رَمَضَان وَرياحُ البُشْرَى 26 ــ 8 ــ 1445هـ
عبدالعزيز بن محمد
إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ أَمَّا بَعْدُ:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا* يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)
أَيُّها المُسْلِمُون: رِياحُ البُشْرَى هَبَّ نَسِيْمُها. ونِداءُ البَشِيْرِ يَعْلُو مُجَلْجِل.. شَهْرُ رَمَضانَ أَمْسَى قَرِيْباً. شَهْرُ رَمَضانَ غَيْثٌ سَيَهْطِلْ. شَهْرُ رَمَضانَ قَدْ لاَحَتْ للنَّاظِرِينَ رَكائِبُه.. وغَداً يَحِلُّ الشَهْرُ بالبَرَكاتِ. نُفُوسُ المُشْتاقِيْنَ تَهْتَزُّ نَشْوَةً، وللشَّهْرِ تَهْفُو والمَشاعِرُ تَزْخُرُ.
هَلَّ الهِلالُ وهَلَّتِ العَبَرَاتُ ** فَعِبادَةٌ وتَهَجُّدٌ وصَلاةُ
شَهْرٌ تَتَوقُ الرُّوحُ لاسْتِقْبالِهِ ** وتَحُفُّهُ الخَيْراتُ والرَّحَماتُ
يا أُمَةَ الإِسْلامِ شُدُّوا مِئْزَراً ** فالشَّهْرُ في أَيَّامِهِ نَفَحاتُ
ولَهُ مِنَ الأَشْوَاقِ حَظٌّ وافِرٌ ** ولَهُ مِن الخَيْرِ العَظِيْمِ جِهاتُ
شَهْرُ رَمَضانَ.. يَحِلُّ بِمَغِيْبِ شَمْسِ آخِرِ يَومٍ مِنْ شَعْبان. يَثْبُتُ دُخُولُ الشَّهْرِ بِرُؤْيَةِ الهِلالِ. ولا عِبْرَةَ في دُخُولِ الشَّهْرِ بِمُجَرَّدِ الحِساب. عَنْ أَبِيْ هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: (صُومُوا لِرُؤيَتِه ــ أَيْ لِرُؤْيَةِ الهِلالِ ــ وَأَفْطِرُوا لِرُؤيَتِه، فَإِنْ غُبِّيَ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعبانَ ثلاثينَ) متفق عليه
* شَهْرُ رَمَضانَ شَهْرُ الصَيَامِ.. وهُوَ رَكْنٌ مِنْ أَرْكانِ الإِسْلام {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} عَنْ عَبْدِاللهِ بنِ عُمَرَ رَضْيَ اللهُ عَنْهما أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عليه وسلم قال: (بُنِيَ الإسْلَامُ علَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللَّهِ، وإقَامِ الصَّلَاةِ، وإيتَاءِ الزَّكَاةِ، والحَجِّ، وصَوْمِ رَمَضَانَ) متفق عليه الإِسْلامُ بِناءٌ مُحْكَمٌ شامِخٌ.. ولا يَقُومُ بِناءٌ بِلا أَرْكان. وصَيامُ رَمَضانَ واحِدٌ مِنْ هذهِ الأَرْكان. * شَهْرُ رَمَضانَ.. أَنْزَلَ اللهُ فيهِ القُرآنَ {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} فِيِ لَيْلَةِ القَدْرِ أُنْزِلْ، ولَيْلَةُ القَدْرِ في رَمَضان {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ* وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ* لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ* تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ* سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ}
* شَهْرُ رَمَضانَ.. شَهْرٌ مَغْفِرَةِ الذُّنُوبِ والآثام. عَنْ أَبِيْ هُرَيْرَةَ رَضْيَ اللهُ عَنهْ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيْماناً وَاحْتِسَاباً غُفِرَ لَهْ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِه) متفق عليه مَنْ صَامَ رَمَضانَ.. إِيْماناً باللهِ، وتَصْدِيْقاً بِمَوْعُودِ اللهِ، واحْتِساباً لِثَوبِ اللهِ. صِياماً خَالِصاً لا رياءً ولا سُمْعَةً، ولا مُمَاثَلَةً لِلنَّاسِ ولا مُجامَلَةً لَهُم. (مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيْماناً وَاحْتِسَاباً غُفِرَ لَهْ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِه). * ومِثْلُهُ قُولُهُ صلى الله عليه وسلم : (مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيْماناً واحْتِساباً غُفِرَ لَهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِه) متفق عليه مَنْ قَامَ لَيالِ الشّهْرِ في صَلاةٍ يَتَهَجَّدُ.. غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِه. * شَهْرُ رَمَضانَ.. شَهْرٌ بِهِ الإِيْمانُ يَزْدادُ، وبِهِ السَّكِيْنَةُ تَنْزِلُ، وبِهِ النَّفْسُ تَسْمُو، وبِهِ الطُمأَنِيْنَةُ تُرَفْرِف. * شَهْرُ رَمَضانَ.. يَقْوَى فيهِ المُؤْمِنُ على عَمَلِ الصَّالحاتِ. ويَنْشَطُ فيهِ إِلى المُسارَعَةِ إِلى الخَيْرَات، ويُعانُ فيهِ على جَلِيْلِ القُرُبات. * شَهْرُ رَمَضانَ.. فِيهِ تُقْبِلُ قَوافِلُ التَّائِبِين. بِقُلُوبٍ مُنْكَسِرَةٍ، وأَفْئِدَةٍ خَاشِعَةٍ، وأَرْواحٍ مُتَذَلِّلَة. كَمْ مُسْرِفٍ عَلى نَفْسِهِ بالمُوبِقَاتِ.. في شَهْرِ رَمَضانَ آبْ. وكَمْ مُتَجاوزٍ للحُرُماتِ.. في شَهْرِ رَمَضانَ تَاب. كَمْ مُتَعَلِّقٍ بِخِصْلَةٍ مِنْ خِصالِ المُنْكَرِ أَعياهُ فِراقُها.. كانَ لَهُ في الشَّهْرِ أَكْرَمَ مُنْطَلَقٍ نَحْوَ التَخَلُّصِ والفِراق.
* شَهْرُ رَمَضانَ.. تَوافَرَتْ فيه أَسْبابُ التَقْوَى وتَظَافَرَت.. فَفَيهِ أَبْوابُ الجَنَّةِ قَدْ فُتِحَتْ، وفيهِ أَبْوابُ النَّارِ قَدْ أُغْلِقَتْ، وفيهِ غُلَّتْ بالقُيُودِ الشَّياطِيْنُ. عَنْ أَبِيْ هُرَيْرَةَ رَضْيَ اللهُ عَنهْ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الجَنَّةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، وَصُفِّدتِ الشَّياطِيْنُ) متفق عليه * شَهْرُ رَمَضانَ.. مِنْحَةٌ إِلهِيَّةٌ، وهِبَةٌ رَبَّانِيَّةٌ، وعَطاءٌ وكَرَم.. مَوْسِمٌ يُتَاجِرُ فيهِ مَنْ يَرْجُو لِقاءَ رَبِه. وعَلى قَدْرِ إِقْبالِ العَبْدِ على رَبِهِ يَعْظُمُ نَيْلُهُ، وعَلى قَدْرِ إِخْلاصهِ للهِ يَعْظُمُ لَهُ الجَزَاءَ. * شَهْرُ رَمَضانَ.. مَيْدانٌ فَسِيْحٌ لأَنْواعِ القُرُبات. ورَبْوَةٌ خِصْبَةٌ لِنَماءِ الحَسَنات. صِيامٌ والصَومُ جُنَّة. وقَيامٌ والصَلاةُ نُور. وبَذْلٌ والصَّدَقَةُ بُرْهان. وإِطْعامٌ وإِكْرَامٌ وتَفْطِيْرٌ وإِحْسان. صِلَةٌ للأَرْحام، وقِراءَةٌ للقُرآن. رِباطٌ في بُيُوتِ الله.. مُكوثٌ في المسَاجِدِ في تَسْبِيْحٍ وتَهلِيلٍ وذِكْرٍ لله، عَنْ أَبِيْ هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : «ألا أَدُلُّكُم على ما يَمْحُو اللهُ بِهِ الخَطَايَا وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجات؟» قَالُوا: بَلَى، يَا رَسُوْلَ اللهِ، قَالَ: «إِسْبَاغُ الوُضُوءِ عَلَى المَكَارِهِ، وكَثْرَةُ الخُطَا إِلى المَسَاجِدِ، وانْتِظَارُ الصَّلاةِ بَعْدَ الصَّلاةِ فَذَلِكُم الرِّبَاطُ» رواه مسلم
* والعُمْرَةُ في رَمَضانَ جَاءَ الدَلِيْلُ بِفَضْلِها. عَنْ عَبْدِاللهِ بنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لامْرَأَةٍ مِنَ الأَنْصارِ: (.. فَإِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فَاعْتَمِرِي؛ فَإِنَّ عُمْرَةً فِيْهِ تَعْدِلُ حَجَّة) متفق عليه أَيْ تَعْدِلُ أَجْرَ وثَوابَ حَجَّةٍ. لا أَنَّها تَقُومُ مَقامَ فَرِيْضَةِ الحَجِّ ولا يَسْقُطُ بِها وجُوبُ الحَج.
* شَهْرُ رَمَضانَ.. شَهْرُ البَذْلِ والمَعْرُوفِ والإِكرامِ. شَهْرُ الوَصْلِ والعَطاءِ والإِطْعام. شَمائِلُ حَثَّ عليها الإِسْلامُ في كُلِّ زَمَنٍ.. وفي شَهْرِ الصِّيامِ تَظْهُرُ الشَّمائِلُ وتَتَجَلَّى. قَالَ أَبُو ذَرٍّ رضي الله عنه: قَالَ لِيْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (يا أَبا ذَرٍّ، إِذَا طَبَخْتَ مَرَقَةً، فَأَكْثِرْ ماءَها، وَتَعاهَدْ جِيرانَكَ) رواه مسلم تَعاهَدْ جِيْرانَكَ بِشَيءٍ مِنْ طَعامِك. تَعاهَدْهُم بِهِ صَدَقَةً إِن كانُوا فُقَراءَ. أَو إِهداءً إِن كانُوا أَغْنِياءَ. تَعَاهَدْ جِيْرَانَكَ بِشَيءٍ مِنْ طَعامِكَ ولَو كانَ شَيئاً يَسِيْراً. فَما قَرَّبَ القُلُوبَ مِثْلُ إِحْسانٍ إِليها. سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : أَيُّ الإِسْلامِ خَيْرٌ؟ قَالَ: (تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتَقْرأُ السَّلامَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِف) متفق عليه {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} بارك الله لي ولكم بالقرآنِ العظيم..
الحمدُ للهِ رَبِّ العَالمين، وأَشْهَدُ أَن لا إله إلا اللهُ ولي الصالحين، وأَشْهَدُ أَنَّ محمداً رسول رب العالمين، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين، وسلم تسليماً أما بعد: فاتقوا الله عباد الله لعلكم ترحمون
أيها المسلمون: إِنَّ شَهْراً هَذَا فَضْلُهُ، وهذهِ بَرَكَتُه، وَهَذا قَدْرُهُ، وَهذا مَقَامُه، لَهُو أَهْلٌ أَنْ يُمْنَحَ مِنْ الأَوقاتِ أَكْرَمَها، ومِنْ الطَّاقَاتِ أَعْظَمَها، ومِنَ العِبادَاتِ أَخْلَصَها وأَصْوَبَها. * سَيَمْضِيْ الشَّهْرُ كَما مَضَتْ الأَيامُ قَبْلَهُ بَلْ الشُّهُورُ بَلْ الأَعْوامُ.
سَيَنْقَضِيْ الشَّهْرُ.. وبَعْدَ انْقِضائِه.. سَيَنْسَى العامِلُ فيهِ ما عَمِل. سَيَنْسَى مَشَقَّةً لَقِيَها في طَرِيْقِ الطَّاعة. وسَيَنْسَى نَصَباً كابَدَهُ في سَبِيْلِ مَرْضاتِ الله. سَيَنْسَى أَوْقاتاً تَخَلَّى فيها عَنْ المُلْهِياتِ، وتَجَافى فيها عَنْ المَلَذَّات، وابْتَعَدَ فيها عَنْ المُحرَّمات. وقَضَاها في الذِّكْرِ والعِبادَةِ والقرآنِ وسائِر القُرُبات. سَيَنْقَضِيْ الشَّهْرُ.. وبَعْدَ انْقِضائِه سَيُرْكَنُ في رُفوفِ الذِّكْرَيات. وسَتَبْقَى أَعْمَالُهُ مُثْبَتةٌ في صَحائِفِ الأَعْمالِ.. تُعْرَضُ عَلِى صَاحِبِها في مَواقِفِ العَرَصات قَالَ اللهُ سُبْحانَهُ وعَزَّ وَجَلّ {وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا} قَالَ السَّعْدِيُّ رِحِمَهُ اللهُ عِندَ تَفْسِيْرِهِ لِهذه الآية: (فَوَاأَسَفَاهُ عَلَى أَوْقَاتٍ مَضَتْ في الغَفَلاتِ، وَوَاحَسْرَتَاهُ على أَزْمَانٍ تَقَضَّتْ بِغَيْرِ الأَعْمَالِ الصَّالحَاتِ، وَوَاغَوْثَاهُ مِنْ قُلُوْبٍ لَمْ يُؤَثِرْ فِيْهَا وَعْظُ بَارِئِهَا، وَلَمْ يَنْجَعْ فِيْهَا تَشْوِيْقُ مَنْ هُوَ أَرْحَمُ بِهَا مِنْهَا، فَلَكَ اللَّهُمَّ الحَمْدُ، وَإِلَيْكَ المُشْتَكَى، وَبِكَ المُسْتَغَاثُ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِك) ا.هـ
عِبادَ الله: شَهْرُ رَمَضانَ هِبَةٌ مِنَ اللهِ لِعِبادِه. وغَبْنٌ أَنْ تُضَيَّعَ الهِبَاتُ هَباء. غَبْنٌ.. أَنْ
يُدْعَى العَبْدُ إِلى الفَضْلِ فَيَأَبَى، ويُدْعَى إِلى المُضاعَفَةِ فَيَعْجَزْ، ويُدْعَى إِلى الحَسَناتِ فَيَسْتَكِين. غَبْنٌ أَنْ يُفَرِّطَ العَبْدُ في أَداءِ الفَرائِضِ.. والسَّابِقُونَ في الخَيْراتِ قَدْ غَلَبُوا. غَبْنٌ أَنْ يَتَمادَى العَبْدُ في المُحَرَّماتِ.. والعارِفُونَ باللهِ قَدْ سَبَقُوا.
غَبْنٌ أَنْ يُقِيْمَ العَبْدُ على البَطالَةِ في زَمَنِ الجِدّ، أَو أَنْ يَبْقَى في المُؤَخِرَةِ في زَمَنِ الإِقْدَام. غَبْنٌ أَنْ يُمْسِكَ العَبْدُ عَنْ المُفَطِّراتِ.. ثُمَّ يَتَخَلَّفُ عَن الجماعَةِ ويَنامُ عَن الصَلَوات. غَبْنٌ أَنْ يَعْكِفُ المُفَرِّطُ على الأَجْهِزَةِ والبَرامِجِ والمُلْهِيات، ويَنْصَرِفُ عَنْ القُرآنِ والذِّكْرِ والقُرُبات.
غَداً يَنْكَشِفُ الغِطاءُ حِيْنَ يَقُومُ الحِساب.. فَيُدْرِكُ المُفَرِّطُ كَمْ كانَ في سُوقِ التِجارَةِ مَغْبُون. ذَهَبَ المُخْلِصُونَ العَابِدُونَ بالدَرَجاتِ وبَقِيَ رَهِينَ الخَطايا والسَّيْئِات
تِلْكَ حَقِيْقَةُ الغَبْنِ لَو يَعْلَمُون {يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَٰلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}
اللهمَّ إنه لا حول لنا ولا قوة إِلا بك.. كُن لنا ولياً ونصيراً..
المرفقات
1709797567_رَمَضانُ ورياحُ البُشْرى 26ـ 8ـ 1445هـ.docx
تركي العتيبي
زادكم الله نفعاً وعلماً خطبة وعظية مؤثرة
تعديل التعليق