رسائل (آباء،معلمون،أبناء)
صالح العويد
1433/10/13 - 2012/08/31 06:10AM
هذه الخطبة منتقاة من عدة خطب
الحمد لله.. الحمد لله الذي اتصف بالعلم وتسمى به وأفاض على نبيه ما شاء منه فسما به، والحمد لله.. كم أحاط علمه بالكائنات وأنار العقول بمحكم الآيات وفتق أذهان البشر بشتى العلوم على مر العصور الماضيات.
وأشهد أن لا إله إلا لله وحده لا شريك له.. جعل التقوى سببًا للعلم فقال -سبحانه-: ( ... وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ...) [البقرة:282].. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد ُأيها النّاس /
اتقُوا اللهَ في سِرَّكم وعلانيتِكم، فغدًا تُبلى السرائرُ، وتكشف الخبايا وتظهرُ مافي الضمائرِ، والناجون هم الصادقونَ المُتقون ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ(
عباد الله، ها هي الإجازة مضت أيامها وتصرمت ساعاتها، وكأنها ما كانت، غنم فيها قوم وخسر آخرون، ذاك يطوي صفحات من الحسنات في الصالحات الباقيات، في خطوات تقربه إلى روضات الجنات، وآخر يعب من السيئات في ارتكاب المحرمات والموبقات، في استدراج يدنيه من الدركات.
أيها المسلمون، ليعد كل منا بذاكرته إلى الوراء قليلاً، إلى بداية الإجازة، وليحاسب نفسه: ماذا جنى؟ وماذا قدم؟ هل تقدم في الخير أم تأخر؟ هل ازداد من الصالحات أم قصر؟ ماذا صنع هو وأهله وأولاده في تلك الإجازة؟ وكيف أمضوها؟ أفي خير ونفع أم في خسارة وضياع؟ تالله، ليسعدن أقوام يجدون ثمرة أعمالهم الخيرة في ميزان حسناتهم، وليندمن أقوام فرطوا في أيامهم الخالية فجنوا الندم والألم،يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمْ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ[آل عمران: 30].
أيها المسلمون: التربية والتعليم وظيفة الأنبياء والرسل، وهي معيار حضارة الشعوب وسبق الدول.. أول ما صدر للبشرية هو التعليم: ( وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا...) [البقرة:31]، وأول معلمٍ في هذه الأمة هو محمد -صلى الله عليه وسلم- وأول مدرسةٍ في الإسلام كانت في ناحية المسجد الحرام عند جبل الصفا (مدرسة دار الأرقم).. ومن ذلك المعلم وفي تلك المدرسة ومن أولئك التلاميذ صاغ العرب نواة حضارتهم، وحينها فقط سمع العالم يومئذ بالعرب وأدخلوهم ضمن حساباتهم.. إذ كانوا قبل ذلك على هامش الأحداث وفي ساقة الأمم.. والتاريخ يعيد نفسه، وما أشبه الليلة بالبارحة، ولن يرفع شأن هذه الأمة ولن ينهض بها إلا ما نهض بها في سابقها.
عباد الله، غدًا تبدأ الدراسة، وتنطلق مسيرة العلم، وتفتح قلاع المعرفة، يبرق فجر غد والناس أمامه أصناف، والمستقبلون له ألوان؛ بين محب وكاره، ومتقدم ومحجم، ومتفائل ومتشائم وهَاهُوَ مُجتَمَعُنا فِي حالةِ اسْتنفارٍ ملحوظٍ لاستقبال عامٍ دراسيٍّ جديد , وهذا الاستنفارُ يتكرّرُ كلَّ عام ؛ اسْتنفارٌ في البيوت ، واسْتنفارٌ في الْعُقول ، واسْتنفارٌ في الأسواق بِحَاجِيّاتِ المدارسِ ولوازِمِها فَتبْقى أخْطاءُ ، وتُعالجُ أخطاء ُ، فَمِنَ الأخطاء التي تبقى ما يَظُنـُّه بعضُ الآباء ِأنه بتوفيرِ لوازمِ المدرسةِ وحاجياتِها قد أدّى ما عليه وانْتهى دورُه ، وهذا من الخطأ ! لأنَّ مسؤوليةََ الوالدِ لا تنْتهي عندَ هذاالحد، بَلْ عليه متابعةُ أبنائِهِ في دراستهم وغيرِها ، فَفِي خارجِ المدرسةِ : يختارُ جُلَسَاءَه ُ، ويَعْرِفُ ذََهابَه وإِيابَه ، يَصْحَبُهُ إلى المساجدِ والمجامع النافعةِ ، يُعَلِّمُه مكارمَ الأخلاق ويحثُّه عليها ، يُصَوِّبُ خطأَه وَيَشْكُرُ صَوابَه ُ.
وأمّا في المدرسة : فعِلاقة ُالوالدِ بمدرسةِ ابْنِهِ علاقةَُ رَحِمٍ لا ينبغي أن تُقْطَعْ , تَتمَثّلُ : بزيارتهِ لِمدْرَستهِ , والالتقاءِ ِبمُعلميه وأخذِ آرائِهم , ومُتابعةِ تحصيلِ الولد خُلُقِياً وعِلْمِيًّا , فيا معاشر الآباء والأولياء:
إنكم ـ أيها الكرام ـ شركاء للمدرسة في رسالتها، والبيت هو المدرسة الأولى التي يتربى فيها الأجيال وينشأ فيها الفتيان والفتيات. يقول ابنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - : سَمِعتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِوَسَلَّمَ يَقُولُ ( كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ فَالْإِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَن ْرَعِيَّتِهِ وَالرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَن ْرَعِيَّتِهِ وَالْمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَاالحديث )) متفق عليه ومن الأخطاء مايجده الأبناء من التناقض بين مادرسوه ومايجدونه من ممارسات داخل المنزل من الأولياء وأعظم ذلك وأفحشه حرص الآباء على استيقاظ الأبناء للدراسة أشد حرصا على الإستيقاظ للصلاة وتحسّره على فوات الدراسة أشد من تحسره على فوت وقت الصلاة؟ فاتقواالله معاشرالأولياء وعظموا أمرالله في نفوسكم وفي نفوس من تحت أيديكم يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ
أما المعلمون والمعلمات فإنهم يجلسون من كراسي التعليم على عروش ممالك رعاياها أولاد المسلمين؛ فهم الذين يصوغون الفكر ويفتقون الأذهان ويطلقون اللسان ويربون الجنان؛ حقهم الإعزاز والإكرام والإجلال وفائق الاحترام.. حقهم أن ينزلوا منازلهم العالية ويوفوا حقوقهم الكاملة، وأن يعرف قدرهم وتبقى هيبتهم الوصية لهم بعد الوصية بالتقوى والصدق والإخلاص، وأن يكونوا قدوةً صالحةً لمن يتأسى بهم.وتذكرواأن عَِمَلُكُم رسالةًٌ ، وشَخْصُكَم قُدْوَةٌ ، فَكُونْوا عند حُسْنِ الظنِّ بِكَم ، فَتـَمثّلوا تقوى اللهِ في حياتِكَم , واسْتمْسِكْوا بِعُرََى الإخلاص في عَمَلِكَم , واعْلموا أنكم متى اتّصفتََم بهذه الصفاتِ فَسَتَبْقَى ذِكْراكََم عاطِرَةً فِي أذْهانِ طُلابِكَم مَهْما دارت عجلةُ الزمان ، وإذا كنتَم خِلافَ ذلك فسوف تُنـْسَوا وَتنـْسَوا ، ويكونُ لِسانُ حَالِ طُلابِكَم : مُسْتـَرِيحٌ ومُسْتـَراحُ مِنْه ُ. فَكُونْوا من أولئك الذين إذا حَضَرُوا ذُكِروا بخير ، وإذا غابوا ذُكروا بخير ، وإذا ماتوا ذكروا بخير , قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( مَنْ دلَّ على خيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أجْرِ فاعِلِهِ )) رواه مسلم من حديث أبي مسعود البدري – رضي الله عنه - فَسَلْ ربّك التوفيقَ وقدّم لِطُلابِكَ ما تَسْتـَطيعُ من التربية والتعليم , والله ُلا يُضِيعُ أجْرَ مَنْ أحْسَنَ عَمَلاً .
أخي المعلم : إنّ أقلّ ما يُنظَر فيك أن يكون مظهرُكَ إسلاميًا، وأن يتفق القولُ مع الفعل، وأن تكون الرّوحُ إسلاميةً حقًّا. نريدُ مدرّسًا أمينًا على فلذات أكبادِنا، فإذا تكلّم فلا يتكلمُ إلا بخير، حَسَنَ التعاملُ فلا تصدُرُ منه إلا عباراتُ التربيةِ والتوجيه، قدوةٌ في مظهره، محافظٌ على صلاته، إذا دخل على الطلاب قابلَهم بالْبَسْمةِ وطلاقةِ الوجه، قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لا تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئًًا وَلَوْ أنْ تَلْقَى أخاكَ بِوَجْهٍ طََلِق)) رواه مسلم. إذا دخلَ حياهُم بتحيةِ الإسلام،وإذا بَدأ حديثَه وشرحَهُ بدأه بالْحمد للهِ والثّناءِ على اللهِ والصّلاةِ والسّلامِ على رسولِ اللهِ صَلّى اللهُ عليهِ وَسَلّم .
هكذا نغْرِسُ التّربيةَ الإسْلاميةَ في نُفوسِ أجْيالِنا، ونربيهم على الأخلاق الحميدة
أيها المعلمون: إن أولاد المسلمين أمانة الله في أعناقكم وودائع الأمة بين أيديكم.. إن المعلم لا يستطيع أن يربي تلاميذه على الفضائل إلا إذا كان فاضلًا، ولا يستطيع إصلاحهم إلا إذا كان في نفسه صالحًا لأنهم يأخذون عنه بالقدوة أكثر مما يأخذون عنه بالتلقين، وإن الناشئ الصغير مرهف الحس قوي الإدراك للمعارف والكمالات.. فإن زينتم لهم الصدق فكونوا صادقين، وإن حسنتم لهم الصبر فكونوا من الصابرين
إنّها مصيبةٌ أنْ تختلَّ الموازينُ حينما يتولّى مُهِمّةَ التربيةِ والتعليم مَنْ لا يلتزمُ بأحكامِ الإسلام، مُتهاونٌ في أمرِ الله، قدِ اسْتحوذَ عليه الشيطانُ ؛ لأنَّ المطلوبَ من المُعلمِّ المُرَبِّي الإرشادُ إلى كُلِ خُلُقٍ حسنٍ والتحذيرُ من كُلِ خُلقٍ ذميمٍ، و فاقدُ الشيءِ لا يُعطيه.
يا أيها الرجلُ الْمعلّمُ غيرَه **هلاّ لنفسكَ كان ذا التعليمُ
تََصِفُ الدواءَ لذي السّقَام وذي الضَّنَى** كَيْمَا يصحّ به وأنت سَقِيمُ
ونراك تُصلِحُ بالرشادِ عقولَنا **أبدًا وأنت من الرشاد عَدِيْمُ
ابدأ بنفسك فانْهَهَا عن غَيِّها ** فإذا انتهت عنه فأنتَ حكيمُ
فهناك يُقْبَلُ ما وَعَظْتَُ ويُقْتَدَى ** بالعلم منكَ وينفعُ التعليمُ
لا تَنْهَ عن خُلُق وتأتِيَ مثلَه ** عارٌ عليك إذا فعلتَ عظيمُ
أخي المعلم : الأمانةََ الأمانةََ في هذه المهنةِ الشّريفة والعدلَ العدلَ بين أبنائِكَ الطُّلاب، فإنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أدِّ الأمانةَ إلى مَنِ ائْتَمَنَك، ولا تَخُنْ مََنْ خَاَنَك))أعوذُ باللهِ من الشَّيطانِ الرَّجيم ) مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ(
أقولُ قَوْلِي هذا وأَسْتَغفرُ الله َالْعظيمَ الجليلَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فاسْتغفروهُ وتُوبوا إليْهِ إنّه هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيم .
الحمد لله خالق اللوح والقلم، أحمده سبحانه وأشكره على ما أسدى وأنعم، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله الهادي إلى السبيل الأقوم، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم. أما بعد: اتقوا اللهَ عبادَ الله ، فبِالتّقوى يَصلحُ العملُ، ويُغفر الزللُ وينال العلم ياأيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا ويكفر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم والله ذو الفضل العظيم
أبْنائِي الطُّلاب / إنّ الفُؤادَ ليتألّمُ وإنّ الصّدرَ لَيضيقُ عندما نراكم حزينَين القلبِ كسيرينَ النفسِ ِلبِدْءِ العامِ الدراسيِّ الْجديدِ ، فواعجبا ألا نرى أُمَمَ الكُفرَ شَرْقِيَّهَا وغَرْبِيَّهَا تفاخربِأجْيالِها وبصناعتِها وتَطورِها، وأنتم تتبرّمُون كثيرًا، وتُعطون الدَّعةَ والكسلَ والراحةَ من وقتكم شيئًا كبيرًاأخذتم السيء منهم ومن أخلاقهم وتركتم النافع والمفيدمن علومهم ومعارفهم فاغتنموا أوقاتكم في طلب العلم وتحصيله، فأنتم في زمنه ووقته، لا تلهينكم المشاغل، وعليكم بإحسان النية في تحصيله، ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى)). تذكروا ـ معاشر الطلاب ـ أثناء سيركم في طريقكم قول المصطفى: ((من سلك طريقًا يبتغي فيه علمًا سلك الله به طريقًا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطلاب العلم رضًا بما يصنع)).
يا طالب العلم، إن مما لا ينبغي أن يكون الهدف الأسمى من العلم الحصول على الشهادة، ولئن دعت الحاجة في الدنيا إلى الوظيفة والعمل، فالحاجة أدعى إلى تعلم العلم الذي به يصل المرء إلى المنازل العالية في الجنة.
يا طالب المدرسة، إن جهودًا كثيرة تستنفر من أجلك، جهودًا مالية وذهنية ووقتية، كل أولئك يتعاهدون سقاية نبتتك ورعايتها، حتى تؤتي أكلها بعد حين، فلتكن ثمارك يانعة، فالبيت يرجو منك ويؤمل، والمدرسة تبذل لك وتعلم، فكن عند حسن الظن بك خلقًا وعلما. يا طالب العلم، اجعل في سويداء قلبك قول ربك وخالقك: وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمْ اللَّهُ[البقرة: 282]، وجدّ واجتهد، ولا يغرنكم كثرة البطالين وتذكر أنّ من لم تكن له بداية محرِقة لم تكن له نهاية مشرقة.
عباد الله، بقيت همسة لطيفة أختم بها حديثي إليكم، ألا وهي ظروف الحياة في هذه الأيام تشتدّ على بعض الدارسين والدارسات، وقد يشق عليهم توفير ما يستطيع نظراؤهم توفيره، فهل يجد هؤلاء من المدرسة رعاية خاصة وبطريقة مناسبة لا تجرح شعورًا ولا تقلل قدرا؟! وهل يجد هؤلاء الضعفاء من الآباء مساهمة في عدم كسر قلوبهم حين لا يسرفون في تأمين الأدوات الدراسية لأبنائهم وإعطائهم من الأموال ما يفوق حاجتهم مراعاة لنفسيات أبناء الأسر الفقيرة من زملائهم؟!
أيها المسلمون، لو أسهم كل واحد منا في تخفيف الأعباء المدرسية عمن يحتاج من أقاربه وجيرانه لمسحنا دموعًا كثيرة وأرحنا همومًا عديدة ترزح على قلوب أولئك الضعفاء.وعلى المعلمين والمعلمات أن يتقواالله فيمايطلبونه من حاجيات وأن يراعوافي ذلك جميع من تحت ولياتهم وليعلمواأن من رفق بهم رفق الله به ومن شق عليهم شق الله عليه هداني الله واياكم والجميع صراطه المستقيم ثم صلوا وسلموا على المعلم الأول مخرج الأمة من الظلمات إلى النور محمد بن عبد الله اللهم صلِّ وسلِّمْ وبارِكْ على عبدك ورسولك محمدٍ وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه واستن بسنته، وارض اللهم عن خلفائه الأربعة -أبي بكر وعمر وعثمان وعلي- وعن سائر صحابة نبيك أجمعين والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين، اللهم انصر من نصر الدين واخذل الطغاة والملاحدة والمفسدين، اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك وعبادك المؤمنين.. اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا. اللهم وفق ولي أمرنا لهداك، واجعل عمله في رضاك، اللهم هيئ له البطانة الصالحة واصرف عنه بطانة السوء يارب العالمين، اللهم وفقه وولي عهده ونائبه الثاني وإخوانه وأعوانه لما فيه صلاح العباد والبلاد. اللهم ادفع عنا الغلاء والوباء والربا والزنا والزلازل والمحن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللهم الطف بالمسلمين وادفع عنهم البلاء ياحي ياقيوم ياذا الجلال والإكرام. إلىَ اللهِ نَشْكُو وهو القادِرُ، إلى اللهِ نتوجّهُ وهو القاهِرُ، إلى اللهِ وحده نَبُثُّ الأنينَ، إلى الله وحدَه الناصرُ والمُعين، اللّهم ندعوكَ في هذه اللحظاتِ من يوم جُمعتِنا، وأنتَ العليمُ بِضعِفنا وقِلّةِ حيلتِنا، هتفتِ الجُموعُ تَرْجُوكَ وتدعُوكَ وتسألُكَ بِرحمتِكَ ولُطفك أنْ ترْحمَ ضعفَ إخوانِنا في سورياوبورما، وأنْ ترفعَ بِلُطفكَ عنهم الظُّلم عاجلاًً غير آجل، اللهم فرّج هَمّهُمْ، وفُكَّ كَرْبَهُم، اللّهم عليك بعدوهم اللهم إنّهم يمكرونَ وأنتَ خيرُ الماكرين، ويُخَطّطونَ وأنتَ الخبيرُ العليم، فاجْعلِ اللّهمَّ تدبيرَهم تدْميرَهم، وادِرْ الدَّائرةّ عليهم، اللَّهم أطْبِقْ عليهم قبضتكَ وبطشكَ، ورجزكَ وعذابكَ، اللهم بَغوا وطغوا في البلاد، وأكثروا فيها الفساد، فاللهم صُبَّ عليهم سَوط عذاب، يا قويّ يا جبّار عليك بالظالمين المعتدين من النصيرين البعثيين ومن آزرَهم، اللهم خالِفْ بين رأيِهم وكلمتِهم، اللهم شتّت شمْلَهم، وفرّق صفّهم، اللهم أرِنَا فيهم عجائبَ قدرتك، وعَجّل بوعدِك ونصرك المبين، اللهم فرج هم المهمومين من المسلمين ونفس كرب المكروبين، وفك أسر المأسورين، واقض الدين عن المدينين، واشف برحمتك مرضانا ومرضى المسلمين. ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.. ربنا اغفر لنا ولوالدينا ووالديهم وذرياتهم ولجميع المسلمين.. اللهم اهد شباب المسلمين وشيبهم ونساءهم وعامتهم. ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم، وتب علينا إنك أن التواب الرحيم.. عباد الله : )إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ( فاذكروا الله العظيم يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون .
الحمد لله.. الحمد لله الذي اتصف بالعلم وتسمى به وأفاض على نبيه ما شاء منه فسما به، والحمد لله.. كم أحاط علمه بالكائنات وأنار العقول بمحكم الآيات وفتق أذهان البشر بشتى العلوم على مر العصور الماضيات.
وأشهد أن لا إله إلا لله وحده لا شريك له.. جعل التقوى سببًا للعلم فقال -سبحانه-: ( ... وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ...) [البقرة:282].. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد ُأيها النّاس /
اتقُوا اللهَ في سِرَّكم وعلانيتِكم، فغدًا تُبلى السرائرُ، وتكشف الخبايا وتظهرُ مافي الضمائرِ، والناجون هم الصادقونَ المُتقون ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ(
عباد الله، ها هي الإجازة مضت أيامها وتصرمت ساعاتها، وكأنها ما كانت، غنم فيها قوم وخسر آخرون، ذاك يطوي صفحات من الحسنات في الصالحات الباقيات، في خطوات تقربه إلى روضات الجنات، وآخر يعب من السيئات في ارتكاب المحرمات والموبقات، في استدراج يدنيه من الدركات.
أيها المسلمون، ليعد كل منا بذاكرته إلى الوراء قليلاً، إلى بداية الإجازة، وليحاسب نفسه: ماذا جنى؟ وماذا قدم؟ هل تقدم في الخير أم تأخر؟ هل ازداد من الصالحات أم قصر؟ ماذا صنع هو وأهله وأولاده في تلك الإجازة؟ وكيف أمضوها؟ أفي خير ونفع أم في خسارة وضياع؟ تالله، ليسعدن أقوام يجدون ثمرة أعمالهم الخيرة في ميزان حسناتهم، وليندمن أقوام فرطوا في أيامهم الخالية فجنوا الندم والألم،يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمْ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ[آل عمران: 30].
أيها المسلمون: التربية والتعليم وظيفة الأنبياء والرسل، وهي معيار حضارة الشعوب وسبق الدول.. أول ما صدر للبشرية هو التعليم: ( وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا...) [البقرة:31]، وأول معلمٍ في هذه الأمة هو محمد -صلى الله عليه وسلم- وأول مدرسةٍ في الإسلام كانت في ناحية المسجد الحرام عند جبل الصفا (مدرسة دار الأرقم).. ومن ذلك المعلم وفي تلك المدرسة ومن أولئك التلاميذ صاغ العرب نواة حضارتهم، وحينها فقط سمع العالم يومئذ بالعرب وأدخلوهم ضمن حساباتهم.. إذ كانوا قبل ذلك على هامش الأحداث وفي ساقة الأمم.. والتاريخ يعيد نفسه، وما أشبه الليلة بالبارحة، ولن يرفع شأن هذه الأمة ولن ينهض بها إلا ما نهض بها في سابقها.
عباد الله، غدًا تبدأ الدراسة، وتنطلق مسيرة العلم، وتفتح قلاع المعرفة، يبرق فجر غد والناس أمامه أصناف، والمستقبلون له ألوان؛ بين محب وكاره، ومتقدم ومحجم، ومتفائل ومتشائم وهَاهُوَ مُجتَمَعُنا فِي حالةِ اسْتنفارٍ ملحوظٍ لاستقبال عامٍ دراسيٍّ جديد , وهذا الاستنفارُ يتكرّرُ كلَّ عام ؛ اسْتنفارٌ في البيوت ، واسْتنفارٌ في الْعُقول ، واسْتنفارٌ في الأسواق بِحَاجِيّاتِ المدارسِ ولوازِمِها فَتبْقى أخْطاءُ ، وتُعالجُ أخطاء ُ، فَمِنَ الأخطاء التي تبقى ما يَظُنـُّه بعضُ الآباء ِأنه بتوفيرِ لوازمِ المدرسةِ وحاجياتِها قد أدّى ما عليه وانْتهى دورُه ، وهذا من الخطأ ! لأنَّ مسؤوليةََ الوالدِ لا تنْتهي عندَ هذاالحد، بَلْ عليه متابعةُ أبنائِهِ في دراستهم وغيرِها ، فَفِي خارجِ المدرسةِ : يختارُ جُلَسَاءَه ُ، ويَعْرِفُ ذََهابَه وإِيابَه ، يَصْحَبُهُ إلى المساجدِ والمجامع النافعةِ ، يُعَلِّمُه مكارمَ الأخلاق ويحثُّه عليها ، يُصَوِّبُ خطأَه وَيَشْكُرُ صَوابَه ُ.
وأمّا في المدرسة : فعِلاقة ُالوالدِ بمدرسةِ ابْنِهِ علاقةَُ رَحِمٍ لا ينبغي أن تُقْطَعْ , تَتمَثّلُ : بزيارتهِ لِمدْرَستهِ , والالتقاءِ ِبمُعلميه وأخذِ آرائِهم , ومُتابعةِ تحصيلِ الولد خُلُقِياً وعِلْمِيًّا , فيا معاشر الآباء والأولياء:
إنكم ـ أيها الكرام ـ شركاء للمدرسة في رسالتها، والبيت هو المدرسة الأولى التي يتربى فيها الأجيال وينشأ فيها الفتيان والفتيات. يقول ابنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - : سَمِعتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِوَسَلَّمَ يَقُولُ ( كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ فَالْإِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَن ْرَعِيَّتِهِ وَالرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَن ْرَعِيَّتِهِ وَالْمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَاالحديث )) متفق عليه ومن الأخطاء مايجده الأبناء من التناقض بين مادرسوه ومايجدونه من ممارسات داخل المنزل من الأولياء وأعظم ذلك وأفحشه حرص الآباء على استيقاظ الأبناء للدراسة أشد حرصا على الإستيقاظ للصلاة وتحسّره على فوات الدراسة أشد من تحسره على فوت وقت الصلاة؟ فاتقواالله معاشرالأولياء وعظموا أمرالله في نفوسكم وفي نفوس من تحت أيديكم يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ
أما المعلمون والمعلمات فإنهم يجلسون من كراسي التعليم على عروش ممالك رعاياها أولاد المسلمين؛ فهم الذين يصوغون الفكر ويفتقون الأذهان ويطلقون اللسان ويربون الجنان؛ حقهم الإعزاز والإكرام والإجلال وفائق الاحترام.. حقهم أن ينزلوا منازلهم العالية ويوفوا حقوقهم الكاملة، وأن يعرف قدرهم وتبقى هيبتهم الوصية لهم بعد الوصية بالتقوى والصدق والإخلاص، وأن يكونوا قدوةً صالحةً لمن يتأسى بهم.وتذكرواأن عَِمَلُكُم رسالةًٌ ، وشَخْصُكَم قُدْوَةٌ ، فَكُونْوا عند حُسْنِ الظنِّ بِكَم ، فَتـَمثّلوا تقوى اللهِ في حياتِكَم , واسْتمْسِكْوا بِعُرََى الإخلاص في عَمَلِكَم , واعْلموا أنكم متى اتّصفتََم بهذه الصفاتِ فَسَتَبْقَى ذِكْراكََم عاطِرَةً فِي أذْهانِ طُلابِكَم مَهْما دارت عجلةُ الزمان ، وإذا كنتَم خِلافَ ذلك فسوف تُنـْسَوا وَتنـْسَوا ، ويكونُ لِسانُ حَالِ طُلابِكَم : مُسْتـَرِيحٌ ومُسْتـَراحُ مِنْه ُ. فَكُونْوا من أولئك الذين إذا حَضَرُوا ذُكِروا بخير ، وإذا غابوا ذُكروا بخير ، وإذا ماتوا ذكروا بخير , قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( مَنْ دلَّ على خيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أجْرِ فاعِلِهِ )) رواه مسلم من حديث أبي مسعود البدري – رضي الله عنه - فَسَلْ ربّك التوفيقَ وقدّم لِطُلابِكَ ما تَسْتـَطيعُ من التربية والتعليم , والله ُلا يُضِيعُ أجْرَ مَنْ أحْسَنَ عَمَلاً .
أخي المعلم : إنّ أقلّ ما يُنظَر فيك أن يكون مظهرُكَ إسلاميًا، وأن يتفق القولُ مع الفعل، وأن تكون الرّوحُ إسلاميةً حقًّا. نريدُ مدرّسًا أمينًا على فلذات أكبادِنا، فإذا تكلّم فلا يتكلمُ إلا بخير، حَسَنَ التعاملُ فلا تصدُرُ منه إلا عباراتُ التربيةِ والتوجيه، قدوةٌ في مظهره، محافظٌ على صلاته، إذا دخل على الطلاب قابلَهم بالْبَسْمةِ وطلاقةِ الوجه، قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لا تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئًًا وَلَوْ أنْ تَلْقَى أخاكَ بِوَجْهٍ طََلِق)) رواه مسلم. إذا دخلَ حياهُم بتحيةِ الإسلام،وإذا بَدأ حديثَه وشرحَهُ بدأه بالْحمد للهِ والثّناءِ على اللهِ والصّلاةِ والسّلامِ على رسولِ اللهِ صَلّى اللهُ عليهِ وَسَلّم .
هكذا نغْرِسُ التّربيةَ الإسْلاميةَ في نُفوسِ أجْيالِنا، ونربيهم على الأخلاق الحميدة
أيها المعلمون: إن أولاد المسلمين أمانة الله في أعناقكم وودائع الأمة بين أيديكم.. إن المعلم لا يستطيع أن يربي تلاميذه على الفضائل إلا إذا كان فاضلًا، ولا يستطيع إصلاحهم إلا إذا كان في نفسه صالحًا لأنهم يأخذون عنه بالقدوة أكثر مما يأخذون عنه بالتلقين، وإن الناشئ الصغير مرهف الحس قوي الإدراك للمعارف والكمالات.. فإن زينتم لهم الصدق فكونوا صادقين، وإن حسنتم لهم الصبر فكونوا من الصابرين
إنّها مصيبةٌ أنْ تختلَّ الموازينُ حينما يتولّى مُهِمّةَ التربيةِ والتعليم مَنْ لا يلتزمُ بأحكامِ الإسلام، مُتهاونٌ في أمرِ الله، قدِ اسْتحوذَ عليه الشيطانُ ؛ لأنَّ المطلوبَ من المُعلمِّ المُرَبِّي الإرشادُ إلى كُلِ خُلُقٍ حسنٍ والتحذيرُ من كُلِ خُلقٍ ذميمٍ، و فاقدُ الشيءِ لا يُعطيه.
يا أيها الرجلُ الْمعلّمُ غيرَه **هلاّ لنفسكَ كان ذا التعليمُ
تََصِفُ الدواءَ لذي السّقَام وذي الضَّنَى** كَيْمَا يصحّ به وأنت سَقِيمُ
ونراك تُصلِحُ بالرشادِ عقولَنا **أبدًا وأنت من الرشاد عَدِيْمُ
ابدأ بنفسك فانْهَهَا عن غَيِّها ** فإذا انتهت عنه فأنتَ حكيمُ
فهناك يُقْبَلُ ما وَعَظْتَُ ويُقْتَدَى ** بالعلم منكَ وينفعُ التعليمُ
لا تَنْهَ عن خُلُق وتأتِيَ مثلَه ** عارٌ عليك إذا فعلتَ عظيمُ
أخي المعلم : الأمانةََ الأمانةََ في هذه المهنةِ الشّريفة والعدلَ العدلَ بين أبنائِكَ الطُّلاب، فإنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أدِّ الأمانةَ إلى مَنِ ائْتَمَنَك، ولا تَخُنْ مََنْ خَاَنَك))أعوذُ باللهِ من الشَّيطانِ الرَّجيم ) مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ(
أقولُ قَوْلِي هذا وأَسْتَغفرُ الله َالْعظيمَ الجليلَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فاسْتغفروهُ وتُوبوا إليْهِ إنّه هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيم .
الحمد لله خالق اللوح والقلم، أحمده سبحانه وأشكره على ما أسدى وأنعم، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله الهادي إلى السبيل الأقوم، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم. أما بعد: اتقوا اللهَ عبادَ الله ، فبِالتّقوى يَصلحُ العملُ، ويُغفر الزللُ وينال العلم ياأيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا ويكفر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم والله ذو الفضل العظيم
أبْنائِي الطُّلاب / إنّ الفُؤادَ ليتألّمُ وإنّ الصّدرَ لَيضيقُ عندما نراكم حزينَين القلبِ كسيرينَ النفسِ ِلبِدْءِ العامِ الدراسيِّ الْجديدِ ، فواعجبا ألا نرى أُمَمَ الكُفرَ شَرْقِيَّهَا وغَرْبِيَّهَا تفاخربِأجْيالِها وبصناعتِها وتَطورِها، وأنتم تتبرّمُون كثيرًا، وتُعطون الدَّعةَ والكسلَ والراحةَ من وقتكم شيئًا كبيرًاأخذتم السيء منهم ومن أخلاقهم وتركتم النافع والمفيدمن علومهم ومعارفهم فاغتنموا أوقاتكم في طلب العلم وتحصيله، فأنتم في زمنه ووقته، لا تلهينكم المشاغل، وعليكم بإحسان النية في تحصيله، ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى)). تذكروا ـ معاشر الطلاب ـ أثناء سيركم في طريقكم قول المصطفى: ((من سلك طريقًا يبتغي فيه علمًا سلك الله به طريقًا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطلاب العلم رضًا بما يصنع)).
يا طالب العلم، إن مما لا ينبغي أن يكون الهدف الأسمى من العلم الحصول على الشهادة، ولئن دعت الحاجة في الدنيا إلى الوظيفة والعمل، فالحاجة أدعى إلى تعلم العلم الذي به يصل المرء إلى المنازل العالية في الجنة.
يا طالب المدرسة، إن جهودًا كثيرة تستنفر من أجلك، جهودًا مالية وذهنية ووقتية، كل أولئك يتعاهدون سقاية نبتتك ورعايتها، حتى تؤتي أكلها بعد حين، فلتكن ثمارك يانعة، فالبيت يرجو منك ويؤمل، والمدرسة تبذل لك وتعلم، فكن عند حسن الظن بك خلقًا وعلما. يا طالب العلم، اجعل في سويداء قلبك قول ربك وخالقك: وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمْ اللَّهُ[البقرة: 282]، وجدّ واجتهد، ولا يغرنكم كثرة البطالين وتذكر أنّ من لم تكن له بداية محرِقة لم تكن له نهاية مشرقة.
عباد الله، بقيت همسة لطيفة أختم بها حديثي إليكم، ألا وهي ظروف الحياة في هذه الأيام تشتدّ على بعض الدارسين والدارسات، وقد يشق عليهم توفير ما يستطيع نظراؤهم توفيره، فهل يجد هؤلاء من المدرسة رعاية خاصة وبطريقة مناسبة لا تجرح شعورًا ولا تقلل قدرا؟! وهل يجد هؤلاء الضعفاء من الآباء مساهمة في عدم كسر قلوبهم حين لا يسرفون في تأمين الأدوات الدراسية لأبنائهم وإعطائهم من الأموال ما يفوق حاجتهم مراعاة لنفسيات أبناء الأسر الفقيرة من زملائهم؟!
أيها المسلمون، لو أسهم كل واحد منا في تخفيف الأعباء المدرسية عمن يحتاج من أقاربه وجيرانه لمسحنا دموعًا كثيرة وأرحنا همومًا عديدة ترزح على قلوب أولئك الضعفاء.وعلى المعلمين والمعلمات أن يتقواالله فيمايطلبونه من حاجيات وأن يراعوافي ذلك جميع من تحت ولياتهم وليعلمواأن من رفق بهم رفق الله به ومن شق عليهم شق الله عليه هداني الله واياكم والجميع صراطه المستقيم ثم صلوا وسلموا على المعلم الأول مخرج الأمة من الظلمات إلى النور محمد بن عبد الله اللهم صلِّ وسلِّمْ وبارِكْ على عبدك ورسولك محمدٍ وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه واستن بسنته، وارض اللهم عن خلفائه الأربعة -أبي بكر وعمر وعثمان وعلي- وعن سائر صحابة نبيك أجمعين والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين، اللهم انصر من نصر الدين واخذل الطغاة والملاحدة والمفسدين، اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك وعبادك المؤمنين.. اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا. اللهم وفق ولي أمرنا لهداك، واجعل عمله في رضاك، اللهم هيئ له البطانة الصالحة واصرف عنه بطانة السوء يارب العالمين، اللهم وفقه وولي عهده ونائبه الثاني وإخوانه وأعوانه لما فيه صلاح العباد والبلاد. اللهم ادفع عنا الغلاء والوباء والربا والزنا والزلازل والمحن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللهم الطف بالمسلمين وادفع عنهم البلاء ياحي ياقيوم ياذا الجلال والإكرام. إلىَ اللهِ نَشْكُو وهو القادِرُ، إلى اللهِ نتوجّهُ وهو القاهِرُ، إلى اللهِ وحده نَبُثُّ الأنينَ، إلى الله وحدَه الناصرُ والمُعين، اللّهم ندعوكَ في هذه اللحظاتِ من يوم جُمعتِنا، وأنتَ العليمُ بِضعِفنا وقِلّةِ حيلتِنا، هتفتِ الجُموعُ تَرْجُوكَ وتدعُوكَ وتسألُكَ بِرحمتِكَ ولُطفك أنْ ترْحمَ ضعفَ إخوانِنا في سورياوبورما، وأنْ ترفعَ بِلُطفكَ عنهم الظُّلم عاجلاًً غير آجل، اللهم فرّج هَمّهُمْ، وفُكَّ كَرْبَهُم، اللّهم عليك بعدوهم اللهم إنّهم يمكرونَ وأنتَ خيرُ الماكرين، ويُخَطّطونَ وأنتَ الخبيرُ العليم، فاجْعلِ اللّهمَّ تدبيرَهم تدْميرَهم، وادِرْ الدَّائرةّ عليهم، اللَّهم أطْبِقْ عليهم قبضتكَ وبطشكَ، ورجزكَ وعذابكَ، اللهم بَغوا وطغوا في البلاد، وأكثروا فيها الفساد، فاللهم صُبَّ عليهم سَوط عذاب، يا قويّ يا جبّار عليك بالظالمين المعتدين من النصيرين البعثيين ومن آزرَهم، اللهم خالِفْ بين رأيِهم وكلمتِهم، اللهم شتّت شمْلَهم، وفرّق صفّهم، اللهم أرِنَا فيهم عجائبَ قدرتك، وعَجّل بوعدِك ونصرك المبين، اللهم فرج هم المهمومين من المسلمين ونفس كرب المكروبين، وفك أسر المأسورين، واقض الدين عن المدينين، واشف برحمتك مرضانا ومرضى المسلمين. ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.. ربنا اغفر لنا ولوالدينا ووالديهم وذرياتهم ولجميع المسلمين.. اللهم اهد شباب المسلمين وشيبهم ونساءهم وعامتهم. ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم، وتب علينا إنك أن التواب الرحيم.. عباد الله : )إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ( فاذكروا الله العظيم يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون .
المشاهدات 5462 | التعليقات 6
((للرفع))
خطبة نافعة بارك الله فيكم يا شيخ صالح ونفع بكم
بارك الله فيكم شيخ صالح ونفع بكم ولا حرم المنتدى زيارتكم ومشاركاتكم أنتم وكل المعلقين والمشاركين!
أبو مالك ابن علي;23394 wrote:
((للرفع))
خطبة نافعة بارك الله فيكم يا شيخ صالح ونفع بكم
خطبة نافعة بارك الله فيكم يا شيخ صالح ونفع بكم
رفع الله قدرك أخي أبي مالك وفيك بارك
ونفع الله بكم وبالجميع
أبو مالك ابن علي;23394 wrote:
((للرفع))
خطبة نافعة بارك الله فيكم يا شيخ صالح ونفع بكم
خطبة نافعة بارك الله فيكم يا شيخ صالح ونفع بكم
زياد الريسي;23395 wrote:
بارك الله فيكم شيخ صالح ونفع بكم ولا حرم المنتدى زيارتكم ومشاركاتكم أنتم وكل المعلقين والمشاركين!
للرفع أسأل الله أن ينفع بها
صالح العويد
تعديل التعليق