رعاية المسنين

الْحَمْدُ للهِ الْقائِلِ فِي كِتابِهِ ]هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا[ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ،r الْقائِلُ (لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيُوَقِّرْ كَبِيرَنَا) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا فَأُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ وَطَاعَتِهِ ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ[. إِخْوَةُ الْإِيمَانِ وَالْعَقِيدَةِ .. إِنَّ مِنْ المكارِمِ وَالْفَضائِلِ الْعَظِيمَةِ: الْبِرَّ وَالْإِحْسانَ إِلَى الضُّعَفاءِ، وَرِعايَةَ حُقُوقِهِمْ، وَالْقِيامَ بِواجِباتِهِمْ، وَتَعاهُدَ مُشْكِلاتِهِمْ، وَالسَّعْيَ فِي إِزالَةِ الْمُكَدِّراتِ وَالْهُمُومِ وَالْأَحْزانِ عَنْ حَياتِهِمْ، إِنَّ هَذا مِنْ أَعْظَمِ أَسْبابِ التَّيْسِيرِ وَالْبَرَكَةِ، وَانْصِرافِ الْفِتَنِ وَالْمِحَنِ وَالْبَلايا وَالرَّزايا عَنِ الْعَبْدِ، وَسَبَبٌ لِلْخَيْراتِ وَالْبَرَكاتِ الْمُتَتالِياتِ عَلَيْهِ فِي دُنْياهُ وَعُقْباهُ، قالَ r (اِبْغُونِي الضَّعِيفَ، فَإِنَّكُمْ إِنَّما تُرْزَقُونَ، وَتُنْصَرُونَ بِضُعَفَائِكُمْ). وَإِنَّ مِنْ هَؤُلَاءِ الضُّعَفاءِ: المُسِنَّ الْكَبِيرَ فِي السِّنِّ؛ فَإِنَّ الْإسْلامَ الْفَضائِلَ لِكِبارِ السِّنِّ، وَشَرَعَ لَهُمُ مِنْ حُقُوقٍ وَوَاجِباتٍ. قالَ نَبِيُّنا r وَهُوَ يُرْشِدُنا إِلَى حَقِّ الْكَبِيرِ (مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيَعْرِفْ حَقَّ كَبِيرِنا، فَلَيْسَ مِنَّا). وَقَدْ تَضَافَرَتِ الْأَحادِيثُ بِأَنَّ الْخَيْرَ مَعَ الْأَكابِرِ، وَالْبَرَكَةَ مَعَ كِبارِ السِّنِّ، وَأَنَّ المؤْمِنَ لَا يُزادُ فِي عُمُرِهِ إِلَّا كَانَ خَيْرًا لَهُ، وَأَنَّ لَهُ مَكَانَةً خَاصَّةً، تَتَمَثَّلُ فِي التَّجَاوُزِ عَنْ سَيِّئَاتِهِ، وَشَفَاعَتِهِ لِأَهْلِ بَيْتِهِ؛ قَالَ رَسُولُ اللهِ r (لَا يَتَمَنَّى أَحَدُكُمُ الموْتَ، وَلَا يَدْعُو بِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُ، إِنَّهُ إِذَا مَاتَ أَحَدُكُمُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ، وَإِنَّهُ لَا يَزِيدُ المؤْمِنَ عُمُرُهُ إِلَّا خَيْرًا( وَقَالَ رَسُولُ اللهِ r (أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِخِيارِكُمْ؟!)، قالُوا: بَلَى يا رَسُولَ اللهِ، قالَ: (خِيارُكُمْ أَطْوَلُكُمْ أَعْمَارًا إِذَا سَدِّدُوا) وَقَالَ الرَّسُولُ r (الْخَيْرُ مَعَ أَكَابِرِكُمْ) وَفِي رِوايَةٍ (الْبَرَكَةُ مَعَ أَكَابِرِكُمْ). وَاعْلَمُوا .. أَنَّ مِنْ حُقُوقِهِمْ عَلَيْنَا: تَوْقِيرُهُمْ وَإِكْرَامُهُمْ، وَكَانَ ذَلِكَ مِنْ هَدْيِ النَّبِيِّ r، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ t: جاءَ شَيْخٌ يُرِيدُ النَّبِيَّ r فَأَبْطَأَ الْقَوْمُ عَنْهُ أَنْ يُوَسِّعُوا لَهُ، فَقالَ النَّبِيُّ r (لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيُوَقِّرْ كَبِيرَنَا). وَمِنْ حُقُوقِهِمْ كَذَلِكَ: حُسْنُ المعامَلَةِ، بِجَمِيلِ الْإِكْرامِ، وَطِيبِ الْكَلامِ، وَالتَّوَدُدِ إِلَيْهِم؛ فَإِنَّ إِكْرامَ الْكَبِيرِ وَإِحْسانَ خِطابِهِ هُوَ فِي الْأَصْلِ إِجْلالٌ للهِ عَزَّ وَجَلَّ؛ قَالَ النَّبِيُّ r (إِنَّ مِنْ إِجْلالِ اللهِ: إِكْرَامَ ذِيْ الشَّيْبَةِ المسْلِمِ). وَإِنَّ مِنْ حُقُوقِهِمْ: إِذَا لَقِيناهُمْ أَنْ نَبْدَأَهُمْ بِالسَّلَامِ؛ اِحْتِرَامًا وَتَقْدِيرًا لَهُمْ، فَفِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ (يُسَلِّمُ الصَّغِيرُ عَلَى الْكَبِيرِ، وَالْمَارُّ عَلَى الْقَاعِدِ، وَالْقَلِيلُ عَلَى الْكَثِيرِ). وَمِنْ حُقُوقِهِمْ كَذَلِكَ: أَنْ نُقَدِّمَهُمْ فِي الْكَلَامِ وَالْمَجَالِسِ، وَفِي الطَّعامِ، وَالشَّرَابِ، وَالدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ. فَقَدْ وَرَدَ عنه r قولهُ (كَبِّرْ، كَبِّرْ)، وَقَدْ كَانَ شَبابُ الصِّحابَةِ وَالتَّابِعِينَ فِي غَايَةِ الْأَدَبِ، وَالِاحْتِرَامِ لِلْكِبارِ، وَالتَّوْقِيرِ وَالتَّقْدِيرِ لَهُمْ، وَالْقِيامِ بِحُقُوقِهِمْ. وَمِنْ إِجْلالِ الْكَبِيرِ – يَا عِبَادَ اللهِ - الدُّعاءُ لَهُ بِكُلِّ خَيْرٍ وَصَلَاحٍ وَطُولِ عُمُرٍ عَلَى طَاعَةِ اللهِ، وَقَدْ حَثَّ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ الْأَبْنَاءَ عَلَى الدُّعَاءِ لِوَالِدَيْهِمْ فِي حَيَاتِهِمَا وَبَعْدَ مَمَاتِهِمَا ]وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا[ فَإِنَّ خَيْرَ النَّاسِ مَنْ طَالَ عُمُرُهُ، وَحَسُنَ عَمَلُهُ، كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ، لِأَنَّ مَنْ طَالَ عُمُرُهُ ازْدَادَ عِلْمُهُ وَإِنابَتُهُ وَرُجُوعُهُ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ؛ لِأَنَّ الشَّبَابِ شُعْبَةٌ مِنَ الْجُنُونِ. عِبَادَ اللهِ .. الْإِنْسانُ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا يَمُرُّ بِثَلَاثِ مَرَاحِلَ رَئِيْسَةٍ: ضَعْفٍ، ثُمَّ قُوَّةٍ، ثُمَّ ضَعْفٍ، وَلَكِنَّ هَذَا الضَّعْفَ الْأَخِيرَ هُوَ الشَّيْخُوخَةُ وَالْكُهُولَةُ. فَصَوَّرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ هَذِهِ الْأَحْوَالَ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ فَقَالَ ]اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً[ وَقالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ ﴿وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ﴾ وَأَرْذَلُ الْعُمُرِ كَمَا ذَكَرَ المفَسِّرُونَ: هُوَ أَخَسُّهُ وَأَدْوَنُهُ، وَآخِرُهُ الَّذِي تَضْعُفُ فِيهِ الْقُوَى، وَتَفْسُدُ فِيهِ الْحَوَاسُّ. فَعَلَيْنَا أَنْ نُرَاعِيَ صِحَّةَ كَبِيرِ السِّنِّ، وَوَضْعَهُ الْبَدَنِيَّ وَالنَّفْسِيَّ، بِسَبِبِ الْكِبَرِ وَالتَّجَاوُزِ فِي الْعُمُرِ؛ فَإِنَّ هَذِهِ الْمَرْحَلَةَ مِنَ الْحَياةِ مُسْتَوْجِبَةٌ لِلْعِنايَةِ وَالِاهْتِمَامِ الْكَبِيرِ مِنَ الْأَقَارِبِ. أَقُولُ قَوْلِي هَذَا.. وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ، فَاسْتغْفِرُوهُ يَغْفِرْ لَكُمْ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.     الْحَمْدُ لِلَّهِ، هَدَى وَوَفَّقَ مَنْ شَاءَ بِفَضْلِهِ، وَصَرَفَ عَنِ الْحَقِّ وَالْهُدَى بِعَدْلِهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى أَفْضَلِ أَنْبِيَائِهِ وَأَكْرَمِ رُسُلِهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ مَعَاشِرُ الْمُؤْمِنينَ ... اتَّقُوْا اللهَ تَعَالَى ]وَٱتَّقُواْ يَوۡمًا تُرۡجَعُونَ فِيهِ إِلَى ٱللَّهِۖ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفۡسٍ مَّا كَسَبَتۡ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ[. وَاعْلَمُوا .. أَنَّ الْحُقُوقَ عَلَى مَرَاتِبَ، وَمِنْ أَعْظَمِ المرَاتِبِ وَالْحُقُوقِ عَلَيْنَا حُقُوقَ الْأَبَوَيْنِ كِبَارَ السِّنِّ بِالرِّعايَةِ وَالِاهْتِمَامِ، فَقَدْ جَاءَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ بِأَبِيهِ أَبِي قُحَافَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا إِلَى رَسُولِ اللهِ r يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ يَحْمِلُهُ حَتَّى وَضَعَهُ بَيْنَ يَدَي رَسُولِ اللهِ r، لِيَدْخُلَ الْإِسْلَامَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ r لِأَبِي بَكْرٍ:(لَوْ أَقْرَرْتَ الشَّيْخَ فِي بَيْتِهِ لَأَتَيْنَاهُ) بَلْ لَوْ كَانَ وَالِدَا الْإِنْسَانِ مُشْرِكَيْنِ غَيْرَ مُسْلِمَيْنِ فَالشَّرِيعَةُ تُرَغِّبُ وَلَدَهُمَا فِي الْإِحْسَانِ إِلَيْهِمَا، وَحِفْظِ حُقُوقِهِمَا، حَتَّى وَإِنْ كَانَا يَدْعُوَانِهِ إِلَى الْكُفْرِ؛ قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ ]وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا ۖ وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا[ فَلَمْ يَقُلْ: "فَعُقَّهُمَا"، بَلْ قَالَ: ﴿ فَلَا تُطِعْهُمَا ﴾. عِبَادَ اللهِ .. إِنَّ رِعَايَةَ المسِنِّينَ فِي الْإِسْلَامِ نَمُوذَجٌ أَمْثَلُ لِلتَّكَافُلِ الِاجْتِمَاعِيِّ، فَقِيَمُنَا قِيَمٌ إِسْلامِيَّةٌ أَصِيْلَةٌ، تَرْحَمُ الضَّعِيفَ وَالصَّغِيرَ، وَتُوَقِّرُ الْكَبِيرَ، وَتَحْتَرِمُ الْعَالِمَ وَالسُّلْطَانَ، وَقِيَمُ غَيْرِنَا مِنْ غَيْرِ المسْلِمِينَ قِيَمٌ غَرْبِيَّةٌ غَرِيبَةٌ، تَفَكَّكَتْ أُسَرُهُمْ، فَلَا يَكَادُ الِابْنُ يَعْرِفُ أَبَاهُ أَوْ أُمَّهُ بِمُجَرَّدِ أَنْ يَبْلُغَ الْحُلُمَ، وَهَامَ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى وَجْهِهِ، وَالْإِسْلَامُ لَا يَرْضَى لِلْإِنْسانِ إِلَّا أَنْ يَحْيَا كَرِيمًا عَزِيزًا مُوَقَّرًا. وَقَدْ أَوْلَتْ الْحُكُومَةُ وَفَّقَهَا اللهُ لَهُمْ ْأَهَمِّيَةً كُبْرِى، كَفَرْضِ رَاتِبِ التَّقَاعُدِ عِنْدَ بُلُوغِ السِّنِّ النِّظَامِيِّ، وَعِيَادَاتِ لِلْنَقَاهَةِ لِمَنْ لَا قَرِيبَ لَهُمْ، وَتَقَدِيمِ كَافَّةِ الْخَدَمَاتِ الطِّبِّيَةِ وَالْحُكُومِيَّةِ لَهُمْ فِي الْمَنَازِلِ عَبْرَ عَرَبَاتٍ مُجَهَّزَةٍ بِالْكَامِلِ، وَتَخْصِيصِ أَمَاكِنِ لِوُقُوفِ سِيَّارَاتِهِمْ، وَجَمْعِيَّاتٍ لِمُمَارَسَةِ الْأَنْشِطَةِ الْمُخْتَلِفَةِ، وَغَيْرِهَا مِنْ الْخَدَمَاتِ الَّتِي يُشْكَرُ الْقَائِمُونَ عَلَيْهَا. اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ وَالْـمُسْلِمِينَ، وَأَذِلَّ الشِّرْكَ وَالْـمُشْرِكِينَ، اللَّهُمَّ أَصْلِحْ أَحْوَالَ الْـمُسْلِمِيْنَ، وَاجْعَلْ وِلَايَتَهُمْ فِيْمَنْ خَافَكَ وَاتَّقَاكَ وَاتَّبَعَ رِضَاكَ، وَأَيِّدْ بِالْحَقِّ إِمَامَنَا وَوَلِيَّ أَمْرِنَا خَادِمَ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيْفَيْنِ، وَوَفِّقْهُ وَوَلِيَّ عَهْدِهِ وَوُزَرَاءَهُ وَأَعْوَانَهُ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَالْعَمَلِ بِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى يَا رَبَّ الْعَالَمِيْنَ. اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدِيْنَا وَلِجَمِيْعِ الـْمُسْلِمِيْنَ وَالْـمُسْلِمَاتِ الْأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالْأَمْوَاتِ. رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِيْ الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.
المرفقات

1642133346_رعاية المسنين.docx

1642133354_رعاية المسنين.pdf

المشاهدات 629 | التعليقات 0