زَكَاةُ المالِ والنَفْسِ ( حسب التعميم الوزاري - بثلاث صيغ)
راشد بن عبد الرحمن البداح
إن الحمدَ للهِ؛ نحمدُه، ونستعينُه، ونستغفرُه، ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسِنا، وسيئاتِ أعمالِنا. من يهدِهِ اللهُ فلا مضلَّ له، ومن يُضللْ فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه، صلى اللهُ وسلمَ عليهِ، وعلى آلهِ وصحبِه، أما بعدُ: فنعمَ الزادُ التقوى {وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى}.
لنفرَحْ ولنفخَرْ بدينِنا العظيمِ، الذي يدعو للترابُطِ والتكافُلِ، فالصلاةُ اجتماعٌ، والزكاةُ تكافلٌ، والصومُ تواصلٌ، والحجُ تكاتفٌ: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى}.
أما في دولُ الكفرِ؛ فلا علاقاتٍ إلا بمصالحَ، وبينهم تفككٌ أسريٌ واجتماعيٌ في أحطِ دركاتهِ، والخُواءَ كامِنٌ في الداخلِ. فالحمدُ للهِ على نعمةِ الإسلامِ.
ومِن مَحاسن دينِنا هذه الزكاةُ التي هيَ حقٌ للفقيرِ، ليسَ للغَنيِ فيها مِنةٌ على الفقيرِ؛ فالمِنةُ للهِ وحدَه.
فأدُّوها يا أصحابَ الجِدَةِ قبلَ أن يأتيَ يومٌ يُحمىَ عليها في نارِ جهنمَ، فتُكوَى بها الجِباهُ والجُنوبُ والظُهورُ، وقبلَ أن يُمثَّلَ لصاحبِ المالِ مالُه ثعبانًا مروِّعًا، فيأخذَ بشِدْقَيه، ويقولُ: أنا مالُك أنا كنزُك.
أيُها المسلمونَ: يجبُ التفقُّه بأحكامِ الزكاةِ، وإليكمْ ثلاثةَ عشرَ سؤالاً وجوابُها مختصرًا:
1. يقولُ: لا أعرفُ المساكينَ، فمَن أعطيْها؟
الجوابُ: أعطِها الجهاتِ الرسميةَ المصرحَ لها، كجمعياتِ البرِ، وكمنصةِ إحسانٍ، ومنصةِ "فرجتْ" ومنصةِ "جودٍ للإسكانِ".
2. هل الأفضلُ أن أُخبرَه أنها زكاةٌ؟
الجوابُ: إذا كانَ من عادتهِ أن يأخذَ الزكاةَ فلا يَنبغي أن تخبرَه؛ لأن اللهَ تعالى يقولُ: (لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى).
3. هل يجوزُ أن أعطيَ زكاتيْ لأخيْ المديونِ العاجزِ، أو بِنتيْ المتزوجةِ المحتاجةِ؟
الجوابُ: يجوزُ، بلْ هوَ الأفضلُ؛ لأن النبيَّ e أخبرَ أن الزكاةَ عَلَى الْمِسْكِينِ صَدَقَةٌ، وَهِيَ عَلَى ذِي الرَّحِمِ ثِنْتَانِ صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ([1]).
4. شخصٌ له أولادٌ، وراتبُه قليلٌ، فهلْ أعطِيهِ من زكاتي؟
الجوابُ: إن كانَ آخرَ الشهرِ يَستدينُ فأعطِه.
5. لي دينٌ على فقيرٍ، فهل يجوزُ أن أُسْقِطَه، وأنويَه زكاةً؟
الجوابُ: (لا يجوزُ؛ لأن الزكاةَ أخذٌ وإعطاءٌ، كما قالَ تعالى: [خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً ]
6. له عشرُ سنواتٍ لم يُسدِّدْني، فهلْ أزكيْ عنِ المالِ؟
الجوابُ: لا تزكِّها إلا عن سنةٍ واحدةٍ فقطْ، إذا قبضتَها)([2])
7. رجلٌ لا يُحسنُ التصرفَ في مالِهِ، فهل أشتريْ له احتياجاتِه على دُفعاتٍ؟!
الجوابُ:(لا يجوزُ إلا بتوكيلٍ من الفقيرِ، أو تقول: اشترِ وأنا أسددُ عنك)([3]).
8. رواتبُنا الشهريةُ كيفَ نحسِبُ زكاتَها؟ فيُقالُ: (إن كان يَبقى منها كلَّ شهرٍ، فحدِّدْ شهرًا وأخرجْ زكاتَه، واحسِبْ راتبَ الشهرِ الحاليِ، وتكونُ زكاةً معجَّلةً)([4]).
9. اشتريتُ أرضًا؛ لتحفظَ فُلوسيَ فقطْ، ولو احتجتُ بعتُها. الجوابُ: ليسَ فيها زكاةٌ([5]).
10. عندها ذهبٌ لا تَلبسُه، فهلْ فيهِ زكاةٌ؟
والجوابُ أنّ الصحيحَ منْ أقوالِ العلماءِ أنّ حُليَ النساءِ كلَه لا زكاةَ فيهِ.
11. كيفَ أحسِبُ زكاةَ ماليْ؟ الجوابُ: اقسِمِ المبلغَ على (أربعينَ) والناتجُ هو زكاتُك.
12. كمِ المبلغُ الذي تجبُ عليَّ فيه الزكاةُ؟ مَن عندَه ألفُ ريالٍ فعليهِ الزكاةُ.
13. طفليْ الصغيرُ عنده ألفُ ريالٍ جمَعَها قبل سنةٍ، فهلْ يُزكيْ؟
نعمْ يجبُ زكاتُها، وكذلكَ مَنْ عندَه مجنونٌ فكذلكَ.
الحمدُ للهِ وكفَى، وصلاةً وسلامًا على خيرِ مصطفَى، وصحبِهِ ومنِ اقتفَى، أما بعدُ:
فقد بقيَتْ زكاةٌ مهمةٌ جدًا نحنُ عنها غافلونَ، زكاةٌ يدفعُها حتى الفقيرُ! أتدْرونَ ما هيَ؟! إنها زكاةُ نفوسِنا لننالَ فلاحَنا، فربُّنا قالَ في آيةٍ نسمعُها كلَّ تراويحٍ: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى}. وتذكرْ أن موسَى –عليهِ السلامُ- يقولُ لفرعونَ: {هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى}.
فلنتفقَّد قلوبَنا ونحنُ في رمضانَ؛ لنُصلِحَ فسادَها لتتزكَى، ولتُكثرْ من الدعاءِ قائلاً: اللهم أصلِح فسادَ قلبي. ومن قولِ: {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا}.
والدعاءُ في رمضانَ خاصةً نحنُ عنه غافلونَ.
فيا أيُّها الصائمُ لربِّك: أتدعُو قُبيلَ الإفطارِ بدقائقَ، أم تترقبُ: كم بقيَ على الأذانِ؟
أتدعُو وتستغفرُ قبل سحورِك، أم منهمكٌ بجوالِك؟
أتدعُو بين الأذانِ والإقامةِ في المسجدِ؟ وهل تعلمُ أن دعاءَك بين الأذانِ والإقامةِ أفضلُ من قراءتِك للقرآنِ؟
اللهمَ أقبِل بقلوبِنا في رمضانَ، ومُنَّ علينا فيه بالرضوانِ.
اللهمَ إن الصلاةَ والصومَ لك وحدَك. وكلُّنا وما مَلَكْنا مُلكُك لا شريكَ لك.
اللهمَ تقبلْ بفضلِكَ صومَنا بل ونومَنا، وصلواتِنا وصدقاتِنا وسائرَ ما قدمْنا لأنفسِنا من خيرٍ. فأنتَ –سبحانَك– الذي أعنتَنا عليها، ثم تجزيْنا عليها الجزاءَ الأوفى، فضلاً منكَ ورحمةً.
اللهمَ اكفِنا كيدَ مَن كادَ بنا. واحفظْ أمنَنا وإيمانَنا ودينَنا الذي هو عصمةُ أمرِنا، ودنيانا التي فيها معاشُنا.اللَّهُمَّ إِنَا نَعُوذُ بِكَ مِنَ الْوَبَاءِ وَالْغَلَاَءِ.
اللهمَ وفِّق إمامَنا خادمَ الحرمينِ الشريفينِ، ووليَ عهدِه لما فيهِ عزُّ الإسلامِ وصلاحُ المسلمينَ.
أيُها المصلي: قالَ حبيبُك e: أَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنَ الصَّلَاةِ فِي كُلِّ يَوْمِ جُمُعَةٍ؛ فَإِنَّ صَلَاةَ أُمَّتِي تُعْرَضُ عَلَيَّ فِي كُلِّ يَوْمِ جُمُعَةٍ، فَمَنْ كَانَ أَكْثَرَهُمْ عَلَيَّ صَلَاةً كَانَ أَقْرَبَهُمْ مِنِّي مَنْزِلَةً. حسنهُ المنذريُ وابنُ حجرٍ والعجلونيُ والألبانيُ([6])
فاللهمَ صلِ وسلِّمْ على محمدٍ. وأقمِ الصلاةَ.
([1]) سنن الترمذي (658) وقال الترمذي: حسن. وانظر مجالس شهر رمضان للشيخ ابن عثيمين ( ص 161)
([2]) الضياء اللامع من الخطب الجوامع (1 /351)
([3]) لقاءات الباب المفتوح (219 / 7) وثمرات التدوين من مسائل ابن عثيمين د. أحمد القاضي ( ص 61)
([4]) مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين (18 / 118)
([5]) اللقاء الشهري (71 / 4) و (54 / 17)
([6])رواه البيهقي(شعب الإيمان2770) وحسنه المنذري(2583) وابن حجر(الفتح11/167) والعجلوني(1/190) والألباني(صحيح الترغيب167
المرفقات
1618433859_زكاة المال والنفس.pdf
1618433867_زكاة المال والنفس.doc