رَمَضَانُ فَضَائِلُ وَأَحْكَام ( غُرَّةُ رَمَضَانَ 1433 هـ)
فهد موفي الودعاني
1433/08/28 - 2012/07/18 15:28PM
رَمَضَانُ فَضَائِلُ وَأَحْكَام ( غُرَّةُ رَمَضَانَ 1433 هـ)
للشيخ محمد الشرافي
أَمَّا بَعْدُ : فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ وَانْظُرُوا مَا تَفَضَّلَ اللهُ بِهِ عَلَيْنَا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ , وَمَا أَنْعَمَ عَلَيْنَا بِصَوْمِهِ وَأَجْزَلَ لَنَا فِيهِ الأَجْرَ وَضَاعَفَ الإِحْسَان ! إِنَّهُ شَهْرٌ فَرَضَ اللهُ عَلَيْنَا صِيَامَهُ كَمَا فَرَضَهُ عَلَى الأُمَمِ التِي سَبَقَتْنَا , قَالَ اللهُ تَعَالَى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون)
إِنَّ صِيَامَ رَمَضَانَ نُرْضِي بِهِ رَبَّنَا , ويَظْهَرُ لَهُ إِخْلاصُنَا , وَتسْمُو به أَخْلاقُنَا , وَنُكْمِلُ بِهِ دِينَنَا ! فَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضَيِ اللهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : قَالَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (بُنِيَ الإسْلامُ عَلَى خَمْسٍ : شَهَادَةِ أنْ لاَ إلهَ إلاَّ اللهُ ، وَأنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ ، وَإِقَامِ الصَّلاَةِ ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ، وَحَجِّ البَيْتِ ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : إِنَّ الصَّوْمَ عَمَلٌ صَالِحٌ وَأَيُّ عَمَل ! جَاءَ فِيهِ مِنَ الْفَضَائِلِ مَا يُزِيلُ أَلَمَ الْجُوعِ وَحَرَّ الْعَطَشِ ! فَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ( إنَّ في الجَنَّةِ بَاباً يُقَالُ لَهُ : الرَيَّانُ ، يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَومَ القِيَامَةِ ، لاَ يَدْخُلُ مِنْهُ أحدٌ غَيْرُهُمْ ، يقال : أيْنَ الصَّائِمُونَ ؟ فَيَقُومُونَ لاَ يَدخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ ، فَإذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ : كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلاَّ الصِّيَام ، فَإنَّهُ لِي وَأنَا أجْزِي بِهِ ، وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ ، فَإذَا كَانَ يَومُ صَوْمِ أحَدِكُمْ فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَصْخَبْ , فإنْ سَابَّهُ أحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ : إنِّي صَائِمٌ ! وَالذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِنْ رِيحِ المِسْكِ ! لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا : إِذَا أفْطَرَ فَرِحَ بفطره ، وَإذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ ) متفقٌ عَلَيْهِ ، وَهَذَا لَفْظُ رِوَايَةِ البُخَارِي , وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِم ( كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يضاعَفُ ، الحسنةُ بِعَشْرِ أمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِئَةِ ضِعْفٍ . قَالَ الله تَعَالَى : إِلاَّ الصَّوْمَ فَإنَّهُ لِي وَأنَا أجْزِي بِهِ ؛ يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أجْلِي) !!!
إِنَّهُ شَهْرٌ تُقْبَلُ فِيهِ النُّفُوسُ الزَّكِيَّةُ عَلَى اللهِ , فَتَتَسَابَقُ فِي الطَّاعَاتِ وَتُبْعِدُ عَنِ الْمَعَاصِي وَالسَّيِّئَاتِ , بِسَبَبِ مَا اخْتَصَّ اللهُ بِهِ هَذَا الشَّهْرَ مِنَ الْمَزَايَا التِي فِيهَا إِعَانَةٌ عَلَى فِعْلِ الْخَيْرَاتِ وَتَرْكِ الْمُنْكَرات , قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ ، فُتِّحَتْ أبْوَابُ الجَنَّةِ ، وَغُلِّقَتْ أبْوَابُ النَّارِ ، وَصُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
وَلَكِنْ اعْلَمُوا - أَيُّهَا الإِخْوَةُ - أَنَّ الأَجْرَ الْعَظِيمَ وَالثَّوَابَ الجَسِيمَ لا يَكُونُ إِلَّا لِمَنْ كَانَ مُؤْمِنَاً وَصَامَ رَمَضَانَ ابْتِغَاءَ الثَّوابِ وَالأَجْرِ مِنَ اللهِ ! فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ(مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إيمَاناً وَاحْتِسَاباً ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ : إِنَّ صِيَامَ رَمَضَانَ لا يَجِبُ إِلَّا عَلَى مَنْ تَتَوَفُّرُ فِيهِ شُرُوطُ وُجُوبِ الصِّيَامِ وَهِيَ : أَنْ يَكُونَ مُسْلِمَاً بَالِغَاً عَاقِلاً قَادِرَاً مُقِيمَاً خَالِيَاً مِنَ الْمَوَانِعِ ! فَهَذِهِ سِتَّةُ شُرُوط !
فَالْمُسْلِمُ ضِدُّهُ الْكَافِرُ , فَالْكَافِرُ لا يَجِبُ عَلَيْهِ الصَّوْمُ ! وَلَيْسَ هَذَا تَخْفِيفَاً عَلَيْهِ , وَلَكِنَّهُ لِكُفْرِهِ لَمْ يَرْقَ لِلدَّرَجَةِ التِي يُقْبَلُ مَعَهَا صِيَامُهُ لَوْ صَام ! وَعَلَيْهِ : فَمَنْ لا يُصَلِّي لا يَصِحُّ صَوْمُهُ لأنَّهُ كَافِر !
وَأَمَّا الصَّغِيرُ الذِي لَمْ يَبْلُغْ فَلا يَجِبُ عَلَيْهِ الصَّوْمُ , وَلَكِنَّهُ لَوْ صَامَ أُجِرَ عَلَيْهِ , وَكَذَلَكِ يُؤْجَرُ وَلِيُّهُ إِذَا حَثَّهُ عَلَى الصَّوْمِ ! وَالْبُلُوغُ يَحْصُلُ بِإِتْمَامِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً أَوْ بِإِنْزَالِ الْمَنِيِّ أَوْ بِإِنْبَاتِ شَعْرِ الْعَانَةِ , وَتَزِيدُ الْجَارِيَةُ بِأَنْ تَحِيض !
وَأَمَّا الْعَقْلُ فَضِدُّهُ الْجُنُونُ , فَالْمَجْنُونُ لا يَجِبُ عَلَيْهِ الصَّوْمُ لِأَنَّهُ لا يَعْقُلُ النِّيَّةَ وَهُوُ مَرْفُوعٌ عَنْهُ الْقَلَمُ , وَلَيْسَ عَلَى وَلِيِّهِ شَيْءٌ مِنْ جِهَتِهِ ! وَيَدْخُلُ فِي حُكْمِ الْجُنُونِ الرَّجُلُ الْكَبِيرُ وَالْمَرْأَةُ الْكَبِيرَةُ إِذَا فَقَدَ الْعَقْلَ وَوَصَلَ أَحَدُهُمَا إِلَى حَدِّ الْخَذْرَفَةِ , فَلا يَجِبُ عَلَيْهِ صَوْمٌ وَلا يَجِبُ أَنْ يُطْعَمَ عَنْهُ لِأَنَّهُ الآنَ غَيْرُ مُكَلَّفٍ بِشَيْءٍ , فَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا, عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ : عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ, وَعَنِ الصَّغِيرِ حَتَّى يَكْبُرَ , وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ , أَوْ يُفِيقَ) رَوَاهُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَالأَلْبَانِيُّ
وَأَمَّا الْقُدْرَةُ فَضِدُّهَا الْعَجْزُ , وَالْعَجْزُ نَوْعَانِ : طَارِئٌ وَدَائِمٌ , فَأَمَّا الطَّارِئُ : فَكَالْمَرَضِ الْحَادِثِ لِلإِنْسَانِ , فَإِذَا مَرِضَ الإِنْسَانُ مَرَضَاً يَشُقُّ مَعَهُ الصَّوْمُ أَفْطَرَ , ثُمَّ يَقْضِي بَعْدَ رَمَضَانَ مَكَانَ مَا أَفْطَرَ مِنَ الأَيَّامِ , وَأَمَّا الْعَجْزُ الدَّائِمُ : فَكَالْأَمْرَاضِ التِي لا يُرْجَى بُرْؤُهَا فِي الْعَادَةِ , وَلَا يَسْتَطِيعُ الْمَرْءُ مَعَهَا الصِّيَامُ , فَهُنَا يُفْطِرُ وَيُطْعِمُ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينَاً , وَيَدْخُلُ فِي هَذَا الْحُكْمِ الرَّجُلُ الْكَبِيرُ وَالْمَرْأَةُ الْكَبِيرَةُ إِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا يَعْقِلُ وَلَكِنَّهُ لا يَسْتَطِيعُ الصَّوْمَ بِسَبَبِ كِبَرِ السِّنِّ ! ثُمَّ الْمَرْءُ هُنَا بِالْخِيَارِ : إِنْ شَاءَ أَطْعَمَ الْمِسْكِينَ كُلَّ يَوْمٍ بِيَوْمِهِ , وَإِنْ شَاءَ أَخَّرَهَا عَلَى آخِرِ الشَّهْرِ ثُمَّ أَطْعَمَ مَسَاكِينَ بِعَدَدِ أَيَّامِ الشَّهْرِ ! وَهَذَا مَا كَانَ أَنْسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَفْعَلُهُ لَمَّا كَبُرَتْ سِنُّهُ وَعَجَزَ عَنِ الصَّوْمِ !
وَاعْلَمُوا أَنَّهُ لا بُدَّ مِنَ الطَّعَامِ فَلا تُجْزِئُ الدَّرَاهِمَ , لَكِنْ لَوْ أَنَّ الإِنْسَانَ أَخْرَجَ الدَّرَاهِمَ عَلَى سَبِيلِ التَّوْكِيلِ فَلا بَأْسَ , كَمَا لَوْ أَنَّ الشَّخْصَ أَعْطَى الْجَمْعِيَّةَ الْخَيْرِيَّةَ فُلُوسَاً لِيُطْعِمُوا عَنْهُ فَلا بَأْسَ , وَقَدْ يَكُونُ هَذَا أَيْسَرَ لَهُ لِأَنَّ الْجَمْعِيَّاتِ الْخَيْرِيَّةَ بِالْعَادَةِ أَعْرَفُ بِالْفُقُرَاءِ , وَالْقَائِمُونَ عَلَيْهَا مَحَلُّ ثِقَةٍ , فُيُطْعِمُونَ عَنْهُ عَلَى الْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ إِنْ شَاءَ اللهُ !
أَعْوُذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيم (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ , فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ , وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ , أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ , وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ , وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)
أَقُولُ مَا تَسْمَعُونُ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم .
الخطبة الثانية
أَمَّا بَعْدُ : فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ كَذَلِكَ لِوُجُوبِ الصَّوْمِ أَنْ يَكُونَ الإِنْسَانُ مُقِيمَاً , فَإِنْ كَانَ مُسَافِرَاً لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الصَّوْمُ , لِكَنَّهُ لَوْ صَامَ صَحَّ صَوْمُهُ , لَكِنْ إِنْ كَانَ يَشُقُّ عَلَيْهِ الصَّوْمُ فَالأَفْضَلُ أَنْ يُفْطِرَ لِأَنَّ اللهَ يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ تُؤْتَى مَعْصِيَتُهُ !
وَالْمَرْأَةُ فِي جِمِيعِ مَا سَبَقَ مِنَ الأَحْكَامِ كَالرَّجُلِ تَمَامَاً , إِلَّا أَنَّهَا تَنْفَرِدُ بِحُكْمٍ وَاحِدٍ هَهُنَا , وَهِيَ مَا إِذَا حَاضَتْ أَوْ نَفَسَتْ فَإِنَّ صَوْمَهَا لا يَصِحُّ , حَتَّى لَوْ رَأَتِ الدَّمَ فِي آخِرِ لَحْظَةٍ مِنَ النَّهَارِ !
تِلْكُمُ أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ هِيَ شُرُوطُ وُجُوبِ الصَّوْمِ , وَأَمَا مُفْسِدَاتُهُ فَإِنَّهَا : ثَمَانِيَةٌ وَهِيَ : الأَكْلُ وَالشُّربُ وَمَا كَانَ فِي مَعْنَاهُمَا كَالْمُغَذِّي الذِي يُعْطَى لِلْمَرِيضِ فَهُوَ يَقُومُ مَقَامَ الأَكْلِ وَالشُّرْبِ ! وَالْجِمَاعُ مُفْسِدٌ لِلصَّوْمِ وَمُوجِبٌ لِلْكَفَّارَةِ الْمُغَلَّظَةِ , وَهِيَ عِتْقُ رَقَبَةٍ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ صَامَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَطَعَمَ سِتِّينَ مِسْكِينَاً ! وَيُفْسِدُ الصَّوْمَ كَذِلِكَ إِنْزَالُ الْمَنِىِّ عَمْدَاً بِشَهْوَةٍ , وَهُوَ مُوجِبٌ لِلإِثْمِ وَمُفْسِدٌ لِلصَّوْمِ لَكِنَّهُ لا يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ !
وَمِمَّا يُفْسِدُ الصَّوْمَ : الْحِجَامَةُ وَهِيَ طِبٌّ مَعْرُوفٌ فِإِذَا خَرَجَ الدَّمُ فَسَدَ الصَّوْمُ ! فَعَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رَضَيِ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى عَلَى رَجُلٍ بِالْبَقِيعِ وَهُوَ يَحْتَجِمُ فِي رَمَضَانَ , فَقَالَ (أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ) رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إِلَّا التِّرْمِذِيُّ, وَصَحَّحَهُ أَحْمَدُ, وَابْنُ خُزَيْمَةَ
وَيَدْخُلُ فِي حُكْمِ الْحِجَامَةِ مَا كَانَ فِي مَعْنَاهَا كَالتَّبَرُّعِ بِالدَّمِ أَوِ الرُّعَافِ الْمُتَعَمِّدِ إِذَا خَرَجَ دَمٌ كَثِيرٌ , وَأَمَّا أَخْذُ إِبْرَةِ التَّحْلِيلِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ فَلا تَضُرُّ , وَكَذَلِكَ أَخْذُ الإِبَرِ الْعِلاجِيَّةِ سَوَاءٌ فِي الْوَرِيدِ أَوِ الْعَضَلِ , وَأَمَّا الْقَيْءُ فَإِنْ كَانَ مُتَعَمِّدَاً أَفْسَدَ الصَّوْمَ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُتَعَمِّدٍ لَمْ يَضُرَّ الصَّوْمَ !
وَاعْلَمُوا أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ أَنَّ جَمِيعَ هَذِه الْمُفَطِّرَاتِ لا تُفْسِدُ الصَّوْمَ إِلَّا إِذَا فَعَلَهَا الإِنْسَانُ مُتَعَمِّدَاً , ذَاكِرَاً لِصَوْمِهِ , عَالِمَاً بِالْحُكْمِ , قَالَ اللهُ تَعَالَى (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضَيِ اللهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنْ نَسِيَ وَهُوَ صَائِمٌ, فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ, فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ, فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ عِلْماً نَافِعاً وَعَمَلاً صَالِحاً , اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِمَّنْ صَامَ رَمَضَانَ وَقَامَهُ إِيَماناً وَاحْتِسَاباً , اللَّهُمَّ اجْعَلْ رَمَضَانَ هَذَا فَاتِحَةَ خَيْرٍ لِلْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينْ !
اللَّهُمَّ إِنَّا عَبِيدُكَ أبْنَاءُ عَبِيدِكَ أبْنَاءُ إِمَائِكَ ، نَوَاصِينَا بِيَدِكَ ، مَاضٍ فِينَا حُكْمُكَ ، عَدْلٌ فِينَا قَضَاؤُكَ ، نَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ ، سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ ، أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قُلُوْبِنَا ، وَنُورَ صُدُوْرِنَا ، وَجِلاَءَ أَحْزَانِنَا ! اللَّهُمَّ عَلِّمْنَا مِنْهُ مَا جَهَلْنَا وَذَكِّرْنَا مِنْهُ مَا نُسِّيْنَا , اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ شَاهِداً لَنَا لا شَاهِداً عَلَيْنَا ! اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ نَبَيِّنَا مُحَمَّدٍ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِين !
المرفقات
رَمَضَانُ...doc
رَمَضَانُ...doc
شبيب القحطاني
عضو نشطتعديل التعليق