زهرة ... بلا رائحة ! // خالد رُوشه

احمد ابوبكر
1435/06/01 - 2014/04/01 03:09AM
أجمل ما في الزهور رائحتها , وكثيرا ما نصدم ويصيبنا الألم إذا ما رأينا زهرة براقة الألوان , حسنة الشكل , فلما اقتربنا منها وجدنا رائحتها قبيحة , نكاد أن نلقي بها تحت أقدامنا إذ إنها خيبت ظنوننا. فالزهر إنما هو أصل العطور , وكل رائحة جميلة في الحياة أصلها الزهور . جاءني شاب قبل أيام يشكو لي من كونه - رغم أنه متدين حسن الأخلاق - إلا أنه قد وقع في شراك فتاة كثيرة الزينة , لفتت ناظريه , فأتبع النظرة النظرة , وزين له الشيطان صورتها , فصار يتابع النظر إليها , ويتذكرها ليلا ونهارا !

يقول الشاب : أنه رغم أنه يسعى جاهدا أن يتخلى عن التفكر فيها وتذكرها , إلا أن صورتها تقتحم عليه خلوته , والتفكير فيها لا يخلي وحدته , حتى إنه أفسد عليه دراسته , فبعد أن كان متميزا متفوقا , فقد تكرر فشله في أكثر من اختبار.

جاء الفتى يشكو شكوى صادقة , فاتفقت معه على السبب الأول لوقوعه في هذا الفخ , وهو أنه كرر النظر إليها , ولما كانت الفتاة زميلته في الجامعة فكان لقاؤها متكررا وكان نظره إليها متتابعا , واتفق هو أن الشيطان زين له صورتها فهو يراها الآن كأجمل فتاة في الدنيا , وأنه يريد الارتباط بها والزواج ولا يرى في الدنيا غيرها , ذكرته بحديث النبي صلى الله عليه وسلم في التحذير من تكرار النظر فعَنْ بُرَيْدَةَ رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلمَ : ((يَا عَلِيُّ لَا تُتْبِعْ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ فَإِنَّ لَكَ الْأُولَى ، وَلَيْسَتْ لَكَ الْآخِرَةُ)) أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي حذرته من أن تكون تلك الفتاة كزهرة بلا رائحة , قد غره منها ألوان ثيابها , وزينها له الشيطان . ورجوته أن يسعى للابتعاد عنها , أوالسؤال الجيد عنها وعن أهلها إذا قرر خطبتها , وأن يعرف مستقبله معها من حيث رغبته في بناء بيت مسلم .

غاب عني ذاك الشاب أياما ثم عاد , وإذا به يقول لي أنه قد حدث له عجبا ! فبعد أن استخار الله في خطبة الفتاة , وذهب لبيت ابيها ليخطبها - يقول الشاب - أنه فوجئ بفتاة ماجنة , وأسرة لاهية غافلة , حتى إن الفتاة بادرته بالأسئلة واستنكرت عليه تدينه , ولما حادثها عن الحجاب اعترض أبوها قبل أن تعترض أمها وقبل أن تبارك هي على اعتراضهم , حتى إنها قالت له : نحن لا نحب المتدينين ! فلما انزعج من كلمتها قالت : يعني أقصد لا نحب من يكثر الكلام في الدين , وحتى إنها بادرته بالسؤال عن مساحة بيته الذي سيتزوج به , وبادره أبوها بالسؤال عن راتبه الذي يتقاضاه , ولما سألها عن تصورها لبيتها القادم بادرته بقولها : إنها تتصور بيتا متكامل الخدمات , واسع المساحة , به كفالة الراحة والتقدم , به من الأثاث ما يناسب العصر , وأن تعيش فيه مع زوجها عيشه لا تقل عن عيشه أبيها الغني , وتريد لأبنائها أن يتعلموا في الخارج ولا تريد لأم زوجها علاقة بها إلا في المناسبات وهكذا .

يقول الشاب إنه كان في لحظتها يتلقى الصدمات المتتاليات المتتابعات من كلماتها وكلمات أبويها , ويستمع إلى حديث صاحبة الزينة , راغبا عنها , كارها لكلماتها ,محتقرا لأهدافها في الحياة , ثم قال ذاك الشاب : الحمد لله الذي بصرني بتلك الفتاة , والحمد لله الذي كشف لي حقيقة تلك الألوان الفجة والزينة الفارغة .

إن البلاد من حولنا مليئة بأمثال تلك الفتيات كثيرات الزخرف قليلات الدين , المتلونات بألوان جاذبة , وهن في حقيقتهن لا يحويهن إلا لون السواد .

إنني أنصح أحبائي من الشباب المؤمن المثقف الا يغتر بزينة أو زخرف ولا بألوان زاهية , وأن يبحث عن الدين وعن الإيمان في الفتاة التي يريد أن يرتبط بها , وأن يسأل عن أهلها جيدا وعن بيئتها التي تربت فيها , وتشربت منها , وعن طبائع أمها التي علمتها القيم , لئلا يجد نفسه فجأة قد تورط في ارتباط بفتاة تبدو وكأنها زهرة , لكن حقيقتها أنها زهرة كاذبة , قال النبي صلى الله عليه وسلم : " فاظفر بذات الدين تربت يداك " متفق عليه
المرفقات

431.doc

المشاهدات 1274 | التعليقات 0