شهر التوبة

المهذب المهذب
1437/09/05 - 2016/06/10 01:40AM
شهر التوبة 5/9/1437
الخطبة الأولى:
الْحَمْدُ لِلهِ الرَّحِيمِ الرَّحْمَنِ، الْكَرِيمِ المَنَّانِ، نَحْمَدُهُ حَمْدًا كَثِيرًا، وَنَشْكُرُهُ شُكْرًا مَزِيدًا؛ هَدَانَا لِلْإِيمَانِ، وَأَعْطَانَا الْقُرْآنَ، وَبَلَّغَنَا رَمَضَانَ، وَجَعَلَنَا مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ وَالْقِيَامِ؛ فَكَمْ مِنْ أُنَاسٍ مَاتُوا فَلَمْ يُدْرِكُوهُ! وَكَمْ مِنْ أَحْيَاءٍ أَدْرَكُوهُ فَلَمْ يَصُومُوهُ! وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ عَظِيمٌ بِذَاتِهِ وَأَسْمَائِهِ وَأَوْصَافِهِ، حَكِيمٌ فِي شَرَائِعِهِ وَأَحْكَامِهِ، لَطِيفٌ فِي أَقْدَارِهِ وَأَفْعَالِهِ، يَغْفِرُ الذَّنْبَ الْعَظِيمَ، وَيَجْزِي الْكَثِيرَ عَلَى الْقَلِيلِ، وَهُوَ الْغَفُورُ الشَّكُورُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ خَيْرُ مَنْ دَانَ بِالْإِسْلَامِ، وَأَفْضَلُ مَنْ صَامَ وَقَامَ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَأَنْزِلُوا الشَّهْرَ الْكَرِيمَ مَنْزِلَتَهُ، وَارْعَوْا لَهُ حُرْمَتَهُ، وَنَوِّعُوا فِيهِ الطَّاعَاتِ، وَنَافِسُوا فِي الْخَيْرَاتِ، وَتَسَابَقُوا إِلَى الصُّفُوفِ الْأُوَلِ مِنَ المَسَاجِدِ، وَلَا تُفَارِقْ أَيْدِيَكُمُ المَصَاحِفُ، فَمَا هُوَ إِلَّا أَيَّامٌ مَعْدُودَةٌ كَمَا ذَكَرَ اللهُ تَعَالَى، ثُمَّ يَنْقَضِي كَمَا انْقَضَى غَيْرُهُ مِنَ الشُّهُورِ وَالْأَعْوَامِ، وَلَا يَدْرِي مُؤْمِنٌ أَيُدْرِكُ رَمَضَانَ الْقَابِلَ أَمْ لَا، فَاجْعَلُوا رَمَضَانَكُمْ هَذَا كَأَنَّهُ آخِرُ رَمَضَانٍ لَكُمْ، وَأَرُوا اللهَ تَعَالَى مِنْ أَنْفُسِكُمْ خَيْرًا تَجِدُوا خَيْرًا {فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ}.
أيها الصائمون القائمون: بادروا بالتوبةِ الصادقةِ قبل أن يُغلق الباب ويسدلَ الحجاب: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} الواقفُ بغير بابِ الله عظيمٌ هوانُه، والمؤمِّلُ غيرَ الله خائبةٌ آمالُه، والعاملُ لغير الله ضائعةٌ أعمالُه، الأسباب كلُّها منقطعةٌ إلا أسبابَه، والأبوابُ كلُّها موصَدةٌ إلا أبوابَه، {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ} اللهم اغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا، وما أسررنا وما أعلنا، وما أنت أعلم به منا، أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت.
أيها الصائمون: توبوا إلى ربكم؛ فإنه تعالى يحب التوابين ويحب المتطهرين، واستغفروه من ذنوبكم؛ فإنه خيرُ الغافرين، توبوا إلى ربكم بالإقلاعِ عن الذنب، والندمِ على فعله، والعزمِ على أن لا تعودوا إليه، فهذه هي التوبةُ النصوحُ التي أُمِرْتم بها {يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحاً عسى ربكم أن يكفرَ عنكم سيئاتكم ويدخلَكم جناتٍ تجري من تحتها الأنهار} ليست التوبةُ أن تستغفرَ بلسانك وأنت مصرٌ على معصية الله. وليست التوبةُ أن تقول ذلك وأنت غير نادم على فعل المعصية، ولا أن تقول ذلك وأنت عازم على أن تعود إلى المعصية مرة أخرى، إنه لا توبةَ مع الإصرار، كيف يكون الإنسانُ تائباً من ذنبٍ وهو يصرُّ عليه؟
ليكن الاستغفارُ باللسان موافقاً لاستغفار القلب، مقروناً بصلاح الجوارِحِ {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ}.
يا من عصيت الله فيما مضى، ها هو شهر التوبة، لا تدعه يمرّ بك دون إحداث توبةٍ جديدة، ها هو باب التوبة قد فُتح، فليدخل منه التائبون: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى} من لم يتب في شهر التوبة فمتى سيتوب، ومن لم يندم في شهر رمضان فمتى سيئوب؟ لا بد أن تغيَّرَ من حالك في شهر رمضان، شمِّر عن سواعد الجد والاجتهاد، وقاوم عدوَّك اللدود، إن الشيطان يقعد لك كلَّ مقعد، ويرصد لك كلَّ مرصد، ليوقعَك في الذنوب والخطايا والآثام: {قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ. ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ}، عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ  قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ  يَقُولُ: "إِنَّ إِبْلِيسَ قَالَ لِرَبِّهِ : بِعِزَّتِكَ وَجَلاَلِكَ لاَ أَبْرَحُ أُغْوِي بَنِي آدَمَ مَا دَامَتِ الأَرْوَاحُ فِيهِمْ، فَقَالَ اللَّهُ: فَبِعِزَّتِي وَجَلاَلِي لاَ أَبْرَحُ أَغْفِرُ لَهُمْ مَا اسْتَغْفَرُونِي". نستغفر الله، نستغفر الله، نستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحيَّ القيومَ ونتوب إليه.
معاشر المسلمين: كُتِبَ على ابنِ آدمَ حظُّه من المعاصي والذنوب، مدركٌ ذلك لا محالة، فمستقِلٌ ومستكثر، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا، لَذَهَبَ اللَّهُ بِكُمْ، وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ فَيَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ"، وقال : قال اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: "يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ"، في المسند أنَّ رَجُلًا أَذْنَبَ ذَنْبًا، فَقَالَ: رَبِّ، إِنِّي أَذْنَبْتُ ذَنْبًا فَاغْفِرْهُ. فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: عَبْدِي عَمِلَ ذَنْبًا، فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ، قَدْ غَفَرْتُ لِعَبْدِي. ثُمَّ أَذْنَبَ ذَنْبًا آخَرَ فَقَالَ: رَبِّ، إِنِّي عَمِلْتُ ذَنْبًا فَاغْفِرْهُ. فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: عَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ، قَدْ غَفَرْتُ لِعَبْدِي. ثُمَّ أَذْنَبَ ذَنْبًا آخَرَ فَقَالَ: رَبِّ إِنِّي عَمِلْتُ ذَنْبًا فَاغْفِرْهُ. فَقَالَ: عَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ، أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لِعَبْدِي فَلْيَعْمَلْ مَا شَاءَ". أي: فليعملْ ما شاء؛ فإن اللهَ سيغفرُ له ما دام يستغفر، فأكثروا من التوبةِ والانكسار، والتذللِ والاعتذارِ، بادروا بالتوبة من كل ذنب، توبوا على الفورِ، وإياكم والإصرار {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرْ اللَّهَ يَجِد اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا}.
بادروا رحمكم الله بالتوبة الصادقةِ ما دامت الفرصةُ سانحةً، قبل أن تُؤخذوا، قبل أن تحاسبوا، قبل أن تندموا على ما فرطتم في جنب الله، قبل أن تتمنوا أن تُرَدُّوا إلى الدنيا، قبل أن تقول نفس يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله: "إنّ اللهَ عزَ وجلَ يقبَل توبةَ العبدِ ما لم يُغرْغِر" {وَلَيْسَتْ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمْ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ} أحدِثوا توبَةً لكلّ الذنوب التي وقعت، وتوبوا من المعاصِي ولو تكرَّرت: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} جَاءَ شَابٌّ فَقَامَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ ، فَقَالَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ رَجُلا عَمِلَ الذُّنُوبَ كُلَّهَا، فَلَمْ يَتْرُكْ مِنْهَا شَيْئًا، وَهُوَ فِي ذَلِكَ لَمْ يَتْرُكْ حَاجَةً وَلا دَاجَةً إِلا أَتَاهَا، فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ؟ قَالَ: فَهَلْ أَسْلَمْتَ؟ قَالَ: أَمَّا أَنَا فَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، قَالَ: نَعَمْ, تَفْعَلُ الْخَيْرَاتِ، وَتَتْرُكُ السَّيِّئَاتِ، فَيَجْعَلُهُنَّ اللَّهُ لَكَ خَيْرَاتٍ كُلَّهُنَّ، فَقَالَ الشَابّ: وَغَدَرَاتِي وَفَجَرَاتِي؟ قَالَ: نَعَمْ، قَال: وَغَدَرَاتِي وَفَجَرَاتِي؟ قَالَ:نَعَمْ. قَال: وَغَدَرَاتِي وَفَجَرَاتِي؟ قَالَ:نَعَمْ، يَجْعَلُهُنَّ اللَّهُ لَكَ خَيْرَاتٍ كُلَّهُنَّ. فَوَلَّى الشَّابُّ وَهُوَ يَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ، قال الرواي: فَلَمْ أَزَلْ أَسْمَعُهُ يُكَبِّرُ، حَتَّى تَوَارَى عَنِّي, أَوْ خَفِيَ عَنِّي.
إن التوبةَ واجبةٌ على الفور؛ لا يجوز تأخيرُها ولا التسويفُ بها {ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون} كلما أَخَّرتَ التوبةَ تراكمت ذنوبُك وازدادت آثامُك، "إِنَّ العَبْدَ إِذَا أَخْطَأَ خَطِيئَةً نُكِتَتْ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ، فَإِذَا هُوَ نَزَعَ وَاسْتَغْفَرَ وَتَابَ صُقِلَ قَلْبُهُ، وَإِنْ عَادَ زِيدَ فِيهَا حَتَّى تَعْلُوَ قَلْبَهُ، وَهُوَ الرَّانُ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ {كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}. فلابدَّ من التوبة مباشرةً عن قريب؛ مِنْ ساعةِ ارتكابِ الذنب، بلا تأخيرٍ ولا تسويف{إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليماً حكيما} قالَ الله تَبَارَكَ وتعَالى في الحديث القدسي: "يا ابنَ آدَمَ إِنّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى ما كانَ فِيكَ وَلاَ أُبَالِي. يا ابنَ آدَمَ لَوْ بَلَغَت ذُنُوبُكَ عَنَانَ السّمَاءِ ثُمّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ وَلاَ أُبَالِي".
أقول ما سمعتم، وأستغفر الله لي ولكم.


الخطبة الثانية:
أما بعد : سبحان اللهِ ربِّنا، ما أعظمَه وما أكرمَه وما أحلمَه، ربٌ عظيمٌ كريم، غفورٌ رحيم، "يبسُط يدَه بالليل ليتوبَ مسيءُ النّهارِ، ويبسُط يدَه بالنهار ليتوبَ مسيءُ الليل، حتى تطلعَ الشمسُ من مغربها" {وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ} فتح لعباده بابَ الغفران {فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} يعفو ويصفَح، ويتلطَّف ويسمَح، وبتوبةِ عبدِه يفرَح فرحاً شديداً. يقول عليه الصلاة والسلام: "لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ الْمُؤْمِنِ مِنْ رَجُلٍ فِى أَرْضٍ دَوِيَّةٍ مَهْلَكَةٍ، مَعَهُ رَاحِلَتُهُ عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَنَامَ فَاسْتَيْقَظَ وَقَدْ ذَهَبَتْ، فَطَلَبَهَا حَتَّى أَدْرَكَهُ الْعَطَشُ ثُمَّ قَالَ أَرْجِعُ إِلَى مَكَانِي الَّذِى كُنْتُ فِيهِ فَأَنَامُ حَتَّى أَمُوتَ. فَوَضَعَ رَأْسَهُ عَلَى سَاعِدِهِ لِيَمُوتَ، فَاسْتَيْقَظَ وَعِنْدَهُ رَاحِلَتُهُ وَعَلَيْهَا زَادُهُ وَطَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَاللَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ الْعَبْدِ الْمُؤْمِنِ مِنْ هَذَا بِرَاحِلَتِهِ وَزَادِهِ" "يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ حِينَ يَذْكُرُنِي، إِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلإٍ هُمْ خَيْرٌ مِنْهُمْ، وَإِنْ تَقَرَّبَ مِنِّى شِبْرًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِى أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً" "وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ؛ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ" فاستغفروا اللهَ العظيمَ الكريم، الغفورَ الرحيم، يغفرْ لكم ذنوبَكم، واحذروا يومَ يؤخذُ بالنواصي والأقدام، وتشهدُ عليكم الليالي والأيام {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ}.
هذا وصلوا وسلموا ...
المشاهدات 982 | التعليقات 0