شهر مبارك

مبارك العشوان 1
1443/08/27 - 2022/03/30 14:12PM

 

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

أَمَّا بَعْدُ: فَـ { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } آل عمران 102

عِبَادَ اللهِ: شَهْرُ رَمَضَانَ شَهْرٌ عَظِيْمٌ؛ شَهْرٌ مُبَارَكٌ؛ كَثِيْرُ الخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ؛ أَنْعَمَ اللهُ تَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ فِيْهِ بِكَثِيرٍ مِنَ النِّعَمِ.

وَمِنْ أَجَلِّ هَذِهِ النِّعَمِ: إِنْزَالُ القُرْآنِ الكَرِيْمِ المُبَارَكِ فِيْهِ؛ قَالَ تَعَالَى: { شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ }البقرة 185

أُنْزِلَ القُرْآنُ الكَرِيمُ وَهُوَ خَيْرُ الكُتُبِ، مَعَ جِبْرِيلَ عَلَيهِ السَّلَامُ وَهُوَ خَيْرِ المَلَائِكَةِ، عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ خَيْرِ الرُّسُلِ، بِاللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ خَيْرِ اللُّغَاتِ، وَفِي مَكَةَ خَيْرِ  بِقَاعِ الأَرْضِ، وَفِي رَمَضَانِ وَهُوَ خَيْرِ الشُّهُورِ، فِي لَيْلَةِ القَدْرِ وَهِيَ خَيْرِ اللَّيَالِي، وَجَعَلَ سُبْحَانَهُ خَيْرَ النَّاسِ مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلَّمَهُ.

وَمِنْ نِعَمِ اللهِ تَعَالَى عَلَى العِبَادِ فِي هَذَا الشَّهْرِ؛ أنْ جَعَلَهُ سَبَبًا لِمَغْفِرَةِ مَا تَقَدَّمَ مِنَ الذُّنُوبِ؛ لِمَنْ صَامَهُ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا وَمَنْ قَامَهُ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا؛ كَمَا صَحَّتْ بِكُلِّ ذَلِكَ الأَحَادِيثُ.

وَمِنْ نِعَمِ اللهِ تَعَالَى عَلَى العِبَادِ فِي هَذَا الشَّهْرِ: المُضَاعَفَةُ الكَثِيرَةُ لِأَجْرِ الصِّيَامِ؛ يَقُولُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّــــمَ: ( كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ، الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِئَة ضِعْفٍ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِلَّا الصَّوْمَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي، لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ: فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ، وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ، وَلَخُلُوفُ فِيهِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِنْ رِيْحِ الْمِسْكِ ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَمِنْ نِعَمِ اللهِ تَعَالَى عَلَى الصَّائِمِينَ؛ أَنْ جَعَلَ لَهُمْ بَابًا مِنْ أَبْوَابِ الجَنَّةِ؛ يَقُولُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: ( إِنَّ فِي الجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ: الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، لَا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، يُقَالُ: أَيْنَ الصَّائِمُونَ؟ فَيَقُومُونَ، لَا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، فَإِذَا دَخَلُوا، أُغْلِقَ، فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ ) رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.

وَمِنْ نِعَمِ اللهِ تَعَالَى عَلَى العِبَادِ فِي هَذَا الشَّهْرِ المُبَارَكِ: تِلْكَ اللَّيْلَةُ المُبَارَكَةُ؛ اللَّيْلَةُ الَّتِي أُنْزِلَ فِيْهَا القُرْآنُ وَسُمِّيَتْ سُورُةٌ مِنْهُ بِاسْمِهَا: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ: { إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ، وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ، سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ }

عِبَادَ اللهِ: إِنَّ إِدْرَاكَ رَمَضَانَ نِعْمَةٌ عَظِيْمَةٌ، وفُرْصَةٌ ثَمِيْنَةٌ؛ حَرِيٌّ بِمَنْ أَدْرَكَهَا اِغْتِنَامُهَا، وَعَدَمُ التَّفْرِيْطِ فِي لَحْظَةٍ مِنْهَا.

وَمَا أَكْثَرَ مَا نُفَرِّطُ فِي أَوْقَاتِنَا، مَا أَكْثَرَ مَا نُضَيِّعُ مِنْ سَاعَاتِ وَأَيَّامِ شَهْرِنَا؛ بَيْنَ لَيْلٍ يُهْدَرُ فِي سَهَرٍ؛ تُعَدُّ الغَفْلَةُ فِيْهِ بِالسَّاعَاتِ، وَبَيْنَ نَهَارٍ جُلُّهُ فِي نَومٍ عَمْيْقٍ، وَلَرُبَّمَا كَانَ عَنِ الصَّلَوَاتِ المَفْرُوضَةِ.

أَلَا فَاتَّقُوا اللهَ، وَاعْلَمُوا أَنَّ رَمَضَانَ أَيَّامٌ وَلَيَالٍ مَعْدُودَةٍ، وَهِيَ مَاضِيَةٌ عَلَى مَنْ حَفِظَهَا وَمَنْ ضَيَّعَهَا، وَسَوْفَ يِأْتِي عَلَى النَّاسِ يَومٌ يَنْظُرُ المَرْءُ فِيْهِ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ، فَلْنَنْظُرْ مَاذَا سَنُقَدِّمُ فِي شَهْرِنَا؛ بَلْ فِي حَيَاتِنَا لِمَا سَنَقْدُمُ عَلَيْهِ فِي آخِرَتِنَا، وَنَجِدُهُ عِنْدَ رَبِّنَا فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى.

بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي القُرْآنِ العَظِيمِ وَنَفَعَنَا بِمَا فِيهِ مِنَ الآيِ وَالذِّكْرِ الحَكِيمِ، وَأَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ الجَلِيلَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمْ.

 

الخطبة الثانية:

الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ.

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ مِمَّا يُحِبُّهُ اللهُ تَعَالَى مِنْ عِبَادِهِ؛ فِي هَذَا الشَّهْرِ وَفِي غَيْرِهِ: التَّوْبَةُ الصَّادِقَةُ، التَّوْبَةُ النَّصُوحُ؛ فَرَبُّنَا جَلَّ وَعَلَا تَوَّابٌ يُحِبُّ التَّوَّابِيْنَ، عَفُوُّ يُحِبُّ العَفْوَ؛ غَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى.

أَلَا فَتُوبُوا - رَحِمَكُمُ اللهُ -  إِلَى اللهِ، تُوبُوا إِلَى اللهِ؛ تُفْلِحُوا وَتَسْعَدُوا؛ تُوبُوا إِلَى اللهِ يَغْفِرْ ذُنُوبَكُمْ، وَيَسْتُرْ عُيُوبَكُمْ، وَيَرْفَعْ دَرَجَاتِكُمْ؛ تُوبُوا إِلَى اللهِ؛ يُبَدِّلْ سَيِّئَاتِكُمْ حَسَنَاتٍ.

بَادِرُوا بِالتَّوْبَةِ قَبْلَ أَنْ تُبَادَرُوا؛ قَبْلَ أَنْ يَفْجَأُ هَاذِمُ اللَّذَّاتِ.

مَنْ بَدَرَتْ مِنْهُ مَعْصِيَةٌ؛ فَلْيُبَادِرْهَا بِتَوبَةِ؛ وَلْيُبْشِرْ بِعَظِيْمِ الجَزَاءِ مِنْ رَبَّهِ: { وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ، أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ } آل عمران 135- 136

أَخْلِصُوا التَّوْبَةَ لِلَّهِ، وَاجْتَهِدُوا فِيْمَا يُقَرِّبُكُمْ إِلَى اللهِ.

أَقْلِعُوا عَنْ مَعْصِيَةِ اللهِ، وَانْدَمُوا عَلَى مَا فَرَّطْتُمْ فِي طَاعَةِ اللَّهِ، وَاعْزِمُوا أَنْ لَا تَعُودُوا لِتَفْرِيْطٍ أَوْ مَعْصِيَةٍ.

مَنْ كَانَ عِنْدَهُ حَقٌ لِأَحَدٍ فَلْيَبْرَأْ مِنْهُ اليَومَ؛ قَبْلَ يَومٍ يَكُونُ القِصَاصُ فِيْهِ مِنَ الحَسَنَاتِ.

اِغْتَنِمُوا – وَفَّقَكُمُ اللهُ - حَيَاتَكُمْ قَبْلَ اِنْقِضَائِهَا، وَنِعَمَكُمْ قَبْلَ زَوَالِهَا، وَعَافِيَتَكُمْ قَبْلَ تَحَوُّلِهَا.

ثُمَّ صَلُّوا وَسَلِّمُوا - رَحِمَكُمُ اللهُ - عَلَى مَنْ أَمَرَكُمُ اللهُ بِالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَيهِ؛ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: { إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا }الأحزاب 56  

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.

اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإسْلَامَ وَالمُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ وَانْصُرْ عِبَادَكَ المُوَحِّدِينَ، اللَّهُمَّ وَعَلَيكَ بِأَعْدَئِكَ يَا قَوِيُّ يَا عَزِيزُ.

اللَّهُمَّ أصْلِحْ أئِمَّتَنَا وَوُلَاةَ أُمُورِنَا، اللَّهُمَّ وَفِّقْ وُلَاةَ أمْرِنَا لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، اللَّهُمَّ خُذْ بِنَوَاصِيهِمْ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا وَإِيَّاهُمْ لِهُدَاكَ، واجْعَلْ عَمَلَنَا فِي رِضَاكَ، اللَّهُمَّ مَنْ أَرَادَنَا وَدِينَنَا وَبِلَادَنَا بِسُوءٍ فَرُدَّ كَيْدَهُ إِلَيهِ، وَاجْعَلْ تَدْبِيرَهُ تَدْمِيرًا عَلَيهِ، يَا قَوِيُّ يَا عَزِيزُ.

عِبَادَ اللهِ: اُذْكُرُوا اللهَ العَلِيَّ الْعَظِيْمَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ وَلَذِكْرُ اللهِ أكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.

المرفقات

1648649307_شهر مبارك.pdf

1648649527_شهر مبارك.docx

المشاهدات 1114 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا