ردود فعل كويتية متباينة حول دعوة لتوحّد الخليج في دولة واحدة

ردود فعل كويتية متباينة حول دعوة لتوحّد الخليج في دولة واحدة

الكويت - محمد عبد العزيز

انقسمت آراء فصائل سياسية كويتية ما بين مؤيد ومعارض لفكرة قيام دولة فيدرالية تجمع دول الخليج، والتي طرحها على الساحة في الأيام الأخيرة أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت النائب السابق د.عبد الله النفيسي.

وكان النفيسي قد دعا لإقامة صيغة وحدوية أو فيدرالية لدول مجلس التعاون الخليجي، متخوفا من افتراض زوال أغلب الكيانات السياسية في الإقليم وبقاء 3 دول فقط هي السعودية وعمان واليمن، وأدى ذلك الطرح إلى رد فعل في الشارع الكويتي ما بين متفق ومختلف.


وأكد النائب الدكتور علي العمير لـ"العربية.نت" أنه يؤيد أي أفكار تدعو لتوحيد الجهود الخليجية وتنسيقها وإزالة الفوارق والعقبات فيما بينها، وبين الكويت والسعودية بشكل خاص، مؤكداً أن ذلك من شأنه أن يعود على جموع مواطني الخليج بالنفع.

وقال إن الاندماج بات أمرا محسوما تقدم عليه كبريات دول العالم، معربا عن استيائه من تخلف دول مجلس التعاون الخليجي عن هذا الركب منذ سنوات عديدة مضت، حيث العملة المتفرقة والحدود الرسمية.

وتحفظ العمير على فكرة الاندماج التام بين دول الخليج مؤكدا أن عوائق عديدة تحول دون إتمام ذلك أهمها الخصوصية السياسية والاقتصادية لكل دولة والتي لا يمكن تغييرها إلا وفق آليات تحتاج إلى الوقت الطويل، لذا أستبعد فكرة التوحد الكامل، مؤكدا أن على كل دولة الاحتفاظ بخصوصيتها.


منظومة عسكرية خليجية

ومن جانبه، دعا المحلل السياسي سامي النصف إلى عدم التعجل في هذا الأمر، مؤكدا أن تجارب العرب في تلك القضايا ليست مشجعة على المطلق ولها العديد من الأشكال السيئة.

وقال: ادعم إقامة نظام فيدرالي يكون من خلاله الاتحاد العسكري هو الأبرز لاستغلال طاقات كل دول الخليج لمواجهة اى من الأخطار التي من الممكن أن ترصد المنطقة.

وأضاف أن هناك حتمية لوجود منظومة عسكرية خليجية على أهبة الاستعداد للذود عن الاراضى الخليجية حال تعرضها لاى عدوان.

وتابع النصف أنه لكي تتحقق الوحدة الخليجية في اجل صورها لابد من التروي والعمل المرحلي المتدرج، وذلك يعزى إلى أن دول الخليج تتميز بتباين تصل درجته إلى 180 في أنظمتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لذا فحال تطبيق التوحد التام ستتولد إشكالية كبرى فأي النظم ستتبع آنذاك ، في وقت قد لا تنسحب فيه سياسة دولة على مواطني الدولة الأخرى والعكس.

وحذر النصف من عدم الاستفادة من تجارب الأنظمة الفيدرالية في العالم ، مشيرا الى ضرورة البدء من الآن باتخاذ خطوات تمهيدية لفكرة الاندماج ، مثل التوحد في النظم العسكرية والتعليمية والاقتصادية شيئا فشيئا ، ملوحا بتجربة دول شرق أسيا التي تباع للمستثمرين كأنها وحدة واحدة .


كيان موحّد

ومن ناحيته أيد النائب الدكتور وليد الطبطبائي دعوة الدكتور النفيسى لوحدة خليجية، مطالبا بأهمية أن تندمج دول مجلس التعاون في كيان سياسي موحد.

وقال: لقد آن الأوان لكي تتمتع دول مجلس التعاون بنظام موحد وعملة واحدة شريطة عدم المساس بالأنظمة الداخلية لكل دولة.


الأطماع والخطط

من ناحيته أكد النائب هايف المطيرى أن من يهمه أمن الخليج عليه أن يسعى لمؤازرة تلك الفكرة ، لان أيما دول اختفت من على الخريطة جراء التقسيمات وعدم النظرة الواقعية إلى الأمور ، فكل ينظر لدولته الصغيرة وكأنها عظمى لا تحتاج لاى من يساعدها في كيانها واستقلالها وآمنها واقتصادها.

وقال هايف: الأخطار تحيط بدول الخليج من كل جانب وهناك خوف على مستقبلها حال بقائها على هذا الشكل ، مشيرا إلى ضرورة الاتحاد الخليجي على الأقل على الصعيد الأمني والعسكري لرفع مستواها ومكانتها لدى العالم.

وأضاف انه على الرغم من وجود دول كبيرة مختلفة عن بعضها فى عناصر اللغة والدين والعملة الا أنها استطاعت التغلب على التحديات وكونت اتحاد فيدرالى شهد له العالم كله بالنجاح.

ومجلس التعاون الخليجي بصغر دوله وتقاربها فى الدين واللغة والعادات والتقاليد يفشل حتى الآن فى الوصول إلى اى من أشكال ذلك الاتحاد ، مشيرا الى أن الخليج أولى بذلك الانصهار لكونه يمثل شعبا واحدا.

وتابع المطيرى: لا يمكن لأي إنسان تجاهل الأخطار التي تحيط بنا أو الأطماع و الخطط التي تستهدف دول الخليج نظرا للثروة الهائلة التي تتمتع بها و المتمثلة في احتياطي النفط العالمي، الأمر الذي يرفع من سقف الأطماع في مقدراته والتخطيط لنيل خيراته.

وقال: انه كان من الواجب على دول الخليج السعي منذ زمن مضى لتحقيق تلك الوحدة ، مشيرا إلى إدراك قادة الخليج لذلك في الآونة الأخيرة، الأمر الذي جعلهم يفكرون فى ضرورة مراجعة الاتفاقيات الأمنية المدرجة على جدول أعمال مجلس التعاون الخليجي منذ سنوات.

وأضاف المطيرى أن الاتحاد ليس شرطا أن يلغى كيانات الدول من الداخل لكنه يمكن أن يعنى التعاون في أمور كثيرة منها القضية الأمنية والعسكرية بما يحفظ لتلك الدول هيبتها ومكانتها العالمية، ومثل بالتجربة الأوربية التي لم تلجأ لإلغاء دساتيرها أو أنظمتها الداخلية.

وقال: إن صاحب النظرة البعيدة يجب أن يشجع فكرة التوحد الخليجي ويدعو إلى سرعة تحقيقها بعد دراستها بوعي بما يحفظ حقوق كل بلد وعدم إلغاء خصوصية كل شعب.


منظومة اقتصادية

من جهته، رحب النائب حسين الحريتي بفكرة إيجاد فيدرالية خليجية على غرار دول الاتحاد الأوروبي، مطالباً بتفعيل النظام الأساسي لمجلس التعاون الخليجي.

وأشار إلى أن الوقت قد حان لتفعيل إجراءات الاتحاد الخليجي من خلال إيجاد منظومة اقتصادية تجمع دول المجلس.


إلغاء المراكز الحدودية

ورحب أمين عام حركة العدالة والتنمية رئيس جمعية تنمية الديمقراطية الدكتور ناصر العبدلى بأي فكرة تؤدى إلى التوحد سواء على الصعيد الخليجي أو على صعيد العالم العربي.

وقال: نحن نرتبط إلى حد كبير بالمشروع القومي العربي وكان من أهم أمنياتنا وأهدافنا في الفترة السابقة أن يكون بين دول العالم العربي وحدة سواء كانت اندماجية أو دستورية كونفدرالية ، لتوحيد الرؤية المصيرية المشتركة.

لكن طالما الحلم أصبح بعيد المنال فلتكن نواته وحدة دول الخليج التي لديها من المقومات ما يؤهلها لنجاح وحدتها، وليس شرطا أن تكون اندماجية للتنازل كل دولة عن سيادتها و حدودها ونظام حكمها، مشيرا الى نجاح الاتحاد الماليزى واعتباره نموذجا لنا، ففيه عدة ولايات لكل منها سلطان يحكمها وحكومة واحدة ومؤسسات سياسية واحدة وبرلمان واحد.

وأضاف العبدلى أن في الخليج تجربة وحدوية ناجحة ألا وهى الإمارات العربية المتحدة.
وقال إن الظروف فقط هى التي حالت دون انضمام قطر والكويت والبحرين الى ذلك الاتحاد في حينه.

لكن مهما تباينت الآراء والأنظمة والسياسات هناك أنماط من الوحدة قد تتناسب معنا في الوقت الحالي مثل الوحدة الاندماجية أو الكونفيدرالية التي تبنى على التعاون في أنظمة الدفاع والسياسة الخارجية مع احتفاظ كل دولة بخصوصيتها في باقي المجالات.

وأعرب العبدلى عن أمله في أن يرى حلم التوحد الخليجي النور قريبا رغم وجود المعوقات التي تقابل اى مشروع وحدوي لكن يجب تهيئة الأجواء قدر المستطاع لوجود هذه الوحدة ، مشيرا إلى انه يمكن البدء بإلغاء المراكز الحدودية بين الدول الخليجية وحرية التنقل للبضائع والأشخاص.


حلم الفيدرالية

وعضد النائب خالد السلطان من إسقاط الفكرة إلى ارض الواقع ، معرجا على الجانب الشرعي في المسألة ، مؤكدا أن الأمر يتسق مع الوجوب، لأنه يهدف إلى جمع كلمة المسلمين، فضلا عن كونه حلما عربيا.

وقال إنه على الصعيد الخليجي يمنح دول المجلس القوة اللازمة ويحقق المصالح المشتركة، متمنيا أن تتحقق هذه الفيدرالية، لان الأيام القادمة لن تكون الا للكيانات الكبيرة.


استقلالية الكويت

وعلى الوجه الأخر رفض النائب علي الراشد فكرة التوحد، مؤكدا أن الكويت دولة مستقلة ومتميزة دائما في عطائها وديمقراطيتها وسياساتها.

وقال الراشد: نتمسك باستقلالية وطننا الذي يعتبر نبراسا للديموقراطية والحريات ونحن دولة ذات سيادة ولا نقبل بأن نكون جزءا من دولة كبيرة أو مجرد دويلة.

وسار النائب حسين القلاف على نفس وتيرة الرفض قائلا إن الشعب هو من سيتصدى لأي من يدعو إلى هذه الدعاوى التي يدعمها بعض أصحاب الأجندات الخاصة.

وقال النائب عدنان المطوع: الكويت حرة ذات سيادة واستقلال، ونحن رغم علاقتنا الجيدة بكل دول مجلس التعاون إلا أننا لن نستطيع التفريط في شبر واحد من أرضنا، رافضا فكرة الانضمام لأي كيان آخر.


لا للوحدة

وبلهجة شديدة أكد وكيل المرجعيات الدينية في الكويت السيد باقر المهري أن الحديث عن التوحد الخليجي أمر غاية في الخطورة ومخالف للمادة الأولى من الدستور التي تنص على أن الكويت دولة عربية ذات سيادة تامة ولا يجوز النزول عن سيادتها والتخلي عن أي جزء من أراضيها وشعب الكويت جزء من الأمة العربية.

واستهجن المهري دعوة النفيسي لأن تتوحد وتندمج الكويت في دولة عربية معينة لتحافظ على أمنها وتزيد من قوتها بدعوى ان موقع الكويت خطير لوقوعها في قلب مثلث أضلاعه الثلاثة إيران والعراق والسعودية.

وأشار المهري إلى أن الكويت تتمتع بعلاقات متميزة ووطيدة مع دول الخليج ولا تحتاج للانضمام مع دول أخرى، موضحاً أن شعب الكويت عن بكرة أبيه مستعد للدفاع عن الكويت وأراضيها والنظام وأسرة آل الصباح .

بينما أيد المهرى مبدأ تقوية وتطوير مجلس التعاون الخليجي وتوسيع منظومته وتسهيل التنقل بين دوله دون أن تذوب الكويت وتنصهر في بعض دولها.

وأوضح أن الغزو البعثي الغاشم على الكويت لا يمكن له أن يتكرر بحكم وجود اتفاقيات أمنية مع الدول الكبرى وفي وجود قطاع الجيش الكويتي الذي يستطيع أن يدافع عن أراضي الكويت واستقلالها.

المصدر: العربية نت
المشاهدات 2255 | التعليقات 0