شهر شعبان

وائل عبدالله باجروان
1436/07/26 - 2015/05/15 07:45AM
شهر شعبان
الخطبة الأولى
الحمد لله الذي بنعمه تتم الصالحات، وبرحمته يدخل المؤمنين الجنات، وأشكره سبحانه على جميع النعم والكرامات، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له خالق الأرض والسماوات، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله الذي فضله الله على جميع المخلوقات، وأكمل الله به الدين وأظهر على يديه الآيات والمعجزات، الذي جاهد في سبيل الله حق جهاد وعبد ربه حتى الممات، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه الأئمة الهداة، ومن تمسك بسنته، ودعا الخلق إلى ملته، وعمل الصالحات.
أما بعد:
فيا أيها الناس اتقوا الله حق تقاته، وسارعوا إلى مغفرته ومرضاته حتى يدخلكم جناته. ﴿ يا أيها الذين آمنوا آتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما ﴾
فإن الله سبحانه وتعالى تواب رحيم، غني كريم، شرع لعباده أنواعًا من العبادات تكفَّر بها ذنوبهم، وتمحَى بها خطاياهم؛ من الذكر والدعاء والصلاة والصدقة والحج والعمرة والبر والصلة، ومن تلك العبادات العظيمة الصيام؛ فإنه عمل عظيم يظهر فيه الإخلاص، اختص الله تعالى به، فأجر الصائم على الله U: ((الصيام لي وأنا أجزي به))؛ ولذا رغب النبي r في الصيام وحث عليه وداوم عليه: ((فتنة الرجل في أهله وماله وولده وجاره تكفّرها الصلاة والصيام والصدقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)) رواه الترمذي، ((في الجنة باب يقال له: الريان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحد غيرهم، فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد))، فهنيئًا لمن حرص على الصيام واشتغل به وأكثر منه.
أيها الإخوة المؤمنون،،،
يغفل كثير من الناس عن الصيام في شهر شعبان، وقد كان نبينا r يحرص على الصيام فيه ويكثر منه، عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: قلت يا رسول الله: لم أرك تصوم شهرا من الشهور ما تصوم من شعبان؟ قال r: ((ذلك شهر يغفُل الناس عنه، بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأُحب أن يُرفع عملي وأنا صائم)) [رواه النسائي وحسنه الألباني]. وعن أنس بن مالك t قال: كان رسول الله r يصوم ولا يفطر حتى نقول: ما في نفس رسول الله r أن يفطر العام، ثم يفطر فلا يصوم حتى نقول: ما في نفسه أن يصوم العام، وكان أحب الصوم إليه في شعبان، [رواه الإمام أحمد].
ومن شدة محافظته r على الصوم في شعبان أن أزواجه رضي الله عنهن، كن يقلن أنه يصوم شعبان كله، مع أنه r لم يستكمل صيام شهر غير رمضان، فهذه عائشة رضي الله عنها وعن أبيها تقول: كان رسول الله r يصوم حتى نقول لا يفطر، ويفطر حتى نقول لا يصوم، وما رأيت رسول الله r استكمل صيام شهر قط إلا شهر رمضان، وما رأيته في شهر أكثر صياما منه في شعبان. [رواه البخاري ومسلم]. وفي رواية عن النسائي والترمذي قالت: ما رأيت النبي r في شهر أكثر صياما منه في شعبان، كان يصومه إلا قليلا، بل كان يصومه كله، وفي رواية لأبى داود قالت: كان أحب الشهور إلى رسول الله r أن يصومه شعبان، ثم يصله برمضان.
وهذه أم سلمة رضي الله عنها تقول: ((ما رأيت رسول الله r يصوم شهرين متتابعين إلا شعبان ورمضان)).
عباد الله،،،
ولما كان شعبان كالمقدمة لرمضان شُرع فيه ما يُشرع في رمضان من الصيام وقراءة القرآن، ليحصل التأهب لتلقي رمضان، وترتاضَ النفوسُ بذلك على طاعة الرحمن.
قال سلمة ابن كُهيل: كان يُقال: شهر شعبان شهر القُراء، وكان حبيب بن أبي ثابت إذا دخل شعبان قال: هذا شهر القُراء، قال الحسن ابن سهل: قال شعبان: يا رب، جعلتني بين شهرين عظيمين، فما لي؟ قال: جعلت فيك قراءة القرآن.
أيها الإخوة المومنون،،،
شهر شعبان شهر عظيم عظمه رسول الله r، فحري بنا أن نعظمه وأن نكثر من العبادة والاستغفار والاجتهاد في الطاعات، كما كان هدي نبينا r، وتذكر أن الناس يغفلون عن العبادة في هذا الشهر، لذا كان لمن تعبد الله في هذا الشهر مزية على غيره، وتذكر قول نبيك r ((وهو شهر تُرفع فيه الأعمال إلا رب العالمين، فأحب أن يُرفع عملي وأنا صائم)).
اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما وعملا أقول قولي هذا، وأستغفِر الله لي ولكم ولسائر المسلمين والمسلمات من كلّ ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه، إنّه كان غفارًا.

الخطبة الثانية
الحمد الله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين نبينا وحبيبنا وقدوتنا محمد بن عبد الله صلوات ربي وسلامه عليه، أما بعد.
أيها الإخوة المؤمنون،،،
ننبه على مسألة مهمة، وهي قضاء صيام أيام أفطرها من رمضان الماضي قبل دخول رمضان هذا العام، فمن كان عليه شيء من قضاء رمضان وجب عليه قضاؤه بعد رمضان مع القدرة ولا يجوز له تأخيره إلى ما بعد رمضان آخر لغير ضرورة، بل قال بعض العلماء أنه يجب عليه قضاؤه على الفور إن زال العارض من مرض أو غيره مخافة أن يأتيه عائق من مرض أو سفر أو موت، فإن أخر القضاء وكان تأخيره لعذر مستمر بين الرمضانين، كان عليه قضاؤه بعد رمضان الثاني، ولا شيء عليه مع القضاء، وإن كان ذلك لغير عذر، فقد عصى ربه وعليه التوبة من ذلك مع القضاء وإطعام مسكين لكل يوم ومقداره نصف صاع من قوت البلد من أرز أو تمر أو غيره ومقداره بالوزن كيلو ونصف تقريبا، ويدفع ذلك إلى بعض الفقراء، ولو واحدا، قبل الصيام أو بعده.
عباد الله،،، إنّ الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه وثنّى بملائكته المسبّحة بقدسه وثلثّ بكم أيّها المؤمنون من جنّه وإنسه، فقال قولاً كريمًا: ]إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيمًا[ [الأحزاب:56].
عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذب القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون فاذكروا الله الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.
المرفقات

شهر شعبان.doc

شهر شعبان.doc

المشاهدات 2701 | التعليقات 1

كتب ربي أجرك شيخ وائل وزادك الله من فضله ونفع بك مزيدا من الحضور لا حرمك ربي الأجر والمثوبة.