شهر الجود
خالد الكناني
شهر الجود
الحمد لله ربّ العالمين أن بلغنا شهر رمضان ، شهر الجود والبر والإحسان ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، ولا نعبدُ إلا إيَّاه مخلصين له الدين ، وأشهد أنّ محمداً عبده ورسوله أجود الناس أجمعين صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسانٍ إلى يوم الدين وسلَّمَ تسليماً كثيراً . أما بعدُ :
أيها الناس : اتقوا الله تعالى حق التقوى .....قال تعالى : ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ))
عباد الله : رمضان موسم مبارك يبعث في النفس المؤمنة الإحسان والبذل والجود ، ولذلك نجد أن بعضا من المسلمين يجعله موسما لحول زكاة ماله يخرجه فيه . عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ، وَمَرَدَةُ الجِنِّ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ، وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الجَنَّةِ، فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ، وَيُنَادِي مُنَادٍ: يَا بَاغِيَ الخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ، وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَةٍ.
أيها المسلمون : الزكاة ركن من أركان الإسلام ومبانيه العظام
قال تعالى : ((وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ))
وعَنِ ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " بُنِيَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ ))
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ مُعَاذًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى اليَمَنِ، فَقَالَ: «ادْعُهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ، فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدِ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ، فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً فِي أَمْوَالِهِمْ تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ»
والزكاة تجب على المسلم إذا ملك مالا ملكا تاما وحال عليه الحول وبلغ النصاب ، وهي تطهير لصاحبها من الذنوب والمعاصي ، وتطهير نفس المزكي من البخل والشح والأخلاق الذميمة .
قال تعالى : ((خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ))
،{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} وهي الزكاة المفروضة، {تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} أي: تطهرهم من الذنوب والأخلاق الرذيلة.
{وَتُزَكِّيهِمْ} أي: تنميهم، وتزيد في أخلاقهم الحسنة، وأعمالهم الصالحة، وتزيد في ثوابهم الدنيوي والأخروي، وتنمي أمواله .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ ... ))
كما أن الشارع الحكيم حدد الأصناف التي تجب فيها الزكاة وهي : بهيمة الأنعام من الإبل والبقر والغنم ، والخارج من الأرض من الحبوب والثمار ، وعروض التجارة ، والنقدين الذهب والفضة وما يقوم مقامهما في عصرنا الحاضر من الأوراق النقدية .
ثم اعلموا عباد الله أن الله تعالى عيَّنَ مصارف الزكاة وهي في قوله تعالى : ((إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ )) .... إن على أصحاب الأموال حين صرف الزكاة المفروضة أن يبذلوا وسعهم أن تصل إلى أصحابها الذين حددهم الإسلام .
وعليكم أيضا أن تتلمسوا لصدقاتكم التطوعية أشد المسلمين حاجة وضرورة من الاقارب والمتعففين وأصحاب الحاجة والعوز والمعسرين وأصحاب الديون وكل من تتوسمون حاجته وعوزه ، واحرصوا في تبرعاتكم عبر المنصات الرسمية المصرح لها بجمع الزكاة والتبرعات وإيصالها إلى مستحقيها كمنصة ( إحسان ) ومنصة( فُرجت ) ومنصة ( جود للإسكان ) (وزكاتي )وغيرها مما يكون تحت إشراف الجهات الرسمية .داخل الوطن الحبيب المملكة العربية السعودية ممن تستقبل تلك الصدقات ، أو من تعرف أنت من مستحقيها وممن هو ثقة في إيصالها وتوصيلها إلى الأصناف التي حددها الشارع الحكيم .
أقول ما تسمعون واستغفر الله العظيم
الحمدُ لله على إحسانهِ والشكر له على توفيقه وامتنانه ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وإخوانه .
أيها المسلمون : اتقوا الله تعالى واعلموا أن شهر رمضان شهر البر والإحسان وشهر المواساة والرحمة وشهر الإنفاق والصدقة والبذل والعطاء والجود ، وكان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم الجود وفي رمضان يتضاعف ويكثر ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ القُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدُ بِالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ ))
أيها المسلمون الصائمون : جودوا بأموالكم وتلمسوا المحتاجين والفقراء ممن حولكم ، وأطعموا الطعام واختاروا أجوده ، لتنالوا رضا ربكم وتدخلوا جنته بسلام
قَالَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَفْشُوا السَّلَامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصِلُوا الْأَرْحَامَ، وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ، وَالنَّاسُ نِيَامٌ، تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ ))
تلمسوا الصائمين المحتاجين لتنالوا مثل أجورهم
عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الجُهَنِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ لاَ يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا.
جودوا بالمال وجودوا بالطعام وجودا بأخلاقكم ، لعله ينالكم من جوده سبحانه وتعالى على عباده في هذا الشهر ، قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ، وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَةٍ )) رواه الترمذي وصححه الألباني
هذا وصلوا عباد الله على من أمركم الله تعالى بالصلاة والسلام عليه ، قال تعالى : ((إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ))
المرفقات
1710455449_شهر الجود.pdf