(شرُِ القتلى ) حديث عن خوارج العصر + الاعتداء على مباحث الزلفي

ناصر بن عبدالرحمن الحمد
1440/08/18 - 2019/04/23 22:56PM

                                                                             

                       

                                                                                     (شرُّ القتلى )   حديث عن خوارج العصر

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا) (يا أيها الذين اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما)

أما بعد :

 فإن الله ﷻ شرع لنا دينا سماوياً وسطياً وجعلنا مرجعاً للعالمين وشهوداً على الناس أجمعين ...

وقد فُتنت الأمم السابقة من قبلنا بالغلو والتقصير فضلُّوا وأضلُّوا وضلُّوا عن سواء السبيل ...

وقد كان نبيكم يحذرنا ما أهلك القرون من قبلنا لما ظلموا وطغوا وبغوا وغلوا ...

ولا يزال الغلوُّ بالعبدِ حتى يُجاوز بصاحبه مالم يكن له بحسبان حتى يرى أنَّ ما يدعو إليه هو الحق وأن ما يدعوا له غيره هو الباطل وسولت لهم شياطين الجنَّة والإنس كل سبيل واتخذوهم مطايا لتفريق الصف والخروج على الجماعة وشقّ عصا الطاعة...

 

عباد الله ...

إن أعظم ما تبتلى به الأمة قيام بعض أفرادها بمناوءتها ومعاداتها حتَّى يكونوا أشد عليها من العدو الذي يتربص بها الدوائر ويجهّز لها الحفائر ، بل هم العون للأعداء الألداء يستعملونهم للإيذاء والاعتداء ، ويركبون عقولهم لتفريق الصفِّ وتبتيكه وزعزعته وإسقاط مَنَعَته ومن تأمل تاريخ المسلمين وجد أن أيَّ تأخير في الفتوحات والانتصارات على الأعداء يجده كامناً في أهل الحيف والجور والميل والبَوْر ، والزيغ عن الطريق المستقيم والذي أصبحوا فيه سيوفاً مصلتة للأعداء علينا ...

ألا وإن من أشرِّ الفرق والطوائف على الإسلام وأهله ، أولئك الذين رسموا تاريخ الفرقة والشقاق ، والضلال وسوء الأخلاق ، وهم البلاء العظيم في الأمة وهم أضرّ أدوائها وخَدَمُة أعدائها

 أولئك هم "الخوارج" أصحاب الفكر المائِد العارِج ...

الذين يتقربون لله ﷻ في أعمالهم فيقتلون ويأسرون ويعذبون باسم الله ويهلكون الحرث والنسل كل ذلك باسم الله والله بريء منهم ...

وغالباً ما تدفعهم الغيرة فيصبحوا في حيرة فتظلُّ تغلِي قلوبهم وصدورهم كالمرجل حتى يقوموا بعمل يُسكت حَنَقَ نفوسهم وغَضَبَ قلوبهم ولذلك كان أكثر أتباعه ومناصريه هم ممن ضلّت عن الهدي الصحيح سيرتهم وعَمِيَت عن الحقِّ بصيرتهم، وغالبا ما يكونون صغارا في السن يدفعهم الحماس ويلهبهم بسياطه الخنّاس. 

ومع ظاهر الغيرة المذمومة عندهم كانوا أشد على الإسلام وأهله من أعدائه المظهرين للعداوة من اليهود والنصارى.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (في الخوارج) :

(وما روي من أنهم شرُّ قتلى تحت أديمِ السماء، وخير قتيل من قتلوه في الحديث الذي رواه أبو أمامة ورواه الترمذي وغيره.

أي : أنهم شرٌّ على المسلمين من غيرهم فإنه لم يكن أحدٌ شراً على المسلمين منهم،

 لا اليهود ولا النصارى، فإنهم كانوا مجتهدين في قتل كل مسلم لم يوافقهم مستحلين لدماء المسلمين وأموالهم وقتل أولادهم مكفِّرين لهم وكانوا متدينين بذلك لعِظَمِ جهلهم وبدعتهم المُضلَّة).ا.هـ

والخوارج والفئة الضالّة المُضلَّة كلما كانت لهم قوة وشوكة ومَنَعة كلما أهلكوا الحرث والنسل ..

قال ابن كثير رحمه الله مؤيداً لقتال علي رضي الله عنه للخوارج :

( وفيه خيرة عظيمة لهم ،ولأهل الشام أيضاً ،إذ لو قووا هؤلاء لأفسدوا الأرض كلها عراقاً وشاماً ،ولم يتركوا طفلاً ولا طفلة و

لا رجلاً ولا امرأة ،لأن الناس عندهم قد فسدوا فساداً لايصلحهم إلاّ القتل جملة ..)ا.هـ

 

وهذا ما نشاهده واقعا بيّناً فلو جئت بملئ الأرض أدلةً ما زِدْت منهم إلا بلاء ووباءً لأنهم يعتقدون بآراءهم عقيدة لا يبغون عنها حِولا ، ولا يرجون عنها سبيلا..

فيرون كل الناس على باطل وهم على الحق وذبح الناس وقتلهم وتعذيبهم أهون على أحدهم من قتل البعوض!

ولذلك كان قتالهم وإيقافهم عند جرمهم هو من أعظم الجهاد عند الله تعالى .

أخرج ابن ابي شيبة عن عاصم بن شمخ قال:

سمعت أبا سعيد الخدري يقول - ويداه هكذا، يعني ترتعشان من الكِبَر :

" لقتال الخوارج أحب الي من قتال عُدَّتهم من أهل الشرك". ا.هـ

قال ابن هبيرة رحمه الله:

وفي هذا الحديث أنَّ قتال الخوارج أولى من قتال المشركين، والحكمة فيه أن قتالهم حفظ رأس مال الاسلام،وفي قتال أهل الشرك طلب الربح ! ،وحفظ رأس المال أولى".

فتح الباري (٣٠١/١٢)

ألا وإن مما ابتليت به بلادنا التي هي مأوى للمسلمين من كل حدب وصوب  أن خرج من ضِئْضِئِها من حاد عن طريق الحقِّ ممن فهم النصوص على غير ما دلت عليه فأهلك الحرث والنسل وخدم الأعداء بظلم واعتداء، وناصرهم من حيث يشعر أو لا يشعر.

إنّ من الغَبنِ العَتيد والأمر الشديد أن ترى شباباً في عمر الزهور، قد قطفت ثمرتهم اليانعة وأصبحت ذات أُكُلٍ فاسدٍ وسُقيت بماءٍ آسن حتى غذت على السوء والعداوة ونمت على الباطل والضلال، حتى أصبحوا كالشياطين ولكن في جثمان إنس !

حين نرى الأعداء قد صوّبوا سهامهم ، ووحدوا آثامهم ، وجمعوا شملهم وشمائلهم لتدمير هذا البلد الأمين ، فإن من البلاء الخطير والشرّ المستطير أن يكون أبناؤنا الذين رضعوا من لِبان هذه الأرض المباركة وتفيؤوا ظلالها هم البيادق والبنادق التي يستعملها الأعداء لتدمير بلادنا!

حين يخرج تنظيم فاشل فاشيّ كتنظيم "داعش" على أنّه دولة إسلاميّة فيقتل ويأسر ويسبي باسم الإسلام وهو يخدم الأعداء اللئام ، ثم ترى من بني جلدتك من يغترّ بشعارهم ويتدثّر بدثارهم فذلك والله هو البلاء المُبين .

فهل ينتظرون إلا الأعداء أن يكونوا قادة لهم وحماة على ديارهم !.

استغلّوا عاطفة الشباب الصغار ليكونوا معاول للذلّ والصَغار .

لم يأخذوا دروساً من الشام لتكون لهم في ذلك عِبرة ، ومنها فِكرة ، وهم يرون كيف أنّ داعش قد سلّمت الأرض والعرض للنظام الصفويّ على طبقٍ من ذهب وتمت تصفية أنصارها ومخدوعيها !

لم يأخذوا دروساً من العراق ...

من لبنان ...

من غيرها من بلاد المسلمين كيف أن هذه التنظيمات كانت واضحة في تحقيق مآرب الأعداء والله المستعان وعليه التكلان

"فإنّها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور"

أستغفر الله العظيم من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا إليه

 

 "الخطبة الثانية" 

الحمدلله معزّ عباده المؤمنين وناصر عباده الموحّدين

وصلى الله وسلَّم على رسول ربّ العالمين وقائد الغرِّ المحجّلين

أما بعد :

 

فقد فُجعت الأمّة عامة وبلاد الحرمين خاصّة بالجريمة النكراء والمصيبة الكُبرى باعتداء فئة ضالّة منحرفة عن الحقّ على مركز المباحث في الزلفي.

لم تكن هذه مجرد صُدفة وليست عملاً عابراً وأمراً سادراً.

بل تمت تعبئتها من زمن ، وتهيأت من وقت عسير ليس بيسير.

مكرٌ بالليل والنّهار واتصالات بالأعداء وتربّصٌ بالأمّة وقبل ذلك تهيئة روحيّة فكرية سُقيت بغيرة مذمومة وعاطفة مجنونة وحماس غير موزون وفِكرٍ فاسدٍ غير ممنون .

حين تستهين هذه الفئة بالدماء التي حرّمها الله ، لتخرج المؤمنين من ملّة الإسلام بغير سلام .

إخوانهم ..أقاربهم ..من بني جلدتهم يصلّون معهم ويصومون معهم ثمّ يقوم هذا المخدوع بإخراجهم من دين الله الذي يعصم دمائهم وأموالهم!! ....

يقول ﷻ :

(وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا

وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ

وَلَعَنَهُ

وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا )

يقول الإمام عبدالرحمن بن سعدي:

وذكَر هنا وعيدَ القاتل عمداً وعيداً ترجف له القلوب،وتنصدع له الأفئدة،وينزعج منه أولو العقول، فلم يرد في أنواع الكبائر أعظم من هذا الوعيد!

 بل ولا مثله!

ألا وهو الإخبار بأن جزاءه جهنم، أي ؛ فهذا الذنب العظيم قد انتهض وحده أن يجازى صاحبه بجهنَّم بما فيها من العذاب العظيم، والخزي المُهين، وسخط الجبار، وفوات الفوز والفلاح، وحصول الخيبة والخسار، فعياذاً بالله من كل سبب يُبعد عن رحمته. ا.هـ.

وقد قال ﷺ:

 (كُلُّ ذَنْبٍ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَغْفِرَهُ إِلَّا مَنْ مَاتَ مُشْرِكًا أَوْ مُؤْمِنٌ قَتَلَ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا)

وهذا الضالُّ المنحرف عن الحق لم يكتفِ بقتل المؤمن فحسب بل استحلّ دمه وهذا الاستحلال أخطر من القتل نفسه، فإنّه اجترأ على حكم الله ﷻ بغير بينة إلا حماساً معطوباً وفهماً مقلوبا جعله مستحلاً للدماء مستهيناً بها .

وهؤلاء لا خير قي بقائهم في الدنيا لأنّ بقاءهم شرٌّ عليهم وعلى الناس

قال ﷻ :

{إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ۚ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ }

وقد قال ﷺ :

 (يأتي في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من قول خير البرية يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية لا يجاوز إيمانهم حناجرهم فأينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن قتلهم أجر لمن قتلهم يوم القيامة)

إلا وإن وإن من نازع ولي أمر المسلمين بشيء فإن جزاءه القتل

قال ﷺ : (من أتاكم وأمركم جميع يريد أن يشق عصاكم أو يفرق جماعتكم فاقتلوه ) رواه مسلم

 

والذين فعلوا الفعلة المشينة المهينة اقترفوا عدة موبقات

1- خرجوا على ولي الأمر

2- بايعوا من لا بيعة له ولا حقيقة له

3-كفّروا ولاة الأمر وكفروا من عمل عندهم وخاصة رجال الأمن حماة الديار

4-رفعوا السلاح وسفكوا الدماء

5-روّعوا الآمنين

6- أفسدوا في الأرض وآذوا أقرب الناس لهم

وهذا بعض من جرائمهم وما تخفي صدورهم أكبر.

وما حصل من إقامة حد الحرابة والتعزير في 37 إرهابياً كانت لهم يدٌ ضالعة في الفساد في الأرض هو من السياسة الشرعيّة التي بها تستقيم حياة الناس ويدوم بإذن الله ﷻ أمنهم والسلطان "وليّ الأمر" هو ظلّ الله ﷻ في الأرض وبه تستقيم أمور الناس

فنسأل الله ﷻ أن يمكن من كل من أراد ببلادنا شراً وسوءا

عباد الله ...

حافظوا على أمنكم ...

وكونوا مع رجال أمنكم ...

بلّغوا ولا تتستروا على خبيث يريد ببلادكم شراً فإنكم بذلك تحمون دمه ودماء المسلمين فإت كثيراً من هؤلاء قد غرر بهم الأعداء واستعملوهم ومتى بلغهم التأديب هدى الله ﷻ من أراد لهم الهداية

اللهم احفظ علينا بلادنا وعقيدتنا وأمننا وإيماننا

اللهم من أرادنا وأراد بلادنا ومقدساتنا بكيد فكد به ومن أرادها بمكر فامكر به

 

اللهم أصلح ولاة أمورنا وانصر رجال أمننا واكفهم شر الأشرار وكيد الفجّار

 

المشاهدات 1345 | التعليقات 0