شهر الصيام والمسابقة إلى جنة الخلد

فيصل التميمي
1435/09/06 - 2014/07/03 15:47PM
من المحفوظات جزى الله من أعدها خير الجزاء
وقد جرى عليه قلم الاختصار والإضافة بما يناسب المقام
ومراعاة حال المصلين مع الصيام
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شهر الصيام والمسابقة إلى جنة الخلد 7/9/1435هـ
إن الحمدَ للهِ نحمدُهُ ونستَعينُهُ ونستَغفرُهُ، ونعوذُ باللهِ من شرُورِ أنفسِنا وسيئاتِ أعمالنا، منْ يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومنْ يضللْ فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ، وأشهدُ أن محمّداً عَبدُهُ ورسولُهُ، صلى اللهُ عليه وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَمَ تسلِيماً كَثِيراً.
أما بعد فأوصيكم أيها الناس ونفسي بتقوى الله عز وجل. اتقوه في جميع أوقاتكم، وراقبوه في سكناتكم وحركاتكم، واشكروه أن بلغكم شهر رمضان، شهر الخيرات والبركات، وتنزل الرحمات ورفعة الدرجات.
معاشر المسلمين.. أيها الصائمون المتعبدون، أيها الأوابون القانتون، يقول صلى الله عليه وسلم (إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ ، فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ ، وَصُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ.)
والحديثُ عن الجنَّة سلوانُ وتشويق وإيمان، وعند العمل الصالح تهفو القلوب إلى موْعودِها، وترتجي الجنات من ربها ومعبودها، فالجنة مَوْعُود رب العالمين، وجائزته للمتقين العاملين، هي سلوى الصابرين ومحط رحال العابدين، هي منازل الأنبياء وسُكْنَى السعداء ومستقر الأولياء.
الحديث عن الجنة هو حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح، وبشارة أهل الإيمان بما أعدَّ الله لهم في الجنَّان؛ فهم المستحقون للبشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة، (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ)
يُستقبل أهل الجنة بالأمن والبشارة والخلود، (يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آَمَنُوا بِآَيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ * ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ * يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ )
في الجنَّة يُلقِي المؤمنُ عنه العناء، ويحمد الله على ما هو فيه من الهناء في منأى عن أهل الشقاء.. (وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ * الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ )
ويقول عليه الصلاة والسلام : قال الله تعالى: ((أعددت لعبادي الصالحين ما لا عينٌ رأت ولا أذنٌ سمعت ولا خَطَرَ على قلب بشر، فاقرؤوا إنَّ شئتم (فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)
وأعظم النعيم فيها نعيم يوم المزيد وزيارة العزيز الحميد ، حين ينعّم أهل الجنة برؤية وجه ربهم الكريم تبارك وتعالى كما تُرى الشمسُ في الظهيرة والقمرُ ليلة البدر، ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَة * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَة﴾ عَنْ صُهَيْبٍ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ قَالَ: يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: تُرِيدُونَ شَيْئًا أَزِيدُكُمْ فَيَقُولُونَ أَلَمْ تُبَيِّضْ وُجُوهَنَا أَلَمْ تُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ وَتُنَجِّنَا مِنْ النَّارِ قَالَ فَيَكْشِفُ الْحِجَابَ فَمَا أُعْطُوا شَيْئًا أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنْ النَّظَرِ إِلَى رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ وهي الزيادة ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ ( لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ ).
اللهمَّ إنَّا نسألك لذَّةَ النظرِ إلى وجهك الكريم، والشوق إلى لقائك في غير ضرَّاء مضرة ولا فتنة مضلَّة.. اللهم وزينا بزينة الإيمان واجعلنا هداة مهتدين.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ؛ ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم ؛ أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمدُ للهِ ربِّ العَالَمِين, وَالعَاقِبةُ للمُتّقِين, وَلا عُدوانَ إِلا عَلَى الظَّالِمين, وَأَشهدُ أنْ لا إِلهَ إِلا اللهُ وَحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ, وَأَشهدُ أَنَّ نبينا مُحَمّداً عَبدُهُ وَرَسُولُهُ, صَلَى اللهُ عَليْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلّمَ تَسلِيماً كَثِيراً.
أما بعد فأيها المسلمون: اتقوا الله عباد الله ثم اعلم رحمكم الله أننا في زمن الحرث والعمل، والإحسان قبل الفوات ودنوا الأجل ، وإنما الدنيا صبر ساعة ثم إلى الله المنقلب، فأَرُوا الله من أَنفسِكُم خيرا في هذا الشهر الكريم، (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) ، هَلُمُّوا إلى الجنَّة والرضوان، وكونوا ممن وصف الرحمن: (كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ * وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ).وإنَّ في الجنة غرفًا يُرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها، أعدَّها الله لمن أطاب الكلام، وأطعم الطعام، وصلَّى بالليل والناس نيام.
أيها المؤمنون الموحدون.. ها هو شهر رمضان موسم التوبة والإنابة، وموطن الدعاء والإجابة، شهر الصلاة والصيام والصدقة، تزودوا فيه من الصالحات واستكثروا من الحسنات ليُقال لكم غدًا في الدار الآخرة (كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ).
قدِّموا لأنفسكم خيراً، فإن من الناسِ الفقراءُ والمساكين، وأصحابُ الديونِ العاجزين والغارمين، واليتامى والأيامى، ومن غيَّبَتهُم السجون وأُسَرِهم في حال يرثى لها ، يتكففونَ العيش ، ويتعففونَ عن المسألة ، وهم في أمسِ الحاجة إلى صدقاتكم وزكواتكم فالتمسوهم ومدوا لهم يدَ العون والمساعدة تقبل الله منا ومنكم. (فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى). فاللهمَّ اجعلنا من أهل الجنَّة العاملين لها ، الفائزين بمرضاتك يا أرحم الراحمين.
هذا وصلُّوا وسلموا من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه فقال قولاً كريماً...
المشاهدات 1848 | التعليقات 2

جزاك ربي الفردوس الأعلى


جزاك الله خيرا