سوء الظن رأس فساد العلاقات بين المؤمنين
مشاري بن محمد
1436/08/24 - 2015/06/11 21:06PM
أما بعد:
قالَ جلَّ جلاله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ۖ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ)
آيةٌ عظيمةٌ فيها الأدبُ الذاتي وإن لم يدرِ الناسُ بك ،يا لجمال الإسلام وأخلاقه؛ يربي النفسَ ظاهرا وباطنا ...
ثلاثُ قضايا عظامٍ جَمَعَتها هذه الآيةُ عن الظنِّ، وعن التجسسِ، وعن الغيبةِ ...
يا لها من أمورٍ كمْ حطَّمَتْ من علاقاتٍ وأفسدتْ من صلة!
ينادي اللهُ المؤمنينَ بصفَتهم المحببة ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ) ليأمرهم بأن يجتنبوا كثيرا من الظنِ فإنَّ بعضَ الظنِ إثم!
لنجتنبَ الكثيرَ لأجلِ أن بعضا منه إثم!
وكأنَّ الآيةَ توحي لك "بأن تجتنب الظن السيء أصلا" لأنه لا يدري أي الظنون تكون إثما!
رويَ عن عمرَ بن الخطابِ ـ رضيَ اللهُ عنه ـ أنه قال: " ولا تظننَّ بكلمةٍ خرجتْ من أخيكَ المسلمِ إلا خيرا، وأنتَ تجدُ لها مَحملا"
وفي الحديثِ الصحيحِ عن أبي هريرةَ ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إياكم والظن فإنَّ الظنَّ أكذبُ الحديثِ ... "رواه مسلم
فإذا ظننتَ بأخيكَ سوءا فلا تبحثْ وتتحققْ بل أبعدِ الظنَّ عن نفسكَ وكفَّ عنه، لتسلمَ وتطيبَ القلوبُ،وإذا ظننتَ فلا تتكلمْ؛ قالَ سفيانُ الثوري ـُ رحمه الله ـ : الظنُّ ظنانِ أحدُهما إثمٌ وهو: أن تظنَّ وتتكلمَ به، والآخرُ ليسَ بإثمٍ وهوَ أن تظنَّ ولا تتكلم.
ولتعلم ـ أيها المؤمن ـ أنَّ سوءَ الظن يجّرُ لخلقٍ سيءٍ آخرَ ألا وهو التجسس ...
فقال الله سبحانه ـ بعد ذلك ـ :" ولا تجسسوا ..." وقال عليه الصلاة والسلام ـ في الحديث الصحيح ـ : " ولا تجسسوا ولا تباغضوا ولا تدابروا، وكونوا عبادَ الله إخوانا "
قال الأوزاعي ـ رحمه الله ـ : "التجسسُ: البحثُ عن الشيءِ والتحسسُ : الاستماعُ إلى حديثِ القومِ وهم كارهون "
فقدْ حرَّم الإسلامُ التجسسَ صيانةً للبيوتِ، وحمايةً للمجتمعِ، والتجسسُ فيه ما فيهِ من أضرارٍ بوحدةِ القلوبِ؛ بل إنَّ الإسلامَ حثَ على سترِ الناسِ ورغبَ في حفظِ عوراتِهم ،متى ما انكشفتْ فهوَ لمدافعةِ البحثِ عنها أشد ...
ففي الحديثِ الصحيحِ : " ومن سترَ مسلماً سترهُ اللهُ في الدنيا والآخرةِ"
أيهُّا المؤمنُ قالَ اللهُ سبحانه : ( وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ)
والغيبةْ كما جاءَ في الحديثِ : " ذكركَ أخاكَ بما يكره " وهوَ تعريفٌ شاملٌ كاملٌ موجزٌ، قيل : أفرأيتَ إنْ كانَ في أخي ما أقولُ؟ !
قال: إنْ كانَ فيهِ ما تقولُ فقد اغتبته، وإنْ لمْ يكن فيه ما تقولُ فقد بهتَّه! "
فالغيبةُ ـ عبادَ الله ـ محرمةٌ بالإجماع بل نقلَ القرطبيُ ـ رحمه الله ـ الإجماعَ على أنَّها كبيرةٌ من كبائرِ الذنوبِ، ولا يُستثنى من تلك الغيبةِ إلا ما رجحتْ مصلحتهُ كالنصيحة.
فأينا يُحبُّ أن يأكلَ لحمَ أخيه؟!
بل أن يأكلَ لحمَ أخيهِ ميتا؟!
واللهِ إنَّ المرءَ ليكره أنْ يأكلَ لحمَ عدوه فكيفَ يأكلُ لحمَ أخيه ...
نسأل اللهَ السلامةَ، إنَّ من يكره ذلكَ عليهِ أنْ يكره أن يغتابَ إخوانه؛ بأنْ يتحدث في حالِ غيبتهم بما يكرهون!
ألا وانتبهوا؛ فإن للغيبةِ صورا كثيرةً، قال الإمامُ النووي:
ذكرُ المرءِ بما يكرههُ سواءً كانَ ذلكَ في بدنِ الشخصِ أو دينهِ أو دنياه، أو نفسهّ أو خُلقهِ، أو خِلقتهِ، أو مالهِ أو والدهِ أو ولدهِ أو زوجهِ أو خادمهِ أو ثوبهِ أو حركتهِ ... أو غيرِ ذلكَ مما يتعلقُ به سواءً ذكرتهُ باللفظِ أو الإشارةِ أو الرمز ...
ومن الصورِ قال النووي ـ رحمه الله ـ : ومنه قولهم عند ذكره: الله يعافينا، الله يتوب علينا، نسأل الله السلامة، ونحو ذلك فكل ذلك من الغيبة!
ومن الصورِ ـ أيضا ـ ما قال ابنُ تيميةَ ـ رحمهُ الله ـ : ومنهم من يخرجُ الغيبةَ في قالبِ التعجبِ، فيقول: تعجبتُ من فلانٍ كيفَ لا يعملُ كيتَ وكيت ... ومنهم من يُخرجُ الغيبةَ في جانبِ الاغتمامِ، فيقولُ:
مسكينٌ فلان غمني وما جَرى له وما ثمَّ له ... أو يقول: ليسَ لي عادةٌ في أن أذكرَ أحدا لكن أُخبركم بأحواله!! والله المستعان.
وبعضهم مَن يغتابُ بحجةِ أنه يستطيعُ أن يقولَ الكلام أمامه!
وإن كنتَ تستطيع أن تقوله أمامه هذا لا يُخرجها من الغيبة!
ألا ولتحذر ـ أيها المؤمن ـ ، فإن الغيبةَ يزدادُ جُرمُها وإثمُها بحسبِ من سمعها فالغيبةُ عندَ الجماعةِ من الناسِ أعظمُ منَ الغيبةِ عندَ الرجلِ والرجلين!
وقد شُبهتْ الغيبةُ بأكلِ لحمِ أخيكَ ميتا؛ لأنهُ لا يُحس ولا يدري بكلامك في غَيبته كالميت، ولو علم لدفع عن نفسه!
مسكينٌ ذلكَ الإنسانُ الذي يأتي يومَ القيامةِ بأعمالٍ صالحة، ثم يراها تذهبُ في ميزانِ مَن اغتابهم وانتقص منهم ...
الخطبة الثانية:
عبادَ الله إن الله سبحانه حذرنا كلَ ما ينغص علاقاتنا في هذه الآية: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ۖ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ)
أيها المؤمن، ذكرتْ الآيةُ في مَطلعها اجتنابَ كثيرٍ من الظنِ، ثمَّ نبهتْ على التحذيرِ والنهي عن التجسسِ، فإنَّ الظنَ السيءَ يجرُّ المرءَ إلى التجسسِ، ثم خُتمتْ بالغيبةِ، وتبشيعها بأشدِ صوره.
ثمّ مِن رحمةِ اللهِ أنْ ذكرَ المؤمنينَ بأنْ يتقوا اللهَ ويخافوه فإنَّ اللهَ يعلمُ ما في نفوسِكم وصورِ الغيبةِ الكثيرةِ التي قدْ يخادعونَ الناسَ بها وكأنكمْ ناصحون!
ثمَّ ذكّرنا اللهُ في آخرِ الآيةِ بأنّهُ سبحانه "توَّاب رحيم" فمنْ ابتليَ بشيءٍ من الظنِ والتجسسِ والغيبةِ فليتبْ فإنَّ اللهَ توابٌ رحيمٌ وليقف وليقلع...
ومن اغتابَ إنساناً فإنَّ منَ التوبةِ أنْ يذكرهُ بخيرٍ في المجالسِ التي انتقصهُ بها وليدعُ له وليستغفر ...
فإن للغيبة حقان حق لله إذ حرمها وحقٌ للناس في ذكرهم بما يكرهون ...
قالَ جلَّ جلاله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ۖ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ)
آيةٌ عظيمةٌ فيها الأدبُ الذاتي وإن لم يدرِ الناسُ بك ،يا لجمال الإسلام وأخلاقه؛ يربي النفسَ ظاهرا وباطنا ...
ثلاثُ قضايا عظامٍ جَمَعَتها هذه الآيةُ عن الظنِّ، وعن التجسسِ، وعن الغيبةِ ...
يا لها من أمورٍ كمْ حطَّمَتْ من علاقاتٍ وأفسدتْ من صلة!
ينادي اللهُ المؤمنينَ بصفَتهم المحببة ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ) ليأمرهم بأن يجتنبوا كثيرا من الظنِ فإنَّ بعضَ الظنِ إثم!
لنجتنبَ الكثيرَ لأجلِ أن بعضا منه إثم!
وكأنَّ الآيةَ توحي لك "بأن تجتنب الظن السيء أصلا" لأنه لا يدري أي الظنون تكون إثما!
رويَ عن عمرَ بن الخطابِ ـ رضيَ اللهُ عنه ـ أنه قال: " ولا تظننَّ بكلمةٍ خرجتْ من أخيكَ المسلمِ إلا خيرا، وأنتَ تجدُ لها مَحملا"
وفي الحديثِ الصحيحِ عن أبي هريرةَ ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إياكم والظن فإنَّ الظنَّ أكذبُ الحديثِ ... "رواه مسلم
فإذا ظننتَ بأخيكَ سوءا فلا تبحثْ وتتحققْ بل أبعدِ الظنَّ عن نفسكَ وكفَّ عنه، لتسلمَ وتطيبَ القلوبُ،وإذا ظننتَ فلا تتكلمْ؛ قالَ سفيانُ الثوري ـُ رحمه الله ـ : الظنُّ ظنانِ أحدُهما إثمٌ وهو: أن تظنَّ وتتكلمَ به، والآخرُ ليسَ بإثمٍ وهوَ أن تظنَّ ولا تتكلم.
ولتعلم ـ أيها المؤمن ـ أنَّ سوءَ الظن يجّرُ لخلقٍ سيءٍ آخرَ ألا وهو التجسس ...
فقال الله سبحانه ـ بعد ذلك ـ :" ولا تجسسوا ..." وقال عليه الصلاة والسلام ـ في الحديث الصحيح ـ : " ولا تجسسوا ولا تباغضوا ولا تدابروا، وكونوا عبادَ الله إخوانا "
قال الأوزاعي ـ رحمه الله ـ : "التجسسُ: البحثُ عن الشيءِ والتحسسُ : الاستماعُ إلى حديثِ القومِ وهم كارهون "
فقدْ حرَّم الإسلامُ التجسسَ صيانةً للبيوتِ، وحمايةً للمجتمعِ، والتجسسُ فيه ما فيهِ من أضرارٍ بوحدةِ القلوبِ؛ بل إنَّ الإسلامَ حثَ على سترِ الناسِ ورغبَ في حفظِ عوراتِهم ،متى ما انكشفتْ فهوَ لمدافعةِ البحثِ عنها أشد ...
ففي الحديثِ الصحيحِ : " ومن سترَ مسلماً سترهُ اللهُ في الدنيا والآخرةِ"
أيهُّا المؤمنُ قالَ اللهُ سبحانه : ( وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ)
والغيبةْ كما جاءَ في الحديثِ : " ذكركَ أخاكَ بما يكره " وهوَ تعريفٌ شاملٌ كاملٌ موجزٌ، قيل : أفرأيتَ إنْ كانَ في أخي ما أقولُ؟ !
قال: إنْ كانَ فيهِ ما تقولُ فقد اغتبته، وإنْ لمْ يكن فيه ما تقولُ فقد بهتَّه! "
فالغيبةُ ـ عبادَ الله ـ محرمةٌ بالإجماع بل نقلَ القرطبيُ ـ رحمه الله ـ الإجماعَ على أنَّها كبيرةٌ من كبائرِ الذنوبِ، ولا يُستثنى من تلك الغيبةِ إلا ما رجحتْ مصلحتهُ كالنصيحة.
فأينا يُحبُّ أن يأكلَ لحمَ أخيه؟!
بل أن يأكلَ لحمَ أخيهِ ميتا؟!
واللهِ إنَّ المرءَ ليكره أنْ يأكلَ لحمَ عدوه فكيفَ يأكلُ لحمَ أخيه ...
نسأل اللهَ السلامةَ، إنَّ من يكره ذلكَ عليهِ أنْ يكره أن يغتابَ إخوانه؛ بأنْ يتحدث في حالِ غيبتهم بما يكرهون!
ألا وانتبهوا؛ فإن للغيبةِ صورا كثيرةً، قال الإمامُ النووي:
ذكرُ المرءِ بما يكرههُ سواءً كانَ ذلكَ في بدنِ الشخصِ أو دينهِ أو دنياه، أو نفسهّ أو خُلقهِ، أو خِلقتهِ، أو مالهِ أو والدهِ أو ولدهِ أو زوجهِ أو خادمهِ أو ثوبهِ أو حركتهِ ... أو غيرِ ذلكَ مما يتعلقُ به سواءً ذكرتهُ باللفظِ أو الإشارةِ أو الرمز ...
ومن الصورِ قال النووي ـ رحمه الله ـ : ومنه قولهم عند ذكره: الله يعافينا، الله يتوب علينا، نسأل الله السلامة، ونحو ذلك فكل ذلك من الغيبة!
ومن الصورِ ـ أيضا ـ ما قال ابنُ تيميةَ ـ رحمهُ الله ـ : ومنهم من يخرجُ الغيبةَ في قالبِ التعجبِ، فيقول: تعجبتُ من فلانٍ كيفَ لا يعملُ كيتَ وكيت ... ومنهم من يُخرجُ الغيبةَ في جانبِ الاغتمامِ، فيقولُ:
مسكينٌ فلان غمني وما جَرى له وما ثمَّ له ... أو يقول: ليسَ لي عادةٌ في أن أذكرَ أحدا لكن أُخبركم بأحواله!! والله المستعان.
وبعضهم مَن يغتابُ بحجةِ أنه يستطيعُ أن يقولَ الكلام أمامه!
وإن كنتَ تستطيع أن تقوله أمامه هذا لا يُخرجها من الغيبة!
ألا ولتحذر ـ أيها المؤمن ـ ، فإن الغيبةَ يزدادُ جُرمُها وإثمُها بحسبِ من سمعها فالغيبةُ عندَ الجماعةِ من الناسِ أعظمُ منَ الغيبةِ عندَ الرجلِ والرجلين!
وقد شُبهتْ الغيبةُ بأكلِ لحمِ أخيكَ ميتا؛ لأنهُ لا يُحس ولا يدري بكلامك في غَيبته كالميت، ولو علم لدفع عن نفسه!
مسكينٌ ذلكَ الإنسانُ الذي يأتي يومَ القيامةِ بأعمالٍ صالحة، ثم يراها تذهبُ في ميزانِ مَن اغتابهم وانتقص منهم ...
الخطبة الثانية:
عبادَ الله إن الله سبحانه حذرنا كلَ ما ينغص علاقاتنا في هذه الآية: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ۖ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ)
أيها المؤمن، ذكرتْ الآيةُ في مَطلعها اجتنابَ كثيرٍ من الظنِ، ثمَّ نبهتْ على التحذيرِ والنهي عن التجسسِ، فإنَّ الظنَ السيءَ يجرُّ المرءَ إلى التجسسِ، ثم خُتمتْ بالغيبةِ، وتبشيعها بأشدِ صوره.
ثمّ مِن رحمةِ اللهِ أنْ ذكرَ المؤمنينَ بأنْ يتقوا اللهَ ويخافوه فإنَّ اللهَ يعلمُ ما في نفوسِكم وصورِ الغيبةِ الكثيرةِ التي قدْ يخادعونَ الناسَ بها وكأنكمْ ناصحون!
ثمَّ ذكّرنا اللهُ في آخرِ الآيةِ بأنّهُ سبحانه "توَّاب رحيم" فمنْ ابتليَ بشيءٍ من الظنِ والتجسسِ والغيبةِ فليتبْ فإنَّ اللهَ توابٌ رحيمٌ وليقف وليقلع...
ومن اغتابَ إنساناً فإنَّ منَ التوبةِ أنْ يذكرهُ بخيرٍ في المجالسِ التي انتقصهُ بها وليدعُ له وليستغفر ...
فإن للغيبة حقان حق لله إذ حرمها وحقٌ للناس في ذكرهم بما يكرهون ...