بذور الريبة في نفوسهم، وهذا ما حدث ويحدث ونراه ونسمعه ممن يصفونَ أنفسهم بالمعارضة والوسط السياسي، سواء أكانوا من سوريا أم العراق أم الجزائر وغيرها، فهم حاضرون وجاهزون للاستعمال الفوري.
3- استخدام الأمم المتحدة وهيئاتها ودوائرها أبواق دعاية وخراطيم لتمرير ما يشاءون من قرارات تهدف لإضفاء الشرعية على كل عمل يعملونه أو قرار يقررونه ووصف أي فعل للدولة بأنه اعتداء وإرهاب، وهذا ما حصل للعراق وغيره من بلاد المسلمين، فهذه وصاية وهذا انتداب، وغيره وغيره.
4- الحصار الاقتصادي: وهذا الأمر يدركونه ويعونه وعياً واضحاً إذ إن العالم الإسلامي يستورد أكثر احتياجاته، وهو يعتبر من المستهلكين الممتازين للغرب، والأمة مع الأسف لا تنتج ما تأكل أو ما تحتاج، سواء أقله أهمية أم أكثره، ابتداءً من مساحيق وسوائل التنظيف إلى القمح، وكل ذلك عن قصد وتدبير من الغرب وانصياع من الحكام، ولسوف يعملون جاهدين ليصلوا إلى مرحلة يرفعون فيها شعار الغذاء مقابل العزة كما رفع بالأمس شعار النفط مقابل الغذاء.
5- إثارة النعرات الداخلية لإشغال الدولة الفتية أو محاولة حرفها عن الطريق الذي تترسمه كما فعلت يهود في المدينة وجوارها، أو حتى يحاولوا تنصيب خليفة ترضى عنه أميركا.
هذا بعض ما سيفعله الكافر ضد الدولة الوليدة، أما ما الذي سوف تفعله الدولة الوليدة للوقوف في وجه هذه الأمور وغيرها على صعيد الجبهة الداخلية والخارجية لفرض هيبتها داخلياً وخارجياً؟ فإنها لابد من أن تقوم بأعمال، فبالنسبة للأعمال المتعلقة بالجبهة الداخلية عليها:
1- إفهام الأفراد ممن يُخشى تمردهم أن دولة الإسلام دولة عز وسيادة وكف يد الغرب والذل عنا، وهؤلاء أمرهم سهل... وهناك الجماعات أو الأحزاب التي قامت على غير أساس الإسلام فعلى الدولة أن تسكتها إسكاتاً مؤثراً في غيرها حتى لا تستعمل هذه الأحزاب أبواقاً يمكن للكافر استغلالها.
2- إفهام الأمة أن ما حصل ليس انقلاباً عسكرياً كالذي عاشته وإنما هو انقلاب من مجتمع غير إسلامي إلى مجتمع إسلامي، ومن دار كفر إلى دار إسلام، تطبق فيها كل أحكام الإسلام دفعة واحدة.
3- تسخير كل أجهزة الإعلام المتاحة لشحن الأمة ووضعها موضع المسؤولية حتى ترى وتسمع الخطر المحدق بها ووجوب التضحية من أجل هذه الدولة بوصفها حكماً شرعياً.
4- التعامل مع قلة الموارد بقسمة العدل، وأن يبرز هذا العدل بروزاً مؤثراً ما بين الأمير وغيره من سائر الناس، وإبراز جانب الأخوة الإسلامية وإيثار الغير على النفس كما فعل الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) فقد روى أحمد عَنْ أَنَسِ أَنَّ فَاطِمَةَ (رضي الله عنها) نَاوَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) كِسْرَةً مِنْ خُبْزِ شَعِيرٍ فَقَالَ: «هَذَا أَوَّلُ طَعَامٍ أَكَلَهُ أَبُوكِ مِنْ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ». وأخرج البخاري والترمذي عن ابن سيرين قال: كنا عند أبي هريرةَ (رضي الله عنه) وعليه ثوبان ممشقان -يعني مصبوغان بالأحمر- من كتان، فمخط في أحدهما ثم قال: «بخٍ بخٍ يمتخط أبو هريرةَ في الكتان، لقد رأيتني وإني لأخرُّ فيما بين منبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وحجرة عائشة (رضي الله عنها) مغشياً عليَّ فيجئُ الجائي فيضع رجله على عنقي يرى أن بي الجنون وما هو إلا الجوع».
إن امير المؤمنين القادم بوعد الله ومشيئته لسوف يحثو المال حثواً ولا يعده عداً، ولكنَّ هذا الأمر وهذه المرحلة تسبقها مرحلة وهي التي نناقشها ونحاول أن نوطد النفس لاستقبالها والتعاطي معها والصبر عليها، وهذه المرحلة على الأمة أن تستعين بالله عليها وأن تجعل نصب عينيها قوله سبحانه وتعالى: (وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ) [محمد 35].
وأما الأعمال المتعلقة بالجبهة الخارجية فيمكن تقسيمها إلى أربعة أقسام:
1- دول غير طامعة في بلاد المسلمين مثل بوليفيا وأميركا الجنوبية.
2- دول طامعة في بلاد المسلمين مثل بريطانيا أميركا وفرنسا وروسيا...
وهذه يمكن التعامل معها بالمناورات السياسية لكسب الوقت أو ضرب المصالح، وهذه لا بد من وضع خطط معينة لكيفية التعامل معها ولا ندخل في تفاصيل الأساليب والوسائل.
3 – دول تحكم المسلمين غير مجاورة لحاضرة الخلافة.
4 – دول تحكم المسلمين مجاورة لحاضرة الخلافة.
وهذه تخاطب خطاباً مؤثراً أن هذه الدولة الوليدة هي دولتهم هم، وأن الحكم الشرعي في حقهم هو العمل للانضمام إليها لأنها الدولة الأم.
إن بحبوحة العيش ورغده في الدولة الفتية تحتاج إلى التضحية والبذل والعزيمة والإصرار للوصول إليها، فالجنة حفت بالمكاره والنار حفت بالشهوات ونسأل الله العافية.
إن العمل لاستئناف الحياة الإسلامية فرض، ولا يمكن فصل الفرض عن متعلقاته اللازمة له، والتضحية من متعلقاته اللازمة وحكمها كحكمه إذ إنه لا يتم العمل لاستئناف الحياة الإسلامية واستمرارها إلا بالتضحية، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، قال تعالى: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ) [البقرة 214]، وقال تعالى: (قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) [التوبة 24].
المصدر: مجلة الوعي