شهر شعبان كله خير وبركة ولكن الناس عنه غافلون

كامل الضبع زيدان
1436/08/19 - 2015/06/06 11:42AM
. شهر شعبان كله خير وبركة ولكن الناس عنه غافلون.
يا له من شهر عظيم روى الإمام أحمد والنسائي من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: قلت يا رسول الله لم أرك تصوم من الشهور ما تصوم من شعبان قال: (ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين عزو جل فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم). نعم والله كما قال الحبيب صلى الله عليه وسلم فشهر شعبان واقع بين شهر رجب وهو شهر من الأشهر الحرم ومعلوم مكانتها في دين الله عزو جل وشهر رمضان الذي تنتظره أمة الإسلام كل عام وهي في غاية الشوق لما فيه من العبادات العظيمة من صيام وقيام وصدقة وما يترتب على هذه العبادات من الثواب الجزيل من أكرم الأكرمين وليلة القدر الجائزة الكبرى التي من حرم خيرها فقد حرم فلذلك يغفل الناس عن شعبان.
العبادة في وقت غفلات الناس فضلها عظيم
فالله عزو جل يحب عباده الذين يعبدونه والناس غافلون كما روى الترمذي وصححه عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ثلاثة يحبهم الله قوم ساروا ليلتهم حتى إذا كان النوم أحب إليهم مما يعدل به فوضعوا رؤوسهم فقام أحدهم يتملقني ويتلو آياتي وقوم في سرية فانهزموا فتقدم أحدهم فلقي العدو فصبر حتى قتل وقوم سألهم سائل بالله فلم يعطوه فقام رجل منهم سرا فأعطاه ولم يعلم بذلك إلا الله والذي أعطاه) فهؤلاء يحبهم الله عزو جل ومن أحبه الله لم يعذبه أبدا ومن أحبه الله أكرمه ولا تسأل عن كرم أكرم الأكرمين فعطاءه ليس له حد ولا عد وهؤلاء أعمالهم في وقت غفلة الناس عن العبادة وهو وقت في غاية المشقة لأن الناس إذا كان من حولهم يعبدون فإن العبادة تسهل على الجميع لرؤية بعضهم بعضا وهم مستأنسون بذلك كما هو الحال في رمضان. ومن ذلك أيضا ما رواه الإمام مسلم عن معقل بن يسار رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (العبادة في الهرج كهجرة إلي). والهرج كثرة الفتن وكثرة القتل واختلاط الأمور على الناس فيهيمون على وجوههم ويشتد الكرب عليهم فينسيهم هذا الحال ويلهيهم عن العبادة والطاعة فمن تذكر في هذه الأحوال طاعة الله وعبادة الله ولا شك أنهم قليلون كان له من الأجر العظيم أن جعله رسول الله صلى الله عليه وسلم كمن هاجر إليه وكانت الهجرة في زمانها من أعظم القربات والطاعات ولا شك أن أجرها في غاية العظمة. وهؤلاء هم الغرباء الذين يصلحون إذا فسد الناس ويفرون بدينهم من الفتن عابدون حامدون راكعون ساجدون في كل وقت وحين مهما كانت الأوضاع من حولهم فهم لا يغفلون أبدا عن الطاعة والعبادة وهم كالقابض على الجمر كما أخبر الحبيب صلى الله عليه وسلم وللعامل منهم أجر خمسين من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن الصحابة كانوا يجدون على الخير أعوانا وهؤلاء الغرباء لا يجدون وبطاعاتهم هذه والناس غافلون يدافعون عمن حولهم من أن ينزل الله عليهم سخطه وغضبه وعذابه كما صحت الأحاديث بذلك.
المؤمنون الصادقون يتأهبون لرمضان من بداية شعبان
فهم لا ينتظرون دخول رمضان فيبدأون التأهب بعدما يدخل عليهم رمضان وعندها سيفوتهم خير كثير ولربما انتهى رمضان وهم مازالوا يتأهبون له وكان سلفنا الصالح ينكبون على كتاب الله في شعبان يتلونه ويتدارسونه ويتفهمونه ويتدبرون معانيه ويراجعون ما حفظوه ليقوموا به في ليالي رمضان وكانوا يسمون شعبان شهر القراء لذلك ومنهم من كان يتفرغ من أعماله وتجاراته ويغلقون دكاكينهم ومحلاتهم كل ذلك ليدخل عليهم رمضان وهم على أهبة الاستعداد فيفوزون فوزا عظيما في رمضان.
وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى الله عزو جل
والأعمال ترفع إلى الله عزو جل في كل يوم مرتين كما جاء في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار فيجتمعون في صلاة الصبح وصلاة العصر ثم يصعدون إلى ربهم عزو جل فيسألهم وهو أعلم كيف تركتم عبادي؟ فيقولون أتيناهم وهم يصلون وتركناهم وهم يصلون) وفي صحيح مسلم عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمس كلمات فقال: (إن الله عزو جل لا ينام ولا ينبغي له أن ينام يخفض القسط ويرفعه يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار وعمل النهار قبل عمل الليل حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه) فهذا رفع للأعمال يومي بالليل والنهار مرتين في اليوم.
ورفع أسبوعي في يومي الإثنين والخميس لما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن صومه يوم الإثنين ويوم الخميس قال صلى الله عليه وسلم قال: (هذان يومان تعرض فيهما الأعمال على الله عزو جل وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم) رواه الترمذي.
ورفع سنوي للأعمال وهو في هذا الشهر المبارك شهر شعبان وهو ختام العام ولذلك قال الحبيب صلى الله عليه وسلم (وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى الله عزو جل وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم) فالصيام وكثرته في شعبان توطئة لرمضان سنة حبيبنا صلى الله عليه وسلم كما قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم شعبان إلا قليلا) رواه مسلم والصيام العبادة العظيمة التي لما سأل أبو أمامة الباهلي رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عمل يدخل به الجنة قال له عليك بالصوم فإنه لا عدل له وفي رواية لا مثل له. ويكفي قول الله عزو جل الصوم لي وأنا أجزي به) فلا تسأل عن عطاياه جل جلاله فإنما يصب الأجر على الصائمين صبا بلا عد وبلا حد بغير حساب وخزائن الله عزو جل ملآى لا ينقصها شيء نسأل الله العظيم من فضله العظيم.
ليلة النصف من شعبان
هي ليلة مباركة صح فيها عن جمع من الصحابة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الله عزو جل ليطلع ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن) رواه ابن ماجة وصححه كثير من أهل العلم بالحديث لكثرة طرقه لذلك ينبغي الاهتمام بهذه الليلة المباركة فإن الله عزو جل ينزل إلى سماء الدنيا ـ نزولا يليق بجلاله وبكماله وبعظمته ـ كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر وينادي على عباده هل من تائب فأتوب عليه هل من مستغفر فأغفر له هل من داع فأستجيب له هل من كذا هل من كذا حتى يطلع الفجر ولكن في ليلة النصف من شعبان ينزل جل جلاله من أول الليلة من غروب الشمس إلى طلوع الفجر وهذا ولا شك فضل عظيم ينبغي لكل عاقل أن يغتنم الفرصة ولا يضيعها ويجتهد بكل طاقته في الذكر والدعاء والاستغفار وعمل الخيرات ولا تخص هذه الليلة بقيام مخصوص ولكن إن اجتهد المؤمن وقام يصلي فيها ابتغاء مرضات الله فلا مانع من ذلك وكان كثير من السلف الصالح يفعلون ذلك وينبغي أيضا تحقيق الإخلاص لله رب العالمين
الحذر من حالقة الدين
والبعد عن التشاحن والتخاصم لأن ذلك يمنع المغفرة في هذه الليلة وفي غيرها كما قال الحبيب صلى الله عليه وسلم فساد ذات البين الحالقة التي تحلق الدين فعلى العبد أن ينقي قلبه ويصفيه من الضغائن ويسامح ويعفو ويصفح عن عباد الله لعل الله عزو جل أن يعفو عنه ويتجاوز عن سيئاته فالله عزو جل يعامل العباد كيفما يعاملون هم عباد الله فمن عفا عفا الله عنه ومن صفح وتجاوز عن أخطاء من أخطأ في حقه تجاوز الله عن سيئاته وهكذا كما تدين تدان والجزاء من جنس العمل فعلينا دائما وأبدا أن نصفي قلوبنا لإخواننا المسلمين مهما بلغت إساءتهم في حقنا للنال الرضا من الله وهذا غاية ما يتمناه العبد رضى الله والجنة اللهم إنا نسألك رضاك والجنة ونعوذ بك من سخطك والنار واجعلنا من أصحاب القلوب الحية التي تستشعر عظمة الأوقات الفاضلة وتهتم بها طاعة لك وقربا منك وحبا فيك يا أكرم الأكرمين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
أخوكم / كامل الضبع محمد زيدان
المرفقات

708.pdf

المشاهدات 1220 | التعليقات 0