رمضان فرصة للتحرر

تركي بن عبدالله الميمان
1445/09/11 - 2024/03/21 10:24AM

رَمَـضَانُ فُـرصَةٌ لِلتَّحَرُّر !

 

ا

 

 
 
 

 

 

 

 

قناة الخُطَب الوَجِيْزَة

https://t.me/alkhutab
 
(نسخة للطباعة)

 

 

 

 

 

 

 

 

الخُطْبَةُ الأُوْلَى

إِنَّ الحَمْدَ لِلهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ ونَتُوبُ إِلَيه، مَنْ يَهْدِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

أَمَّا بَعْدُ: فَأُوْصِيْكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ U؛ فَهِيَ سَبَبٌ لِظُهُوْرِ البَرَكَاتِ، مِنَ الأَرضِ وَالسَّمَاوَات! ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ القُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوا لَفَتَحنَا عَلَيهِم بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرضِ﴾.

عِبَادَ الله: إِنَّهُ شَهرُ الحُرِّيَّةِ، وَالسَّعَادَةِ القَلْبِيَّةِ، وَهُوَ مُتْعَةُ الأَبرَارِ، وَمَدرَسَةُ الأَحرَارِ، إِنَّهُ شَهْرُ رَمَضَان!

فَإِنَّ رَمَضَانَ فُرصَةٌ لِلْتَّحَرُّرِ مِنْ أَثْقَالِ الذُّنُوبِ، بِالتَّوْبَةِ إلى عَلَّامِ الغُيوبِ. وَالمَحْرُوْمُ مَنْ حُرِمَ التَّوْبَة، في شَهْرِ المَغْفِرَة! قال ﷺ: (رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ، ثُمَّ انْسَلَخَ قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ!).

وَرَمَضَانُ فُرْصَةٌ لِلْتَّحَرُّرِ مِنْ سُؤَالِ العَبِيدِ، إلى سُؤَالِ رَبِّ العَبِيدِ! قال I: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ﴾. وَهَذِهِ الآيَةُ جَاءَتْ بَيْنَ آيَاتِ الصِيَامِ! وَهِيَ إِشَارَةٌ إِلَى (أَنَّ شَهْرَ رَمَضَانَ؛ مَرْجُوَّةٌ دَعَوَاتُهُ!).

وَرَمَضَانُ فُرصَةٌ لِتَحرِيرِ الأَروَاحِ! فَإِنَّهُ الشَّهْرُ الَّذي أُنْزِلَ فِيهِ القُرآن؛ لِيُحَرِّرَ الإِنسَانَ مِنْ سِجْنِ الظَّلامِ والضَّلَالَةِ، إلى نُوْرِ اليَقِيْنِ والهِدَايَةِ! قال ﷻ: ﴿كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ﴾.

وَرَمَضَانُ فُرصَةٌ لِتَحرِيرِ النَّفْسِ مِنْ سِجْنِ الجَسَدِ إلى فَضَاءِ الرُّوْحِ،وَمِنْ مُرَاقَبَةِ الخَلْقِ إلى مُرَاقَبَةِ الخَالِقِ! قَالَ U: (إِلَّا الصَّوْم، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ؛ يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي!).

وَرَمَضَانُ فُرْصَةٌ لِلْتَّحَرُّرِ مِنْ شَرِّ النَّفْسِ الأَمَّارَةِ بِالسُّوْءِ، وَالفِكَاكِ مِنْ أَسْرِهَا!

قال تعالى: ﴿فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ﴾. قال المُفَسِّرُون: (هَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللهُ؛ لِمُجَاهَدَةِ النَّفْسِ) .

وَرَمَضَانُ فُرصَةٌ لِتَحرِيرِِ القَلْبِ مِنْ أَغْلَالِ الحِقْدِ وَالحَسَدِ، والغَضَبِ والاِنتِقَام! قال ﷺ: (إِذَا أَصبَحَ أَحَدُكُمْ يَوْمًا صَائِمًا؛ فَلا يَرْفُثْ وَلا يَجْهَلْ، فَإِنِ امْرُؤٌ شَاتَمَهُ أَوْ قَاتَلَهُ؛ فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ، إِنِّي صَائِمٌ).

خَلِّصْ فُؤَادَكَ مِنْ غِلٍّ وَمِنْ حَسَدٍ

فَالغِلُّ فِي الْقَلْبِ مِثْلُ الغِلِّ فِي العُنُقِ!

وَرَمَضَانُ فُرصَةٌ لِلتَّحَرُّرِ مِنْ ذُلِّ المَعصِيَةِ، إلى عِزِّ التَّقْوَى! قال ﷻ: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾. قال بعضُ السَّلَف: (مَا أَخْرَجَ اللهُ عَبْدًا مِنْ ذُلِّ المَعَاصِي إِلى عِزِّ التَّقْوَى؛ إِلَّا أَغْنَاهُ بِلَا مَالٍ، وَأَعَزَّهُ بِلَا عَشِيرَةٍ، وَآنَسَهُ بِلَا أَنِيسٍ!).

وَرَمَضَانُ فُرصَةٌ لِتَحرِيرِ العَقلِ مِنَ التَّفْكِيرِ المَادِّيِّ الأَنَانِيِّ، وَمِنَالطَّمَعِ والبُخْلِ، إلى العَطَاءِ والبَذْلِ! فَقَدْ "كَانَ ﷺ أَجوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ".

قال ابنُ القَيِّم: (لمَّا كانَ البَخِيلُ مَحْبُوْسًا عَنِ الإِحسَانِ؛ فَهُوَ ضَيِّقُ الصَّدرِ، كُلَّمَا أَرَادَ أَنْ يَتَصَدَّقَ مَنَعَهُ بُخْلُهُ؛ فَبَقِيَ قَلْبُهُ في سِجْنِهِ! وَالمُتَصَدِّقُ كُلَّمَا تَصَدَّقَ انْشَرَحَ قَلْبُهُ).

وَرَمَضَانُ فُرْصَةٌ لِلْتَّحَرُّرِ مِنْ إِدمَانِ التَّوَافِهِ والفُضُوْلِ، وَتَركِ مَا لا يَعْنِي! وكَانَ السَّلَفُ إذا صَامُوا؛ جَلَسُوا في المَسَاجِدِ، وقالوا: (نَحْفَظُ صَوْمَنَا، ولا نَغْتَابُ أَحَدًا!).

وَرَمَضَانُ فُرصَةٌ لِلتَّحَرُّرِ مِنْ سِلْسِلَةِ الشَّهْوَةِ، وَكَسْرِ أَغْلَالِهَا، وكَبْحِجِمَاحِهَا!

قال ﷺ: (يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ؛ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحصَنُ لِلفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ).

ولَيْسَ المَقْصُودُ مِنَ الصَّوْمِ: نَفْسَ الجُوعِ وَالْعَطَشِ، بَلْ مَا يَتْبَعُهُ مِنْ تَطْوِيعِ النَّفْسِ الأَمَّارَةِ، والاِنْتِصَارِ عَلَيْهَا! قال ﷺ: (مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ، وَالعَمَلَ بِهِ، وَالجَهْلَ؛ فَلَيْسَ لِلهِ حَاجَةٌ أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ!).

وَكَثِيرٌ مِنْ فُتُوْحَاتِ المُسلِمِيْنَ؛ كَانَتْ في رَمَضَان؛ وَذَلِكَ أَنَّ جِهَادَ النَّفسِ: هُوَ الجِهَادُ الأَكْبَر، ومَا بَعْدَهُ أَيْسَرُ مِنْه! قالَ ابْنُ رَجَب: (واعْلَمْ أنَّ المُؤْمِنَ يَجْتَمِعُ لَهُ في شَهْرِ رَمَضَانَ؛ جِهَادَانِ لِنَفْسِهِ: جِهَادٌ بالنَّهارِ على الصيامِ، وجِهَادٌ بِاللَّيلِ على القِيَام).

وَرَمَضَانُ فُرصَةٌ لِلتَّحَرُّرِ مِنْ عُقَدِ الشَّيْطَانِ، وَوَسْوَسَتِهِ لِلإِنسَانِ! قال ﷺ: (إنَّ الشَّيْطَانَ يَجرِي مِنِ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ). قال شَيخُ الإِسلَامِ: (لَا رَيْبَ أَنَّ الدَّمَ يَتَوَلَّدُ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ. وَإِذَا أَكَلَ أَوْ شَرِبَ: اتَّسَعَتْ مَجَارِي الشَّيَاطِينِ؛ وَإِذَا ضَاقَتْ: انْبَعَثَتِالقُلُوبُ إلى فِعلِ الخَيْرَاتِ، وَتَركِ المُنكَرَاتِ).

أَقُوْلُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِيْ وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ؛ فَاسْتَغْفِرُوْهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيم

 

الخُطبَةُ الثَّانِيَةُ

الحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، والشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيْقِهِ وَامْتِنَانِه، وَأَشْهَدُ أَنْ إِلَهَ إِلَّا الله، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُوْلُه.

عِبَادَ اللهِ: مَنْ قَامَ بِحَقِّ رَمَضَانَ، وَاجْتَهَدَ فِيْهِ -إِيْمَانًا وَاحْتِسَابًا-؛ حَرِيٌّ أَنْ يَتَحَرَّرَ مِنَ السِّجْنِ الأَعْظَمِ: بالعِتْقِ مِنَ النِّيْرَانِ، والفَوْزِ بِالجِنَانِ! فَفِي شَهْرِ رَمَضَانَ: (يُنَادِي مُنَادٍ: يَا بَاغِيَ الخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِر، وَلِلهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ، وَذَلِكَ كُلّ لَيْلَةٍ!).

فَهَذِهِ فُرصَتُكَ السَّنَوِيَّة؛ لِلوُصُوْلِ إلى الحُرِّيَّةِ الرُّوْحِيَّةِ، وَالسَّعَادَةِ الأَبَدِيَّةِ: فَالجِنَانُ مُفَتَّحَة، والنِيْرَانُ مُغَلَّقَة، والشَّيَاطِينُ مُصَفَّدَة! قال ﷺ: (إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ: فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الجَنَّةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ، وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِين).

فَاغْتَنِمُوا الأَوْقَاتِ، في مَوْسِمِ الخَيْراتِ، وَتَحَرَّرُوا مِنْ سِجنِ المَعَاصِي وَالمُنكَرَات، وَاحْذَرُوا دُعَاةَ الشَّهَوَاتِ والشُّبُهَاتِ! ﴿وَاللهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا﴾.

*******

* اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلامَ والمُسْلِمِينَ، وأَذِلَّ الشِّرْكَ والمُشْرِكِيْن.

* اللَّهُمَّ فَرِّجْ هَمَّ المَهْمُوْمِيْنَ، وَنَفِّسْ كَرْبَ المَكْرُوْبِين.

* اللَّهُمَّ آمِنَّا في أَوْطَانِنَا، وأَصْلِحْ أَئِمَّتَنَا وَوُلَاةَ أُمُوْرِنَا، وَوَفِّقْ (وَلِيَّ أَمْرِنَا وَوَلِيَّ عَهْدِهِ) لما تُحِبُّ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِمَا لِلْبِرِّ والتَّقْوَى.

* عِبَادَ الله: ﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾.

* فَاذْكُرُوا اللهَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكُرُوْهُ على نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ ﴿وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ﴾.

قناة الخُطَب الوَجِيْزَة

https://t.me/alkhutab

 

المرفقات

1711005825_‎⁨رمضان فرصة للتحرُّر (نسخة للطباعة)⁩.pdf

1711005825_‎⁨(خط كبير) رمضان فرصة للتحرُّر⁩.pdf

1711005825_‎⁨رمضان فرصة للتحرُّر (نسخة مختصرة)⁩.pdf

1711005826_‎⁨(خط كبير) رمضان فرصة للتحرُّر⁩.docx

1711005826_‎⁨رمضان فرصة للتحرُّر (نسخة للطباعة)⁩.docx

1711005826_‎⁨رمضان فرصة للتحرُّر (نسخة مختصرة)⁩.docx

المشاهدات 1141 | التعليقات 0