شن حملة ضد فتوى اللجنة الدائمة حول الكاشيرات من قبل العلمانيين؛ فهل من متفاعل؟

في الوقت الذي تتسع فيه هوة الجدل بين الحاثِّين على توظيف المرأة في مهنة الكاشيرة في المتاجر الكبرى والمانعين منها، ومطالبة المانعين للمواطنين بمقاطعة هذه المتاجر لامتهانها بنات المسلمين اللائي تعينهن في تلك الوظائف، أتت فتوى اللجنة الدائمة لتحسم هذا الجدل الدائر، وتضع حدًّا للقيل والقال وتجرؤ البعض وافتئاتهم على شريعة الله -عز وجل-؛ فإلى نص الفتوى:

فتوى رقم (24937) وتاريخ 23/11/1431هـ

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.. وبعد:

فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على ما ورد إلى سماحة المفتي العام من المستفتي ........... والمحال إلى اللجنة من الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء برقم (1467) وتاريخ 18/11/1431هـ وقد سأل المستفتي سؤالاً هذا نصه: (قامت العديد من الشركات والمحلات (هايبر بنده، مرحبا، رد تاج) بتوظيف النساء بوظائف كاشيرات (محاسبات) تحاسب الرجال والنساء باسم العوائل تقابل في اليوم الواحد العشرات من الرجال وتحادثهم وتسلم وتستلم منهم، وكذلك ستحتاج للتدريب والاجتماع والتعامل مع زملائها في العمل ورئيسها؟ ما حكم عمل المرأة في مثل هذه الأعمال؟ وما حكم توظيف الشركات والمحلات للمرأة في هذه الأعمال أفتونا مأجورين).

وبعد دراسة اللجنة للاستفتاء أجابت: لا يجوز للمرأة المسلمة أن تعمل في مكان فيه اختلاط بالرجال، والواجب البعد عن مجامع الرجال والبحث عن عمل مباح لا يعرضها لفتنتها ولا للافتتان بها، وما ذكر في السؤال يعرضها للفتنة ويفتن بها الرجال فهو عمل محرم شرعاً وتوظيف الشركات لها في مثل هذه الأعمال تعاون معها على المحرم فهو محرم أيضاً، ومعلوم أن من يتقي الله جل وعلا بترك ما حرم الله عليه وفعل ما أوجب عليه فإن الله عز وجل ييسر أموره كما قال تعالى (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) وفي الحديث المخرج في مسند أحمد وشعب الإيمان للبيهقي عن رجل من أهل البادية قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إنك لن تدع شيئاً لله عز وجل إلا بدلك الله به ما هو خير لك منه" قال البيهقي رجاله رجال الصحيح ومعلوم أن جهالة الصحابي لا تضر كما نص على ذلك علماء الحديث، وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
المشاهدات 5204 | التعليقات 10

د. العمر يدعو خطباء المساجد لنشر فتوى تحريم عمل النساء "كاشيرات"


رحبت الأوساط الاجتماعية والدعوية بالمملكة العربية السعودية بفتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بتحريم عمل المرأة في الوظائف التي تعرضها للاختلاط بالرجال وتحريم توظيفها من قبل الشركات.


وأثنى الشيخ ناصر العمر على الفتوى، ووجه شكره إلى هيئة كبار العلماء المشرفة على اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، لإصدارهم هذه الفتوى الحاسمة؛ مؤكدا على ضرورة نشرها بين الناس وتوعيتهم في خطب الجمعة ودروس العلم بخطورة مثل هذه الوظائف على المرأة والمجتمع.


وقال الدكتور ناصر العمر في درسه الأسبوعي بمسجد خالد بن الوليد في حي الروضة بالعاصمة الرياض: "الحمد لله أن تأتي هذه الفتوى الحاسمة"، مشيرا إلى أن الصحف ووسائل الإعلام اتهموا من أفتى سابقا بحرمة عمل المرأة في هذه الوظائف بالتعدي، وقالوا :"إن هناك لجنة دائمة للفتوى وهي التي تمثل الدولة ومخولة بالفتوى في هذه الأمور".


وأضاف: "وها هي اللجنة أصدرت فتوى صريحة واضحة لا لبس فيها،، فعملها محرم وتوظيفها محرم، والتعاون في هذا الباب محرم".


وبحسب موقع المسلم قال د.العمر: "سبق أن بينت أن هناك من يريد ويسعى جادا من المنافقين والعلمانيين، لتوظيف النساء بأعمال تختلط فيها بالرجال، وهم يتقدمون في ذلك خطوة خطوة.. والآن أصبح هناك بعض محلات الذهب يريدون أن يوظفوا نساء، وهناك كشافات نساء تقودها امرأة زوجة أحد كبار المسؤولين، بل أحد الوزراء في الدولة، فتتحدث الصحف عن إنشاء كشافات للحج وخدمة الحجيج".


وتابع قائلا: "في الحقيقة هذا مخطط التغريب، وهذا لا يجب أن يقابل بتصرفات عفوية وردود أفعال لا ينظر في نتائجها؛ فهؤلاء وهم أهل باطل يخططون منذ أكثر من 40 سنة، وهؤلاء يبحثون عن فرصة" لتنفيذ المخطط.


وأوضح أنه "في الوقت الذي بدأ الغرب يرجع قليلا عن الاختلاط، بعد أن ظهرت مفاسده.. لا يزال بعض بني جلدتنا في سباق محموم.. يتكلمون الآن عن بطالة المرأة، فهل وظفوا الرجال والفتيان؟ أرقام الشباب الذين لم يجدوا وظائف بمئات الآلاف أوصلها البعض إلى 300 ألف".


والله سبحانه وتعالى يقول: "الرجال قوامون على النساء". فالمرأة لو كانت من أغنى الأغنياء فإن نفقتها على زوجها. وحتى إنها لو كان زوجها فقيرا وهي ثرية لا يجب عليها أن تنفق، فلو أخرجت زكاتها وأعطتها لزوجها فإنه يجوز له أن ينفق على زوجته من هذه الزكاة.


وبين الشيخ العمر أنه "يجب علينا نشر هذه الفتوى بقوة وفي كل مكان، ومنافحة التجار، و بيان خطورة توظيف النساء وأن من يتق الله يجعل له مخرجا".


ونبه أيضا إلى أهمية "خطب الجمعة والدروس وغيرها، في توعية الناس وإعلاء كلمة الحق"، إلى جانب ضرورة "التواصل مع العلماء والاستمرار في التواصل في هذا الشأن".


وأشار إلى ضرورة "تنبيه الأهالي لما يراد ببناتهم" الذين يخرجون للعمل في هذه الوظائف. وشدد على أهمية "عدم التعاون مع المحلات التي توظف النساء والنظر في هذه المصلحة" مبينا أن "المقاطعة كالهجر" وأن "الذي يبيع ويشتري من هذه المحلات التي (توظف النساء) وهو يقدر أن يشتري من غيرها فهو آثم".


وكانت اللجنة الدائمة قد أصدرت فتوى أمس الأحد بحرمة عمل المرأة كاشيرة، لتحسم بذلك جدلا قائما منذ أشهر حول اختلاط المرأة بالرجال في أماكن العمل، وتعد هذه أول فتوى للجنة بعد الجدل الذي أثير حول عمل النساء كاشيرات لتؤكد على الفتاوى السابقة للجنة بحرمة الاختلاط.


يذكر أن مما جاء في نص تحريم عمل المرأة كاشيرة أن عملها هذا: "يعرضها للفتنة ويفتن بها الرجال. فهو عمل محرم شرعا، وتوظيف الشركات لها في مثل هذه الأعمال تعاون معها على المحرم فهو محرم أيضا".


( المرجعية الدينية ) ... والإساءة إليها على رؤوس الأشهاد


عبد الرحمن بن محمد الأنصاري
حين صدر التوجيه السامي الكريم بقصر الفتوى على كبار العلماء ، الذين تلقتهم الأمة بالقبول، لم يفهم الناس من ذلك سوى أنّ المراد منه البُعد عن التخبط في الدين والقول على الله بغير علم ، وحماية الناس من البلبلة التي يمكن أن تنجم عن أية فتوى غير محكومة بضوابط العلم وأصول المعرفة .

وقد أنعم الله علينا في بلادنا المملكة العربية السعودية ، أن جعل لنا مرجعية دينية ، ارتضيناها ووثقنا بها ، مثلما ارتضاها ولاة أمرنا ـ حفظهم الله ـ وآزروها ومنحوها من التأييد والمساندة ، ما يتكافأ مع الأهمية التي تُمثلها تلك المرجعية ، التي يُوقّع أعضاؤها فيما يُصدرون من الأحكام عن رب العالمين بما يتضمنه شرعه .

و احترامنا ، تقديرنا ، وإجلالنا ، لتلك المرجعية الدينية ، لا يجوز بحال من الأحوال ، وتحت أي ظرف من الظروف ، أن يكون دون احترامنا لبقية المرجعيّات ـ ومنها على سبيل المثال ـ مرجعيتنا السياسية ـ التي فوضنا لها أمر السياسة وما يتعلق بشؤونها كافة ومن غير استثناء ....الأمر الذي حتّم علينا وألزمنا ، أن لا نخوض ، لا بالتسفيه ، ولا بالتحقير ، ولا بأي همز ، أو لمز ، أو غمز ،لأي قرار أو موقف سياسي ، يصدر عن مرجعيتنا السياسية .

إنّ الخلل الواضح الذي يعيشه إعلامنا السعودي في هذه الحقبة الزمنية التي نعيشها ، هو أجلى وأوضح ما يكون في ترك الحبل على الغارب لبعض كَتبَةِ الصحف ، حتى ولو تناولوا أموراً جوهرية ، بما يهد ويُقوض أركان ثوابت الدين ...

ف ( الإساءة ) على سبيل المثال إلى أية مرجعية من المرجعيات التي لها احترامها وتقديرها ، هي إساءةٌ على درجة واحدة من السوء والأذى ... بيد أنّ ما نراه رأي العين ونعيشه بكل نواقضه وتناقضاته هو أنّ ( المرجعية ) الوحيدة المستباحة الحمى ، التي بإمكان أي قلم تافه وسخيف أن يتناولها بالإساءة هي مرجعيتنا الدينية ، التي منحها ولي الأمر من الاحترام والتقدير والمكانة ، ما تتساوى فيه مع بقية المرجعيات الأخرى التي لمْ ولنْ يجرؤ أي كاتب أن يحوم حول حماها بما يُسئ إليها ولو بالتلميح الذي هو دون التصريح ...

ومن أراد أن يقف على الحقيقة في ذلك فليتابع ما تكتبه أقلام أولئك الذين أحسّوا بأنهم قد أُعطوا ضَوءاً أخضر ، يسمح لهم أن يقولوا كلّ ما يريدون من الإساءة إلى مرجعيتنا الدينية ، وما يتبعها من العلماء والفقهاء ، والدعاة إلى الله ، ورجال الحِسْبة ، الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر ......

ومن ذلك ما كتبه كاتب جريدة الجزيرة السعودية / محمد بن عبد اللطيف آل الشيخ بتاريخ الثلاثاء 25/11/1431هـ ) مُسَفّهاً هيئة كبار العلماء وفتواها الأخيرة حول عمل المرأة في وظيفة " كاشير " وأوصاف الضعف التي خلعها على تلك الفتوى والعلماء الأجلاء الذين أصدروها ...

ومن الواضح أن المنطلقات التي ينطلق منها هذا الكاتب ( آل الشيخ ) بصفة خاصة ، وبقية الذين تخصصوا في الإساءة إلى مرجعيتنا الدينية بصفة عامة ، هي منطلقات مبنية على جملة من الأسس ، يأتي في مقدمتها ما يستشعرونه من أهمية وقوة الضوء الأخضر المفتوح أمامهم ليسيئوا إلى الدين وأهله ما شاءوا ... وأما المنطلق الآخر ، فيمثل في إحساسهم بتضخم ذواتهم وإحاطتهم بعلم في دين الله لا يعلمه حتى أعضاء هيئة كبار العلماء ...

وأختم بالاستغراب الشديد من عدم المبالاة هذه ، التي نراها رأي العين من وزارة الثقافة والإعلام ، تجاه الإساءات المتكررة ، لمرجعيتنا الدينية ، فيما تكتبه عنها تلك الأقلام الصدئة، وهي ( عدم مبالاة ) ستنطلق من عقالها ، وتستيقظ من سباتها ، لو أنّ قلما من تلك الأقلام الصدئة ، تناول ولو بالتلميح الذي هو دون التصريح ، أية مرجعية أخرى غير المرجعية الدينية ، فعندئذ تتم المحاسبة وتُطبّقُ لوائح القانون والنظام ، على من لا يحترمون القانون والنظام ......

وقديما قال الشاعر في حالات مماثلة :
يُقاد للسِّجْن من سَب الزعيم و من *** سب الإلهَ فإن الناس أحرارُ


عضو بمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر: فتوى تحريم عمل الكاشيرات صحيحة لأن المهنة تخالف معايير العمل الإسلامية

نشر عدد من وسائل الإعلام اليوم إعلان اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء السعودية فتوى تحريم عمل المرأة "كاشيرة"، وجاء فى نص الفتوى، أنه "لا يجوز للمرأة أن تعمل فى مكان فيه اختلاط بالرجال، والواجب البعد عن مجامع الرجال والبحث عن عمل مباح لا يعرضها للفتنة أو للافتتان بها".

وعلق الدكتور يوسف البدرى الداعية الإسلامى قائلا "لكى تعمل المرأة فى أى عمل يجب أن تلتزم بعدد من المعايير، وإذا خالفت شيئا منها يصبح هذا العمل حراما شرعا وهذه المعايير هى: ألا تجلب الفتنة لنفسها ولغيرها، ولا تشارك الرجال فى أى وضع من الأوضاع، وألا تضيع حق الزوج أو الرضيع "الابن"، وأخيرا أن تكون مضطرة لهذا العمل".

ويضيف يوسف البدرى: إذا خالفت المرأة أى معيار من ذلك يعتبر عملها حراما شرعا، كما أن النظر بين الرجال والنساء نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففى رأيى الفتوى صحيحة بكل المقاييس.

أما الشيخ عبد الحميد الأطرش رئيس لجنة الفتوى بالأزهر الأسبق، فقال: يجوز للمرأة أن تخرج للعمل، لكن بشروط معينة، ويجب أن تتأسى أي امرأة بصفات السيدة أسماء بنت أبى بكر، التى كانت متزوجة الزبير بن العوام رضى الله عنه، فكانت تخرج للعمل لكنها كانت تلتزم بمعايير محددة أخلاقية تحافظ على هيئتها أمام الجميع.

وأضاف الشيخ عبد الحميد "يجب على المرأة حين تخرج للعمل ألا تتزين بأى شكل من الأشكال، أو تتحدث مع رجل أثناء العمل، فما عليها غير الالتزام فى عملها فقط".


الشيخ المطلق: فتوى الكاشيرات خرجت بالإجماع
نفى الشيخ الدكتور عبدالله بن محمد المطلق – المستشار بالديوان الملكي عضو هيئة كبار العلماء عضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء - ما نشر في إحدى الصحف الورقية اليوم وما نسبته إليه في كون آلية الفتوى الخاصة بعمل الكاشيرات خرجت بطريقة تباحثه مع زملائه في اللجنة خطياً وتم اعتماد الفتوى قبل رفعها للمفتي العام للمملكة بحسب الآلية المتبعة في نظام اللجنة.

وذكر الشيخ المطلق لـ"سبق" أنه لم يصرح لأحد حول هذه الفتوى، وأن هذا الكلام صدر من شخص لا يعلم بإجراءات الفتوى في اللجنة الدائمة، التي لا تعرض المسألة إلا بموافقة سماحة المفتي، ولا تنعقد اللجنة إلا بحضوره، وتتم كافة المداولات في جميع المسائل بحضور سماحته وتحت إشرافه، وقد خرجت الفتوى المشار إليها بتوقيع جميع أعضاء اللجنة الدائمة ورئيسها, وأوصى معالي الشيخ المطلق الصحفيين بإلتزام تقوى الله والصدق والأمانة وتوخي الدقة فيما ينشر.


المزوِّرون
الشيخ سليمان بن أحمد الدويش

الحمدلله رب العالمين , والصلاة والسلام على نبينا محمد , وعلى آله وصحبه أجمعين , ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .

أما بعد :

فقد اطلعت على ماسطَّره أو تفوَّه به عدد من المزوِّرين للحقائق , المُلبِّسين على الناس , المبتغين للمشاغبة والفوضى , بحجج أوهى من بيت العنكبوت , وبزعم باطل لايمكن أن يُصدِّقه عاقل , حيث زعموا وادَّعوا نصرة حقِّ المرأة , والوقوف إلى جانبها في الحصول على لقمة العيش , مستدلين لذلك بماعليه حال بعض النساء في السابق , وما هو موجود حاليَّا بصورة معلومة , مبررين فيه تشابه تلك الحال مع واقع عمل المرأة " كاشيرة " , ومعلوم أن هذا الجدل الواسع , والاندفاع المفضوح , والتأييد القوي من مثل هؤلاء لايمكن أن يؤخذ ببراءة وعفوية , بل لابد لكل من تثار أمامه هذه الشبهات أن يقف منها موقف المستريب , وألاَّ يمررها إلى نفسه حتى يعرضها على كير السبك , وذلك لأن هؤلاء المزورين يتعاملون مع القضايا بسطحية متناهية من جهة , وبجهل كبير في أمر الشريعة من جهات , وبمقارنات متناقضة من جانب , وبمسلمات يؤمنون بها لا تتوافق مع الشريعة من جوانب آخر , ولهذا فالحاجة إلى فضح تهافتهم , وتعرية جهلهم وتعالمهم , ولكشف تزويرهم ماسَّة , وحتى يعلم المتابع أنهم يصطادون في المياه العكرة , ويتَّبعون المتشابه ليضربوا به المحكم , ويقيسون قياسات فاسدة ليوهموا المتابعين ويشككوهم , أوليلبسوا عليهم دينهم , وهم فوق هذا كله انتقائيون , يأخذون من الأحكام والقرارات ما يرونه داعماً لقضيتهم , أو مايرون فيه مساغاً لتمرير باطلهم , وحتى لا يكون الكلام تنظيرياً فتعالوا بنا إلى هذه الوقفات السريعة , والتي من خلالها سنرى حجم التزوير والمراوغة والانتقائية التي يتعامل بها هؤلاء لاكثَّرهم الله , فإلى الوقفات :

الوقفة الأولى : في رمضان الماضي صدر قرار ملكي يقضي بحصر الفتوى على جهات الإفتاء الرسمية , وجاء في القرار ما نصُّه : " فقد أقامت الدولة ـ بحمد الله ـ منذ تأسس كيانها على قاعدة الإسلام ، مؤسسات شرعية تعنى باختصاصات معلومة لدى الجميع ، وقامت بواجبها نحوها على الوجه الأكمل ، لكن نجد من البعض من يقلل من هذا الدور ، متعدياً على صلاحياتها ، ومتجاوزاً أنظمة الدولة ، ومنهم من نصب نفسه لمناقشتها ، وعرضها على ما يراه ، وهذا ما يتعين أخذه بالحزم ورده لجادة الصواب ، وإفهامه باحترام الدور الكبير الذي تقوم به مؤسساتنا الشرعية ، وعدم الإساءة إليها بتخطي صلاحياتها ، والتشكيك في اضطلاعها بمسؤولياتها ، وهي دعوة مبطنة لإضعاف هيبتها في النفوس ، ومحاولة الارتقاء على حساب سمعتها وسمعة كفاءاتنا الشرعية التي تدير شؤونها ، التي يتعين عليها التنبه لهذا الأمر ، وتفويت الفرصة على كل من تسول له نفسه اختراق سياجها الشرعي والنظامي ، والنيل من رجالها ، وهم حملة الشريعة وحراسها . " , وبعد هذا القرار جاءت تعليقات بعض هؤلاء المزورين على هذا النحو :

1 – في جريدة الجزيرة في عددها رقم 13835 بتأريخ 5 / 9 / 1431هـ كتب البهلواني المتعالم محمد آل الشيخ مانصُّه " قرار خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - بحصر الفتوى في هيئة كبار العلماء، والأجهزة المتفرعة منها ، يحتاج من أجل وضعه موضع التنفيذ إلى آليات تفعيلية ، من شأنها تحقيق الهدف المناط به .

فكل من خرق هذا الحظر وتمرد على هذا القرار، أو تعدى على من أنيطت بهم على وجه التحديد الفتوى ، يجب أن يكون معرضاً للمساءلة ومن ثمَّ العقاب . ولعل ما صرَّح به معالي وزير العدل الشيخ الدكتور محمد العيسى يؤكد أن هذا القرار سيكون له آلية قضائية حازمة لكبح جماح المتمردين على هذا القرار.

يقول معاليه بلغة حاسمة لا تقبل التأويل : ( كل من يتجاوز ترتيبه - أي القرار - سيعرض نفسه للمحاسبة والجزاء الشرعي الرادع، كائناً من كان ) . وهذا يعني أن الأجهزة التنفيذية الحكومية ستتولى المتابعة والمراقبة ومن ثم محاسبة كل من تسول له نفسه أن ( يتمرد ) على هذا القرار. وهناك - وبالذات من التيار الحركي - من يتحصّنون ببعض فتاوى طلبة العلم في ممارساتهم الحركية ؛ بل إن كثيراً من الفتاوى ، وكذلك البيانات ، التي يُصدرها بعض المنتسبين إلى العلم الشرعي ، كانت بمثابة الغطاء الشرعي ( التكتيكي ) للعمل الحركي المعارض ، وإن ظهرت في صورة الاحتساب أو النصيحة أو غيرها من الذرائع الشرعية لذر الرماد في العيون . هذا القرار - بلا شك - سيجعلهم يفقدون قدرتهم على الحركة ، وتجييش البسطاء سواء من خلال الفتاوى ، أو البيانات الجماعية ، أو ( دكاكين ) القنوات الفضائية التي تزعم أنها إسلامية ، أو الدروس والمحاضرات والخطب في المساجد ، التي تمارس العمل السياسي الحركي متذرعة بالدعوة أو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، أو بإرشاد الناس إلى مقتضيات ما يأمرهم به دينهم من خلال الفتوى . ومن واقع رصدي ومتابعتي لما يجري على الساحة أتوقع أن يلجأ ( الحركيون ) بعد هذا القرار إلى بعض من خولوا رسمياً بهذه المهام الشرعية في محاولة ( لاستحلاب ) بعض الفتاوى لأغراض محض حركية. فهناك سوابق لجأ فيها الحركيون إلى بعض كبار العلماء ، وتقدموا إليهم بأسئلة ( ملغومة ) ، جرى تصميمها بعناية لاستحلاب فتوى معينة لأغراض حركية ، ووقع البعض منهم - للأسف - في ( الفخ ) الذي نُصبَ لهم . ولقطع الطريق على هؤلاء لا بد أن ( يمتنع ) من سيكون لهم دون غيرهم صلاحية الفتوى من ( الفتاوى على الهواء ) التلفزيونية الآنية . مثل هذه الفتاوى يكون فيها المفتي مُعرضاً للوقوع في الخطأ ، وعدم تقدير مآلات فتواه كما ينبغي ، بينما أن الفتوى المكتوبة ، أو المحررة ، تمنح المفتي الفرصة كاملة لأن يتأمل فتواه برويّة ، ويؤصلها ، ويستشرف مآلاتها، ويضبط مصطلحاتها ، ويستشير غيره من أهل التخصصات الجزئية الدقيقة إن لزم الأمر؛ فلا تخرج الفتوى إلى العلن إلا بعد استيفاء الشروط الشرعية والموضوعية على أكمل وجه ، مما يفوت الفرصة على من يريد أن يوظف من خولوا بالفتوى لخدمة غاياتهم الحركية. "

2 – في جريدة الرياض وفي عددها رقم 15391 بتأريخ 4/9/1431هـ , كتب رئيس تحريرها تركي السديري , الذي يوصف بأنه أطول رؤساء التحرير عمراً , وأكثرهم تشبُّثاً بالمنصب , وزادوا في ألقابه أخيراً بأنه صاحب أطول محاولة استقالة , وهو الذي أشيع عنه من قبل بعض المغرضين , بأنه ينوي الاستقالة قريباً والعياذ بالله , وهي إشاعة إن صحَّت فأعتقد أنه كتب تحتها بالحبر السري " بالمشمش " أو " إلى أن يزول الأعجل منَّا نفسي أو الكرسي " , كتب ما نصُّه : " الأمر الملكي الرائع هو جزء يتواصل مع مهمات البناء العلمي التي يقودها الملك عبدالله لتنوير ثقافة الإسلام عبر الفتاوى بواسطة جهات مسؤولة حددها القرار وبمستويات وعي متمكنة..

3 – في صحيفة سبق الإليكترونية وبتأريخ 17/ 8 / 2010م نُشِر مانصُّه : " وحول سؤال " سبق " عن التوجيه الملكي الأخير بقصر الفتاوى على هيئة كبار العلماء، وهل سيقضي على فوضى الفتاوى قال آل زلفة : " على الحكومة أن تكون صارمة في تطبيق هذه التوجيهات على من ينعق بصوته في مسجد ومن يفتي على مزاجه ؛ فهذا مجرد موظف يتبع لوزارة الشؤون الإسلامية , ويستلم راتباً ؛ فلا بد أن يُفصل من وظيفته ويُشهّر به ويجازى ؛ لأنه موظف , وإذا علم أنه سوف يحرم من عمله وراتبه فسوف يلزم حدوده " . وطالب آل زلفة كبار العلماء – أيضا – بأن يغيروا مواقفهم تجاه كثير من القضايا , وأن يعيدوا النظر في الكثير من الفتاوى ؛ لكي لا تكون حجة لغيرهم , وألا يصدروا أي فتوى إلا بعد التأكد من كل شيء حولها, وتكون مكتوبةً وممحصة ؛ لينظر فيها صاحب العلم وأصحاب الاختصاص , ولكن إذا استمررنا على ما نحن عليه فسوف تخلق بلبلة في المجتمع , وأنا ادعو كبار العلماء من خلال صحيفة " سبق " إلى أن يعيدوا النظر والقراءة في كثير من الفتاوى , التي صدرت في سنوات مضت , وأن يعلنوا للناس الحقيقة لكي لا تُتَّخذ تلك الفتاوى ذرائع , يتذرع بها أصحاب الأهواء و"الحركيون" و"الطالبانيون" , و"القاعديون". " .

قلت : هؤلاء المزورون الثلاثة , وغيرهم ممن أعرضت عنهم , يضعهم بين خياري التملق والنفاق , أو الكتابة بلاوعي ولا إدراك , لأن قرار الملك , الذي ورد فيه التحذير الشديد من الاجتراء على هيبة الجهات الشرعية , إن كان في نظرهم قراراً صائباً وحكيماً , فلماذا امتهنوه وخالفوه ؟ , وإن كان محلَّ تردد وريبة فلماذا باركوه وهللوا له ؟ .

إن من يقرأ جرأة هؤلاء وغيرهم على رموز الإفتاء , ويرى ماصدر من هؤلاء المزورين من عبارات يندى لها الجبين , ولايحتملها أهل المروءات , وهي بحقٍّ لاتقال لبعض جهلة العامة , فضلاً أن يوصف بها علماء أجلاَّء , ليدرك بما لايدع مجالاً للشك أنهم قد رأوا في أنفسهم سلطة أعلى من سلطة الملك , أو أنهم قد أُعفوا , أو أَعفوا أنفسهم من تبعات ذلك القرار , وإلا فكيف ينصُّ القرار على ما رأينا , ثم يتطاول هؤلاء الأقزام بمثل هذه التفاهات والحماقات , التي سطرتها أقلامهم عقيب صدور فتوى اللجنة الدائمة للإفتاء !! .

علماً أنه قد سبق للبهلواني آل الشيخ أن كتب مقالاً بعنوان " آلية ضبط الفتوى " , ونشر في جريدة الجزيرة بتأريخ 26/9/1431هـ في عددها رقم 13856 , وقد استنكر فيه على من يزعم عدم تقيده بقرار الملك , ولست أدري ما هو مبرره في امتهان قرار الملك , وعلى أي أساس هاجم الجهة الإفتائية المخولة ؟ .

ثم أين هو دور وزارة الثقافة والإعلام , وهي التي نشطت في الحجب والملاحقة , وصارت تخبط خبط عشواء , أليست ترى فيما سطره المزورون مخالفة لقرار الملك ؟, وهل ستحجب جريدة الجزيرة والرياض وغيرها لتطاولها على مؤسسات الإفتاء الرسمية , أم إن الملاحقة خاصة بمن ؟ , وهل ستتولى وزارة العدل هي الأخرى ملاحقة هؤلاء قضائياً حسب تهديدها المنشور في حينه ؟.

الوقفة الثانية : في بعض مانقلته عن هؤلاء المزورين حرصهم على أن تكون الفتوى الصادرة محررة , وذلك ليتمَّ البتُّ فيها بعد تروٍ وتؤدة , وهم وإن كان مقصدهم غير ذلك , إلا أننا وتنزلاً معهم , وفي حال إحسان الظن بهم وتصديقهم في دعواهم , نقول : هاهي فتوى اللجنة صدرت محررة , وبعد أن اتخذت كلَّ مجرياتها النظامية والرسمية , فلماذا كانت في نظر بعضكم ضعيفة ؟, ولاتستند إلى رؤية وإلمام , وأن موقعيها لديهم رغبة مبيَّتة للتحريم , وينتصرون للعادات , ويفتقدون التأصيل الشرعي , ولايعنيهم أمر أرزاق الناس , فهل هذه التهم حقيقية في حق هؤلاء العلماء ؟ , أم هي دعوة لهم بألاَّ يفتوا إلا بمايمليه عليهم جنود الشيطان في الصحافة ؟ , وإذا كان هذا الهجوم الصارخ على أعلى جهة شرعية في البلد فهذا يعني أننا أمام كارثة لاحدود لها , ولهذا فلا لوم على من أضحى شيخ نفسه , وانطلق حاملاً لسلاحه , يفجِّر هنا , ويقتل هناك , ويكفِّرهذا , ويلعن ذاك , وذلك لأن أعلى مرجعية علمية لدينا ينظرإليها في إعلامنا بهذه الدونيَّة والابتذال والسذاجة , وهي إن أخفقت في مثل هذه القضايا اليسيرة فمن باب أولى أن تخفق فيما هو أكبر وأعظم .

الوقفة الثالثة : يحاول هؤلاء المزورون جعل القضية بين خيارين اثنين , فإما أن تعمل المرأة كاشيرة , أو أنها ستقع حتما في خيار الجريمة , وهو ربط عجيب , وأعجب منه غيرتهم على المرأة , وهم من يدعوها للاختلاط , والمسرح , والسينما , والغناء , والقيادة , والسفر بلامحرم , ونزع الحجاب , والدراسة في الخارج , وترك العمل بالنصوص بحجة الخلاف , وغير ذلك مما يصعب حصره .

إن هؤلاء لايمكن أن يُعمِلوا تفكيرهم الجاد في هذه القضية تحديداً , بل إن سلوكياتهم تأبى عليهم وقد تهللت أساريرهم بتلك الخطوة المنكرة , والتي بادرت اللجنة مشكورة بوأدها , لما تنطوي عليه من مخاطر لاحدود لها , وإلا فكان من الواجب عليهم أن يطالبوا بحفظ حقِّ المرأة , وتعدم تعريضها للامتهان والإذلال , وذلك من خلال سدِّ حاجتها من نفقة الدولة , وهو خيار لامنَّة فيه من أحد , بل هو واجب تمليه أمانة المسؤولية الملقاة على الحاكم , لأن من ثبتت حاجتها , وثبت ألاَّ عائل لها فإنها والحالة تلك في ذمة الحاكم , وهو مطالب بأن يعمل بما تبرأ به ذمته , وإذا ثبت أن المصارف المخصصة كالضمان ونحوه لاتقوم بمنح المستحقين قدر الكفاية , أو أنها لاتغطي كل المستحقين , فمن الواجب والحالة هذه دعم الضمان بما يكفي , وزيادة طاقته الاستيعابية , وعمل الاستثمارات الدَّارَّة عليه , بما يضمن استمراريته بحول الله , مع مراعاة ظروف غلاء المعيشة , وتعدد سبل النفقات الضرورية , وكل مايجب مراعاته في هذه الأحوال , مع التأكيد أن هذا واجب شرعي , وليس تكرمة من أحدٍ , أو هبة يُدلى بها على المحتاج , وإنما جعل الحاكم أميناً على المال , وقاسم له , والمحتاجون هنا أولى بالدعم والرعاية من كثير من المشروعات المبالغ في تكلفتها , أو المشاريع التي أعلن عنها ولم نرها , بل هم أولى بالدعم من كثير ممن دعمتهم الدولة وهم على غير ملتنا , أو يخالفوننا في كثير من ثوابت وأسس عقيدتنا .

إن هؤلاء المزورين لو كانوا حريصين على تبني قضية المرأة , وأنهم يخشون عليها من الفساد ونحوه , لكان لهم سعي فيما أهمُّ من ذلك وأولى , كإنشاء أسواق نسائية منعزلة , ومستشفيات خاصة بالنساء , وجامعات تطبيقية نسائية , ومعلوم أن هذه المرافق ستتيح آلاف الوظائف النسائية , وفيها من الأمان والصيانة والعفة مالايحتاج إلى تدليل , ولكنهم من أوائل من يعارض ذلك ويرفضه , وذلك لما تفوته تلك المرافق عليهم من سعي في الفتنة بين الناس .

الوقفة الرابعة : يزعم هؤلاء وجود التشابه بين البائعات على الأرصفة وبين موظفات العمل , وهذا من التلبيس والجهل بواقع الحال , لأن من يشاهد تلك البائعات فعامَّتهن من القواعد من النساء , هذا من جهة , ومن جهة أخرى فهن يعملن لأنفسهن , وهذا مما لايحتاج معه احتكاك واجتماع واختلاط , كالذي يقع حتماً في عمل موظفات الشركات , وذلك لماتتطلبه ضرورة العمل , من المحاسبة , والجرد , والتوجيه , وتبيلغ التعليمات , ونحو هذا مما جرت العادة لفعله , وهو مما لايوجد أصلاً عند البائعات لأنفسهن .

ثم إنه من واقع تجربة ومعايشة فإن غالب من يفد إلى النساء البائعات نساء مثلهن , وأما الرجال فهم قلة , وهو بيع وشراء فيه كثير من الحشمة , وما وقع ويقع فيه من مخالفات فهي تحت السيطرة غالباً , وأما عمل الكاشيرة فهو مما تختلف فيه الأيدي , وتكثر فيه المماسَّة , وهو مما تصعب السيطرة عليه ومراقبته , علاوة على أن تلك الأسواق مما غالب روَّادها من الرجال , والمرأة لو احتاجت للحضور لوحدها فيمكن أن تختار ماتشاء من حاجاتها , وهي مخدومة عند المحاسبة بالعمالة , فلا تحتاج والحالة هذه إلى جعل امرأة متخصصة للتعامل معها , إن كانت تلك الذريعة ستفتح شروراً على نساء أخريات .

الوقفة الخامسة : يبرر هؤلاء ضعف علة التحريم لعمل الكاشيرة بوجود حالات أبلغ في الفتنة ولم يصدر فيها رأي , وهذا من التلفيق والكذب , بل هو غاية الجهل , وهو مايسمى الجهل المركَّب , وهو كقياس إبليس , لأن استدلالهم على جواز المحرم بمحرم أشدَّ منه دليل سقوط شبهتهم , وهم بهذا التحايل يريدون إيهام الناس أن عمل المرأة ممرضة تختلط بالرجال , أو تختلي بهم , أو تتكشَّفهم مع عدم الحاجة لذلك , أنه عمل جائز , وأنه لم يصدر فيه شيء من أهل العلم , وهذا كذب حيث تظافرت فتاوى أهل العلم في التحذير من هذه المنكرات , والمطالبة بوضع حدٍّ لها , وأن السكوت عنها يفضي إلى سوء وفتنة , وهو مانراه واقعاً محسوساً , وهذا لايعني بالضرورة اتهام كل عاملة في هذا المجال بالسوء , لكنه تأكيد على خطورة هذه الأعمال , وأن من عصمها الله من السوء ليست دليلاً على الجواز والحل , كما إن فيه فضح لمنهج فاسد , يتمثل في تهوين المنكرات لتأصيلها , ولجعل الواقع وإن كان مخالفاً للشرع حاكماً على الشرع نفسه , وهذا سببه وللأسف سكوت كثير من أهل الخير , وطلبة العلم , عن المبادرة بإنكار المنكر , أو عدم استشعار أن بعض المنكرات وإن ظهرت هزيلة لاأثر لها فيما بعد , لذا فالواجب على حملة العلم أن يبادروا بالأمر والنهي , وأن يحتسبوا على أهل المنكرات بكل ما أوتوا , وأن يبينوا للناس مايجب عليهم , حتى لايأتي أمثال هؤلاء المزورين فييلبسوا عليهم دينهم , ويصدوهم عن الهدى بعد إذْ عرفوه .

الوقفة السادسة : يتضح في بعض مانقلته عن المزورين اتفاقهم على إقحام من يسمونهم بـ " الحركيين " , وقد صرَّح آل زلفة بقوله في نفس المصدر : " هؤلاء يحملون أفكار حركة طالبان الأفغانية , التي اتخذت أول قرار لها بمنع الفتيات من الدراسة ومن العمل " , ويشير به إلى من عارض عمل المرأة كاشيرة , كما وصفهم بقوله : " هؤلاء مخطئون , لا يعرفون مجتمعهم , وهم من معاول تهديد بنية المجتمع , ويريدون أن يخربوا وضعه " , وفي هذا دليل واضح إلى أنهم حين يتحدثون عن أعداء المجتمع , أو عمَّن يسمونهم بـ " الحركيين , الطالبانيين , القاعديين , " , أو غير ذلك من التصنيفات التي يراد منها التحريش والشوشرة , فإنما يقصدون بها حتى أكابر علماء هذه البلاد , أو يريدون الوصول إلى إقناع الناس أن العلماء يدورون في فلك تلك الفئات , وأن ما يصدر عنهم من فتاوى لايمكن أن تخرج إلا عن تأثير من الحركيين , وأنها ليست مبنية على مراعاة الأصول الشرعية , أو ماتقتضيه المصلحة العامة , وهذا غاية الخسة واللؤم , وهو فوق مافيه من تجريد للعلماء من الخلفية العلمية , فيه اتهام لهم بالتغفيل والبلاهة , وأنهم أدوات يُعبث بها , وتدار حسب الأهواء .

الوقفة السابعة : مما لاشك فيه أن العصمة ليست إلا لمن عصمه الله , وأن أهل العلم يجتهدون ويتحرون الصواب , وأنهم غير معصومين , ولكن هذا لايعني أن الردَّ عليهم موكول لمن هبَّ ودبَّ , والمتردية والنطيحة , ولو أن الرادَّ عليهم ممن عرف بعلمه وفهمه لكان في الأمر مندوحة , مع مطالبته بلزوم الأدب , ومعرفة حقِّ أهل الفضل , أما وقد جاء الردُّ من جهلة متطفلون , فإن هذا يحتاج منا إلى ردعهم وزجرهم , ويُحتم على الساسة الأخذ على أيديهم , لأنه لا يُتَصوَّر أن تفاخر الدولة بالعلماء , وتعلن أن أمر إفتاء الناس في قضاياهم العامة موكول لهم دون غيرهم , وتهدد من يتجرأ على مقامهم بالويل والثبور , ثم تترك من لاتتجاوز ثقافته مدرجات الكرة , أو سلاطة اللسان , أو الغطرسة والعجرفة كتركي السديري , أو البهلواني محمد آل الشيخ , الذي يحشر أنفه في كل شيء , وهو أجهل من حمار أهله كما يقال , ويرى نفسه العالم في أمر الشريعة , والخبير في شؤون السياسة , والداهية في فن الاقتصاد , والعبقري في قضايا البيئة , والموسوعة في أحوال الأمم والجماعات , والمحلل النادر , والناقد الذي لايُشَقُّ له غبار , والخنفشاري الذي بزَّ أقرانه , وهو في كل هذه الأحوال لايخرج للإعلام إلا بمقالات مكتوبة , الله أعلم كيف ومتى وأين سطَّرها , وقد زخرفها بكثرة الأقواس , حتى ليخال لك أن بعض مايكتبه دعاية لحليب أبو قوس , وهو الذي قد منعه العيُّ عن البروز مشافهة ليراه الناس , وينهلوا من معين علمه !! , ويقال إنه لم يخرج إلا مرَّة واحدة , وكان فيها متلعثماً متبعثراً لخلوِّه من المكاييج والمحسِّنات , ولكونه جاء بطبيعته الزائفة , هذا إن سلم من العُقَد النفسية , بسبب بعض التقلبات والظروف التي مرَّت به في حياته , ولم تغلب عليه نزعة الحسد , كونه ممن أخفق في اللحاق بأبناء عمه , وقد سبقوه بالتحصيل العلمي , والمكانة الاجتماعية والوظيفية , في حين اتُخِذ هو دمية يحركها بعض من أجادوا فنَّ برمجته , مستغلين مكانة أسرته الاجتماعية , ومجاملة بعض ذوي الشأن له لأسباب لم يرعها لأنه كما قيل : النار ماتورِّث إلا رماد , أو أن يتولى تقييم علم العلماء ونتاجهم أضراب هذه العينات , ممن لم تنفكَّ عنه سفاهته رغم شيخوخته , فضلاً عن كونه يرى في تلك السفاهة منقبة له ومزيَّة .

الوقفة الثامنة : وصف هؤلاء المزورين للعلماء بأنهم يحولون دون عمل المرأة , أو أنهم يجهلون واقع المجتمع , أو أنهم يغلبون جانب العادات , هو من التلفيق والتزوير , فالعلماء لايمانعون أن تعمل المرأة , ويرون هذا حقاً مشروعاً لها , لكنهم يحرِّمون عليها كلَّ عمل يتنافى مع ماجبلت عليه , أو يعرِّضها لما فيه خسارة دينها الذي هو أعظم من دنياها , وأما العمل الشريف المصون فلم يقل أحد منهم بحرمانها منه , ولم يحل أحد منهم بينها وبينه , بل هم أول من ينادي بعمل المرأة في أعمال تنفع بنات جنسها , كونها أعرف بطبيعة المرأة من الرجل , وأقرب إلى التأثير عليها , ومراعاة نفسيتها , أما من يريدها للعمل في كل مجال , بحجة حاجتها للعمل , دون مراعاة لاعتبارات أخرى , فهذا إن كان بريئاً من الشُّبَه , فهو في أحسن أحواله جاهل بالواقع , وطبائع النفوس , أما غالب من ينشط لعملها دون اعتبار للقيود والضوابط , فهذا يخفي وراء الأكمة من المكر للمرأة مالو فطنت له لتمنت باطن الأرض دون ظاهرها , وهم وإن قاسموها بالنصيحة , ففي قلوبهم من التربُّص مالا يعلمه إلا الله .

الوقفة التاسعة : يحاول هؤلاء المزورون التقليل من تلك المخاطر التي حذَّر منها العلماء , ويرون أن أعمالاً شاركت فيها المرأة لم تعرضها للسوء بزعمهم , ويستشهدون لذلك ببعض النماذج , رغبة في التشجيع عليها , أو لإضفاء شيء من المحافظة عليها , مع أن غالب تلك المهن التي أشاروا لها , مما لاتسلم فيها المرأة من المضايقة والامتهان , فضلاً عن كونها محرمة شرعاً لما تشتمل عليه من محرمات كثيرة كالاختلاط , والتصوير , والخلوة , والمماسَّة , والتبرج , كما هي الحال في عمل كثير من الإعلاميات , وغيرهن ممن تتعرض في عملها للجمهور والمواجهة .

ومحاولة وصف تلك الأعمال بالآمنة من تكذيب الواقع , حيث ثبت بمالامجال لتكذيبه أن عمليات الابتزاز والتحرش قد بلغت نِسَبَاً عالية , وأصبحت طافية على السطح , مع أنه لا زال هناك تضييق على بعض الوظائف , ولو كان كل مايُعلم يقال , لذكرت من الممارسات والقبائح ما يخرس لسان كل متهوك كذاب , ممن يدعي المحافظة على حقوق المرأة وكرامتها , ولمن شكك في هذا أن يسأل بعض معارفه , ممن ابتلاهم الله بالعمل في شركات أشركت الفتاة في بعض أعمالها , رغبة في زيادة أعداد العملاء لديها , وقد سبق أن نشرت كلاماً لأحد كتاب جريدة الوطن يؤكد صحة هذا , وقد عنونه بـ " بنوكنا تفرض شروط تعيين قاسية تعرِّض المرأة العاملة فيها للتحرش ", والكاتب وإن كان اعترف وصرخ من بعض الحقيقة , فإن مايَخفى في دهاليز تلك المواقع أشدُّ وأنكى , وبهذا يتبين أن العلماء لايحرمون كما يقول ذلك الأهوج لرغبة في التحريم , وإنما يحرمون لتخوفهم على أعراض المسلمين , ممن لايرعى لها حرمة , ولايعرف لها واجب حق .

الوقفة العاشرة : أنا لا أستبعد أن يتقاطر جنود الشيطان كعادتهم للحديث عن هذه الفتوى , وذلك لما سببته لهم من بلبلة وإرباك , حيث بعثرت كثيراً من أوراقهم , ولخبطت معظم حساباتهم , لأنهم كانوا يتمنون أن تتطور تلك الخطوة لأبعد من هذا المدى , بيد أن خروج الفتوى من الجهة الوحيدة المخوَّلة , يعني أن مخالفتها من الجهات التنفيذية امتهان لقرار الملك , لأنه بعدم تنفيذها يصبح ذلك القرار مجرداً من معناه .

ولعلي أكتفي بهذه الوقفات الآن , لأني أرى أن الحديث قد طال , وأسأل الله أن يمنحني فرصة لتكملة ما تبقى من وقفات , وبالله التوفيق .

اللهم عليك بالفجرة المنافقين , والخونة الليبراليين , والرجس العلمانيين .

اللهم اهتك سترهم , وزدهم صغارا وذلا , وأرغم آنافهم , وعجل إتلافهم , واضرب بعضهم ببعض , وسلط عليهم من حيث لايحتسبون .

اللهم اهدِ ضال المسلمين , وعافِ مبتلاهم , وفكَّ أسراهم , وارحم موتاهم , واشفِ مريضهم , وأطعم جائعهم , واحمل حافيهم , واكسُ عاريهم , وانصرمجاهدهم , وردَّ غائبهم , وحقق أمانيهم .

اللهم كن لإخواننا المجاهدين في سبيلك مؤيدا وظهيرا , ومعينا ونصيرا , اللهم سدد رميهم , واربط على قلوبهم , وثبت أقدامهم , وأمكنهم من رقاب عدوهم , وافتح لهم فتحا على فتح , واجعل عدوهم في أعينهم أحقر من الذر , وأخس من البعر , وأوثقه بحبالهم , وأرغم أنفه لهم , واجعله يرهبهم كما ترهب البهائم المفترس من السباع .

اللهم أرنا الحق حقاوارزقنا اتباعه , والباطل باطلا وارزقنا اجتنابه , ولاتجعله ملتبسا علينا فنضل .

اللهم أصلح أحوال المسلمين وردهم إليك ردا جميلا .

اللهم أصلح الراعي والرعية .

اللهم أبرم لهذه الأمة أمرا رشدا , واحفظ عليها دينها , وحماة دينها , وورثة نبيها , واجعل قادتها قدوة للخير , مفاتيح للفضيلة , وارزقهم البطانة الناصحة الصالحة التي تذكرهم إن نسوا , وتعينهم إن تذكروا , واجعلهم آمرين بالمعروف فاعلين له , ناهين عن المنكر مجتنبين له , ياسميع الدعاء .

هذا والله أعلى وأعلم , وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .

المصدر: لجينيات


الشيخ المطلق: قرار الهيئة بتحريم عمل الكاشيرات كان بحضور المفتي

نفى الشيخ الدكتور عبدالله بن محمد المطلق المستشار بالديوان الملكي عضو هيئة كبار العلماء عضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ما نشرته بعض الصحف المحلية وما نسبت إليه حول آلية إصدار الفتوى الخاصة بعمل الكاشيرات، مؤكدًا حضور سماحة مفتي المملكة حال اتخاذ القرار بإصدار فتوى التحريم.
ونفى المطلق أن تكون الفتوى خرجت بطريقة تباحثية خطية مع زملائه في اللجنة، أو أن يكون تم اعتماد الفتوى قبل رفعها للمفتي العام للمملكة.
وذكر فضيلته أنه لم يدلِ بتصريحات لأي من وسائل الإعلام حول هذه الفتوى، وأن هذا الكلام صدر من شخص لا يعلم بإجراءات الفتوى في اللجنة الدائمة.
وأكد أن المسألة لا تُعرض إلا بموافقة سماحة المفتي، ولا تنعقد اللجنة إلا بحضوره، وتتم كافة المداولات في جميع المسائل بحضور سماحته وتحت إشرافه، وقد خرجت الفتوى المشار إليها بتوقيع جميع أعضاء اللجنة الدائمة ورئيسها.
فيما أوصى الشيخ الصحفيين بالتزام تقوى الله والصدق والأمانة وتوخي الدقة فيما ينشر.
وتأتي تصريحات الشيخ المطلق ردًا على ما أشاعته بعض الأقلام المغرضة من أن فتوى تحريم عمل النساء كاشيرات قد اتخذت على عجالة ودون دراسة وافية ودون حضور سماحة مفتي عام المملكة لاجتماع اللجنة الدائمة للإفتاء.


من مقالات العلمانيين تعليقًا على فتوى تحريم عمل الكاشيرة















فوبيا آل زلفة وآل الشيخ من فتوى المرأة الكاشير !

قمراء السبيعي

نَشَرَتْ صحيفة سبق الالكترونية يوم الثلاثاء الموافق: 25/11/1431هـ تصريحاً للدكتور محمد آل زلفة بعنوان : ( فتوى تحريم الكاشيرات ربما تجر بعض النسوة إلى الحرام ) ، وفي ذات اليوم نشرت صحيفة الجزيرة مقالاً للكاتب محمد آل الشيخ بعنوان : (فتوى الكاشيرات ) ، ولم يتوقف الأمر على المذكورين أعلاه ، بل تلته عدد من المقالات في ذات اليوم واليوم الذي يليه ، وجميعها تدور حول ذات الموضوع ، ولعلي ألخص أبرز ما جاء فيهما من تطاول ٍ وانتقاصٍ يعاضده التسطيح الساذج الناتج عن فوبيا فتوى تحريم اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء لعمل المرأة الكاشير، فيما يلي :

- طالب آل زلفة العلماء بأن يقدروا الظروف التي تمر بها المملكة !وبسخرية يضيف : إلا إن كان من يصدرون الفتوى يقسمون البلد إلى قسمين: قسم للنساء, وقسم للرجال, ويجتمعون في مواسم معينة, وبعد ذلك يقولون نحن في مأمن؟ ، وبحسب رأيه فإن هذه الفتوى ستمنع عشرات الآلاف من فرص العمل أمام النساء في السعودية !متسائلاً : ما البديل للمرأة وعملها ؟ ويواصل طرح أسئلته الساذجة بسخرية تمثله ، بقوله : هل نبحث للمرأة السعودية عن بلد خاص بها نسميه بلد المرأة السعودية؟ ويطالب بشكل متناقض بإحسان الظن بالنساء وبالناس! في حين أنه يؤكد : إذا لم نمكن المرأة من عملها ككاشير فلربما تسلك طريقاً محرماً !! ولربما يدفعها ذلك إلى أخطر مما تتوقعون !فأين إحسان الظن الذي يدعو إليه يا ترى ؟!

- يشارك الكاتب محمد آل الشيخ ما أورده آل زلفة من إحسان الظن الذي يحسدان عليه! بقوله : أن التضييق على المرأة، وإقفال الفرص في وجهها قد يضطرها إلى ممارسة الرذيلة طلباً للرزق؟! ، ويسخر بقوله : ما الحلول التي ربما اكتشفها العلماء وخفيت حتى على المتخصصين في مجال عمل المرأة ؟ ! متهماً أخيراً بأنَّ الفتوى في منتهى الضعف ، فهي تفتقر إلى التأصيل الشرعي ، وتنتصر للعادات والتقاليد بوضوح وكأنَّ الموقعين عليها أسقط في أيديهم، ولم يجدوا ما يسند رغبتهم المبيتة في التحريم !! ويختم بأنها غير قابلة للتطبيق ! وهي وسيلة صارخة لقطع الأرزاق !

ولي مع ما سبق ذكره أعلاه عدة وقفات ، لاسيما أني امرأة ، واعلم تماماً حاجات بنات جنسي ، وقضاياهن الحقيقية كقضايا : العضل ، والطلاق ، والحرمان من الإرث ، إضافةً إلى قضايا الأرامل ، وكبيرات السن ، والمعلقات اللاتي يفتقدن المعيل ، وغيرها مما يتعامى عنها بعض من نصبوا أنفسهم أوصياء على المرأة ، وهم أبعد ما يكونون عن ذلك ، فهاهم يحصرون حاجاتها وقضاياها في عملها ككاشير ! وينافحون عن ذلك ، ويندبون الحظ على عدم تفعيله وتطبيقه واقعاً ! بل ويتمادون باتهامهم لعلمائنا بتبييت النية في تحريمه !

الوقفة الأولى : كثيراً ما يتردد على ألسنة بعض المستكتبين بطالة الفتيات دونما الإشارة إلى الشباب ، فالبطالة بمعناها الحقيقي هي ترك الشاب بلا عمل وهو الأحق بالوظيفة لوجوب النفقة عليه بدلاً من انتظار إنفاق نساء أسرته الكاشيرات عليه ! ، ولعلي استشهد بشكل مختصر بلغة الأرقام التي تخاطب العقول لا الأهواء لنرى معدل البطالة التي يئن تحت وطأتها شبابنا ، حيث أوضحت نتائج بحث القوى العاملة الأخير الصادر عن مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات، والذي نشر بتاريخ : 28 يوليو2010م ، أن عدد العاطلين السعوديين عن العمل حتى أغسطس 2009 م ارتفع إلى 448547 عاطلاً مقارنة بـ 416350 عاطل في عام 2008م ، وأعلى نسبة للعاطلين من الذكور هم من الحاصلين على شهادة الثانوية العامة وذلك بنسبة 39.9% ، يليهم الحاصلين على الشهادة المتوسطة بنسبة 17.3%. ، أما فيما يخص الإناث فإن الحاصلات على شهادة البكالوريوس يمثلن أعلى نسبة من بين العاطلات السعوديات حيث بلغت النسبة 78.3% تليهن الحاصلات على شهادة دبلوم ما دون الجامعة بنسبة 12.3% .

ولا يخفى أنَّ قرار عمل المرأة مرهون بحاجتها ، ولم يحرم الإسلام حقها في التعاملات المالية شأنها كشأن الرجل ، وضبط ذلك بضوابط منها : ألا يكون عملها على حساب واجباتها نحو زوجها وولدها ، فعمل المرأة في الأصل هو في بيتها ، والعمل خارجه طارئ ، وألا تختلط بالرجال ولا تزاحمهن ، وقد أخرج أبو داود في سننه من طريق حمزة بن أبي أسيد ، عن أبيه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو خارج من المسجد ، فاختلط الرجال مع النساء في الطريق ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للنساء : " استأخرن فإنه ليس لكن أن تحققن الطريق ، عليكن بحافات الطريق " ، فكانت المرأة تلتصق بالجدار حتى إن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها به . (حقوق المرأة في ضوء السنة النبوية، د.نوال العيد ، 729 -735) ، وعليه أتساءل : لماذا يتم التركيز على وظائف نسائية تفتقد للضوابط الشرعية كوظيفة الكاشير وقبلها الخادمة ! ولماذا نرى من بعض المستكتبين تجاهل معالجة مشكلة بطالة الشباب أو حتى الإشارة إليها ؟!

الوقفة الثانية : لا أعلم سر مقت بعض من يدَّعون نصرة المرأة وقضاياها من عملها في بيتها ، ورعاية شؤون أسرتها ، فعملها المعتبر لديهم هو ما كان خارج منزلها فقط ، وماعدا ذلك فهو بطالة ! وتعطيل لنصف المجتمع ، أين المطالبة بدفع رواتب شهرية من الضمان الاجتماعي للمرأة العاملة في بيتها ، و المحتاجة ، ودعم أبوابه ليصل إلى ما يكفي سد حاجتها في ظل افتقاد المعيل ، فلم نرَ منهم إلا دعوات الزج بها في بيئات تفتقد لتطبيق أنظمة البلد ، وتجاهل القيمة الاقتصادية لذلك ، وفي هذا الشأن ذكر المحلل المالي ريك لمؤسسة ( أدلمان ) المالية : " أن الأم تعمل 24 ساعة مستمرة يومياً ، وعليه تستحق أجر وقت دائم سنوي يساوي أجر سبع عشرة وظيفة مهمة " ( المرجع السابق ، ص 714) ، و أكد التقرير الصادر عن الأمم المتحدة لعام 1985م على القيمة الاقتصادية لعمل المرأة في منزلها بقوله : " لو أنَّ نساء العالم تلقين أجوراً نظير قيامهم بالأعمال المنزلية ، لبلغ ذلك نصف الدخل القومي لكل بلد " ( رسالة إلى حواء ، محمد العويد ، 73 ) .

الوقفة الثالثة : رحب الغيورون والعلماء والوطنيون الحقيقيون بالأمر الملكي ذي الرقم (13876 / ب ) ، وتاريخ : 2 / 9 / 1431هـ المتضمن حصر الفتوى وتوجيه سماحة المفتي بقصرها على أعضاء هيئة كبار العلماء بما هو مشمول في اختيار رئاسة وعضوية هيئة كبار العلماء ، واللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ، ولعل أوائل من أيد ذلك من مستكتبي الصحف كل من آل زلفة وآل الشيخ وغيرهم ممن ظهر وارتقى المنابر الإعلامية عبر مقالاتٍ وتعليقاتٍ عقبت الأمر الملكي مباشرة ولا ضير في ذلك بل هذا ما يُنتظر منهم !، لكننا الآن نجدهم من أوائل من يخالفه ، ويسخر منه ، ويتطاول عليه في ازدواجيةٍ صارخةٍ للمعايير! وانعدامٍ لأمانة الكلمة ! فهل جهلوا أم تجاهلوا ما أكد عليه الأمر الملكي الكريم التالي : " احترام الدور الكبير الذي تقوم به مؤسساتنا الشرعية ، وعدم الإساءة إليها ، والتشكيك في اضطلاعها بمسؤولياتها ، ووصفها بالدعوة المبطنة لإضعاف هيبتها في النفوس ، ومن يقلل من دورها ، ويتعدى على صلاحياتها ، وينصب نفسه لمناقشتها ، فهو بذلك يتجاوز أنظمة الدولة ، ويتعين أخذه بالحزم ورده لجادة الصواب ، وإفهامه باحترام الدور الكبير الذي تقوم به مؤسساتنا الشرعية ،ويتعين عليها التنبه لهذا الأمر ، وتفويت الفرصة على كل من تسول له نفسه اختراق سياجها الشرعي والنظامي ، والنيل من رجالها ، وهم حملة الشريعة وحراسها" ، وأتساءل هنا: أين الدور الحقيقي لوزارة الثقافة والإعلام حيال هذه التجاوزات ؟! ولماذا صمتها يتبعه صمت آخر أمام تلك المقالات والتعليقات التي تتجاوز أنظمة الدولة كما نص على ذلك الأمر الملكي الذي لم يمضِ على إعلانه سوى ثلاثة أشهر فقط ؟!

الوقفة الرابعة : طالب د.آل زلفة العلماء بأن يقدروا الظروف التي تمر بها المملكة !واقترح ساخراً بأن تكون هناك دولة اسمها دولة المرأة السعودية ! وأتساءل هنا : إذا لم تقدر هيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء الظروف - وهي الجهة العليا التي خصها ولي الأمر بضبط الفتوى وبحث ما يستجد من القضايا الدينية وتقرير أحكامها الشرعية المناطة بها - ، فمن يقدر الظروف عند د. آل زلفة ؟! وأين تقديره للظروف إبان تعليقه المنشور في صحيفة الوطن بتاريخ: 20-11-1429هـ على التقرير الدولي الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي " دافوس " لعام 2008 م ، والذي كان هدفه قياس مؤشر الفجوة بين الجنسين ، واضعاً المملكة في المراكز الثلاثة الأخيرة مع تشاد واليمن ! ، وقاس التقرير المساواة بين الجنسين والفجوة بينهما في المجتمع ، مركزاً على مستوى الحصول على التعليم ومستوى مشاركة الإناث الاقتصادية والتعليمية والسياسية للذكور.

وبعد رجوعي - في مقال سابق - إلى تقرير التنمية البشرية الأخير الصادر عن مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات ، وجدتُ أنَّه يتنافى تماماً مع ما ذكر في تقرير " دافوس " ! حيث تمَّ سدَّ الفجوة في مؤشرات القيد بين الجنسين في المرحلتين الثانوية والجامعية ، فقد بلغ معدل الفجوة بين الجنسين في المرحلة الابتدائية (1.03%) ، والثانوية (1.03%) ، والجامعية (0.09%) ، وفي جميع المراحل (1.11%) . ( تقرير التنمية البشرية – ص148-150) ، بل إنَّ المملكة تحتل في مجال تعليم المرأة المرتبة الثامنة على مستوى الدول العربية بنسبة (62.8%) ، والعجيب أنّ هذا التقرير لقي تأييداً من البعض – منهم د. آل زلفة - ، حيث ذكر : " أنه من غير المستغرب الحصول على هذه المرتبة ، فالظرف الاجتماعي مضطرب جداً بسبب التمسك الشديد بعقلية (العزل) بين الجنسين ! ، ولم يكلف على نفسه - وهو الأكاديمي وعضو مجلس الشورى السابق - عناء السؤال عن معايير أمثال هذه التقارير غير الدقيقة ، وعلى أيّ الإحصائيات اعتمدت ! فمَنْ يتوجب عليه الإنصاف وتقدير الظروف هنا ؟!

الوقفة الخامسة : تؤكد الدولة اهتمامها بالمرأة ، وحمايتها من التعرض للاختلاط مع الرجال ، تحكيماً لتعاليم ديننا الحنيف دون انتصارٍ للعادات والتقاليد كما يزعمون ! ولكن أسباب المشكلات التي تظهر بين فترة وأخرى في مجالات عمل المرأة مردها إلى سوء التطبيق والتنفيذ العملي لتلك القرارات ، الأمر الذي يحتاج لمراقبةٍ صارمةٍ تمنع التجاوزات ، وقد نص المرسوم الملكي ذي الرقم (11651) ، والصادر في 16/5/1403هـ على : " عدم السماح للمرأة بالعمل الذي يؤدي إلى اختلاطها بالرجال، سواءً الإدارات الحكومية أو غيرها من المؤسسات العامة والخاصة، أو الشركات أو المهن، سواءً كانت سعودية أو غير سعودية، لأن ذلك محرمٌ شرعاً " ، إضافة إلى منع الاختلاط في عدد من الأنظمة والقرارات ، منها: المادة (160 ) من نظام العمل والعمال التي تنص على : " أنه لا يجوز بأي حالة من الأحوال اختلاط النساء بالرجال في أمكنة العمل، وما يتبعها من مرافق وغيرها" ، وقرار مجلس القوى العاملة ذي الرقم (1/م/19/1405) ، والصادر في 1/4/1408هـ ، حيث تم فيه تحديد ضوابط عمل المرأة ، والتي منها : أن تؤدي المرأة عملها في مكان منفصل تماماً عن الرجال ، وقرار نائب رئيس مجلس الوزراء ذي الرقم ( 1960/8 ) ، والصادر في 23/ 12 / 1399هـ ، والذي ينص على : " منع الأعمال المؤدية إلى اختلاط النساء بالرجال " ، وخطاب وزير الداخلية ذي الرقم ( 1278/ق /ع ) ، والصادر في 1/12/ 1423هـ ، فقرة ( 4) :" تؤدي المرأة عملها في مكان منفصل تماماً عن الرجال ".

و أتساءل هنا :إذا كان المرسوم الملكي والقرارات والأنظمة تمنع اختلاط النساء بالرجال ، والدعوة إليه يعد خروجاً على أنظمة الدولة ، فلماذا نرى حماسة ودندنة بعض المستكتبين في الصحف عليه ، وتباكيهم على عدم تطبيقه ، بل ومطالبتهم بفرضه على المجتمع ، من باب إعطاء المرأة حقوقها ، وهم أول من يسيء الظن بها ، حيث وصفوا قرار منع المرأة من وظائف الكاشير بأنه مدعاة لجرها للرذيلة وطرق أبواب الحرام !! وعليه أؤكد أنَّ المرأة السعودية ولله الحمد أشرف من كل تلك الظنون الخائبة ! وقد تجاوزت المحلية بتميزها وتمسكها بحجابها وثوابت دينها إلى العالمية دون أن تتباكى على حق مزعوم يتمثل في أكشرة عملها !

الوقفة السادسة : وصف الكاتب آل الشيخ الفتوى " بأنها في منتهى الضعف ، فهي تفتقر إلى التأصيل الشرعي ، وتنتصر للعادات والتقاليد بوضوح ، وكأنَّ الموقعين عليها أسقط في أيديهم، ولم يجدوا ما يسند رغبتهم المبيتة في التحريم !! " يبدو أنَّ الكاتب آل الشيخ لا يفرق بين الفتوى والدرس العلمي ! فالغاية من الفتوى تبيان الحكم الشرعي ، و يشمل ذلك السؤال في الوقائع وغيرها،ويذكر فيها دليل الحكم سواء أكان آية أو حديثاً ، و يذكر فيها علة الحكم أو حكمته ( إعلام الموقعين ، 4/160) ، وقد انطلقت الفتوى المعنية من تلك المعايير ، إضافةً إلى صدور فتاوى أخرى تحرم الاختلاط في العمل تسبق هذه الفتوى منها على سبيل المثال لا الحصر ( فتاوى اللجنة الدائمة ، ج 17 ، ص 233 ) ، هذا عدا عن وجود المحظور الشرعي والنظامي المتمثل في الاختلاط الممنوع بالمرسوم الملكي وعدد من الأنظمة والقرارات - التي تمت الإشارة إليها أعلاه- ، أما الدرس العلمي يفصل في بيان حكم المسألة وتقرير حكمها وتأصيلها ، ويستوفي جميع عناصرها بشكل دقيق ، وإن كان الكاتب آل الشيخ يبحث عن الثاني فالدروس العلمية ولله الحمد في بلادنا كثيرة ، ليلتحق بأحدها ، ويثني ركبه فيه لعل الله أن يكتب له الهداية !

الوقفة السابعة : لعله يتبادر إلى أذهان الكثيرين التساؤل عن البديل ؟! وصولاً لحل مشكلة بطالة النساء وقبلها الرجال ؟!

من الحلول المطروحة ما قدمه الباحثين : عبدالعزيز الزومان ، محمد العقيلي ، عبدالعزيز السلامة ، ماجد الرسيني ، في المؤتمر الوطني السابع عشر للحاسب الآلي ، والمنعقد في رحاب جامعة الملك عبدالعزيز لشهر صفر من العام 1425هـ ، في دراسة بعنوان : ( العمل عن بعد عالمياً ومجالات تطبيقه في المملكة العربية السعودية ) ، حيث توفر الدراسة للنساء السعوديات ، وذوي الاحتياجات الخاصة وغيرهم ، أكثر من أربعة ملايين وظيفة ، وذلك في بيئة عمل آمنة بعيدة عن الاختلاط تكفل لهن الخصوصية والمزيد من الإنتاجية والتميز ، والمساهمة في عملية التمنية الوطنية ، ولها من العوائد الاقتصادية ، والاجتماعية الشيء الكثير ، فضلاً عن عوائد البيئة ذاتها ، فهي توفر فرص عمل بالملايين لفئات المجتمع ، مما يزيد من إنتاج أفراده وبالتالي يزيد من إنتاجية الوطن ، ويمنح فرصاً للمرأة تكفل لها التوفيق بين العمل ورعاية الأطفال وكافة شؤون الأسرة ، ومن خلاله يتم تنشيط وتشجيع الأعمال الحرة المستقلة الصغيرة ، والتقليل من الازدحام المروري ، والحد من الهجرة إلى المدن ، والاستفادة من أصحاب المهن والتخصصات النادرة .

واستشهد الباحثين بمدى نجاح تجربة العمل عن بعد في عدد من الدول ، منها : بريطانيا التي بلغ فيها عدد العاملين عن بعد 1.6 مليون فرد ، 70% منهم رجال ، و30% منهم نساء ، وفي أمريكا وصل عدد العاملين عن بعد لعام 2001م إلى 19.8 مليون فرد ، أي مايعادل 15% من العدد الإجمالي للقوى العاملة ، 57%منها للرجال ، 43% منها للنساء ، وفي كندا بلغ عدد العاملين عن بعد مليون ونصف المليون فرد ، ومن المتوقع أن يبلغ عدد العاملين عن بعد في اليابان بحلول عام 2015م 13.2 مليون فرد ، أما في أسبانيا فقد وضعت مادة دراسية باسم العمل عن بعد تقدم لطلبة الجامعات الأسبانية ، والقصد من ذلك هو وضع العمل تحت النظر والدراسة والبحث الأكاديمي .

وقياساً على نجاح التجربة في الدول المذكورة أعلاه ، فإن فرصة الاستفادة من العمل عن بعد متوفرة في سوق العمل في المملكة العربية السعودية نظراً لوجود البنية الأساسية لتقنية الاتصالات ، وتوفر الأجهزة اللازمة للعمل عن بعد ، ويؤكد الباحثين أنَّ البنية الحالية كافية لتنشيط العمل عن بعد ، وذلك في مجالات العمل التالية :

التسويق ، إدخال المعلومات ، الكتابة في الصحف والمجلات ، المحاسبة ، الترجمة ، المراجعة اللغوية والإملائية للمطبوعات ، تصميم وتطوير مواقع الانترنت ، باحثة انترنت، طباعة ، الدعاية والإعلان وتصميمها ... ، وغيرها الكثير .

واقترح الباحثين في دراستهم أن تقوم وزارة العمل بتنظيم العمل عن بعد من حيث : ماهية العمل عن بعد وتعريفه ، واعتماده كنوع من العمل المنتظم وذلك بتحديد الأجور ، والإجازات ، والعمل الإضافي ، وغيرها ، إضافة إلى إنشاء موقع خاص للإعلان عنه والتعريف به ، والاطلاع على فوائده ، وترك الباب مفتوحاً لمناقشة بعض الأفكار الجيدة التي تعمل على نشر الفكرة وتحسينها.

ومن المؤسف أنَّ تطبيق هذه الدراسة الوطنية القيّمة لم يرَ النور حتى الآن ، ولم تفعَّل اقتراحاتها كما هو مأمول ،على الرغم من رفعها إلى مجلس الشورى !! لذا فإنه يتوجب على الخاصة قبل العامة دعم هذه الدراسة وإيصالها لمن بيده الحل والعقد .

وأختم بتساؤل أخير : هل نرى هؤلاء المستكتبين يدعون إلى تفعيلها ؟! وينادون بتطبيق ماجاء فيها ؟! فهي لا تكفل عشرات الآلاف من الوظائف – كما يزعمون - بل تكفل ما يزيد عن أربعة ملايين وظيفة ، فهل تراهم فاعلون ؟!


المصدر: سبق


حوار غير هادئ حول فتوى اللجنة الدائمة
د. محمد بن إبراهيم السعيدي


نعم ... هي حملة خبيثة يتزعمها منافقون أمسكوا بالصحافة لأنفسهم ولمن هو على شاكلتهم ...

ويعلم الله لو فتحوا المجال لغيرهم لوجدوا فرسانا يشنون الغارات زرافات ووحدانا ويخرجون الحق ليذهب الباطل جفاء ...

ولكن ...

لا نقول إلا حسبنا الله ونعم الوكيل ...


يفتح المجال للمبطلين ...

وتغلق الأبواب في وجوه المحقين ...


ومع هذا فالحمد لله حيث جعل في هذه الشبكة متنفسا فالهمة الهمة ..