شَهْرِ شَعْبَانَ - الشِّرْكَ والشَّحْنَاءَ
محمد البدر
1439/08/11 - 2018/04/27 04:31AM
الخطبة الأولى :
أمَّا بعد : قَالَ تَعَالَى :﴿ إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [سورة النساء: 48] وَقَالَ تَعَالَى :﴿ وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [الزمر: 65]
وَعَنْ أَنَسِ بن مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :«افْعَلُوا الْخَيْرَ دَهْرَكُمْ ، وَتَعَرَّضُوا لِنَفَحَاتِ رَحْمَةِ اللَّهِ ، فَإِنَّ لِلَّهِ نَفَحَاتٍ مِنْ رَحْمَتِهِ يُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ، وَسَلُوا اللَّهَ أَنْ يَسْتُرَ عَوْرَاتِكُمْ ، وَأَنْ يُؤَمِّنَ رَوْعَاتِكُمْ».رَوَاهُ الطَّبَرَانيُّ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ .
وَمِنْ هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ الْمُبَارَكَةِ، وَهَذِهِ النَّفَحَاتِ الطَّيِّبَةِ الَّتِي اخْتَصَّ اللهُ تَعَالَى- بِهَا بَعْضَ الزَّمَانِ هَذِهِ الأَيَّامُ الَّتِي نَحْنُ فِيهَا؛ فَنَحْنُ فِي غُرَّةِ شَهْرِ شَعْبَانَ؛ وهو شَهْرٌ عَظِيمٌ هَذَا الشَّهْرُ يَأْتِي بَيْنَ رَمَضَانَ وَرَجَبٍ؛ وقد شارف على الانتصاف وثبت عَنْأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنه قَالَ :«إِذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ فَلا تَصُومُوا ».رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.
وَعَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :«إِنَّ اللَّهَ لَيَطَّلِعُ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَيَغْفِرُ لِجَمِيعِ خَلْقِهِ إِلَّا لِمُشْرِكٍ أَوْ مُشَاحِنٍ »رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَحَسَّنَهُ الأَلْبَانيُّ .
فشَهْرُ شَعْبَانَ شَهْرٌ عَظِيمٌ، فِيهِ يَوْمٌ فِيهِ مَزِيَّةٌ عَلَى كُلِّ أَيَّامِ الْعَامِ؛ وَهُوَ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ.
عِبَادَ اللَّهِ:إِنَّ الشِّرْكَ وَالشَّحْنَاءَ الَّتِي قَدْ تَرِدُ عَلَى الْقُلُوبِ، وَقَدْ تَصِلُ إِلَى الْجوَارِحِ وَالْأَفْعَالِ وَالْأَلْسِنَةِ؛ يَجِبُ نَبْذُهَا ، وَالْحَذَرُ مِنْهَا فَالشِّرْكُ بِاللهِ مِنْ مُحْبِطَاتِ الْأَعْمَالِ.فالمشرك : كل من أشرك مع الله شيئا في ذاته تعالى أو في صفاته أو في عبادته .
فاحذروا ياعِبَادَ اللَّهِ:في شهر شعبان وغيره من (الشِّرْكَ والشَّحْنَاءَ) و أما الشِّرْكَ فإنه أعظم الذنوب و الشِّرْكَ هو: أن تجعل لله ندِّاً وهو خلقك.
أي : ندِّاً في ربوبيّته، أو في عبادته، أو في أسمائه وصفاته.
فَعَنْ زَيْدِ بْنِ خالِدٍ الْجُهَنِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَ قَالَ: صَلّى لَنا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلاةَ الصُّبْحِ بالحُدَيْبِيَةِ عَلى إِثْرِ سَماءٍ كانَتْ مِنَ اللَّيْلَةِ، فَلَمّا انْصَرَفَ أَقْبَلَ عَلى النَّاسِ فَقالَ:« هَلْ تَدْرُونَ مَاذا قَالَ رَبُّكُمْ قَالوا اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ: أَصْبَحَ مِنْ عِبادي مُؤْمِنٌ بِيَ وَكافِرٌ، فَأَمّا مَنْ قَالَ مُطِرْنا بِفَضْلِ اللهِ وَرَحْمَتِهِ فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِيَ وَكافِرٌ بِالْكَوْكَبِ وَأَمّا مَنْ قَالَ مُطِرْنا بِنَوْءِ كَذا وَكَذا فَذَلِكَ كافِرٌ بِيَ وَمُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَبِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
ومن الشِّرْكَ ياعِبَادَ اللَّهِ:أن يعتقدَ الإنسانُ أن غير الله يعلم الغيب، كمن يعْتَقَدُ ذلك في الأنبياء والصالحين، بل بعضُهم يعتقد ذلك في أخبثِ عِبَادَ اللَّهِ السحرة والكهان والمشعوذين.
فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :« مَنْ أَتَى كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ وَمَنْ أَتَى امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا وَمَنْ أَتَي امْرَأَةً حَائِضًا فَقَدْ بَرِئَ مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم» صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.
لأن الله تعالى هو المتفرّدُ بعلم الغيب.
أقول قولي هذا ...
الخطبة الثانية :
ومن الشِّرْكَ ياعِبَادَ اللَّهِ:أن يصرف العبد نوعاً من أنواع العبادة لغير الله كأن يدعو غير الله أو يستغيث بغيره أو يذبح لغير الله كما يفعله من يذبح للمقبور رجاء نفعه أو يذبح للجنّ، ويتقرّبَ إليهم رجاء نفعهم، أو خوفاً من شرّهم. وبعض الناس قد يذهبُ إلى الساحرِ أو الكاهن فيطلبَ منه العلاج فيقول له الساحر أو الكاهن: لا أُداويك حتى تذبح! فإذا ذبح خرج من دائرة الإسلام والعياذ بالله، لأنه صرف نوعاً من أنواع العبادة لغير الله.
الا وصلوا عِبَادَ اللَّهِ ..