شهر رجب- الظُّلْمُ الَّذِي لَا يَغْفِرُهُ اللهُ، الشِّرْكُ

محمد البدر
1439/06/27 - 2018/03/15 01:30AM
الخطبة الأولى:
عِبَادَ اللَّهِ: قَالَ تَعَالَى :﴿ ‏إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ ﴾‏ ‏[‏التوبة‏:‏ 36‏]‏‏.
وَعَنْ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ « إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ثَلاَثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ وَرَجَبٌ شَهْرُ مُضَرَ الَّذِى بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ»مُتّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « الظُّلْمُ ثَلَاثةٌ: فَظُلْمٌ لَا يَغْفِرُهُ اللهُ، وَظُلْمٌ يَغْفِرُهُ، وَظُلْمٌ لَا يَتْرُكُهُ، فَأَمَّا الظُّلْمُ الَّذِي لَا يَغْفِرُهُ اللهُ، فَالشِّرْكُ , قَالَ اللهُ:﴿ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ (1) وَأَمَّا الظُّلْمُ الَّذِي يَغْفِرُهُ، فَظُلْمُ العِبَادِ أَنْفُسَهُمْ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَبِّهِمْ - عز وجل - وَأَمَّا الظُّلْمُ الَّذِي لَا يَتْرُكُهُ، فَظُلْمُ العِبَادِ بَعْضُهُمْ بَعْضًا , حَتَّى يُدَبِّرُ لِبَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ حَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ في صَحِيح الْجَامِع: 3961 والصَّحِيحَة: 1927
عِبَادَ اللَّهِ: اعلموا أن الله سبحانه نهى عن الظلم بجميع صوره وأنواعه, وأمر بمجاهدة الظالمين ، ورفع الظلم عن المظلومين , فإذا تركنا الظالم ولم نأخذ على يديه ، فقد خالفنا ما جاءت به الرسل عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ « انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا» فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْصُرُهُ إِذَا كَانَ مَظْلُومًا ،أَفَرَأَيْتَ إِذَا كَانَ ظَالِمًا كَيْفَ أَنْصُرُهُ قَالَ « تَحْجُزُهُ أَوْ تَمْنَعُهُ مِنَ الظُّلْمِ ،فَإِنَّ ذَلِكَ نَصْرُهُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ .وقد يعاقبنا الله إذا تركنا الظالم ولَمْ يأخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ, فَعَنْ أَبي بَكْرٍ الصِّدِّيْق رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : يَا أيّها النَّاس ، إنّكم لتَقرؤُون هذِهِ الآية:﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ﴾ [المائدة : 105] وإني سمعت رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول : «إنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوُا الظَّالِمَ فَلَمْ يأخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ أوشَكَ أنْ يَعُمَّهُمُ اللهُ بِعِقَابٍ مِنْهُ » رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.
فالظلم حرام ، ومن كبائر الآثام ، ومن الموبقات العظام ، حرمه الله على نفسه ، وجعله بين عباده محرماً ، قَالَ تَعَالَى :﴿إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً وَلَـكِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾.
عِبَادَ اللَّهِ:ألا وإن من أنواع الظلم ، أكل أموال الناس بغير حق ، والإساءة إليهم ، وإيذائهم ، والتطاول عليهم ، وسبهم وقذفهم وضربهم، فذلكم ظلم كبير ، وشر مستطير ، وعدوان خطير ، صاحبه مفلس ، ظالم منتكس ، أو كان الظلم بين الناس, بتعدي بعضهم على بعض في الحقوق والواجبات, كما قَالَ تَعَالَى :﴿ إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ﴾ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ قَالَ :«أتدرونَ مَنِ المُفْلِسُ » قالوا :المفْلسُ فِينَا مَنْ لا دِرهَمَ لَهُ ولا مَتَاع ، فَقَالَ :« إنَّ المُفْلسَ مِنْ أُمَّتي مَنْ يأتي يَومَ القيامَةِ بصلاةٍ وصيامٍ وزَكاةٍ ، ويأتي وقَدْ شَتَمَ هَذَا ، وقَذَفَ هَذَا ، وَأَكَلَ مالَ هَذَا ، وسَفَكَ دَمَ هَذَا ، وَضَرَبَ هَذَا ، فيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ ، وهَذَا مِنْ حَسناتهِ ، فإنْ فَنِيَتْ حَسَناتُه قَبْل أنْ يُقضى مَا عَلَيهِ ، أُخِذَ منْ خَطَاياهُم فَطُرِحَتْ عَلَيهِ ، ثُمَّ طُرِحَ في النَّارِ » رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وإن من أشدِّ وأقبح الظلم وأشنعه الشرك بالله, قَالَ تَعَالَى :﴿ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ فكل صور الظلم محرمةٌ على العباد, فَعَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا يَرْوِيه عَنْ رَبِّهِ -قَالَ :«يَا عِبَادِي إنِّي حَرَّمْت الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي ، وَجَعَلْته بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا ، فَلَا تَظَالَمُوا » رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَعَنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:«الظُّلْمُ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ القِيَامَةِ»مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
 
أقول قولي هذا..
الخطبة الثانية :
عِبَادَ اللَّهِ:إن ممَّا تعلَّق بشهر رجبٍ من المحدثات في باب الدعاء: تخصيصه بدعاءٍ عند استهلاله، فإنه لم يصحَّ عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم في ذلك شيءٌ يُعتمد عليه، وما ورد عَنْ أنس بن مالكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: كَانَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ رَجَبٌ قَالَ: «اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي رَجَبٍ وَشَعْبَانَ وَبَلِّغْنَا رَمَضَانَ» رَوَاهُ أَحمَدُ وَضَعَّفَهُ الأَلبَانيُّ.
فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن نهايةُ كل ظالمٍ وإن طالَتْ آتِيةٌ، والنصرُ مع الصبر، والفَرَجُ مع الكربِ، والعُسرُ يعقُبُه يُسرٌ؛ قَالَ تَعَالَى :﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ﴾ [الشرح: 5، 6].الا وصلوا..
المشاهدات 2005 | التعليقات 0