سَوُّوا صُفُوفَكُمْ فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصَّفِّ مِنْ تَمَامِ الصَّلاَةِ

محمد البدر
1436/10/15 - 2015/07/31 01:13AM
[align=justify]الْخُطْبَةُ الْأُولَى :
أما بعد:قال تعالى : {وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ }.
عباد الله :إن الصفوف في الصلاة مما خصَّ الله به هذه الأمة وشرفها به؛ فإنهم أشبهوا بذلك صفوف الملائكة في السماء ،وقد شرع الله تعالى في صلاة الجماعة أن يصفُّوا صفوفاً منتظمة ولعل من حكمها ومقاصدها أن يتذكر المسلمين بما ينبغي أن يكونوا عليه من الألفة والاجتماع والاتفاق على الحق والخير حتى يكونوا كالجسد الواحد.وشَرع لهذه الصفوف أحكاماً كثيرة نحن في أمس الحاجة إلى تعلمها.
فمن مسائل تسوية الصفوف في الصلاة:
أولاً:تسوية الصفوف :فعن أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ«سَوُّوا صُفُوفَكُمْ فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصَّفِّ مِنْ تَمَامِ الصَّلاَةِ » مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
ومعنى تسوية الصف أن يحاذي المصلي أخاه بعنقه ومنكبه وكعبه فيكون الكعب مقابل الكعب والمنكب محاذياً للمنكب والعنق محاذياً للعنق .
فعَنْ النُّعْمَان بْن بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى النَّاسِ بِوَجْهِهِ، فَقَالَ: «أَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ» ثَلَاثًا، «وَاللَّهِ لَتُقِيمُنَّ صُفُوفَكُمْ أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ» قَالَ: فَرَأَيْتُ الرَّجُلَ يَلْزَقُ مَنْكِبَهُ بِمَنْكِبِ صَاحِبِهِ وَرُكْبَتَهُ بِرُكْبَةِ صَاحِبِهِ وَكَعْبَهُ بِكَعْبِهِ . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانيُّ .
وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ: (وَكَانَ أَحَدُنَا يُلْزِقُ مَنْكِبَهُ بِمَنْكِبِ صَاحِبِهِ وَقَدَمَهُ بِقَدَمِهِ). وعامة الناس اليوم يظنون التسوية إنما هي بأطراف أصابع القدمين وهذا مخالف لهدي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه.
عباد الله :إن التهاون في تسوية الصفوف وإقامتها وحصول الخلل فيها من أسباب الوعيد وحلول النَّقِمات وهو الوعيد باختلاف القلوب وحصول الفرقة والكراهية فيما بينها، وكذلك الوعيد بمسخ الوجوه بتحويل صورها أو طمسها والعياذ بالله.
فعَنْ النُّعْمَان بْن بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أنَّ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُسَوِّي صُفُوفَنَا ، حَتَّى كَأنَّمَا يُسَوِّي بِهَا القِدَاحَ حَتَّى رَأى أنَّا قَدْ عَقَلْنَا عَنْهُ ، خَرَجَ يَوْمًا فَقَامَ حَتَّى كَادَ يُكَبِّرُ فَرَأَى رَجُلاً بَادِيًا صَدْرُهُ مِنَ الصَّفِّ فَقَالَ (عِبَادَ اللهِ ، لتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ ، أو لَيُخَالِفَنَّ اللهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ثانياً: التراص في الصف حتى لا يكون بين المصلي وأخيه فرجة لأن وجود الفرج من أسباب دخول الشياطين بينها .
فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:«رُصُّوا صُفُوفَكُمْ وَقَارِبُوا بَيْنَهَا وَحَاذُوا بِالأَعْنَاقِ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنِّي لأَرَى الشَّيْطَانَ يَدْخُلُ مِنْ خَلَلِ الصَّفِّ كَأَنَّهَا الْحَذَفُ»رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانيُّ.والحَذَفُ :غَنَمٌ سُودٌ صِغَارٌ.
ثالثاً: إتمام الصف الأول فالأول فلا يقام الصف الثاني إلا بعد إتمام الأول ولا يقام الثالث إلا بعد إتمام الثاني فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( أتِمُّوا الصَّفَّ المُقَدَّمَ ، ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ ، فَمَا كَانَ مِنْ نَقْصٍ فَلْيَكُنْ في الصَّفِّ المُؤَخَّرِ ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.
وعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ « ألاَ تَصُفُّونَ كَمَا تَصُفُّ المَلائِكَةُ عِندَ رَبِّهَا ؟ فَقُلنَا :يَارَسُول اللهِ ، وَكَيفَ تُصَفُّ المَلائِكَةُ عِندَ رَبِّهَا ؟ قَالَ يُتِمُّونَ الصُّفُوفَ الأُوَلَ ، وَيَتَرَاصُّونَ في الصَّفِّ » رَوَاهُ مُسْلِم
رابعاً: مشروعية سد الفرج فإذا رأيت فرجة في الصف الذي أمامك فتقدم إليه ولو كنت في الصلاة لأنها حركة يسيرة لمصلحة الصلاة وقد رغب الشارع في وصل الصفوف وسد الفرج ترغيباً كبيراً فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ « إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الَّذِينَ يَصِلُونَ الصُّفُوفَ وَمَنْ سَدَّ فُرْجَةً رَفَعَهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً » رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ .
وعَنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ « مَنْ وَصَلَ صَفًّا وَصَلَهُ اللَّهُ وَمَنْ قَطَعَ صَفًّا قَطَعَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ » رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ .
خامساً:اعتاد بعض الناس تأخير الصبية عن الصف الأول مطلقاً وهذا غلط فإذا كان الصبي عاقلاً مميزاً أي تم له سبع سنين وسبق إلى مكان من الصف فهو أحق به ففي تأخيره عنه ظلم له كما أن في تأخيره تنفيراً له عن الصلاة في المساجد وبالمقابل ففي تركه في الصف الأول تشجيعاً له على المسابقة إلى الصلاة.
سادساً: يشرع أن يلي الإمام أولو الأحلام والنهى وهم أهل السن والعلم والفضل لحكم كثيرة منها تذكير الإمام إذا نسي واستخلافه إذا قطع صلاته لعارض وتبليغ من وراءه إذا ضعف صوته ولغير ذلك من الحكم والمعنى أن يبادر هؤلاء إلى التبكير وليس المقصود إخراج الناس عن أماكنهم التي سبقوا إليها لأجلهم.
أقول هذا القول واستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم



الخطبة الثانية :
أما بعد عباد الله : عن البراءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ: كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَخَلَّلُ الصَّفَّ مِنْ نَاحِيَةٍ إلى نَاحِيَةٍ، يَمْسَحُ صُدُورَنَا وَمَنَاكِبَنَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ .إن من هدي النبي صلى الله عليه وسلم وهدي خلفائه حرصهم على تسوية الصف قولاً وفعلاً وهكذا ينبغي للأئمة المساجد . ويجب على المصلي اذا سمع الاقامة أن يتعاون في تسوية الصفوف ولا ينشغل بالدعاء ولا بالنظر إلى الخلف أو إلى شخص ما فيتقدم إذا كان متأخراً أو يتأخر إذا كان متقدماً ولا يكون قليل المبالاة ضعيف الاهتمام بتسوية الصف أو تأخذه الأنفة ،فإن هذا من تلاعب الشيطان بالإنسان وتزيين الباطل له. الا وصلوا ...
[/align]
المشاهدات 2147 | التعليقات 0