ديننا الحنيف

د عبدالعزيز التويجري
1442/04/03 - 2020/11/18 10:58AM

الخطبة الأولى : ديننا الحنيف

الحمد لله الذي لا يبلغُ مِدحَتَه القائلون، ولا يُحصِي نعماءَه العادُّون، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، عظيم في ربوبيته، عظيم في ألوهيته، عظيم في أسمائه وصفاته،  وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه و من اقتفى أثره واتبع منهجه بإحسان إلى يوم الدين.. أما بعد

الإسلامُ دين اللهِ الذي لايقبلُ غيرَه {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ}

الإسلامُ مهيمنٌ على الأديانِ والنحل {أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا}

الإسلامُ سلامٌ وأمانٌ للعالمين قال عليه الصلاة والسلام «يا معشر يهود، أَسْلِمُوا تَسْلَمُوا، وَاعْلَمُوا أَنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ». متفق عليه.

الإسلامُ من تمسك به سادَ، ودانت له البلادُ العباد.

ولواءُ الإسلامِ في كل أرضٍ …*… خافقُ يحُمي به الخافقان

الإسلام من تخلق به كُسيَ ثوب المهابة والوقار، وانصرف عنه كلُ شر وعار.

      أبي الإسلام لا أبَ لي سواه   **    إذا افتخروا بقيسٍ أو تميم

الإسلام مُنقذُ البشرية من الضياع والضلال، ومن التنازع والاقتتال، ومن كل سوء ووبال {وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا}. جمع النبي r الانصار فقال: (يا مَعْشَرَ الأنْصَارِ، أَلَمْ أَجِدْكُمْ ضُلَّالًا، فَهَدَاكُمُ اللَّهُ بي؟ وَعَالَةً، فأغْنَاكُمُ اللَّهُ بي؟ وَمُتَفَرِّقِينَ، فَجَمعكُمُ اللَّهُ بي؟ كلما قال شيئًا قالوا : اللَّهُ وَرَسولُهُ أَمَنُّ . متفق عليه.

الإسلام عزيز متين، لا يقبل الذلة والخنوع ( نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فمهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله)

الإسلام ليس مسمى يردد أو شعار يرفع .. الإسلام عقيدة واعتقاد، وإسلام وانقياد {قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ }.

الإسلام استسلام لله بالتوحيد وانقياد له بالطاعة وبراءة من الشرك واهله.

الإسلام عقيدة استعلاء، تبعث في روح المسلم إحساسَ العزة من غير كِبْر، ورُوحَ الثِّقة في غير اغترار، وشعورَ الاطمئنان في غير تَوَاكل.

الإسلام ثبات عند الاضطرابات، وخلاص عند الأزمات،وبيان عند الخلافات.

الإسلام لايقبل التنازل عن المبادئ والمسلمات، ولا التهاونَ في الأحكام والتشريعات . ساوم المشركون أبا طالب ليتنازل رسول الله r  عن شيء من دعوته ومبادئه فقال لأبي طالب بثبات وإباء ( والله لو وضعوا الشمس في يميني، والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره أو أهلك دونه).

الإسلام روح تتجلى معه عظمةُ الدين بتشريعاته السامية، ومبادئه السامقة، وأخلاقياته العالية.

        فليس لأمة الاسلام عذر   **   اذا اقتنعت بغث عن سمين

الإسلام لا يقر بالمظاهر الجوفاء، وإنما يهتم بالحقائقِ الناصعةِ البيضاء.

إذا حاد الانسان عن تشريعات الإسلام اقتات من فُتاتِ الأمم ، وتسول على رذائلِ أخلاقِ النحل ، ففي كلِ يومٍ له لباسٌ ، وأصبح عائرا بين الناس، يُكمل نقص نفسهِ بترهاتِ غيرِه، ويبني شخصيتَهعلى شفا جرف هار، ضحالةُ في المعنى، واضطرابُ فيالمبنى .

     مَرضت أخلاقُنا مذ تبعت   **   أمةٌ الأخلاقِأخلاقَ سواها

  كيف عن أخلاقِهاقد أعرضت  **   وتبنت كلَ أخلاقٍعداها!؟

    كيف لا ترضى بأخلاقٍ بها    **   سادت الدنيا ونالت مبتغاها؟

ومن المصائبِ والمصائبٌ جمةُ .. تطاولُ الاقزام على مبادئ الإسلام ، فسادُ في الأفهام أظهر التشكيك بكلام سيد الانام ، تحكيمٌ للعقول بما جاء في المنقول، يبنون الفروع على غير أصول، وتقديمٌ للعادات على النصوص البينات {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}.

أستغفر الله لي ولكم وللمسلمين والمسلمات فاستغفروه إن ربي رحيم ودود

الخطبة الثانية : الحمدلله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتننا وعلى الله وسلم على عبده ورسوله وأله وأصحابه اما بعد .

إذا علمنا عظمةَ الإسلامِ بسياسته الحكيمةِ،وتشريعاته الشامله، وأحكامه العادله، كان لزاما علينا أن نأخذه بقوه {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ} وننشره ونعلمَه ونربي عليه كما أُنزل، وكما يريد اللهٌ ورسولهُ، لا كما يهوى أربابُ الشهوات، ويبثه مفتون الشبهات،وفي مسند الإمام أحمد أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، أَتَى النَّبِيَّ rبِكِتَابٍ أَصَابَهُ مِنْ بَعْضِ أَهْلِ الْكُتُبِ، فَقَرَأَهُ عَلَى  النَّبِيُّ rفَغَضِبَ وَقَالَ: « أَمُتَهَوِّكُونَ فِيهَا يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، فوَالَّذِينَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ جِئْتُكُمْ بِهَا بَيْضَاءَ نَقِيَّةً، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ مُوسَى كَانَ حَيًّا، مَا وَسِعَهُ إِلَّا أَنْ يَتَّبِعَنِي » ومع هذا فإن الإسلامَ بأحكامه ونظمه دين يسر وتبشير، و هي وصية النبي r لأبي موسى ومعاذ حينما بعثهما إلى اليمن، فقال: «يسرا ولا تعسرا، وبشرا ولا تنفرا، وتطاوعا ولا تختلفا» أخرجه البخاري.

وهذا لايعني الاستهانة بالمحرمات أو التنازلَ عن القطعيات ، وإنما كما قال الطبري: المراد بالأمر بالتيسير فيما كان من النوافل مما كان شاقا لئلا يفضي بصاحبِه إلى الملل فيتركَه أصلا، أو فيما رُخِص فيه من الفرائض كصلاة الفرض قاعدا للعاجز والفطر في الفرض لمن سافر فيشق عليه. رزقنا الله حسنَ الاتباعِ ، وسلوكَ صراطهِ المستقيم

اللهم صل على عبدك ورسوك نبينا محمد .. (استسقاء) 

المرفقات

ديننا-الحنيف

ديننا-الحنيف

المشاهدات 1348 | التعليقات 0