رَمَضَانُ شَهْرُ التَّوبَةِ

بندر المقاطي
1436/09/09 - 2015/06/26 01:48AM


هذه الخطبة اختصرتها من خطبة الشيخ إبراهيم الحقيل (الاستهزاء بالتوبة في شهر التوبة)


رَمَضَانُ شَهْرُ التَّوبَةِ

) الخُطْبَةُ الأُوْلَى(

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّـهِ، نَحْمَدُهُ عَلَى نِعَمِهِ وَآلَائِهِ، وَنَشْكُرُهُ عَلَى فَضْلِهِ وَإِحْسَانِهِ؛ لَهُ فِي هَذَا الشَّهْرِ الْعَظِيمِ نَفَحَاتٌ وَهَدَايَا، وَهِبَاتٌ وَعَطَايَا، لَا يَتَعَرَّضُ لَهَا إِلَّا مُوَفَّقٌ مَرْحُومٌ، وَلَا يُعْرِضُ عَنْهَا إِلَّا مَخْذُولٌ مَحْرُومٌ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ . أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى عبادَ الله، وَأَطِيعُوهُ فَإِنَّكُمْ فِي شَهْرِ التَّقْوَى، وَمِنَ التَّقْوَى صِيَانَةُ الْجَوَارِحِ عَنِ الْحَرَامِ، وَغَضُّ الْأَبْصَارِ عَنِ الْآثَامِ، وَحِفْظُ الْأَسْمَاعِ مِنَ المَعَازِفِ وَالْقِيَانِ، وَمُفَارَقَةُ مَجَالِسِ الزُّورِ وَالْبُهْتَانِ، فَكَمْ مِنْ صَائِمٍ مَا صَامَ! وَكَمْ مِنْ قَائِمٍ مَا قَامَ! وَكَمْ مِنْ مُتَعَبِّدٍ بِالنَّهَارِ، يَنْقُضُ تَعَبُّدَهُ بِاللَّيْلِ! فَالْحَذَرَ أَنْ نَكُونَ مِنْهُمْ؛ فَإِنَّ صِيَامَ الْقَلْبِ عَنِ الْآثَامِ، قَبْلَ صِيَامِ الْأَبْدَانِ عَنِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾.
أَيُّهَا المُؤمنُونَ:
رَمَضَانُ شَهْرُ التَّوْبَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ؛ لِأَنَّ التَّقْوَى الَّتِي عُلِّلَ الصِّيَامُ بِهَا لَا تَتَحَقَّقُ إِلَّا بِالتَّوْبَةِ؛ وَلِأَنَّ رَمَضَانَ شَهْرُ المَغْفِرَةِ وَالْعَفْوِ، وَلَا يَسْتَحِقُّ الْعَفْوَ وَالمَغْفِرَةَ، إِلَّا مَنْ وَلَجَ بَابَ التَّوْبَةِ، وَأَمَّا مَنْ أَصَرَّ عَلَى المَعْصِيَةِ فِي رَمَضَانَ فَهُوَ يَنْتَهِكُ حُرْمَةَ الشَّهْرِ، وَالمَعْصِيَةُ فِي الزَّمَانِ الْفَاضِلِ أَغْلَظُ مِنَ المَعْصِيَةِ فِي غَيْرِهِ مِنَ الْأَزْمِنَةِ.
وَالصِّيَامُ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ التَّوْبَةِ؛ لِأَنَّ الصَّائِمَ أَبْعَدُ مِنَ المُفْطِرِ عَنْ تَسَلُّطِ الشَّيَاطِينِ؛ وَلِأَنَّ الصِّيَامَ يُضَيِّقُ مَجَارِيَ الدَّمِ، وَالشَّيْطَانُ يَجْرِي مِنِ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ؛ وَلِأَنَّ الصَّائِمَ بِجُوعِهِ وَعَطَشِهِ أَضْعَفُ عَنِ المُحَرَّمَاتِ مِنَ الشَّبْعَانِ؛ فَالشِّبَعُ وَالشَّهْوَةُ قَرِينَانِ.
وَالتَّوْبَةُ تَتَعَلَّقُ بِالدِّينِ كُلِّهِ، وَيَجِبُ أَنْ لَا يَنْفَكَّ المُؤْمِنُ عَنْهَا أَبَدًا؛ لِأَنَّهَا إِمَّا تَوْبَةٌ عَنْ تَقْصِيرٍ فِي الطَّاعَةِ، وإِمَّا تَوْبَةٌ مِنْ فِعْلِ المَعْصِيَةِ، وَالدِّينُ كُلُّهُ إِمَّا أَمْرٌ بِطَاعَةٍ أَوْ نَهْيٌ عَنْ مَعْصِيَةٍ؛ وَلِذَا أُمِرَ المُؤْمِنُونَ كُلُّهُمْ بِالتَّوْبَةِ ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللَّـهِ جَمِيعًا أَيُّهَ المُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾.
أَيُّهَا المُؤمنُونَ:
وَالْأَصْلُ فِي كَوْنِ رَمَضَانَ مَوْسِمًا لِلتَّوْبَةِ قَوْلُ النَّبِيِّ ﷺ : «إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الجَنَّةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، وَصُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.
فَالمَعَاصِي تُزَيِّنُهَا الشَّيَاطِينُ لِبَنِي آدَمَ، وَتَتَسَلَّطُ عَلَيْهِمْ بِهَا، وَتَحْجِزُهُمْ عَنِ التَّوْبَةِ، فَإِذَا جَاءَ رَمَضَانُ، وَصَامَ أَهْلُ الْعِصْيَانِ؛ صُفِّدَتْ شَيَاطِينُهُمْ، فَتَكْثُرُ التَّوْبَةُ مِنْهُمْ بِسَبَبِ هَذَا التَّصْفِيدِ.
أَيُّهَا الصَّائِمُون:
وَكُلُّ عَاصٍ يَتُوبُ فَإِنَّمَا يُرْضِي اللهَ تَعَالَى، وَيَنْصُرُ الْأُمَّةَ، فَلْنَنْشُرْ مَفْهُومَ التَّوْبَةِ فِي النَّاسِ، وَلْنَدْعُهُمْ إِلَيْهَا، وَلْنَكُنْ أَوَّلَ التَّائِبِينَ؛ فَمَنْ كَانَ يَأْتِي مَعْصِيَةً فَلْيَتُبْ مِنْهَا، وَمَنْ قَصَّرَ فِي طَاعَةٍ فَلْيُحَافِظْ عَلَيْهَا، وَلْتَكُنْ تَوْبَتُنَا طَاعَةً لِلَّـهِ تَعَالَى، وَإِنْقَاذًا لِأَنْفُسِنَا أَمَامَه سبحانه، فَإِنَّنَا إِنْ حَقَّقْنَا التَّوْبَةَ نِلْنَا مَحَبَّةَ اللَّـهِ u وَرِضْوَانَهُ وَتَأْيِيدَهُ وَنَصْرَهُ، ﴿إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ المُتَطَهِّرِينَ﴾.
اللَّهُمَّ تُبْ علينا إنَّك أنت التَّوابُ الرحيم، واغفرْ لنا إنَّك أنت الغفورُ الحليم، اللَّهُمَّ وارزقنا توبةً نصوحاً صادقةً مُخلصةً في هذا الشهر الكريم.

أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.


) الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ (
الْحَمْدُ لِلَّـهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ. أَمَّا بَعْدُ:
فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَتَزَوَّدُوا مِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ المُبَارَكَةِ، )وَتَزَوَدُوا فِإنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَقْوَى(، الْزَمُوا المَسَاجِدَ، وَانْشُرُوا المَصَاحِفَ، وَسَابِقُوا عَلَى الطَّاعَاتِ، وَسَارِعُوا إِلَى الْخَيْرَاتِ، وَنَافِسُوا فِي الْبَاقِيَاتِ الصَّالِحَاتِ، وَإِيَّاكُمْ وَمَجَالِسَ السَّمَرِ وَاللَّهْوِ وَالْغَفْلَةِ، الَّتِي لَا تَخْلُو فِي الْغَالِبِ مِنْ قَوْلِ الزُّورِ وَمُشَاهَدَتِهِ وَسَمَاعِهِ، وَ«مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ وَالجَهْلَ فَلَيْسَ لِلَّـهِ حَاجَةٌ أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
أَيُّهَا المُؤمنُونَ:
هَذا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى خَيرِ خَلقِ الله، محمدِ بن عبد الله، )إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا(.
فَاللَّهُمَّ صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وأزواجهِ أُمَّهَاتِ المؤمنين، وَصَحَابَتِه الغُرِّ الميامين، ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، اللَّهُمَّ وَراضَ عَنَّا معهم بمنك وكرمك يا أرحم الراحمين.
اللَّهُمَّ أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذلَّ الشركَ والمشركين.
اللَّهُمَّ من أرادَنا وبلادَنا وأرادَ الإسلام والمسلمين بسُوءٍ فأشغِله بنفسِه، ورُدَّ كيدَه في نحره، واجعَل دائرةَ السَّوء عليه يا رب العالمين.
اللَّهُمَّ انصُر إخواننا المجاهدين والمرابطين على حدود بلادنا، اللَّهُمَّ انصرهم وأيدهم وسددهم واحفظهم وتقبل شهداءهم، يا ربَّ العالمين.
اللَّهُمَّ وفِّق وليَّ أمرنا لما تحبُّ وترضَى، وخُذ بناصيته للبرِّ والتقوى، اللَّهُمَّ وفِّقهُ ونائبَيهِ وإخوانَهُ وأعوانَهُ لما فيه صلاحُ العباد والبلاد.
اللَّهُمَّ تقبل منا صيامنا وقيامنا وصالح أعمالنا، وتجاوز عن تقصيرنا وإسرافنا في أمرنا.
رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ.
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.
عِبَادَ الله:
)اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا *وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلا(
المشاهدات 1737 | التعليقات 0