شكر المُنعِم و المواطنة الحق (الجمعة: 1442/2/1هـ )

د عبدالعزيز التويجري
1442/01/29 - 2020/09/17 12:15PM

الشيخ: عبدالعزيز بن حمود التويجري

المملكة العربية السعودية/ بريدة-حي الصباخ/ جامع إبراهيم الخليل -عليه السلام- 

الحمد لله الذي لا يبلغُ مِدحَتَه القائلون، ولا يُحصِي نعماءَه العادُّون، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، لا رب غيره ولا إله سواه، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه و من اقتفى أثره واتبع منهجه بإحسان إلى يوم الدين.. أما بعد

يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا وسبوه بكرة وأصيلا

فضائل ربنا علينا لا تعد ولا تحصى ، وجميله وإحسانه يُغدِق علينا بالغدو والآصال.

لو كنتُ أعرفُ فوق الشكرِ منزلةُ       أعلى من الشكرِعند اللهِ في الثمنِ

إذاً منحتكـــــــــــــــها ربي مهذبــــــةُ           شكراً على صنعِ ما أوليتَ من حسنٍ

أنعم الله علينا نعم لم تشهد الدنيا لها مثيلًا ، يعبد الإنسانُ ربهُ آمنا ظاهراً ، ويختارُ من الطيباتِ ما لذ وطاب، و نستدفىءُ من صروف الأيام بما تعجز عن حمله الأجسام ..

هل نقصكم من نعمة لم تظهر آثارُها علينا ؟، وهل في خاطركم فضلُ وإحسانٌ لم يمحنا به ربنُا ؟

خَرَجَ رَسُولُ اللهِ r ذَاتَ يَوْمٍ فَإِذَا هُوَ بِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَقَالَ: «مَا أَخْرَجَكُمَا مِنْ بُيُوتِكُمَا هَذِهِ السَّاعَةَ؟» قَالَا: الْجُوعُ يَا رَسُولَ اللهِ،، قَالَ: «وَأَنَا، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَأَخْرَجَنِي الَّذِي أَخْرَجَكُمَا، قُومُوا»، فَقَامُوا مَعَهُ، فَأَتَى رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ فَنَظَرَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَاحِبَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ مَا أَحَدٌ الْيَوْمَ أَكْرَمَ أَضْيَافًا مِنِّي، قَالَ: فَانْطَلَقَ، فَجَاءَهُمْ بِعِذْقٍ فِيهِ بُسْرٌ وَتَمْرٌ وَرُطَبٌ، فَقَالَ: كُلُوا مِنْ هَذِهِ، وَأَخَذَ الْمُدْيَةَ، فَذَبَحَ لَهُمْ، فَأَكَلُوا مِنَ الشَّاةِ وَمِنْ ذَلِكَ الْعِذْقِ وَشَرِبُوا، فَلَمَّا أَنْ شَبِعُوا وَرَوُوا، قَالَ رَسُولُ اللهِ r لِأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَتُسْأَلُنَّ عَنْ هَذَا النَّعِيمِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمُ الْجُوعُ، ثُمَّ لَمْ تَرْجِعُوا حَتَّى أَصَابَكُمْ هَذَا النَّعِيمُ " أخرجه مسلم

أي عذرٍ لنا عند ربِنا إذا لم نشكره، وأي بقاءٍنستحقه، إذا أنكرنا جميلهُ، وآلائَهُ ونعمائَه تغشانا بالليلِ والنهار.( كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ)

كُلْ من الطيبات ما شئت ، واستمتع من بما احل الله لك، (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ) ولكن من غير إسراف ولا مخيلة

التفاخر بالمآكل والمشارب وتصويرها مرآةً للناس منهي عنه، قال عليه الصلاة والسلام  (كلوا واشربوا والبسوا وتصدقوا، في غير إسراف ولا مخيلة» وقال ابن عباس: " كل ما شئت، والبس ما شئت، ما أخطأتك اثنتان: سرف، أو مخيلة " أخرجهما البخاري

لا يُزيل النعمَ ، ولا يهلكُ الأممَ إلا البطرَ والأشر {وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا)  

العمل بتقواه شكر لله (فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)

{اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا} قال مسعر : لم يأتِ عليهم ساعةَ من ليل ولا

نهار إلا ومنهم مصلٍّ يصلي.

وهذا إشارةُ إلى أن شكرَ اللهِ على نعمه متى كان محور الحركاتِ والسكناتِ، أثمر لصاحبه في الدنيا والآخرة أطيب الثمرات.

شكر اللهِ بنعمة المساكن والمدافئ .. أن تنهض لنداء الله عندما يُنَادَى ( الصلاة خير من النوم)

شكر الله برغد العيش .. أن تتحسس البطون الجائعةوالأكباد الظامئة

شكر الله على المراكب .. أن تحمل من لا ظهر له ، وتصل بها الأرحام

شكر الله على أجهزة التواصل .. تسخيرَها لأن تكون منبرَ دعوةِ خير ، ومنطلقَ توعيةِ وتوجيه ، ووسيلةَبرِ وصلة ، لا سلةَ تجميعَ ترهات التافهين ، ولا مستودع لأفكار الساقطين، ولا محطة استقبال فراغات الآخرين ..

كفرُ بهذه النعمة .. أن يهدم حصنُ الفضيلةِ من خلالها ، ويُكسر بابُ الحياء برسائلها، و تنتهك حرمات الله بمواقعها.

كفر بنعمتها أن تقتُلَ بها الأوقات ، أو تستنزف من أجلها الأموال ، أو يَضيعَ ببرامجها الأطفال ، أو تكون مصدر أذيةٍ وابتزاز.

(وقليل من عبادي الشكور )

استغفر الله لي ولكم وللمسلمين فاستغفروه إن ربي رحيم ودود

الخطبة الثانية

الحمدُ لله وكفى، والصلاة والسلام على عبده المصطَفى، وعلى آله وصحبه ومَن اجتبى... أما بعد:

العمل بتقوى الله هي اساس اجتماع الكلمة ووحدة الصف (يا ايها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وانتم مسلمون)

المواطن الحق .. يواجه عدوان المعتدين بالنصح لأئمة المسلمين وعامتهم، بالتعاون لصد كل فساد، ومواجهة كل إفساد يستهدف هدم جدار أمننا ويحطم أخلاقنا وعقيدتنا .

المواطن الحق .. يدرك أن سر وحدتنا وتآلفنا وأمننا ورخائنا هو هذا الدين بتشريعاته الخالدة ، وأخلاقياته السامقة ، ومبادئه الراسخة ، وأن كل إخلال بهذه الثوابت وتقصير في هذه المباديء ينشأ عنهخلل في الرخاء والأمن والنماء(وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاق ها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون .. )

المواطن الحق .. إيجابي في تعامله مع المنكر، فهو يأنف منه ولايألفه، ويرغب عنه ولايرغبه ، ينكر المنكر ولو كان من المذنبين وذلك بأضعف الإيمان .. بكراهية المنكر في قلبه وهجره ببدنه.

المواطن الحق .. ثابت في طريقه إلى الله يتقدم ولايتأخر .. لا يقبل أن يدنس سمعه بالمعازف والألحان،أو يلج أماكن يذهب فيها حياء النساء وقوامة الرجال .

تربية الأسرةِ والمجتمعِ على الشكر واجب المُنعم، وركيزةُ أمانٍ لبقاء النعم {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ}

اللهم زدنا من خيرك وبرك وأحسانك وجعلنا لنعمك شاكرين ولأوامرك ونواهيك ممتثلين .

 

 

 

المرفقات

��خطبة-شكر-المُنعم-،-والموطنة-الحقة

��خطبة-شكر-المُنعم-،-والموطنة-الحقة

المشاهدات 1814 | التعليقات 0