رجال الفجر
صالح العويد
الحمد لله مصرّف الأوقات، وميسر الأقوات، فاطر الأرض والسماوات، أحمده سبحانه وأشكره فهو أهل الفضل والمكرمات، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، خلقنا لعبادته ويسر لنا سبل الطاعات، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبد الله ورسوله، جاء بالحنيفية السمحة، ويسير التشريعات، اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد أفضل المخلوقات وأكرم البريات، وعلى آله السادات، وأصحابه ذوي المقامات، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فأوصيكم ـ أيها الناس ـ ونفسي بتقوى الله عز وجل، فاتقوا الله رحمكم الله، واحذروا الغفلة، فالموت على جميع الخلائق قد كُتب، والحساب عليهم قد وجب، إن بعد الحياة موتاً، وبعد الدنيا أخرى، وإن لكلّ شيء حساباً، ولكلّ أجل كتاباً، ولكل حسنة ثواباً، ولكل سيئة عقاباً، فاستعدوا لمُلِمَّات الممات، واستدركوا هفوات الفوات، أَمْ حَسِبَ ٱلَّذِينَ ٱجْتَرَحُواْ ٱلسَّيّئَـٰتِ أَن نَّجْعَلَهُمْ كَٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ
لقد ضربتِ الدنيا في قلوبنا بسَهم، ونصبَت في قلوبنا رايات، ليلُنا ونهارُنا في حديثٍ عن الدنيا: كم نَربح؟ كيف نجمَع؟ إن ضُرِب موعِدٌ للدّنيا بادرنا إليه مبكِّرين، وأقمَنا عند بابه فرِحين، ولا نُبقي للآخرة في قلوبنا إلاّ ركنًا ضيِّقًا وذِكرًا قصيرًا.
انظر إذا رُفع الأذان: كم ترى من المبكِّرين المسرعين؟ وفي الطرقات ترى الكثرةَ تسير بعجلةٍ للدّنيا. لقد وصّى رسولنا ابنَ عمر بوصيّة بليغةٍ تصحِّح منظورَ المسلم إلى هذه الحياةِ الدنيا حيث قال: ((كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل)).
عبادالله وبعد ظلام الليل الحالك يتنفس الصبح بضيائه، ويرسل إلى الكون خيوط الصباح الأولى مؤذنًا ببدء يوم جديد، ويشهد الكون في تلك اللحظات المهيبة اعتراك الليل والنهار، ويبصر ميلاد يوم جديد، ويُقبل الفجر في زُهُوّه وبهائه يتهادى اختيالاً، مِلءَ عينيه أسرار وخبايا
وفي هذا الوقت البديع المبارك يدوّي في سماء الكون النداء الخالد، نداء الأذان لصلاة الفجر، فتهتف الأرض كلها: الله أكبر الله أكبر، الصلاة خير من النوم. وتكون صلاة الفجر فاتحة اليوم في حياة المسلم، ليعلّم الإسلام أهله أن يبدأوا كل أمر بطاعة الله والإقبال عليه والإنابة إليه، وكأنما هي شكر لله على نعمة الإصباح بعد الإظلام.
دعوني أحدثكم عن رجال ليسواككل الرجال رجال وجوههم مسفرة، وجباههم مشرقة، وأوقاتهم مباركة، إنهم رجال الفجر.. وأهل صلاة الفجر .. أولئك الذين ما إن سمعوا النداءيدويالله أكبر .. الله أكبر.. الصلاة خير من النوم ..
حتى هبّوا وفزعوا وإن طاب المنام .. وتركوا الفراش وإن كانوثيرًا ..قام أحدهم مخبتامنيبا الحمدلله الذي أحياني بعدماأماتني وإليه النشورخرج من بيته إلى بيت ربه ملبياالنداء مرددا اللهم اجعل في قلبي نورا وفي لساني نورا واجعل في سمعي نورا واجعل في بصري نورا واجعل من خلفي نورا ومن أمامي نورا واجعل من فوقي نورا ومن تحتي نورا اللهم أعطني نورا لم تمنعه ظلمة الليل من أن يمشي فيها إلى بيت الله - تعالى - فكان جزائه أن يسير في نور تام يوم القيامة، فعند أبي داود والترمذي من حديث بريدة الأسلمي - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة)). لم تخرجه دنيا يصيبها، ولا أموال يقترفها، فيا لسعادة يعيشها حين لا ينفك النور عنه طرفة عين. أولئك هم الرِّجال حقاً، والمؤمنون صدقاً، قال ربُّنا - جل وعلا -: ((فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أن تُرفعَ ويُذكرَ فيها اسمهُ يسبحُ لهُ فيها بالغدو والآصال * رِجَالٌ لا تلهيهم تجارةٌ ولابيعٌ عن ذكر الله وإقام صلاة وإيتاء الزكاةِ يخافونَ يوماً تتقلَّبُ فيهِ القلوب والأبصارُ * ليجزيهُمُ الله أحسنَ ما عَمِلُموا ويزيدهُم مِّن فضلِهِ واللَّهُ يرزُقُ من يشاء بغير حساب)).
رجال الفجر أنفسهم طيبة، وأجسادهم نشيطة، قال - صلى الله عليه وسلم -: ((يعقدَ الشيطان على قافية رأسِ أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد، ويضرب على مكان كل عقدة عليك ليل طويل فارقد، فإن استيقظ وذكر الله انحلت عقدة، فإن توضأ انحلت عقدة، فإن صلى إنحلت عقدة، فأصبح نشيطاً طيب النفس، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان))[متفق عليه].
رجال الفجر: في المساجد مع القرآن يعيشون، وإلى لذيذ خطاب الله يستمعون، وفي ربيع جناته يتقلبون. قال عز وجل: ((أَقِمْ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا))
رجال الفجرلهم ثناء جميل, مسطّر في رقّ منشور, ثناء تكلم به الجبار جل جلاله, وحسبك بثناء من عند الله تعالى, الذي لا يزين مدحه إلا هو, ولا يشين ذمه إلا هو, فبشراكم ذلك الثناء يا أهل الفجر, قال الله تعالى: وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا
رجال الفجرصلاتهم لهم ستارًا من النار ..وسبيلاً إلى جنات النعيم ..ففي صحيح مسلم من حديث عمار بن رؤيبة رضي الله عنه أنالنبي صلى الله عليه وسلم قال:لن يلج النارأحدٌ صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها )) ...وفي الصحيحين من حديث أبي موسى رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :من صلى البَرْدين دخل الجنة ))والبردان: الفجر والعصر ..
رجال الفجر: تشهدلهم ملائكة الرحمن ، وترفع بهم تقريرا إلى ربهم ، قال - صلى الله عليه وسلم -: ((يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر، ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم ربهم- وهو أعلم بهم- كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: تركناهم وهم يصلون، وأتيناهم وهم يصلون))[متفق عليه
رجال الفجرمع جماعة المسلمين تضاعف لهم أجورهم وصلاتهم ففي صحيح مسلم من حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل , ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما قام الليل كله
رجال الفجر محفوظون بحفظ الله، وفي ذمة الله تعالى وجواره .. فما ظنكم بمن كان في جوار الله تعالى وحفظه ففي صحيح مسلم من حديث جُندَب بن عبد الله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( من صلى الصبح فهو في ذمة الله , فلايطلبنكم الله من ذمته بشيء , فإنه من يطلبه من ذمته بشيء يدركه , ثم يكبه على وجهه في نار جهنم
رجال الفجرمهماقلت وتحدثت فلن يسع المقام بذكرمالهم وأختم بهذه المزية مزية لولم تكن لهم إلا هي لكفت إستمع ياتاركا لصلاة الفجرإستمع إن رجال الفجراختصهم الله من بين عباده ولهم وعدصادق من الصادق المصدوق بأن يروا ربهم عز وجل.. ففي مسلم من حديث جرير بن عبد الله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :أما إنكم سترون ربكم كما ترون القمر لا تضامون في رؤيته , فإن استطعتم أن لا تغلبواعلى صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوايعني العصروالفجر ثم قرأ : وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها
أيها المسلمون:لا يشهد صلاة الفجر إلا صفوة الرجال .. لذلك كانت تلك الصلاة أشدّ صلاة على المنافق .كما قال صلى الله عليه وسلم : ليس صلاة أثقل على المنافقين من الفجر والعشاء , ولو يعلمون مافيهمالأتوهما ولو حبوًارواه البخاري ... وعن أبي بن كعب رضي الله عنه قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح ثم أقبل علينا بوجهه فقال أشاهدفلان قالوا لا فقال أشاهد فلان فقالوا لا لنفر من المنافقين لم يشهدوا الصلاة فقال إن هاتين الصلاتين أثقل الصلاة على المنافقين ولو يعلمون مافيهما لأتوهما ولو حبوا
ولذلك كانت صلاة الفجر عند الصحابة مقياسًا يزنون به الناس..
ففي صحيح ابن خزيمة عن ابن عمر رضي الله عنهما قال:كنا إذا فقدنا الرجل في الفجر والعشاء أسأنا به الظن ..أيها الأحبة في الله : وبعد هذا .. فماذا يقول ذلك الذي آثر فراشه معرضًا عن نداءربه عز وجل ؟! ماذا يقول وقد فوّت على نفسه الفضل العظيم ؟!في حين تراه خلف سقط المتاع يلهث من صبحه إلى مسائه ...ماذا يقول وهو يقيم الوقت الطويل في السهر الضائع, وجلسات اللهو واللعب ؟!وإلى تلك الدقائق الغالية تقصر فيه كل همه ...فيامن فقدناك في صفوف الفجر.. أرضيت أن تكون أسيرًا للشيطان والهوى ؟!أرضيت أن يبول الشيطان في أذنيك؟! فلا يجعلها تسمع نداء ً.. ولا تجيب فلاحًافواعجبالك لوبال عليك أحدأبنائك الصغارلأوسعته ضرباولكنك رضيت ببول الشيطان الرجيم ليس على ثيابك وإنماداخل جسدك..ففي الصحيح من حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: ذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم رجل نام ليلة حتى أصبح فقال :ذاك رجل بال الشيطان في أذنيه!!فهلاعزمت من ساعتك هذه أن تكون ضمن الركب المبارك.. أهل الفجر ..لتحظى بفضائلهم .. ولتنجو من الوعيد الشديد للذين ينامون عن فرائض الله تعالى ... يقول النبيّ في حديثِ الرؤياإنه أتاني اللَّيْلَةَآتيان،وإنَّهُما ابْتَعَثَانِي، وإنَّهُمَا قالا لي: انطَلِقْ، وإنَّي انطلقتُ معهما،وإنَّا أتَيْنا على رَجُلٍ مُضْطَّجِعٍ، وإذا آخرُ قائمٌ عليه بصَخْرةٍ، وإذا هويَهْوِي بالصخرةِ لرأْسِهِ، فَيَثْلَغُ رَأْسَهُ فَيَتَدَهْدَهُ الحَجرُ ها هنا،فَيَتْبَعُ الحجرَ فيأخُذُهُ، فلا يرجِعُ إليه حتَّى يصِحَّ رأْسُهُ كما كان، ثم يعود عليه، فيفعلُ به مثلَ ما فعلَ المرةَ الأولى.
قلتُ لهما : سبحانَ الله ! ما هذا ؟قالا لي انْطَلِقْ ، انطلقنا ـ وفي آخر الحديث إخبارًا لرسول الله عمّا رأى ـ أمَّا الرجل الأول الذي أتيتَ عليه يُثْلَغُ رأْسُه بالحجَرِ، فإنَّهُ الرجلُ يأخذالقرآن، فيرفُضُه، وينام عن الصلاة المكتوبة. أخرجه البخاري فيا عبد الله، كيفَ تهون عليك صلاتُك وهي رأسُ مالك وبها يصحّ إيمانك؟! كيف تهون عليك وأنت تقرأ الوعيدَ الشديدَ في قول الله جل وعلا: فَوَيْلٌ لّلْمُصَلّينَ ٱلَّذِينَ هُمْ عَن صَلَـٰتِهِمْ سَاهُونَ[الماعون:4، 5]؟! كيف تتّصف بصفةٍ من صفات المنافقين وقدعلمت أن التكاسل والتهاون وقلَّة الذكر والفكر صفاتُ المنافقين: إِنَّ ٱلْمُنَـٰفِقِينَ يُخَـٰدِعُونَ ٱللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى ٱلصَّلَوٰةِ قَامُواْ كُسَالَىٰ يُرَاءونَ ٱلنَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ ٱللَّهَ إِلاَّ قَلِيلاًوليعلم المتخلّف عن صلاة الفجر متعمّدًا أن فِعْلته أشنع من السرقة والزنا والقتل وغيرها من الموبقات؟! قال ابن حزم رحمه الله: "لا ذنب بعد الكفر أعظم من تأخير الصلاة حتى يخرج وقتها، ومن قتل امرئ مسلم بغير حق". فما غرك أيهاالمتخلف بربك وألهاك عن صلاة فجرك؟! أسأل الله جل وتعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يعينني وإياكم على أنفسنا، وأن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، أقول ما قلت، فإن كان صوابًا فمن الله وحده، وإن كان غير ذلك فمن نفسي والشيطان، وأستغفر الله لي ولكم ولسائرالمسلمين فاستغفروه إنه كان غفارًا.
[/align]
المشاهدات 5312 | التعليقات 7
جزاك الله خيرا يا شيخ صالح على هذه الخطبة المؤثرة وأسأل الله أن ينفع بها
ونفع بك وبارك فيك وبك
لاحرمك الله أجرماكتبت ودعوت
رجاااااااااااال الفجر !!
آهٍ ثم آهٍ ثم آه ...
وأين هم رجال الفجر ؟!
هم كثير إذا عددتهم ... فإن قارنتهم بالنائمين فما أقلهم !!!
رجال الفجر ذهبوا مع الذين إذا وضع أحدهم جنبه على فراشه وإذا به كحبة في مقلاة يتقلب على جنبيه لا يهنأ بنوم مما يخالجه من تفكير في الجنة والنار ...
رجال الفجر كانوا لا يسهرون ...
ينام أحدهم بعد العشاء فإذا ذهب من الليل ثلثاه قام وتوضا وأخذ من قيام الليل ما قدر له ثم ذهب مع المؤذن للمسجد واكتسب من الحسنات بقراءته ودعائه وانتظاره للصلاة شيئا كثيرا ...
رجال الفجر .
يخلصون النية لله في القيام فيعينهم ويوفقهم ...
رجال الفجر .
يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار فلا يمكن أن يغطوا في نوم وهم لم يصلوا الفجر ...
رجال الفجر .
لا يغيب عن أذهانهم صورة من يثلغ رأسه بالحجر لتثاقله عن الصلاة ...
رجال الفجر .
يريدون أن تشهد لهم ملائكة الرحمن التي تحضر صلاتي الفجر والعصر ...
رجال الفجر .
يريدون رؤية ربهم بأدائهم لصلاتي الفجر والعصر .
رجال الفجر .
مسحوا عن أنفسهم معرة النفاق وتدثروا بدثار الإيمان ...
اللهم اجعلنا منهم وأعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك .
جزاك الله خير الجزاء شيخ صالح على هذه الخطبة في هذا الموضوع المهم غاية الأهمية ...
آهٍ ثم آهٍ ثم آه ...
وأين هم رجال الفجر ؟!
هم كثير إذا عددتهم ... فإن قارنتهم بالنائمين فما أقلهم !!!
رجال الفجر ذهبوا مع الذين إذا وضع أحدهم جنبه على فراشه وإذا به كحبة في مقلاة يتقلب على جنبيه لا يهنأ بنوم مما يخالجه من تفكير في الجنة والنار ...
رجال الفجر كانوا لا يسهرون ...
ينام أحدهم بعد العشاء فإذا ذهب من الليل ثلثاه قام وتوضا وأخذ من قيام الليل ما قدر له ثم ذهب مع المؤذن للمسجد واكتسب من الحسنات بقراءته ودعائه وانتظاره للصلاة شيئا كثيرا ...
رجال الفجر .
يخلصون النية لله في القيام فيعينهم ويوفقهم ...
رجال الفجر .
يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار فلا يمكن أن يغطوا في نوم وهم لم يصلوا الفجر ...
رجال الفجر .
لا يغيب عن أذهانهم صورة من يثلغ رأسه بالحجر لتثاقله عن الصلاة ...
رجال الفجر .
يريدون أن تشهد لهم ملائكة الرحمن التي تحضر صلاتي الفجر والعصر ...
رجال الفجر .
يريدون رؤية ربهم بأدائهم لصلاتي الفجر والعصر .
رجال الفجر .
مسحوا عن أنفسهم معرة النفاق وتدثروا بدثار الإيمان ...
اللهم اجعلنا منهم وأعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك .
جزاك الله خير الجزاء شيخ صالح على هذه الخطبة في هذا الموضوع المهم غاية الأهمية ...
وشكرالك على إضافتك الرائعة
شكر الله لك شيخ صالح ، خطبة رائعة موفقة ، وموضوع مهم جدا ، والتقصير فيه طوال السنة ظاهر وإن كان أيام الصيف أكثر .
وقد خطبت بخطبتك ـ جزاك الله خيرا ـ مع إجرى بعض التغيير البسيط ، من زيادة ونقص ، ليشمل رجال العصر والفجر ، ترغيبا وترهيبا ، وأنا أنشرها ـ ولك الأجر بإذن الله ـ وقد سبق أن استئذنتك بارك الله لك وفيك .
...
أما بعد إخوة الإيمان :
فأوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل، فالموت على جميع الخلائق قد كُتب، والحساب على الثقلين قد وجب ،وإن الدنيا قد ضربت في قلوبنا بسَهم، ونصبَت في قلوبنا رايات، ليلُنا ونهارُنا في حديثٍ عن الدنيا ، ولا نُبقي للآخرة في قلوبنا إلاّ ركنًا ضيِّقًا وذِكرًا قصيرًا {بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى } انظر إذا رُفع الأذان: كم ترى من المبكِّرين المسرعين؟ وكلنا من المقصرين .
عباد الله :بعد ظلام الليل الحالك يتنفس الصبح بضيائه، ويرسل إلى الكون خيوط الصباح الأولى مؤذنًا ببدء يوم جديد، ويشهد الكون في تلك اللحظات المهيبة اعتراك الليل والنهار، ويبصر ميلاد يوم جديد، ويُقبل الفجر في زُهُوّه وبهائه يتهادى اختيالاً ، وفي هذا الوقت البديع المبارك يدوّي في سماء الكون النداء الخالد، نداء الأذان لصلاة الفجر، فتهتف الأرض كلها: الله أكبر الله أكبر، الصلاة خير من النوم. وتكون صلاة الفجر فاتحة اليوم في حياة المسلم، فدعونا نتذاكر رجال الفجر الذين ما إن سمعوا النداء يدوي الله أكبر .. الله أكبر.. الصلاة خير من النوم
حتى هبّوا وفزعوا وإن طاب المنام .. وتركوا الفراش وإن كان وثيرًا ..يقوم أحدهم مخبتا منيبا "الحمد لله الذي أحياني بعدما أماتني وإليه النشور" يخرج من بيته إلى بيت ربه مجيبا النداء ، مرددا "اللهم اجعل في قلبي نورا وفي لساني نورا واجعل في سمعي نورا واجعل في بصري نورا واجعل من خلفي نورا ومن أمامي نورا واجعل من فوقي نورا ومن تحتي نورا اللهم أعطني نورا" ممتثلين قول ربُّنا - جل وعلا -: ((فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أن تُرفعَ ويُذكرَ فيها اسمهُ يسبحُ لهُ فيها بالغدو والآصال * رِجَالٌ لا تلهيهم تجارةٌ ولابيعٌ عن ذكر الله وإقام صلاة وإيتاء الزكاةِ يخافونَ يوماً تتقلَّبُ فيهِ القلوب والأبصارُ * ليجزيهُمُ الله أحسنَ ما عَمِلُوا ويزيدهُم مِّن فضلِهِ واللَّهُ يرزُقُ من يشاء بغير حساب)) .
أيها المؤمنون : أكثر ما يطيل المسلمون صلاة الليل ويجاهدون أنفسهم فيها في العشر الأواخر من رمضان يصلون التراويح والقيام ومجموع صلاتهم نحو من ساعتين أو ومن النادر أن تسمعَ من يزيد على ثلاث ساعات ، وهذا يصل ثلث الليل وقد لا يصل ، أردتُ من هذا أن نستشعر الأجر العظيم لصلاة الفجر في الجماعة ففي الحديث الذي أخرجه مسلم "ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما قام الليل كله" ، كما جاء في فضل الركعتين قبل صلاة الفجر حديث "ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها " أخرجه مسلم .
رجال الفجر في ذمة الله تعالى وجواره .. فما ظنكم بمن كان في جوار الله تعالى وحفظه ففي صحيح مسلم مرفوعا " من صلى صلاة الصبح فهو في ذمة الله "
إخوة الإسلام : وقد جاء في صلاتي الفجر والعصر أحاديث متعددة ، في الترغيب فيهما ، وفي الترهيب من التفريط فيهما ، وفي عصرنا الحاضر إذا نظرت إلى المساجد فإن المصلين أقل ما يحضرون فيهما ، وللأسف الشديد.
رجال العصر و الفجر صلاتهم لهم ستر من النار ..وطريق إلى جنات النعيم ..ففي صحيح مسلم مرفوعا " :لن يلج النار أحدٌ صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها " وجاء في الصحيحين مرفوعا :"من صلى البَرْدين دخل الجنة ))والبردان: الفجر والعصر ..
رجال العصر و الفجر: تشهد لهم ملائكة الرحمن ، وترفع بهم تقريرا إلى ربهم ، فقد أخرج الشيخان مرفوعا ((يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر، ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم ربهم- وهو أعلم بهم- كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: تركناهم وهم يصلون، وأتيناهم وهم يصلون))
رجال العصر و الفجر ولو لم يكن لهم إلا هذه المزية لكانت كافية ، فاستمع يا مقصرا في صلاة العصر أو الفجر .. في الصحيحين مرفوعا " :أما إنكم سترون ربكم كما ترون القمر لا تضامون في رؤيته , فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا يعني العصر والفجر ثم قرأ : وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها" .
أسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يعينني وإياكم على أنفسنا، وأن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، إنه قريب مجيب ، واستغفروا الله إنه كان غفارا
[font="]
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وعبده وعلى آله وصحبه أما بعد أيها الكرام :
فما مضى ذكره من الأحاديث كل ذلك مما يرغب المسلم في المحافظة على صلاتي الفجر والعصر مع جماعة المسلمين ، ومما ورد من الترهيب فيمن ينام عن الصلاة ما في حديث الرؤيا .
يقول النبيّ في حديثِ الرؤيا إنه أتاني اللَّيْلَةَ آتيان،وإنَّهُما ابْتَعَثَانِي، وإنَّهُمَا قالا لي: انطَلِقْ، وإنَّي انطلقتُ معهما،وإنَّا أتَيْنا على رَجُلٍ مُضْطَّجِعٍ، وإذا آخرُ قائمٌ عليه بصَخْرةٍ، وإذا هو يَهْوِي بالصخرةِ لرأْسِهِ، فَيَثْلَغُ رَأْسَهُ فَيَتَدَهْدَهُ الحَجرُ ها هنا،فَيَتْبَعُ الحجرَ فيأخُذُهُ، فلا يرجِعُ إليه حتَّى يصِحَّ رأْسُهُ كما كان، ثم يعود عليه، فيفعلُ به مثلَ ما فعلَ المرةَ الأولى.قلتُ لهما : سبحانَ الله ! ما هذا ؟قالا لي انْطَلِقْ ، انطلقنا ـ وفي آخر الحديث إخبارًا لرسول الله عمّا رأى ـ : أمَّا الرجل الأول الذي أتيتَ عليه يُثْلَغُ رأْسُه بالحجَرِ، فإنَّهُ الرجلُ يأخذ القرآن، فيرفُضُه، وينام عن الصلاة المكتوبة. أخرجه البخاري .
ومما يرهب المسلم من التخلف عن صلاة الفجر حديث " ليس صلاة أثقل على المنافقين من الفجر والعشاء , ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوًا "رواه البخاري ، ومن المصائب التي كثر سماعنا بها ، النوم قبيل العصر حتى المغرب أو العشاء ، فإنا لله وإنا إليه راجعون .
علما أن صلاة العصر جاء ترهيب شديد في التفريط فيها ففي الصحيحين مرفوعا " الذي تفوته صلاة العصر كأنما وتر أهله وماله " أي أصيب وهلك أهله وماله ، وكان مع الصحابي الجليل بريدة بن الحصيب قوم من التابعين في غزوة في يوم غائم فقال بكروا بصلاة العصر فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال " من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله " والحديث أخرجه البخاري وكذلك من الطوام تعمد تأخير اداء صلاة الفجر إلى حين استيقاظه للدوام بعد خروج وقت الصلاة وتعمد تأخير الصلاة عن وقتها ، مسألة خطيرة ولا شك أنهامن كبائر الذنوب بل قال بعض أهل العلم أنه كفر أكفر والمسألة خطيرة أيها المسلمون .
أما من أخذ بالأسباب من النوم قبل وقت كافٍ واتخاذ المنبهات ، والعزم على الاستيقاظ للصلاة قبل ذلك ، والاستعانة بالله ثم لم يستطع الاستيقاظ للصلاة فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها ، ولكن المشكلة الكبيرة فيمن يفرط بالأسباب أو أنه لم ينو الاستيقاظ للصلاة أصلا .
أيها الأحبة في الله : وبعد هذا يقول ذلك الذي آثر فراشه متعمدا معرضًا عن نداء ربه عز وجل ؟!ماذا يقول ويقيم الوقت الطويل في السهر الضائع ؟! ماذا يقول وقد فوّت على نفسه الفضل العظيم وعرض نفسه لهذه الخسارة الكبيرة , فلعلك عزمت من ساعتك هذه أن تكون ضمن الركب المبارك.. أهل الفجر والعصر ..لتحظى بفضائلهم .. ولتنجو من الوعيد الشديد للذين ينامون عن فرائض الله تعالى وأبشر فإنه سبحانه يعين من طلب العون منه {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ }
وهمسة أخيرة لك يا من منّ الله عليك بالمحافظة عليهما ، أقول :هلا ذكرت غيرك من المقصرين بكلمة أو رسالة أوحثثت إمام المسجد أو غيرَه ليقوم بالنصح فتحضى بمثل أجره
وبعد عباد الله صلوا وسلموا ..
[/font]
هذاوالله أعلم هوأول موضوع لي
في هذاالمنتدى الشامخ
صالح العويد
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانه، وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد: فيا أيها المسلمون، اتقوا الله وراقبوه، وأطيعوه ولا تعصوه، يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَكُونُواْ مَعَ ٱلصَّـٰدِقِينَ
معاشر المسلمين، إن من الظواهرالمنتشرة ويزيدانتشارهافي مثل هذه الأيام مع قصرالليل وطول النهاروهي ظاهرة التخلفَ عن صلاة الفجر في المسجد مع الجماعة، وقضاءها بعد فوات وقتها، وإنك لترى المسجد في الحي المزدحم يمتلئ في الصلوات كلها، حتى إذا جئت لصلاة الفجر ألفيته شبه خاوٍ ليس فيه إلا القليل من المصلين أماعلم النائم عن الصلاة أن من ترك صلاة واحدة عمدًا حتى يخرج وقتها فقد كفر عند بعض أهل العلم؟وبعض الناس يتعمد ضبط المنبه على وقت العمل ولو كان وقت العمل في السابعة أو الثامنة، ولا يصلي الفجر إلا في هذا الوقت، وقد سئل الشيخ الإمام عبد العزيز ابن باز رحمه الله عن ذلك فقال: من يتعمد تركيب الساعة إلى ما بعد طلوع الشمس حتى لا يصلي فريضة الفجر في وقتها هذا قد تعمد تركها وهو كافر بهذا عند جمع من أهل العلم لتعمده ترك الصلاة .و قال الشيخ بن عثيمين رحمه الله في مثل هذا: "صلاته هذه غير مقبولة، ولا تبرأ بها ذمته، وسوف يُحاسَب عنها".
عباد الله: إن للتخلف أسبابًا لا تخفى على ذي لب، فالسهر الطويل والعكوف على أجهزة اللهو، والاجتماعات الليلية في كثير من الاستراحات؛ من أعظم أسباب النوم عن هذه الصلاة العظيمة.فاحرصوا -عباد الله- على النوم المبكر كما كان هديه،عليه الصلاة والسلام فإنه لا يسهر بعد العشاء إلا لما ترجحت مصلحته. والسهر بعد العشاء إن كان سببًا في النوم متأخراوتفويت صلاة الفجر فهو محرم،حتى ولوكان على طاعة فما أوصل إلى الحرام؛ فهو حرام. ولتحرصوا على آداب النوم، والأدعية المأثورة قبل النوم وبعده،وأن يكون أحدناعلى طهارة وإن لم يكن قدأوتربعدصلاة العشاء فلاينام حتى يوترإلاإن كان سيقوم آخرالليل من أجل أن يوتر واستعينوا بعد الاستعانة بالله؛ بالمنبهات والأهل والجيران، وبادروا بالاستيقاظ إذا أوقظتم، واعمروا قلبكم بالإيمان، وأكثروا من صالح الأعمال.فمتى حيِيَ القلب دفعَ صاحبه إلى كلّ خير، ومتى خبا نور الإيمان في القلب؛ كسل صاحبه عن الطاعات وارتكب المحذورات، فالذنوب تقسي القلوب، وأبعد القلوب من الله القلب القاسي.وتجنبوا فضول الكلام والطعام والشراب، والنظر والسماع؛ فإنها من أهم أسباب قسوة القلب. والمعاصي داء قتال، ما تخلف المتخلفون عن الصلاة إلا بسبب الذنوب، وليكن مع ذلك وقبل ذلك همة عالية، وحرص واستشعار فيما تقدَّمَ ذكره من الآثار الطيبة المترتبة على المحافظة على صلاة الفجر، والآثار السيئة المترتبة على التخلف، فإن ذلك دافع للعبد إلى أن يحرص على ما ينفعه.فاتقوا الله -عباد الله- وحاسبوا أنفسكم على التقصير، وبادروا آجالكم بالصالح من أعمالكم، واستعدوا للموت فقد أظلكم، واعلموا أن الأجل مستور، والأمل خادع. ثم صلوا وسلموا رحمكم الله على خير البرية وأزكى البشرية
تعديل التعليق