رمضان وما قدروه حق قدره

عادل السروري
1435/09/02 - 2014/06/29 21:53PM
يحلّ علينا بساحتنا ضيف حبيب، طالما انتظرته القلوب المؤمنة، وتشوّقت لبلوغه النفوس الزاكية، وتأهّبت له الهمم العالية. ضيف يشرفنا مرة في كل عام، ضيف قد رفع الله شأنه، وأعلى مكانه، وخصه بمزيد من الفضل والكرامة، وجعله موسماً عظيماً لفعل الخيرات، والمسابقة بين المؤمنين في مجال الباقيات الصالحات: (...وفي ذلك فليتنافس المتنافسون)، ضيف تواترت النصوص والأخبار بفضله، منوهةً بجلالة مكانته وقدره، ومعلنة عن محبة الله تعالى له وتعظيمه لشأنه. ضيف قد يكلفك اليسير، ولكنه يجلب لك الخير الكثير والثواب الجزيل والأجر الكبير، إن أنت عرفت قدره، وأحسنت استقباله وأكرمت وفادته، واستثمرته فيما يقربك إلى الله ويرفع درجاتك عنده.
وسوف يتركز الحديث حول قدر الضيف وجلاله ومكانته
أيها المسلم الكريم :
لاشك الكريم أنك تفرح بمقدم ضيفك، وتظهر له البشر، و تلاطفَهُ بحسن الحديث، وتشكرَه على تفضله ومجيئه، وتقوم بخدمته، وتظهر له الغِنى وبشاشةَ الوجه؛
وبالذات إذا كان هذا الضيف عزيز عليك , كريم معك , يغمرك بما يحمل بين يديه من الهدايا والمنح والهبات , ونادرا ما يتردد عليك , فكيف بك ايها المسلم الكريم , اذا كان هذا الضيف هو رمضان (شهر رمضان الذي أُنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان)
إنه رمضان , وهل هناك ضيف أكرم من هذا الضيف ؟
, إنه الشهر الذي أهداه الله لأمة محمد لأنه يريد أن يغفر لها , ( يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185)}.)
يقول سيدنا علي لو أراد الله أن يعذب أمة محمد , ما أهدى اليهم رمضان وقل هو الله أحد , أيريد أن يعذبك من قيد لأجلك الشياطين وفتح لك أبواب الجنان وغلق عنك أبواب النيران وعرض عليك المغفرة بأيسر الأجور ؟
وأي أجر تقدمه ؟
"مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ"، و"مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ" متفق عليهما، و"مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ" رواه البخاري.
بمجرد أن تمتنع عن طعامك وشرابك وشهواتك في نهار رمضان أياما معدودات ويهبك الله المغفرة لسبعين أو ثمانين أو تسعين عاما أذنبت فيها , أو تقف بين يديه في هذه الليالي المباركة ساعة او ساعتين في صلاة التراويح أو القيام , ويهبك المغفرة لسبعين عاما أو أقل أو أكثر ملأتها بالذنوب والمعاصي و الآثام , أو أن توفق في الليالي المباركة لبلوغ ليلة القدر , وما ادراك ما ليلة القدر , ليلة واحدة تصف فيها قدميك بين يدي مولاك ترجوا رحمته وتخاف عذابه , فتخرج منها كيوم ولدتك أمك , هذا هو رمضان الضيف الذي جاء يريد نجاتك يريد فوزك و قلاحك , ويستقبلك أكثر مما تستقبله , واستمع لنبي صلوات الله وسلامه عليه وهو يقول : كما في الزوائد عن أنس بن مالك رضي الله ورواه ابن خزيمة والبيهقى بإسناد جيد : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ماذا يستقبلكم وتستقبلونه، ثﻼث مرات . فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : يا رسول الله أوحى نزل، قال ﻻ، قال : عدو حضر، قال : ﻻ، قال فماذا، قال إن الله يغفر في أول ليلة من شهر رمضان لكل أهل هذه القبلة وأشار بيده إليها، فجعل رجل بين يديه يهز رأسه ويقول : بخ بخ !! فقال رسول الله صلى ال عليه وآله وسلم : يا فﻼن ضاق به صدرك، قال ﻻ، ولكن ذكرت المنافق، فقال : إن المنافقين هم الكافرون، وليس للكافرين في ذلك شئ)
فهو شهر المغفرة لكل أهل القبلة ممن يقبلون على الله في رمضان فلا يحرم في رمضان الا محروم .
ومن جود الله -تعالى- في هذا الشهر على عباده أنه يدخر للصائم أجراً لا يخطر له على بال، فقد بين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أجورَ الأعمالِ ومقدارَ مضاعفتِها، إلا الصوم فإنه لم يحدده فقال: "كُلُّ حَسَنَةٍ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ، وَالصَّوْمُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ" رواه الترمذي وهو حديث صحيح.
ومن كرم الله عليك في رمضان أن يضاعف لك الأجور حتى أنك لتسبق الشهداء وفي الحديث عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ -رضي الله عنه- أَنَّ رَجُلَيْنِ قَدِمَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَكَانَ إِسْلاَمُهُمَا جَمِيعاً، وَكَانَ أَحَدُهُمَا أَشَدَّ اجْتِهَاداً مِنْ صَاحِبِهِ، فَغَزَا الْمُجْتَهِدُ مِنْهُمَا فَاسْتُشْهِدَ، ثُمَّ مَكَثَ الآخَرُ بَعْدَهُ سَنَةً ثُمَّ تُوُفِّيَ.
قَالَ طَلْحَةُ: فَرَأَيْتُ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ كَأَنِّي عِنْدَ بَابِ الْجَنَّةِ إِذَا أَنَا بِهِمَا وَقَدْ خَرَجَ خَارِجٌ مِنَ الْجَنَّةِ فَأَذِنَ لِلَّذِي تُوُفِّيَ الآخِرَ مِنْهُمَا، ثُمَّ خَرَجَ فَأَذِنَ لِلَّذِي اسْتُشْهِدَ، ثُمَّ رَجَعَا إِلَيَّ فَقَالاَ لِي: ارْجِعْ؛ فَإِنَّهُ لَمْ يَأْنِ لَكَ بَعْدُ.
فَأَصْبَحَ طَلْحَةُ يُحَدِّثُ بِهِ النَّاسَ، فَعَجِبُوا لِذَلِكَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: "مِنْ أَيِّ ذَلِكَ تَعْجَبُونَ؟"، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا كَانَ أَشَدَّ اجْتِهَاداً ثُمَّ اسْتُشْهِدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَدَخَلَ هَذَا الْجَنَّةَ قَبْلَهُ، فَقَالَ: "أَلَيْسَ قَدْ مَكَثَ هَذَا بَعْدَهُ سَنَةً؟"، قَالُوا: بَلَى، "وَأَدْرَكَ رَمَضَانَ فَصَامَهُ؟"، قَالُوا: بَلَى، "وَصَلَّى كَذَا وَكَذَا سَجْدَةً فِى السَّنَةِ؟"، قَالُوا: بَلَى، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "فَلَمَا بَيْنَهُمَا أَبْعَدُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ!". البيهقي - المصدر: دلائل النبوة - الصفحة أو الرقم: 7/15
اللهُ أكبرُ! قد لا نستشعرُ هذه النعمةَ، سَنةٌ يعيشُها المسلمُ فيدركُ بها رمضانَ ويصومُه، تفوقُ أجرَ شهيدٍ في سبيلِ اللهِ ماتَ قبلَ ذلك، ذلك فضلُ اللهِ يؤتيه من يشاءُ واللهُ ذو الفضلِ العظيمِ.
ومن هنا ندرك لماذا كان الصحابة يستقبلون رمضان ستة أشهر , لما فيه من الأجور والذي لو بلغه لواحد منا لكان يسبق كثيرا من الشهداء , وهذا من فضل الله عز وجل لمن أخلص النية , وتمنى الشهادة ,يبلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه .
ويكفي من جوده -تعالى- على عباده في هذا الشهر قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ، وَذَلكَ كُلَّ لَيْلَةٍ" رواه الترمذي وصححه الألباني.
ومن أعظم جوده -سبحانه- على عباده في هذا الشهر أن جعل فيه ليلة عظيمة قال عنها في محكم التنزيل: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) [سورة القدر].
وقال عنها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن لِلَّهِ فِيهِ (أي: رمضان) لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ".
ومن كرم الله عليك في رمضان الأ يرد لك دعاءا فقد روى كعب الأحبار أن الله تعالى أوحى الى موسى عليه السلام (يا موسى إني آليت على نفسي أن لا أرد دعوة صائمي شهر رمضان ، واني يا موسى ألهم في شهر رمضان السماوات والأرض والجبال والشجر والدواب أن يستغفروا لصائمي شهر رمضان (
وعند ابن ماجة وصححه الألباني: "ثَلَاثَةٌ لَا تُرَدُّ دَعْوَتُهُمْ"، وَذكر منهم: "الصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ".
فكيف بك أيها المسلم الكريم ؟ والسموات تستغفر , والأرض والجبال , والطير لصائمي رمضان , والله عز وجل لا يرد لك دعاءا , ومن هنا تدرك مدى خوف اعداء الله من رمضان , ومن دعوات الصائمين في رمضان , وفي هذا الشهر سنلتقي في اربع جمع إن شاء الله , يعقد المسلمون فيها اربع مؤتمرات جهادية , يشاركون فيها إخوانهم المضطهدين في كل بقاع الأرض بالدعاء والبكاء والجأر الى رب الارض والسماء , حتى يخلص الله الأمة من شر المنافقين , ومن شر العملاء , ومن شر اليهود والنصارى , الذين حركوا جيوشهم وجاءوا صفا , من أجل ضرب الاسلام وابادة المسلمين , فعلينا أن نشمر . ونجتهد ونتعرض لنفحات رحمة الله في الايام المعدودات .
والله لقد مدت الموائد , ودعي اليوم كل قائم وقاعد (يا قومنا أجيبوا داعي الله )
فطوبى لمن دعي فأجاب , ويا ويل من طرق الباب , فرد وما قبل منه الخطاب ,
ورحم الله القائل :
أتى رمضان مزرعة العباد لتطهير القلوب من الفساد
فأد حقوقه قولا وفعلا وزادك فتخذه الى المعاد
فمن زرع الحبوب وما سقاها تأوه نادما يوم الحصاد



الثانية
ايها الموحدون
نحن مقبلون على أطهر وأشرف مونديال في التاريخ , فمن سيربح ومن سيخسر ؟
أريتم كيف تسابق الناس واستعدوا لستقبال مونديال البرازيل ؟
ليتنا نستعد لرمضان كما نستعد المباريات كأس العالم

في المنديال الرمضاني سأعيد ترتيب فريقي على هذا النحو:
في الهجوم
1-ختم القرآن
2-الصلوات الخمس
3-صلاة التراويح
في الوسط
1-غض البصر
2-صلة الرحم
3-الذكر والاستغفار
في الدفاع
1-لن اشاهد المسلسلات
2-لن استمع الاغاني
3-لن اغضب
4-لن اغتاب
وسيكون الدعاء في حراسة المرمى
عزيزي المشغول بمنديال البرازيل:
تذكر ان مخالفة جسيمة قد تتسبب بطردك من البطولة ، والمحروم من حرم رحمة الله في رمضان .
المرفقات

483.doc

المشاهدات 2421 | التعليقات 1

جزيت خيرا شيخ عادل وبارك الله في علمك ووقتك وعمرك ومبارك عليكم الشهر.