رَمَضَانُ فَضَائِلُ وَأَحْكَام ( 3 رَمَضَانَ1434 هـ).

محمد بن مبارك الشرافي
1434/09/01 - 2013/07/09 15:37PM
[size=+0]
رَمَضَانُ فَضَائِلُ وَأَحْكَام ( 3 رَمَضَانَ1434 هـ)


[size=+0](1)[/size]


[size=+0]الْحَمْدُ للهِ الذِي نَوَّعَ فِي شَرْعِهِ عَظِيمَ الْعِبَادَات , وتَابَعَ لِأَهْلِ الإِيمَانِ مَوَاسِمَ الْفَلاحِ عَلَى مَدَى الأَوْقَات , وَأَسْبَغَ عَلَيْنَا الْفَضَائِلَ وَأَوْلانَا كَثِيرَ الْخَيْرَات , وَأَنْعَمَ عَلَيْنَا فِي رَمَضَانَ بِجَزِيلِ الْهِبَات ! وأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ وَإِلَهُ الْبَرِيَّات , وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ خَيْرُ مَنْ صَلَّى وَصَامَ وَطَافَ بِالْكَعْبَةِ أَفْضَلِ الأَبْيَات , صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيراً إِلَى يَوْمِ تَبْدِيلِ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَات ![/size]


[size=+0]أَمَّا بَعْدُ : فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ وَانْظُرُوا مَا تَفَضَّلَ اللهُ بِهِ عَلَيْنَا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ , وَمَا أَنْعَمَ عَلَيْنَا بِصَوْمِهِ وَأَجْزَلَ لَنَا فِيهِ الأَجْرَ وَضَاعَفَ الإِحْسَان ! إِنَّهُ شَهْرٌ فَرَضَ اللهُ عَلَيْنَا صِيَامَهُ كَمَا فَرَضَهُ عَلَى الأُمَمِ التِي سَبَقَتْنَا , قَالَ اللهُ تَعَالَى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون)[/size]


[size=+0]إِنَّ صِيَامَ رَمَضَانَ نُرْضِي بِهِ رَبَّنَا , ويَظْهَرُ لَهُ إِخْلاصُنَا , وَتسْمُو به أَخْلاقُنَا , وَنُكْمِلُ بِهِ دِينَنَا ! فَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضَيِ اللهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : قَالَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (بُنِيَ الإسْلامُ عَلَى خَمْسٍ : شَهَادَةِ أنْ لاَ إلهَ إلاَّ اللهُ ، وَأنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ ، وَإِقَامِ الصَّلاَةِ ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ، وَحَجِّ البَيْتِ ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ[/size]


[size=+0]أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : إِنَّ الصَّوْمَ عَمَلٌ صَالِحٌ وَأَيُّ عَمَل ! جَاءَ فِيهِ مِنَ الْفَضَائِلِ مَا يُزِيلُ أَلَمَ الْجُوعِ وَحَرَّ الْعَطَشِ ! فَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ( إنَّ في الجَنَّةِ بَاباً يُقَالُ لَهُ : الرَيَّانُ ، يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَومَ القِيَامَةِ ، لاَ يَدْخُلُ مِنْهُ أحدٌ غَيْرُهُمْ ، يقال : أيْنَ الصَّائِمُونَ ؟ فَيَقُومُونَ لاَ يَدخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ ، فَإذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ[/size]


[size=+0]وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ : كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلاَّ الصِّيَام ، فَإنَّهُ لِي وَأنَا أجْزِي بِهِ ، وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ ، فَإذَا كَانَ يَومُ صَوْمِ أحَدِكُمْ فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَصْخَبْ , فإنْ سَابَّهُ أحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ : إنِّي صَائِمٌ ! وَالذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِنْ رِيحِ المِسْكِ ! لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا : إِذَا أفْطَرَ فَرِحَ بفطره ، وَإذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ ) متفقٌ عَلَيْهِ ، وَهَذَا لَفْظُ رِوَايَةِ البُخَارِي , وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِم ( كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يضاعَفُ ، الحسنةُ بِعَشْرِ أمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِئَةِ ضِعْفٍ . قَالَ الله تَعَالَى : إِلاَّ الصَّوْمَ فَإنَّهُ لِي وَأنَا أجْزِي بِهِ ؛ يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أجْلِي) !!![/size]


[size=+0]إِنَّهُ شَهْرٌ تُقْبِلُ فِيهِ النُّفُوسُ الزَّكِيَّةُ عَلَى اللهِ , فَتَتَسَابَقُ فِي الطَّاعَاتِ وَتُبْعِدُ عَنِ الْمَعَاصِي وَالسَّيِّئَاتِ , بِسَبَبِ مَا اخْتَصَّ اللهُ بِهِ هَذَا الشَّهْرَ مِنَ الْمَزَايَا التِي فِيهَا إِعَانَةٌ عَلَى فِعْلِ الْخَيْرَاتِ وَتَرْكِ الْمُنْكَرات , قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ ، فُتِّحَتْ أبْوَابُ الجَنَّةِ ، وَغُلِّقَتْ أبْوَابُ النَّارِ ، وَصُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ [/size]


[size=+0]وَلَكِنْ اعْلَمُوا - أَيُّهَا الإِخْوَةُ - أَنَّ الأَجْرَ الْعَظِيمَ وَالثَّوَابَ الجَسِيمَ لا يَكُونُ إِلَّا لِمَنْ كَانَ مُؤْمِنَاً وَصَامَ رَمَضَانَ ابْتِغَاءَ الثَّوابِ وَالأَجْرِ مِنَ اللهِ ! فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ(مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إيمَاناً وَاحْتِسَاباً ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ [/size]


[size=+0]أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ : إِنَّ صِيَامَ رَمَضَانَ لا يَجِبُ إِلَّا عَلَى مَنْ تَتَوَفُّرُ فِيهِ شُرُوطُ وُجُوبِ الصِّيَامِ وَهِيَ : أَنْ يَكُونَ مُسْلِمَاً بَالِغَاً عَاقِلاً قَادِرَاً مُقِيمَاً خَالِيَاً مِنَ الْمَوَانِعِ ! فَهَذِهِ سِتَّةُ شُرُوط ![/size]


[size=+0]فَالْمُسْلِمُ ضِدُّهُ الْكَافِرُ , فَالْكَافِرُ لا يَجِبُ عَلَيْهِ الصَّوْمُ ! وَلَيْسَ هَذَا تَخْفِيفَاً عَلَيْهِ , وَلَكِنَّهُ لِكُفْرِهِ لَمْ يَرْقَ لِلدَّرَجَةِ التِي يُقْبَلُ مَعَهَا صِيَامُهُ لَوْ صَام ! وَعَلَيْهِ : فَمَنْ لا يُصَلِّي لا يَصِحُّ صَوْمُهُ لأنَّهُ كَافِر ![/size]


[size=+0]وَأَمَّا الصَّغِيرُ الذِي لَمْ يَبْلُغْ فَلا يَجِبُ عَلَيْهِ الصَّوْمُ , وَلَكِنَّهُ لَوْ صَامَ أُجِرَ عَلَيْهِ , وَكَذَلَكِ يُؤْجَرُ وَلِيُّهُ إِذَا حَثَّهُ عَلَى الصَّوْمِ ! وَالْبُلُوغُ يَحْصُلُ بِإِتْمَامِ خَمْسَةَ عَشْرَ سَنَةً أَوْ بِإِنْزَالِ الْمَنِيِّ أَوْ بِإِنْبَاتِ شَعْرِ الْعَانَةِ , وَتَزِيدُ الْجَارِيَةُ بِأَنْ تَحِيض ![/size]


[size=+0]وَأَمَّا الْعَقْلُ فَضِدُّهُ الْجُنُونُ , فَالْمَجْنُونُ لا يَجِبُ عَلَيْهِ الصَّوْمُ لِأَنَّهُ لا يَعْقُلُ النِّيَّةَ وَهُوُ مَرْفُوعٌ عَنْهُ الْقَلَمُ , وَلَيْسَ عَلَى وَلِيِّهِ شَيْءٌ مِنْ جِهَتِهِ ! وَيَدْخُلُ فِي حُكْمِ الْجُنُونِ الرَّجُلُ الْكَبِيرُ وَالْمَرْأَةُ الْكَبِيرَةُ إِذَا فَقَدَ الْعَقْلَ وَوَصَلَ أَحَدُهُمَا إِلَى حَدِّ الْخَذْرَفَةِ , فَلا يَجِبُ عَلَيْهِ صَوْمٌ وَلا يَجِبُ أَنْ يُطْعَمَ عَنْهُ لِأَنَّهُ الآنَ غَيْرُ مُكَلَّفٍ بِشَيْءٍ , فَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا, عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ : عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ, وَعَنِ الصَّغِيرِ حَتَّى يَكْبُرَ , وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ , أَوْ يُفِيقَ) رَوَاهُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَالأَلْبَانِيُّ .[/size]


[size=+0]وَأَمَّا الْقُدْرَةُ فَضِدُّهَا الْعَجْزُ , وَالْعَجْزُ نَوْعَانِ : طَارِئٌ وَدَائِمٌ , فَأَمَّا الطَّارِئُ : فَكَالْمَرَضِ الْحَادِثِ لِلإِنْسَانِ , فَإِذَا مَرِضَ الإِنْسَانُ مَرَضَاً يَشُقُّ مَعَهُ الصَّوْمُ أَفْطَرَ , ثُمَّ يَقْضِي بَعْدَ رَمَضَانَ مَكَانَ مَا أَفْطَرَ مِنَ الأَيَّامِ , وَأَمَّا الْعَجْزُ الدَّائِمُ : فَكَالْأَمْرَاضِ التِي لا يُرْجَى بُرْؤُهَا فِي الْعَادَةِ , وَلَا يَسْتَطِيعُ الْمَرْءُ مَعَهَا الصِّيَامُ , فَهُنَا يُفْطِرُ وَيُطْعِمُ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينَاً .[/size]


[size=+0]وَيَدْخُلُ فِي هَذَا الْحُكْمِ الرَّجُلُ الْكَبِيرُ وَالْمَرْأَةُ الْكَبِيرَةُ إِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا يَعْقِلُ وَلَكِنَّهُ لا يَسْتَطِيعُ الصَّوْمَ بِسَبَبِ كِبَرِ السِّنِّ ! ثُمَّ الْمَرْءُ هُنَا بِالْخِيَارِ : إِنْ شَاءَ أَطْعَمَ الْمِسْكِينَ كُلَّ يَوْمٍ بِيَوْمِهِ , وَإِنْ شَاءَ أَخَّرَهَا عَلَى آخِرِ الشَّهْرِ ثُمَّ أَطْعَمَ مَسَاكِينَ بِعَدَدِ أَيَّامِ الشَّهْرِ ! وَهَذَا مَا كَانَ أَنْسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَفْعَلُهُ لَمَّا كَبُرَتْ سِنُّهُ وَعَجَزَ عَنِ الصَّوْمِ ![/size]


[size=+0]وَاعْلَمُوا أَنَّهُ لا بُدَّ مِنَ الطَّعَامِ فَلا تُجْزِئُ الدَّرَاهِمَ , لَكِنْ لَوْ أَنَّ الإِنْسَانَ أَخْرَجَ الدَّرَاهِمَ عَلَى سَبِيلِ التَّوْكِيلِ فَلا بَأْسَ , كَمَا لَوْ أَنَّ الشَّخْصَ أَعْطَى الْجَمْعِيَّةَ الْخَيْرِيَّةَ فُلُوسَاً لِيُطْعِمُوا عَنْهُ فَلا بَأْسَ , وَقَدْ يَكُونُ هَذَا أَيْسَرَ لَهُ لِأَنَّ الْجَمْعِيَّاتِ الْخَيْرِيَّةَ بِالْعَادَةِ أَعْرَفُ بِالْفُقُرَاءِ , وَالْقَائِمُونَ عَلَيْهَا مَحَلُّ ثِقَةٍ , فُيُطْعِمُونَ عَنْهُ عَلَى الْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ إِنْ شَاءَ اللهُ ![/size]


[size=+0]أَعْوُذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيم (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ , فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ , وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ , أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ , وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ , وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)[/size]


[size=+0]أَقُولُ مَا تَسْمَعُونُ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم .[/size]


[size=+0]
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ[/size]



[size=+0]الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ تَعْظِيمَاً لِشَأنِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوَانِهِ , صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمَا ًكَثِيرَاً .[/size]


[size=+0]أَمَّا بَعْدُ : فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ كَذَلِكَ لِوُجُوبِ الصَّوْمِ أَنْ يَكُونَ الإِنْسَانُ مُقِيمَاً , فَإِنْ كَانَ مُسَافِرَاً لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الصَّوْمُ , لِكَنَّهُ لَوْ صَامَ صَحَّ صَوْمُهُ , لَكِنْ إِنْ كَانَ يَشُقُّ عَلَيْهِ الصَّوْمُ فَالأَفْضَلُ أَنْ يُفْطِرَ لِأَنَّ اللهَ يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ تُؤْتَى مَعْصِيَتُهُ ![/size]


[size=+0]وَالْمَرْأَةُ فِي جِمِيعِ مَا سَبَقَ مِنَ الأَحْكَامِ كَالرَّجُلِ تَمَامَاً , إِلَّا أَنَّهَا تَنْفَرِدُ بِحُكْمٍ وَاحِدٍ هَهُنَا , وَهِيَ مَا إِذَا حَاضَتْ أَوْ نَفَسَتْ فَإِنَّ صَوْمَهَا لا يَصِحُّ , حَتَّى لَوْ رَأَتِ الدَّمَ فِي آخِرِ لَحْظَةٍ مِنَ النَّهَارِ ! [/size]


[size=+0]أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : تِلْكُمْ هِيَ شُرُوطُ وُجُوبِ الصَّوْمِ , وَأَمَا مُفْسِدَاتُهُ فَإِنَّهَا : ثَمَانِيَةٌ وَهِيَ : الأَكْلُ وَالشُّربُ وَمَا كَانَ فِي مَعْنَاهُمَا كَالْمُغَذِّي الذِي يُعْطَى لِلْمَرِيضِ فَهُوَ يَقُومُ مَقَامَ الأَكْلِ وَالشُّرْبِ ! [/size]


[size=+0]وَالْجِمَاعُ مُفْسِدٌ لِلصَّوْمِ وَمُوجِبٌ لِلْكَفَّارَةِ الْمُغَلَّظَةِ , وَهِيَ عِتْقُ رَقَبَةٍ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ صَامَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَطَعَمَ سِتِّينَ مِسْكِينَاً ! وَيُفْسِدُ الصَّوْمَ كَذِلِكَ إِنْزَالُ الْمَنِىِّ عَمْدَاً بِشَهْوَةٍ , وَهُوَ مُوجِبٌ لِلإِثْمِ وَمُفْسِدٌ لِلصَّوْمِ لَكِنَّهُ لا يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ ![/size]


[size=+0]وَمِمَّا يُفْسِدُ الصَّوْمَ : الْحِجَامَةُ وَهِيَ طِبٌّ مَعْرُوفٌ فِإِذَا خَرَجَ الدَّمُ فَسَدَ الصَّوْمُ ! فَعَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رَضَيِ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى عَلَى رَجُلٍ بِالْبَقِيعِ وَهُوَ يَحْتَجِمُ فِي رَمَضَانَ , فَقَالَ (أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ) رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إِلَّا التِّرْمِذِيُّ, وَصَحَّحَهُ أَحْمَدُ , وَابْنُ خُزَيْمَةَ .[/size]


[size=+0]وَيَدْخُلُ فِي حُكْمِ الْحِجَامَةِ مَا كَانَ فِي مَعْنَاهَا كَالتَّبَرُّعِ بِالدَّمِ أَوِ الرُّعَافِ الْمُتَعَمِّدِ إِذَا خَرَجَ دَمٌ كَثِيرٌ , وَأَمَّا أَخْذُ إِبْرَةِ التَّحْلِيلِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ فَلا تَضُرُّ , وَكَذَلِكَ أَخْذُ الإِبَرِ الْعِلاجِيَّةِ سَوَاءٌ فِي الْوَرِيدِ أَوِ الْعَضَلِ , وَأَمَّا الْقَيْءُ فَإِنْ كَانَ مُتَعَمِّدَاً أَفْسَدَ الصَّوْمَ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُتَعَمِّدٍ لَمْ يَضُرَّ الصَّوْمَ ![/size]


[size=+0]وَاعْلَمُوا أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ أَنَّ جَمِيعَ هَذِه الْمُفَطِّرَاتِ لا تُفْسِدُ الصَّوْمَ إِلَّا إِذَا فَعَلَهَا الإِنْسَانُ مُتَعَمِّدَاً , ذَاكِرَاً لِصَوْمِهِ , عَالِمَاً بِالْحُكْمِ , قَالَ اللهُ تَعَالَى (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضَيِ اللهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنْ نَسِيَ وَهُوَ صَائِمٌ, فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ, فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ, فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ[/size]


[size=+0]اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ عِلْماً نَافِعاً وَعَمَلاً صَالِحاً , اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِمَّنْ صَامَ رَمَضَانَ وَقَامَهُ إِيَماناً وَاحْتِسَاباً , اللَّهُمَّ اجْعَلْ رَمَضَانَ هَذَا فَاتِحَةَ خَيْرٍ لِلْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينْ ! [/size]


[size=+0]اللَّهُمَّ إِنَّا عَبِيدُكَ أبْنَاءُ عَبِيدِكَ أبْنَاءُ إِمَائِكَ ، نَوَاصِينَا بِيَدِكَ ، مَاضٍ فِينَا حُكْمُكَ ، عَدْلٌ فِينَا قَضَاؤُكَ ، نَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ ، سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ ، أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قُلُوْبِنَا ، وَنُورَ صُدُوْرِنَا ، وَجِلاَءَ أَحْزَانِنَا ! اللَّهُمَّ عَلِّمْنَا مِنْهُ مَا جَهَلْنَا وَذَكِّرْنَا مِنْهُ مَا نُسِّيْنَا , اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ شَاهِداً لَنَا لا شَاهِداً عَلَيْنَا ! اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ نَبَيِّنَا مُحَمَّدٍ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ![/size]


[size=+0](1) الإخوة الخطباء الفضلاء : يوجد نسخة منسقة جاهزة لهذه الخطبة , تجدها في المرفقات دائما , ولكنك لا تستطيع الدخول على الملف إلا إذا كنت عضوا مسجلا في المنتدى ,وطريقة التسجيل سهلة وميسرة , سدد الله خطاك ![/size]

[/size]
[size=+0]
[/size]
المشاهدات 3719 | التعليقات 4

بارك الله فيك أستاذ محمد ، خطبة جليلةٌ رائعة استهلالاً ولغةً ومضمونًا ، و لكنّها مضغوطةٌ جدًّا يمكن أن تحويَ عشرَ خُطب .
هذا أستاذي على مستواكم من الإبداع لا شكّ فيه ؛ و لكن لا يستوعبُ ويتابعُ كلّ ما فيها إلا ذوو العزمِ من طلبة العلم ! ، وأما العامّة المساكين . . فلا يمكنهم كما هو معروف متابعة لغة التقسيم الدقيق ( الويندوز ) في الطرح .
و المقصود أنكم فضيلة الشيخ أعطيتمونا نحن الخطباء خطبةً ثريّة مضغوطة ، والواجبُ علينا نحن التبسيط و التقسيم حسب طبيعة المسجد و مستوى الجمهور . باركم الله لنا ولكم في العلم والعمل .


أسال الله العلي القدير أن ينفع بك وبها


جزاك الله كل خير
ومبارك عليكم الشهر جعلكم الله ممن صامه وقامه ايمانا واحتسابا


شكرا شيخ محمد مزيد من الإبداع والتميز نفع الله بعلمك ووسع ربي نفعك وكتب ربي للجميع القبول