رواتب بعد غدٍ.. بين ديون الصيف، ومطبخ رمضان
أبو بدر
1433/08/22 - 2012/07/12 17:39PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
رواتب بعد غدٍ.. بين ديون الصيف، ومطبخ رمضان
خطبة قمت بجمعها وإعدادها للمناسبة.. وسأرفعها بإذن الله بعد اكتمالها الليلة
فانتظروني :)
رواتب بعد غدٍ.. بين ديون الصيف، ومطبخ رمضان
خطبة قمت بجمعها وإعدادها للمناسبة.. وسأرفعها بإذن الله بعد اكتمالها الليلة
فانتظروني :)
المشاهدات 4316 | التعليقات 7
جزاك الله خيرا
اللهم آمين وإياك أخي المبارك
أبا مها
أبا مها
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
اللهم آمين وإياك أخي الفاضل
شبيب القحطاني
شبيب القحطاني
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إذاكان حال من سيستلم الراتب بعد يومين سيكون في حيرة من أمره كيف يتصرف في الراتب والحالة كما ذكر فكيف بمن يستلم الراتب بالتاريخ الميلادي أي سيكون الراتب في السادس من رمضان والله المستعان .
للرفع لمناسبة الموضوع.. مع ضرورة بعض التعديلات
أبو بدر
أيها الأحبة في الله.. بعد يومين ستُدرج بإذن الله مرتبات موظفي الدولة في حساباتهم، ومرتبات هذا الشهر لها وضع خاص عند الكثير منا، فالناس بين الترتيب لتسديد بعض ما استدانوه لقضاء صيفهم في الأماكن الباردة، وبين الترتيب لما سيدفعون لمراكز التسويق وبيع المواد الغذائية توفيراً لطلبات الموائد في رمضان، تلك الموائد التي ألزمنا بها أنفسنا ليبقى الواحد منا بعد ذلك واضع اليد على الخد، مقلباً طرفه يمينا وشمالا، يرى المسلمين من حوله ينفقون ويتصدقون ويجودون ويبذلون في شهر البذل والإنفاق والصدقات إقتداءً بذي الطيب والمكرمات، صلى الله عليه وسلم، وصاحبنا لا حول له ولا قوة، قد استنزف كل ما آتاه الله من مال، وصرفه في مشتريات وأطعمة كان بإمكانه الاكتفاء بربعها، وجلس طيلة شهر البذل منتظراً لآخره ليعالج أزمته الاقتصادية التي جنى بها على نفسه.
وهذه مع الأسف مشكلة تتكرر علينا في مثل هذا الوقت من كل عام والله المستعان
أظنكم أيها الأحبة تتفقون معي بأن واقعَ الكثيرِ منا المادي، وطريقَهم الاقتصادي، ينقصه الكثير من حسن التخطيط والترتيب، وإدارة الأولويات والإنفاق
كما أجزم أحبابي الكرام بأنكم تؤمنون بعالميةِ ديننا، وشموليتِه لكلِ شأنٍ من شؤونِ حايتنا في الدارين.. لذا فلتصحبوني في استعراض سريع لبعض النصوص التي خاطبنا الله بها لنمتثلها طريقا نسير عليه في واقعنا، ينير لنا اللهُ بها الطريق، ويحفظنا بها من الزلل.
ففي أعظم توجيه يتعلق بحسن الإدارة المالية والتصرفات الاقتصادية حذرنا من صفةٍ هي من صفات الكافرين كما أن من كان فيه تلك الصفة استوجب أن يوصف بالسفه وكذا كان المتصف بها أخاً لألد أعدائه، وأشد خصمائه وهو الشيطان. فمن كانت فيه تلك الصفة كان أخا للشيطان. تلكم هي صفة الإسراف والتبذير
يقول تعالى في وصف الكافرين: {وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِن بِآيَاتِ رَبِّهِ} (127) سورة طه. ووقال في وصف الجبارين الذين يملكون بأيديهم السلطة والمال: {وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ} (83) سورة يونس. وقال عز وجل في وصف المبذر: {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ} (27) سورة الإسراء.
وقال عز وجل آمراً ومرغبا ومحذراً: (.. وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) الأعراف31
فالمسرف لا يحبه الله، ومن أبغضه الله فمن ذا الذي يحبُّه؟! وكيف له الهناء بعيشٍ في حياة، وسعادةٍ بعد وفاة؟!
عباد الله: يخطئ بعض الناس في الخلط بين مفهوم الإسراف وتعريف الكرم، فيظن البعض بأن الإسراف والتبذير نوع من أنواع الكرم، ولا شك أن الكرم يختلف كلياً عن الإسراف رغم أنَّ كلاً منهما عطاء، فالكرم لا يكون إلا وفق أصول الشرع, مثل: إكرام الضيف، وإطعام الفقير، والبخل ضد الكرم, وليس ضد الإسراف، وإنما الإسراف ضد الاعتدال والاستقامة، والإسراف قرين الكبر والمَخيلة يظنُّ المسرف أنَّ له فضلاً بإسرافه، فيُصيبه الكبر والبطر.
بل إنَّ شرَّ مواضع الإسراف -أيها الأحبة- أن تقام الولائم العظيمة ويدعى إليها الأغنياء، ويحرم منها الفقراء, وإنَّ ما يلقى منها في الفضلات ليُشبع خلقاً كثيراً من أهل الحاجة، في مناطق المجاعة.
وأما المبالغة في بذل المال طاعةً لله وفي سبيله، فلا يكون إسرافاً, وإن كان هذا البذلُ مشروطاً بأن لا يُضيِّع المنفِقُ من يعول، ويذرَ ذريته عالةً على الناس.
ومن طامة طوامنا - أيها الأكارم - في مثل هذه المواقف أن يشار إلى العاقل الذي ينفق ماله بانضباطٍ ويجعله محاطاً بحدود الشريعة وأوامرها يشار إليه على أنه بخيل مقتّر، ويشار إلى المسرف المبذر الذي ينفق ماله في غير وجوهه المشروعة والمعقولة على أنه صاحب البذل والكرم
بل والأدهى من ذلك أيها الأحبة أن يكون العاقل المنضبط الذي يقدم طعام رمضان باقتصاد وبقدر الحاجة يكون ذلك غريباً في مجتمعه شاذا في تصرفه، ووالله لم نصل إلى هذه المرحلة مما يُتعجَّبُ منه ويُستَغرَب إلا عندما انقلبت المفاهيم واختلطت مدارك العقول، فكثُرَ المباهون المسرِفون، وقلَّ الحكماءُ المقتصِدون، وصار العاقل يبالي بما به الناسُ يتحدثون، ولما هو عليه من حقٍ ينتقدون
حتى بلغ المبلغ بالبعض منا إلى أن يجاري من حولَه ويحذو حذوهم مع قناعته بإسرافهم وخطأِ سيرِهم، كل ذلك لئلا يكون غريباً منتقَداً بينَهم، ولو أنا اتفقنا من الآن على أن نكون جميعاً مقتصدين، وفي مآدب رمضان زاهدين، لوافقنا سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي كان يفطر على رطبات فإن لم يجد فتمرات فإن لم يجد حسا حسوات من ماء كما روى الترمذي وأبو داود - بأبي هو وأمي - ولو اتفقنا على ذلك، لكان المبذر من بيننا هو الغريب، والعاقل المقتصد هو المصيب.
إذا وافقتموني على ما سبق لزمني وإياكم السعي للتغيير فالله عز وجل يقول: (....إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ...) الرعد 11
روى الحافظ ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية عن علي رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، عن ربه عز وجل أنه قال: [وعزتي وجلالي، وارتفاعي فوق عرشي، ما من قريةٍ ولا أهل بيتٍ كانوا على ما كرهت من معصيتي، ثم تحولوا عنها الى ما أحببت من طاعتي، إلا تحولت لهم عما يكرهون من عذابي إلى ما يحبون من رحمتي].
وذكر الحافظ السيوطي في الدر المنثور أن أبا الشيخ ابن حبان روى بإسناده عن قتادة رضي الله عنه في قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ، قال: "إنما يجيء التغيير من الناس والتيسير من الله؛ فلا تغيروا ما بكم من نعم الله".
وإن أول ما ينبغي أن يُحذَرَ لاجتناب الإسراف والتبذير صُحبة ومجالسة المسرفين، فكل قرينٍ بالمقارَن يقتدي، ولأن الإنسان غالبا ما يتخلق بأخلاق صاحبه وخليله لاسيما إذا طالت هذه الصحبة وكان هذا الصاحب قوي الشخصية شديد التأثير، ليبدأ كل واحدٍ منا ببذل الجهد للتأثير على صاحبه وجليسه فبدل أن نتقابل ونشكو قلة الحال وضعف الحيلة وغلاء الأسعار وجشع التجار لنحول حديثنا إلى ما يفيدنا من النصح بما وجهنا به المصطفى صلى الله عليه وسلم بقوله: (وَالْقَصْدَ الْقَصْدَ تَبْلُغُوا).
وإن من أسباب الإسراف واستمرائه وانتشاره بعض الزوجات هداهن الله، التي لا يرضيها القليل، وتباهي وتفاخر بالإسراف والتبذير، وهنا نتذكر حرص ديننا الإسلامي الحنيف وتشديده على حسن اختيار الزوجة الصالحة، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوّاً لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }التغابن14 ومن ثم الوصية بحماية تلك الزوجة والأولاد من كل ما قد يؤدي بهم إلى النار {يأيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون}
وإن من دواعي القصد والاعتدال في المطاعم والمشارب، استدامة تذكر الآخرة والتفكير في لحظات الحساب فكلما كان الإنسان مستشعرا لتلك المواقف العظيمة المهولة التي يسأل فيها عن كل شيء حتى عن ماله من أين اكتسبه وفيمَ أنفقه كلما كان المسلم كذلك كلما كان قنوعاً صبوراً زاهداً في الفاني طامعاً في الباقي.
قال عز وجل: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ }التكاثر8
يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: يقول صلى الله عليه ويسلم: (لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا).
وفي رواية أخرى: (وما تلذذتم بالنساء على الفرش).
وروى الحاكم عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ شِبَعًا فِي الدُّنْيَا أَكْثَرُهُمْ جُوعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ).
ولله درُ أقوامٍ تأملوا تلك النصوصَ وفهموها، ثم امتثلوها وقعاً يعيشونه فقد روى ابن أبي الدنيا الحديث السابق وزاد: فما أكل أبو جحيفة وهو الصحابي راوي الحديث السابق ملءَ بطنه حتى فارق الدنيا.
صححه الألباني في السلسلة الصحيحة (342).
وقال عمر رضي الله تعالى عنه: والله إني لو شئت لكنت من ألينكم لباسا، وأطيبكم طعاما، وأرَقِّكُم عيشا، ولكني سمعت الله عز وجل عَيَّرَ قوما بأمر فعلوه فقال: (أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ) الأحقاف / 20. حلية الأولياء (1/ 49).
وإن مما يصرف المسلمَ عن إسرافه: تأملَه لواقع إخوانه، فكيف بالله لمسلمٍ أن يهنأ بلقمةِ عيشٍ وشربةِ ماءٍ اعتادها فضلاً عن اجتهاده في وجباتٍ كثيرة وأصنافٍ متنوعة قد يكون مآل الكثير منها حاويات النفايات وإخوانه في بلدان قريبة لا يجدون ما لجوعهم به يسدون، ولا لعطش أبدانهم يروون.. إذا تذكر المسلمُ ذلك واستشعره، كان لزاماً عليه أن يستحي وأن يكتفي بالقليل.
عباد الله حريٌ بالمسلم أن يقتصد وأن يتجنب الإسراف خصوصاً إذا علم أن عاقبة المسرف حسرةٌ وندامةٌ، قال عز وجل: (وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا) .
ويزيدُ المؤمنَ نفوراً من الإسراف أن الإسراف في المأكل والمشرب يؤدي إلى السمنة وضخامة البدن وسيطرة الشهوات، وهذا يؤدي به للكسل والتراخي وثقل الطاعات جاء عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قوله: " إياكم والبطنة في الطعام والشراب، فإنهما مفسدة للجسد، مورثة للسقم، مكسلة عن الصلاة، وعليكم بالقصد فيهما، فأنه أصلح للجسد، وأبعد من السرف. . . "
وقيل قديما: (البِطنة تذهب الفطنة)
فالقصد القصد أحبتي في الله، (.. وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) الأعراف31
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم
الخطبة الثانية
عباد الله: دخل عمر بن الخطاب على ابنه عبد الله - رضي الله تعالى عنهما - فرأى عنده لحماً، فقال: ما هذا اللحم؟ قال: أشتهيه! قال: وكلما اشتهيت شيئاً أكلته؟ كفى بالمرء سرفاً أن يأكل كلَّ ما اشتهاه)!
وأتى سلمان الفارسي أبا بكر الصديق - رضي الله تعالى عنهما - في مرضه الذي مات فيه فقال: أوصني يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو بكر: (إن الله فاتح عليكم الدنيا فلا يأخذنَّ منها أحد إلا بلاغاً)
وكتب سعد بن أبى وقاص إلى عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما - وهو على الكوفة يستأذنُه في بناء بيت يسكنه فوقع في كتابه:
(ابنِ ما يستركَ من الشمس، ويُكنُّك من الغيث، فإنَّ الدنيا دار بلغة)
تشبهوا إن لم تكونوا مثلهم * إن التشبه بالكرام فلاح
اقتصدوا يا أكارم، واكتفوا بما قلّ، واجتنبوا ما كثُر فأشغل، وتذكروا إخوانا لكم يحتاجون منكم البذل والمساعدة، أقبل عليهم رمضان، وبلدانهم تثور عليهم بالنيران، تذكروهم ساعدوهم كل بحسبه، ولا أقل وأعظم من الدعاء ولا يعجز عنه إلا عاجز.
وفقني الله وإياكم لكل خير وجنبني وإياكم كل شر
ثم صلوا وسلموا .....
تعديل التعليق