رمضان والصدقة
علي القرني
1442/09/03 - 2021/04/15 20:49PM
الحمد لله الذي جعل الزكاة قرينة الصلاة، وجعلها لأهل الإيمان من أجلّ الأعمال وأكرم الصفات. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يحب المتقين، ويجزي المتصدقين، ولا يضيع أجر المحسنين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، خير البرية الذي كان يعطي عطاء من لا يخشى الفقر، ويحث على بذل الفضل في العسر واليسر، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما. أما بعد فيا عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى اللهِ جل وعلا، وأن نقدمَ لأنفسِنا أعمالاً صالحة تبيضُ وجوهَنا يوم نلقى اللهَ،(( يَوْمَ لاَ يَنفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُونَ إِلاَّ مَنْ أَتَى ٱللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ )) قد أظلكم شهر كريم، شهر مبارك، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، جعل الله صيام نهاره فريضة، وقيام ليله تطوعا، من تقرب إلى الله فيه بخصلة من الخير كان له من الأجر أضعاف ما تقرب به في سواه، هو شهر الصبر، والصبر ثوابه الجنة، وشهر المواساة، من فطر فيه صائما كان له من الأجر مثل أجره من غير أن ينقص من أجر الصائم شيئا.. وهو شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار. إن بلوغ رمضان نعمة كبرى وإنما يقدرها حق قدرها الصالحون المشمرون، فإذا كان الله قد من عليك ببلوغه ومد في عمرك للوصول إليه، فالواجب استشعار هذه النعمة واغتنام هذه الفرصة فإنها إن فاتت كانت حسرة ما بعدها حسرة وأي حسرة وأي مصيبة أن يدخل المسلم رمضان ثم يخرج منه وهو محمل بدعوة الأمينين جبريل ومحمد عليهما أزكى الصوات والتسليم كما روى ذلك ابن حبان بسنده عن النبي عليه الصلاة والسلام قَالَ: [أَتَانِي جِبْرِيلُ، فقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، مَنْ أَدْرَكَ رَمَضَانَ فَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ، فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ، قُلْتُ: آمِينَ]. لقد عاد رمضان وعاد معه موسم التجارة الرابحة، بتعدد الأعمال الصالحة ومنها الصدقة فهي شعار المتقين، ولواء الصالحين والمصلحين، وزكاة للنفوس، ونماء في المال، وطهرة للبدن، ومرضاة للرب، الصدقة بها تُدفع البلايا والرزايا، وتطهّر القلوب من أدران التعلق بهذه الدنيا وأوضارها وشهواتها وملذاتها ؛ وقد دعانا الإسلام إلى التصدق والبذل والعطاء ، والجود والكرم ، وحض عليه في أسلوب يستهوي الأفئدة ،ويبعث في النفس الأريحية ،ويثير معاني الخير والبر والإحسان ، قال الله تعالى : ﴿وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا﴾ المزمل 20. وقال الله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [التوبة: 103]. وقال سبحانه: ﴿وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّن الصَّالِحِينَ وروى الترمذي وقال: حسن صحيح، وأحمد وبعضه في مسلم، عن أبي كَبْشَةَ الأَنْمَارِيّ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « ثَلاَثَةٌ أُقْسِمُ عَلَيْهِنَّ وَأُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا فَاحْفَظُوهُ ». قَالَ « مَا نَقَصَ مَالُ عَبْدٍ مِنْ صَدَقَةٍ وَلاَ ظُلِمَ عَبْدٌ مَظْلِمَةً فَصَبَرَ عَلَيْهَا إِلاَّ زَادَهُ اللَّهُ عِزًّا وَلاَ فَتَحَ عَبْدٌ بَابَ مَسْأَلَةٍ إِلاَّ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ بَابَ فَقْرٍ أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا وَأُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا فَاحْفَظُوهُ (إِنَّ الصَّدَقَةَ لَتُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ) أي سخطه على من عصاه ،وإعراضه عنه ومعاقبته له ، وليست الصدقة قاصرة على نوع معين من أعمال البر، بل إن القاعدة العامة تقول : إن كل معروف صدقة (وَتَدْفَعُ مِيتَةَ السُّوءِ) فميتة السوء نوع من عقوبة الله وغضبه، فالمرء قد يستحق بالذنوب قضاء من العقوبة، فإن هو تصدق دفع عن نفسه ما استحق من ذلك، فإذا زال ذلك الغضب بالصدقة زال العقاب، وكذلك الدعاء يرتفع إلى الله تعالى فيوافق البلاء نازلا من السماء فيزيله ويصرفه، وكل ذلك قد جرى به القلم في علم الله تعالى أنه إن تصدق أو دعا، صُرف عنه غضب الله وبلاؤه فللصدقة تأثير عجيب في دفع أنواع البلاء ولو كانت من فاجر ،أو من ظالم ، بل من كافر ، فإن الله تعالى يدفع بها عنه أنواعاً من البلاء. وكما أنها تطفئ غضب الرب تبارك وتعالى ،فهي تطفئ الذنوب والخطايا كما تطفئ الماء النار . وفي الترمذي عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فِي سَفَرٍ فَأَصْبَحْتُ يَوْمًا قَرِيبًا مِنْهُ وَنَحْنُ نَسِيرُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ وَيُبَاعِدُنِي مِنَ النَّارِ. « لَقَدْ سَأَلْتَنِي عَنْ عَظِيمٍ وَإِنَّهُ لَيَسِيرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ تَعْبُدُ اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا وَتُقِيمُ الصَّلاَةَ وَتُؤْتِى الزَّكَاةَ وَتَصُومُ رَمَضَانَ وَتَحُجُّ الْبَيْتَ ».ثُمَّ قَالَ « أَلاَ أَدُلُّكَ عَلَى أَبْوَابِ الْخَيْرِ الصَّوْمُ جُنَّةٌ وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ وَصَلاَةُ الرَّجُلِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ قَالَ ثُمَّ تَلاَ (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ) . أقول ما سمعتم ..........
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : الزكاة أحد أركان الإسلام الخمسة التي لا يستقيم بناؤه إلا عليها، لقول النبي )) بُني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت . فمن فوائد الزكاة : تثبيت أواصر المودة بين الغني والفقير، لأن النفوس مجبولة على حب من أحسن إليها. ومنها: تطهير النفس وتزكيتها، ومن فوائد الزكاة تعويد المسلم صفة الجود والكرم والعطف على ذي الحاجة. ومن فوائد الزكاة: استجلاب البركة كما قال تعالى: وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ. وقد جاء الوعيد الشديد في حق من بخل بها أو قصر في إخراجها، قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34) يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَـذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ . ومن المهم عند إخراجها أن تخرج لمستحقيها الذين ذكرهم الله في كتابه والحذر من المواقع المشبوهة التي تدعي أخذ الزكات والبحث عن الجهات الرسمية المعروفة كمنصة " احسان " ومنصة " فرجت " ومنصت جود للإسكان " وغيرها ممايكون تحت أشراف الجهات الرسمية . ثم صلوا وسلموا على رسول الله ....