شريعة الله هي الحل لأزمتنا
د مراد باخريصة
1432/05/19 - 2011/04/23 03:54AM
إن هذه الدنيا دار ابتلاء واختبار يمتحن الله فيها عباده بالفتن والمحن ليمحص المؤمنين ويمحق المنافقين وليعلم الله الصادقين من الكاذبين والجادين من الهازلين والمتمسكين بالدين ممن اتخذ دينه هزواً ولعباً يقول الله سبحانه وتعالى (الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ) فهذه الفتن تغربل الناس غربلة عظيمة حتى يتميز الخبيث من الطيب والمحق من المبطل والمتجرد لتحكيم الشريعة المنادي بإقامتها ممن لا يبالي بتحكيمها ولا يطالب بتطبيقها ومن يكون هواه تبعاً لما جاء به الشرع الحنيف ممن اتبع وتعصب لرأيه أو حزبه أو مذهبه أو قبيلته يقول الله سبحانه وتعالى {وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}{مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ}{وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ}.
لقد تركنا كتاب الله عز وجل وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم خلف ظهورنا وحكمنّا آراء الرجال ورفعنا الرايات والشعارت الباطلة التي تناقض شرع الله وتخالف أحكامه ولم نعد نطالب بالإسلام منهجاً لحياتنا بل أصبح كثير منا يطالب بالديمقراطية والعلمانية والاشتراكية والأفكار الخارجية لتكون نظاماً لنا ومنهجاً لحياتنا {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} {فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ} {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}.
إن الناظر في واقع الأزمة التي تمر بها اليمن يرى واقعاً مؤلماً ومخيفاً فالأطراف كلها تتناطح في الحقيقة على المصالح والمواقع وتتصارع على القيادة والمناصب وتطمع في حطام الدنيا الفانية.
وكلهم يوجهون وجوههم صوب السفارات الغربية ويتذللون للدول الصليبية ويعرض كل فريق خططه ومشاريعه عليهم ليرضوا عنه وليقدموا له الدعم والمساندة والكل يحاول أن يقنع سفراء هذه الدول بخطر خصومه عليهم ويقدم نفسه أنه هو الصديق المخلص لهم المحقق لأطماعهم وأهدافهم إذا وقفوا معه وهذا الارتماء في أحضان الغربيين والالتقاء بهم بكرة وعشياً بلية عظيمة ومصيبة كبيرة لن يجنوا من ورائه إلا الشر ولن يجنوا منه خيراً قط لأن الله سبحانه وتعالى يقول {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ} {إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ} {كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ} وهذا ما يؤكده الواقع وانظروا على أقرب مثال في أحداث ليبيا وماذا جنى الليبيون من التدخل الغربي في بلادهم لقد أدركوا أن لهؤلاء الصليبيين أطماع في النفط ومصالح في البلد يذودون عنها ويستميتون في الدفاع من أجلها ويغضون الطرف في كثير من الأحيان عن الجرائم البشعة والمذابح الرهيبة التي يقوم بها الطاغوت الليبي في حق الشعب الليبي مع أنهم يزعمون أنهم تدخلوا في القضية لأجل حماية المدنيين كما يقولون ولكن الهدف بدأ يتضح أنهم لا يقاتلون من أجل المدنيين ولا حباً في الليبيين ولكنهم يقاتلون من أجل المكاسب والمصالح وصدق الله سبحانه وتعالى إذ يقول {يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ} هذه هي نتيجة من نتائج الولاء للغرب والتبعية لهم.
والكل من هذه الأطراف في الساحة اليمنية مقر بالديمقراطية ملتزم بالقوانين الوضعية معلن تحاكمه للدساتير البشرية وهذه هي العلمانية التي تُعبد العبد للعبيد ولا تعبده لرب العالمين سبحانه وتعالى.
لقد أدخلوا البلاد في نفق مظلم وواقع مؤلم إنه واقع الترقب والانقضاض فكل فريق يريد أن يقفز فوق الآخر لينقض عليه وليسحب البساط من تحت قدميه فاتسع الخرق على الراقع وبلغ السيل الزبى ولم يتفق هؤلاء على الرغم من كثرة اللقاءات والمبادرات إلا أن الاتفاق والتفاهم بينهم لم يتم لأن لكل فريق مشربه ورؤيته البعيدة عن الإسلام وشريعة الإسلام فلو أنهم جعلوا هدفهم رضا الله وتحكيم شرع الله وسخروا إمكانياتهم وطاقاتهم في المطالبة بتطبيق الشريعة لوقف الجميع حولهم والتفوا حولهم ولكُنا في وضع آخر ولكنهم حشدوا الناس للمطالبة بالديمقراطية وتطبيق ما يسمى بالدولة المدنية وخلطوا ذلك بمزيج من الشعارات المختلفة فمنها ماهو اشتراكي ومنها ماهو علماني ومنها ماهو بعثي ومنها ماهو ناصري فهل يصح للمسلم العاقل بعد هذا أن ينضم لفريق من هؤلاء أو يخلط حقه بباطلهم وشوراه الإسلامية بديمقراطيتهم وحاكمية الشريعة بدساتيرهم وقوانينهم.
إن الدعوة إلى التغيير والإصلاح إما أن تكون دعوة صحيحة ولا تكون صحيحة إلا إذا كانت تدعوا إلى حاكمية الشريعة كما قال نبي الله شعيب عليه السلام {إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} وإما أن تكون الدعوة للتغيير والإصلاح دعوة كاذبة يرفعها المنافقون ولا يأتون بحقيقتها ولهذا قال الله عنهم {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ} وأمام هذا التباين بين الدعوة الصحيحة للتغيير التي دعا إليها الأنبياء عليهم السلام وبين الدعوة الكاذبة للتغير التي يدعوا إليه أهل النفاق يتضح أن الفرق بين الدعوتين هو تحكيم الشريعة تحكيماً مطلقاً لا يكون لأحد معه رأي أو تصويت أو استفتاء (وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا} {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا}
الخطبة الثانية
إن المسلم يجب عليه أن يكون على بينة من أمره وبصيرة من سبيله حتى لا تخدعه الفلسفات الزائفة التي خدعت الكثيرين ببريقها والشعارات الغامضة التي تخفي السموم في باطنها فنحن قوم أعزنا الله بالإسلام وبالإسلام فقط فمن ابتغى المجد والعزة في غير الإسلام فإن الذلة والمسكنة والمهانة نهايته ولابد يقول الله سبحانه وتعالى {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا} ويقول {إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}.
يجب علينا أن نحدد هويتنا بدقة وأن نعرفها بوضوح لنعرف ماهو المنهج الذي يجب أن نسير عليه وماهو الانتماء الذي ننتمي إليه يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ( كل ماخرج عن دعوى الإسلام والقرآن من نسب أو بلد أو جنس أو مذهب أو طريقة فهو من غراء الجاهلية ) فهل يأتي بعد ذلك مسلم يدّعي الإسلام ثم يدّعي أن هويته قومية أو علمانية أو اشتراكية أو بعثية أو ديمقراطية والله عز وجل يقول {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} ويقول {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} يعني الاستسلام لله في كل شيء.
إن الانتماء لهذا الدين يعني العبودية لله والاستسلام له في كل مناحي الحياة ومنها الاستسلام له في الفكر والسياسة والاقتصاد والإعلام وفي كل الأمور فالإسلام شريعة متكاملة لا تحتاج إلى زيادة ولا نقص ولا تغيير ولا تبديل ومن المستبعد عقلاً وشرعاً أن يشرع الله للناس أحكاماً في البيع والشراء والجنابة واللقطة وقضاء الحاجة ثم لا يشرع لهم أحكاماً في السياسة والاقتصاد والإعلام والعلاقة مع الآخرين تعالى الله عمّا يقولون علواً كبيراً.
لقد تركنا كتاب الله عز وجل وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم خلف ظهورنا وحكمنّا آراء الرجال ورفعنا الرايات والشعارت الباطلة التي تناقض شرع الله وتخالف أحكامه ولم نعد نطالب بالإسلام منهجاً لحياتنا بل أصبح كثير منا يطالب بالديمقراطية والعلمانية والاشتراكية والأفكار الخارجية لتكون نظاماً لنا ومنهجاً لحياتنا {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} {فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ} {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}.
إن الناظر في واقع الأزمة التي تمر بها اليمن يرى واقعاً مؤلماً ومخيفاً فالأطراف كلها تتناطح في الحقيقة على المصالح والمواقع وتتصارع على القيادة والمناصب وتطمع في حطام الدنيا الفانية.
وكلهم يوجهون وجوههم صوب السفارات الغربية ويتذللون للدول الصليبية ويعرض كل فريق خططه ومشاريعه عليهم ليرضوا عنه وليقدموا له الدعم والمساندة والكل يحاول أن يقنع سفراء هذه الدول بخطر خصومه عليهم ويقدم نفسه أنه هو الصديق المخلص لهم المحقق لأطماعهم وأهدافهم إذا وقفوا معه وهذا الارتماء في أحضان الغربيين والالتقاء بهم بكرة وعشياً بلية عظيمة ومصيبة كبيرة لن يجنوا من ورائه إلا الشر ولن يجنوا منه خيراً قط لأن الله سبحانه وتعالى يقول {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ} {إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ} {كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ} وهذا ما يؤكده الواقع وانظروا على أقرب مثال في أحداث ليبيا وماذا جنى الليبيون من التدخل الغربي في بلادهم لقد أدركوا أن لهؤلاء الصليبيين أطماع في النفط ومصالح في البلد يذودون عنها ويستميتون في الدفاع من أجلها ويغضون الطرف في كثير من الأحيان عن الجرائم البشعة والمذابح الرهيبة التي يقوم بها الطاغوت الليبي في حق الشعب الليبي مع أنهم يزعمون أنهم تدخلوا في القضية لأجل حماية المدنيين كما يقولون ولكن الهدف بدأ يتضح أنهم لا يقاتلون من أجل المدنيين ولا حباً في الليبيين ولكنهم يقاتلون من أجل المكاسب والمصالح وصدق الله سبحانه وتعالى إذ يقول {يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ} هذه هي نتيجة من نتائج الولاء للغرب والتبعية لهم.
والكل من هذه الأطراف في الساحة اليمنية مقر بالديمقراطية ملتزم بالقوانين الوضعية معلن تحاكمه للدساتير البشرية وهذه هي العلمانية التي تُعبد العبد للعبيد ولا تعبده لرب العالمين سبحانه وتعالى.
لقد أدخلوا البلاد في نفق مظلم وواقع مؤلم إنه واقع الترقب والانقضاض فكل فريق يريد أن يقفز فوق الآخر لينقض عليه وليسحب البساط من تحت قدميه فاتسع الخرق على الراقع وبلغ السيل الزبى ولم يتفق هؤلاء على الرغم من كثرة اللقاءات والمبادرات إلا أن الاتفاق والتفاهم بينهم لم يتم لأن لكل فريق مشربه ورؤيته البعيدة عن الإسلام وشريعة الإسلام فلو أنهم جعلوا هدفهم رضا الله وتحكيم شرع الله وسخروا إمكانياتهم وطاقاتهم في المطالبة بتطبيق الشريعة لوقف الجميع حولهم والتفوا حولهم ولكُنا في وضع آخر ولكنهم حشدوا الناس للمطالبة بالديمقراطية وتطبيق ما يسمى بالدولة المدنية وخلطوا ذلك بمزيج من الشعارات المختلفة فمنها ماهو اشتراكي ومنها ماهو علماني ومنها ماهو بعثي ومنها ماهو ناصري فهل يصح للمسلم العاقل بعد هذا أن ينضم لفريق من هؤلاء أو يخلط حقه بباطلهم وشوراه الإسلامية بديمقراطيتهم وحاكمية الشريعة بدساتيرهم وقوانينهم.
إن الدعوة إلى التغيير والإصلاح إما أن تكون دعوة صحيحة ولا تكون صحيحة إلا إذا كانت تدعوا إلى حاكمية الشريعة كما قال نبي الله شعيب عليه السلام {إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} وإما أن تكون الدعوة للتغيير والإصلاح دعوة كاذبة يرفعها المنافقون ولا يأتون بحقيقتها ولهذا قال الله عنهم {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ} وأمام هذا التباين بين الدعوة الصحيحة للتغيير التي دعا إليها الأنبياء عليهم السلام وبين الدعوة الكاذبة للتغير التي يدعوا إليه أهل النفاق يتضح أن الفرق بين الدعوتين هو تحكيم الشريعة تحكيماً مطلقاً لا يكون لأحد معه رأي أو تصويت أو استفتاء (وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا} {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا}
الخطبة الثانية
إن المسلم يجب عليه أن يكون على بينة من أمره وبصيرة من سبيله حتى لا تخدعه الفلسفات الزائفة التي خدعت الكثيرين ببريقها والشعارات الغامضة التي تخفي السموم في باطنها فنحن قوم أعزنا الله بالإسلام وبالإسلام فقط فمن ابتغى المجد والعزة في غير الإسلام فإن الذلة والمسكنة والمهانة نهايته ولابد يقول الله سبحانه وتعالى {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا} ويقول {إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}.
يجب علينا أن نحدد هويتنا بدقة وأن نعرفها بوضوح لنعرف ماهو المنهج الذي يجب أن نسير عليه وماهو الانتماء الذي ننتمي إليه يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ( كل ماخرج عن دعوى الإسلام والقرآن من نسب أو بلد أو جنس أو مذهب أو طريقة فهو من غراء الجاهلية ) فهل يأتي بعد ذلك مسلم يدّعي الإسلام ثم يدّعي أن هويته قومية أو علمانية أو اشتراكية أو بعثية أو ديمقراطية والله عز وجل يقول {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} ويقول {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} يعني الاستسلام لله في كل شيء.
إن الانتماء لهذا الدين يعني العبودية لله والاستسلام له في كل مناحي الحياة ومنها الاستسلام له في الفكر والسياسة والاقتصاد والإعلام وفي كل الأمور فالإسلام شريعة متكاملة لا تحتاج إلى زيادة ولا نقص ولا تغيير ولا تبديل ومن المستبعد عقلاً وشرعاً أن يشرع الله للناس أحكاماً في البيع والشراء والجنابة واللقطة وقضاء الحاجة ثم لا يشرع لهم أحكاماً في السياسة والاقتصاد والإعلام والعلاقة مع الآخرين تعالى الله عمّا يقولون علواً كبيراً.