رمضان حكم وأسرار

ابو احمد
1434/09/10 - 2013/07/18 13:38PM
عباد الله / أحد عشر شهرا في العام نأكل ما نشاء مما احل الله لنا وقت ما نشاء ونشرب ما نشاء مما احل الله لنا وقت ما نشاء ويستمتع المتزوجون بما احل الله لهم وقت ما يشاؤن ثم يأتي شهر احد .. واحد فقط ... ثلاثون يوما تحدث انقلابا في برنامج حياتنا.. فالطعام ممنوع والشراب ممنوع وقضاء الشهوة ممنوع من طلوع الفجر الى غياب الشمس. عبادة فرضها الله علينا وتعبدنا بها ونحن مأمورون على الامتثال سواء فهمنا الحكمة من هذه العبادة ام لم نفهم..موقنين ان الله الحكيم عز وجل له في كل شيء حكمه.. لكن تلمس الحكم والاسرارا في مثل هذه المواطن يزيد المرء يقينا وتعلقا وحبا لهذه الشعائر الربانية فهل تسمحون لي اخوتي ان نتلمس معا شيئا من مواطن الحكمة في هذه العبادة العظيمة وشيئا من آداب هذه المدرسة الرمضانية الربانية...
1 ـ هذه العبادة تربي في المسلم التقوى ومراقبة الله في السرّ والعلانية مالا تربيه غيرها من العبادات ولذلك نجد ان الله عز وجل صرح في كتابه الكريم ان سبب فرض الصيام على المؤمنين هو تحصيل هذه التقوى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)
الصائم ياعباد الله قد يخلو منفردًا ولا يرده عن تمتيع نفسه بما لذ وطاب من طعام وشراب إلا شعوره بعلم الله به وعدم رضاه ذلك منه. ومن كان صاحب مراقبة فهو ذو ضمير. ومن كان له ضمير يحجزه عن القبائح والدناءات فقد استكمل إنسانيته.. فنحن نحتاج ان نربي هذه التقوى في نفوسنا ونرفع من معدلها في سلوكنا ليس في الانتهاء عن الشراب والطعام والشهوة فقط بل يجب ان نعي ان من دور هذه الامتناعات اقامة الحجة علينا اننا نستطيع ان نتقي مالا يرضي الله مما حرم... فيجب ان تكون التقوى شعار حياة الا يكفي انها وصية الله للأولين والاخرين (وَللَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللَّهَ وَإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ لِلّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيّاً حَمِيداً). فلنحاول ياعباد الله ان نستفيد من موسم التقوى في ان نتقي الله في كل موطن لنسعد برضاه وجنته في علاه.......
2 ـ الصيام يربي فينا الإرادة ما اعظم ان يكون لنا إرادة.. فالصائم يَدَعُ باختياره وبارادته ما تدعوه نفسه إليه لانه يعلم ان الخير في تركه،انها رسالة تقول لك ياعبد الله لقد غلبت هواك شهرًا متتابع الأيام فانت لا تعجز أن تغلبه في بقية شهور العام.وبتكرار السنين على تغلبه يصبح غلب الهوى والنفس عادة ميسورة لك. هل تعلمون أن كثيرًا من الناس يألف شيئًا ثم يصبح منكرًا له بعقله ولكن لا يستطيع ان يدعه بسبب ضعف إرادته. فالإرادة بتربيتها وتقويتها هي التي تعين المقتصد والتائب على ما يهم به من ترك ماحرم او كُره. فكل من الغني والفقير والشريف والوضيع والصحيح والمريض في حاجة شديدة إلى إرادة قوية فياتي رمضان ليربيها لنا... وما اجمل ان يكون للمرء إرادة يملك بها قرارته
3 ـ مما يربينا عليه الصوم التعود على الصبر هذه العبادة العظيمة التي جعل الله جزاءها بغير حساب (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ) ولك أن تتخيل ماذا يعني بغير حساب عندما يقول الله (بِغَيْرِ حِسَابٍ)لأنَّ الصائم يجد ما تشتهيه نفسه ويصبر عن تناوله، وأنت في الدنيا بين مطالب عالية لا تدرك إلا باستسهال الصعاب، ومصائب عاتية لا يهون وقعها إلا بالجَلَد،ومن حُرِمَ الصبر ضاعت من بين يَدَيْهِ مطالبه ،وقضت عليه في الحياة مصائبه.فجاء الصيام ليخرج عبادا يتناولون الصبر في حياتهم ويصعد بهم الى معارج الفلاح في اخراهم والنجاح في دنياهم
4 ـ ومن اسرار الصيام اكتساب عفة اللسان؛ "‏مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِوَالْعَمَلَ بِهِ وَالْجَهْلَ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ"وقال((إذا كان يوم صوم أحدكم، فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني امرؤ صائم))
فالصائم مأمور أن يمسك عن الرفث والصخب، ومجازاة من سبه، ومجاراة من سفه عليه، واللسان ياعباد الله ترجمان القلب وآلة التخاطب. فإذا صلح اللسان دل على صلاح القلب وحسن المعاشرة. وهنالك: رِضى اللهِ و رِضى الناسِ . وهنالك الهناء والسعادة. فاذا استقامت السنتنا وتربينا على تحمل المخالف وعلى المحافظة على غيبة المؤمنين فلا غيبة ولا لمز ولاهمز ولانميمة كان لصيامنا نتيجة ونجاحا.. نسال الله ان يجعلنا اجمعين ممن صام فصامت عن اللغو جوارحه وقام فقامت الى الطاعة اركانه ايمانا واحتسابا...
اقول ماتسمعون واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه انه هو الغفور الرحيم


الخطبة الثانية:الحمد لله على احسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه........ نكمل اداب الصيام واسراره...
5 ـ من اداب الصيام ودروسه تنبيه عاطفة الرحمة؛
لأنَّ الصائم يجد من مس الجوع والعطش ما يشعره بحقيقة ألمهما،ويدله على ألم ما إليهما من حاجة ومرض .فيتصور ذلك عند مشاهدة مصاب تصورا يحمله على التخفيف من ألم المصاب بكلمة طيبة هي مبلغ مستطاعه أو بإعانة مادية إن قدر عليها .والرحمة من صفات الرب. وهو لا يتصف إلا بالكمال ومن ضعفت رحمته ضعفت إنسانيته وكثفت وحشيته .فالصيام يربي فينا الاحساس بحاجة الاخرين والامهم وجوعهم ولا ادل على دور رمضان في اذكاء تلك الروح من حديث بن عباس رضي الله عنهما قال : " كان رسول الله r أجود الناس ، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل ، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن ، فلرسول الله r أجود بالخير من الريح المرسلة " .
6 ـ ومن أسرار الصيام تكوين الشعور بالمساواة لأنَّ الصائمين مستوون في حكم الصيام. وهذا الشعور يرفع المستضعف عن الاستكانة لمن أراده بإهانة، ويبعث فيه العزة على من حاول استعباده، وينزل بالمستكبر عن عليائه، ويزيل منه داء كبريائه،فالغني والفقير والامير والبسيط يصومون في وقت واحد ويفطرون في وقت واحد وعليهم نفس الكفارات عند وقوع بعض مخالفات الصيام فالكل في حكم الله سواء..... فلا اله الا الله كم لله علينا من النعم وكم لله علينا من المنن ومنها هذا الشهر العظيم
فيه نتربى على التقوى وفيه نتربى على الصبر وفيه نتربى على عفة الخلق وفيه نحسن الى بعضنا وفيه من النعم والمنن ما يعجز العقل عن ادراكه فلله الفضل والمنة من قبل ومن بعد وصلى الله على نبينا محمد واله وصحبه وسلم
المشاهدات 2459 | التعليقات 0