سلسلة خطب عن علامات الساعة الصغرى خطبة رقم (4).

قاسم الهاشمي
1439/05/15 - 2018/02/01 17:02PM

الخطبة (4)

إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وسلم تسليماً كثيراً، أما بعد:

(يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاْ تَمُوتُنَّ إِلاّ وَأنتُمْ مُسلِمُونَ)..

(يَآ أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِن نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَآءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُم رَقِيباً)..

(يَآ أَيَّهَا الَّذِينَ آَمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ وَ قُولُواْ قَولاً سَدِيداً ، يُصلِحْ لَكُم أَعْمَالَكُم وَ يَغْفِرْ لِكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَ مَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزَاً عَظِيِمَاً).

معاشر المسلمين:

سبق أن تحدثنا في الخطب الماضية عن علامات الساعة الصغرى التي ظهرت، وبينا شيئاً من تلكم العلامات، ونختم اليوم -بإذن الله- الحديث عن هذه العلامات ، ولكن سيكون حديثنا اليوم -بمشيئة الله- عن علامات الساعة الصغرى التي لم تظهر بعد.

أيها الأحبة: من علامات الساعة الصغرى التي لم تظهر بعد، انحسار نهر الفرات عن جبل من ذهب: فعن أبي هريرة t قال: قال رسول الله ﷺ: «لا تقوم الساعة حتى يحسر الفرات عن جبل من ذهب يقتتل الناس عليه فيقتل من كل مائة تسعة وتسعون، ويقول كل رجل منهم: لعلي أكون أنا الذي أنجو» رواه البخاري.

ومِنْ عَلَامَاتِ السَّاعَةِ التي لم تقع؛ كثرة الزلازل كَمَا قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقْبَضَ الْعِلْمُ وَتَكْثُرَ الزَّلَازِلُ…» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

ومن علاماتها كذلك التي لم تقع، عودة أرض العرب مروجاً وأنهاراً: فعن أبي هريرة t قال: قال رسول الله ﷺ: «لا تقوم الساعة حتى تعود أرض العرب مروجاً وأنهاراً» رواه مسلم.

ودارسو الإعجاز يرون أن وقوع الزلازل والبراكين في جزيرة العرب دليل على قرب أمارة من أمارات الساعة وهي بداية عودة جزيرة العرب مروجاً وأنهاراً كما كانت من قبل؛ وذلك بتغير تضاريس الأرض بفعل الزلازل والبراكين، وتغير أجوائها بفعل أبخرة البراكين وغازاتها. 

ومن العلامات، عمران بيت المقدس وخراب المدينة المنورة: عن معاذ بن جبل t قال: قال رسول الله ﷺ: «عمران بيت المقدس خراب يثرب، وخروج الملحمة فتح القسطنطينية، وفتح القسطنطينية خروج الدجال»، قال ثم ضرب بيده على فخذ الذي حدثه أو منكبه ثم قال: «إن هذا لحق مثل ما إنك ها هنا، أو كما أنك قاعد». رواه أحمد وأبو داود وحسنه الألباني.

 

ومن العلامات، استحلال البيت الحرام وهدم الكعبة: عن عبد الله بن عمر t ما قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «يخرِّب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة ويسلبها حليتها ويجردها من كسوتها، ولكأني أنظر إليه أصلع أقيدع يضرب عليها بمسحاته ومعوله» رواه أحمد بإسناد صحيح.

ومن العلامات، خروج القحطاني –أي رجل من قحطان- يحكم بين الناس بالعدل: فعن أبي هريرة t قال: قال رسول الله ﷺ: «لا تقوم الساعة حتى يخرج رجل من قحطان يسوق الناس بعصاه» متفق عليه.

وسوقه الناس بعصاه كناية عن طاعة الناس له ورضوخهم لأمره.

والقحطاني ليس هو المهدي الذي سيخرج أيضاً في آخر الزمان، فإن خروج المهدي يكون من علامات الساعة الكبرى، وسيكون خروج القحطاني قبل المهدي بزمن.

ومن العلامات، قتال اليهود: فعن أبي هريرة t قال: قال رسول الله ﷺ: «لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود فيقتلهم المسلمون، حتى يختبئ اليهود من وراء الحجر والشجر، فيقول الحجر أو الشجر: يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله، إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود» متفق عليه.

ومن العلامات، كثرة الروم وقتالهم للمسلمين: عن عوف بن مالك t قال: قال رسول الله ﷺ: «اعدد ستاً بين يدي الساعة، فذكر منها: ثم هدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر فيغدرون فيأتونكم تحت ثمانين غاية تحت كل غاية اثنا عشر ألفاً» رواه البخاري.

وهذا القتال يقع في الشام في آخر الزمان، قبل ظهور الدجال، كما دلت على ذلك الأحاديث ويكون انتصار المسلمين على الروم تهيئة لفتح القسطنطينية، والتي يعتبر فتحها أيضاً من أشراط الساعة.

فعن جابر بن سمرة عن نافع بن عتبة قال: كنا مع رسول الله، فحفظتُ منه أربع كلمات أعدُّهن في يدي، قال: «تغزون جزيرة العرب فيفتحها الله، ثم فارس فيفتحها الله، ثم تغزون الروم فيفتحها الله، ثم تغزون الدجال فيفتحه الله»، قال: فقال نافع: "يا جابر لا نرى الدجال يخرج حتى تفتح الروم" رواه مسلم.

وجاء تحديد أرض المعركة مع الروم وأنها في الشام في حديث أبي الدرداء t في سنن أبي داود، أن رسول الله ﷺ قال: «إن فسطاط المسلمين يوم الملحمة في أرض بالغوطة في مدينة يقال لها دمشق من خير مدائن الشام».

أما عن سبب القتال؛ فقد روى الحاكم في المستدرك والإمام أحمد في مسنده، واللفظ للحاكم، عن خالد بن معدان t أنه سمع رسول الله ﷺ يقول: «تصالحون الروم صلحاً آمناً حتى تغزون أنتم وهم عدواً من ورائهم -وفي رواية من ورائكم- فتَسلَمون وتفتحون وتنصرون حتى تنزلوا بمرج ذي تلول فيقول قائل من الروم: "غلب الصليب"، ويقول قائل من المسلمين: "بل الله غلب"، فيتداولونها بينهم، فيثور المسلم إلى صليبهم وهم منهم غير بعيد، فيرميه، ويثور الروم إلى كاسر صليبهم فيقتلونه، فيكرم الله عز وجل تلك العصابة من المسلمين بالشهادة، فيقول الروم لصاحب الروم: كفيناك حد العرب، فيغدرون فيجتمعون للملحمة فيأتونكم تحت ثمانين غاية، تحت كل غاية اثنا عشر ألفاً».

وفي رواية أخرى للحاكم: «ستصالحكم الروم صلحاً آمناً ثم تغزون أنتم وهم عدواً فتنصرون وتسلمون وتفتحون ثم تنصرفون بمرج فيرفع لهم رجل من النصرانية الصليب فيغضب رجل من المسلمين، فيقوم إليهم فيدق الصليب، فعند ذلك تغضب الروم، فيجتمعون للملحمة».

وورد في وصف شدة هذا القتال، ما رواه عبد الله بن مسعود t أنه ﷺ قال: «إن الساعة لا تقوم، حتى لا يقسم ميراث، ولا يفرح بغنيمة، ثم قال بيده هكذا ونحاها نحو الشام فقال: عدو يجمعون لأهل الإسلام ويجمع لهم أهل الإسلام». قلت: "الروم تعني؟" قال: «نعم. وتكون عند ذاكم القتال ردة شديدة. فيشترط المسلمون شرطة للموت لا ترجع إلا غالبة. فيقتتلون حتى يحجز بينهم الليل فيفيء هؤلاء وهؤلاء كل غير غالب، وتفنى الشرطة، ثم يشترط المسلمون شرطة للموت لا ترجع إلا غالبة، فيقتتلون حتى يحجز بينهم الليل فيفيء هؤلاء وهؤلاء كل غير غالب، وتفنى الشرطة، ثم يشترط المسلمون شرطة للموت لا ترجع إلا غالبة فيقتتلون حتى يمسوا، فيفيء هؤلاء وهؤلاء كل غير غالب وتفنى الشرطة، فإذا كان يوم الرابع نهد إليهم بقية أهل الإسلام فيجعل الله الدبرة عليهم فيُقتلون أي الروم مقتلة إما قال لا يرى مثلها، وإما قال لم ير مثلها حتى إن الطائر ليمر بجنباتهم، فما يخلفهم حتى يخر ميتاً فيتعاد بنو الأب كانوا مائة فلا يجدونه بقي منهم إلا الرجل الواحد فبأي غنيمة يفرح؟ أو أي ميراث يقاسم؟

 فبينما هم كذلك إذ سمعوا ببأس هو أكبر من ذلك فجاءهم الصريخ: إن الدجال قد خلفهم في ذراريهم، فيرفضون ما في أيديهم ويقبلون فيبعثون عشرة فوارس طليعة، قال رسول الله ﷺ"إني لأعرف أسمائهم وأسماء آبائهم وألوان خيولهم هم خير فوارس على ظهر الأرض يومئذ، أو من خير فوارس على ظهر الأرض يومئذ" رواه مسلم.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، ونفعنا بهدي سيد المرسلين، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب؛ إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله.. صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً مزيداً.

أيها المسلمون: ذكرنا ولله الحمد علامات الساعة الصغرى وذكرنا منها أولاً: علامات ظهرت وانقضت. وثانياً: علامات ظهرت ولم تنقض، بل هي في ازدياد. وثالثاً: علامات لم تظهر.

لكن يبقى السؤال الأهم، لماذا وردت وذُكرت أشراط الساعة في الكتاب والسنة، وهل في ذكرها وتذاكرها فائدة؟ والجواب أن يقال: نعم وذلك لأمور عدة منها:

1- تجديد الإيمان بالله ورسوله، وذلك من اعتبارنا بدلائل النبوة.. الدالة على ربوبية الله من جهة، وصدق نبوةِ محمد ﷺ.

2- المسارعة إلى التوبة والإنابة إلى الله تعالى، حيثُ أنَّ الموتَ والساعةَ لا تأتي إلا فجأة، قال تعالى: يَسْأَلُونَكَ عَنْ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً...

3- المبادرةُ بالإيمان والعمل الصالح؛ لأنها ستكون فتنٌ كقطع الليل المظلم.. كإمارة السفاء.. وكثرةِ الشُرط… والاستخفافِ بالدماء… وكثرة الهرج… وفشو الزنا والعياذ بالله تعالى.. وهي فتنٌ تحتاج إلى الصبر والحلم، والعلم والاعتصام بحبل الله المتين.

4- الإقامةُ والمصابرةُ على الإيمانِ والعلم، والتعلُّمِ والعملِ المرضي، والتزوُّدِ بالتقوى؛ استعداداً للدار الآخرة، وحتى لا نكون ممن يصبح مؤمنًا ويمسى كافرًا، والعياذ بالله.

5- لئلا نركنَ إلى الدنيا وقد رأينا قربَ الرحيل لنا، أو للدنيا بقيام الساعة.

 أسأل الله جل في علاه أن يختم لنا ولكم بخير، وأن يرزقنا محبته ظاهراً وباطناً، وأن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه. 

هذا وصلوا وسلموا رحمكم الله كما أمركم الله بالصلاة والسلام على نبيه، فقال في محكم التنزيل: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً.

اللهم صلِّ وسلِّم على نبينا محمد، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين الذين قضوا بالحق وبه كانوا يعدلون - أبي بكر وعمر وعثمان وعلي - وعن سائر الصحابة أجمعين، وعنا معهم بجودك وكرمك يا أكرم الأكرمين.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، ودمر أعداء الدين، واجعلِ اللهم هذا البلد آمناً مطمئناً رخاءً وسائر بلاد المسلمين: رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ، اللهم اصرف عنا الفتن ما ظهر منها وما بطن، وثبتنا على هذا الدين حتى الممات رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ.

اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها، وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة..

يا حي يا قيوم برحمتك نستغيث.. أصلح لنا شأننا كله ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين..

اللهم أنت رب العالمين الرحمن الرحيم.. أنت مجيب المضطرين.. اللهم أغثنا.. اللهم أغثنا ياكريم يارب العالمين يا أرحم الراحمين.. إنك على كل شيء قدير..

اللهم لا تؤاخذ الناس ولا تؤاخذنا بذنوبنا يا أرحم الراحمين.. اللهم لا تمنع عنا بذنوبنا فضلك برحمتك يا أرحم الراحمين..

اللهم وفق إمامنا لهداك، واجعل عمله في رضاك، ووفق جميع ولاة المسلمين للعمل بكتابك وتحكيم شرعك ياذا الجلال والإكرام.

عباد الله:إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ. فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على آلائه ونعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.

 

 

المرفقات

الساعة-الصغرى-20-3-1439هـ-4

الساعة-الصغرى-20-3-1439هـ-4

المشاهدات 2392 | التعليقات 0