دورة كيف تكون مؤثرا في تدريس القرآن الكريم (4/ 5)

الفريق العلمي
1434/11/23 - 2013/09/29 03:17AM
الجزء الرابع :

لماذا قال "الكتاب" ولم يقل "القرآن" ؟ لأن التحريف يقع في المكتوب ، وما قبله يقول أهل الكتاب فلأن القضية في نفي الريب والشك وفي الغالب سيكون مداره الكتابة والتحريف لذلك نفي الريب عن الكتاب ، هذه صورة ، والصورة الثانية لأنه موازنته وتعظيمه على الكتب السابقة فذكر ما يناسبها من كتب وهذا كتاب ...

لاحظ معي حين قرأت الآية الأولى (ذَلِكَ الْكِتَابُ) هذه تعظيم ، أي هذا هو الكتاب لا غيره ، هذه الوقفة أعطت معنى بدلالة اسم الإشارة الذي أعطي البُعد والبُعد هنا بُعد للتعظيم وهكذا . القرآن شرف الأمة وعِزها ، ( وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ) (لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ) (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ) يعني شيء عظيم ، الله يقول هذا ذِكر ، هذا الذي يرفعكم هذه مكانتكم فالمعنى المخالف أننا إذا تخلينا عن القرآن خفت ذكرنا وضاعت مكانتنا ، وهذا حقيقة ، فعلا الأعداء عرفوا هذا وطبقوه .

لماذا جاءت في هذه الآية (وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ) ؟ لم يقل "صاحب الذكر" مع أن "ذي" و "ذو" في لغة العرب تأتي بمعنى صاحب ، لأن "ذو" تأتي في مواقع للتعظيم والإجلال والأشياء الكبيرة و"صاحب" تأتي فيما هو دون ذلك ولذلك (تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ) وليس صاحب الجلالة ، لكن يمكن أن أقول مثلا : هذا الرجل صاحب هذه السيارة ، لا مشكلة في ذلك ولذلك جاء مع يونس عليه السلام مرتين مرة صاحب ومرة ذا النون ، (تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ) والآية الثانية (وَلا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ ) ، في الأولى ذا النون وفي الثانية ذكر الحوت ، والنون أكبر من الحوت أو هي الاسم الأعظم للحوت فناسب العظيم مع العظيم ، والموقف أيضا في الأولى موقف عظيم وجليل لأن فيه تصوير للبحر وبلعه ، أمور هائلة جدا في قدرة الله سبحانه وتعالى، وفي الثانية نهي عن أن يكون كذلك ، والنهي عن الشيء لوم له وتنقص له ، أقل من الصورة الثانية فجاء هذا على ما يُناسب هذا ، والأمثلة على هذا كثير .
- ثلاثة أسئلة : من أين نزل القرآن ؟ ومن نزل به ؟ وعلى من نزل ؟

كلها آيات متتالية : (وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ*نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ*عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ) أيضا هذه الآية يا ليتنا نقف معها ونفكر فيها ونشرحها لطلابنا ونشعرهم بعظمة هذا القرآن .

- خوف الأعداء منه ومحاربتهم له (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ) إذا الكفار يعرفون كيف يُذهبون أثر هذا القرآن علينا ، لا يسمعون ويلغوا ، ذكر فيه بعض أهل العلم هم لا يسمعون ويلغون ويرفعون أصواتهم حتى لا يسمعه غيرهم ، أو يأتون بالكلام الذي لا فائدة منه ويُشغلون الناس به عن القرآن وبالتالي يُفقدون هذا القرآن قيمته أو دلالته أو تأثيره وبالتالي لابد أن يكون عند الدرس يا مدرس القرآن أن يكون المكان مهيأ فلا يكون فيه ضوضاء ولا حديث ولا لغط ولا غير ذلك ، فيكون هادئ متزن فيه خشوع وخضوع بحيث يكون القرآن مؤثر ، القرآن مؤثر إذا نحن خدمناه .
- إذا هذا هو السؤال الثاني أنت معلم تسعى للخيرية ، الجواب الثاني أن تُعلم القرآن ، إذا أنا عندي المعلم يجب أن يعرف من هو ، الأمر الثاني المُعلّم ما هو ؟ القرآن يجب أيضا أن تدرك ما قيمته . أتصور لو فكرت بهذين العنصرين وجعلتهم في نفسي باستمرار سيختلف الأمر عندي تماما والعقبات ستنتهي وغير ذلك . في درسك للقرآن أنت في خير عظيم ، دوحة منذ أن تدخل إلى أن تخرج ، ماذا تريد ؟ كل شيء ، كسب للحسنات ، محو للسيئات، تنزل للسكينة ، تعرض للرحمة ... الخ شيء عظيم جدا.

- لو استعرضنا درس القرآن ماذا فيه ؟علّمت طالب صححت له ، لك أجره ، سمعت آيات ، قرأت آيات تدبرت ، شعرت بخضوع ، شعرت بخشوع ، نزلت السكينة ، غشيتكم الرحمة ، والله شيء عظيم جدا . العجيب فينا أننا يمكن أن نخرج من المدرسة ونقيم درسا نموذجيا للقرآن هناك ، ولماذا لا أُقيمه في المدرسة ويمكن العدد عندي 60 ، أنا متأكد بعض الحلقات فيها ستين ويديرهم بطريقة معينة ويبدع معهم .

- أسئلة أتمنى من كل معلم أن يُجيب عليها :
/ هل طلابك يحبون درس القرآن؟
/ هل يخشع طلابك عند تلاوة القرآن ويتدبرون آياته ؟
/ هل طلابك .... القرآن العظيم ؟
/ هل طلابك يتأدب طلابك بآداب القرآن ؟
/ هل يفهم طلابك معاني ...؟

هذه الأمور لا تأتي باختبارات ، هذه تأتي بالمشاهدة والملاحظة ، ما هي التصرفات التي نراها ، أنا أتصور أن المعلم الذي يشعر بقيمة المادة وهي القرآن ، وبقيمته هو وهو معلم القرآن أنه إذا رأى فلان من الناس ، ثلاثة في الخلف ممن تصدر منهم مشاغبات أو تصرفات لا تليق بالقرآن أن يأخذهم في الفسحة ، يكلمهم على انفراد يسمعهم ، يُبين لهم ، يهتم بهم ، لا أريده أن يوبخهم فهذه الأساليب لا تنفع إنما تزيد البلاء بلاء ، يجلس معهم وينصحهم ويغيرهم،هذا معلم يهتم.

فهذه الأسئلة خطيرة جدا إذا كان طلابنا لا يُجيبون عليها بنعم ، وأنت لا تُجيب عليها بنعم وكن صادقا مع نفسك ، والله الأمر خطير يا إخواني لماذا ؟ لأن بإمكانك أن تحببهم في القرآن فليس أمرا صعبا .

السبب يا إخواني الكرام هو أنا وأنت ، ماذا قدمنا في درس القرآن ليحبوه ؟ ، هل جعلت القرآن يصل إلى قلوبهم ؟ ، وأنا أقول إلى قلوبهم وأقصد هذا لأن الله تعالى قال (قُلْ مَن كَانَ عَدُوًّا لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ) لاحظ الكلمة "قلبك" فأنا أريدك تخاطب قلبه لكن في تخاطب قلبه هل هو بالتعنيف ؟ هل هو بالإحراج ؟ هل هو بالتجهيل ؟ أبدا هذه ليست مخاطبة قلب إنما خطاب محبة ، خطاب يشعر فيه الطالب أنك مشفق عليه فيصل إلى قلبه ، اجعل القرآن يصل إلى قلبه ، أنا متأكد أن بعض المعلمين لو أراد في لحظة معينة وتلا على طالب في لحظة محددة آية من الآيات أنها ستنقدح في قلبه وربما تغير حياته كلها لكن للأسف المادة وراء المادة والساعة وراء الساعة أحيانا تشغلنا .

(وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ*نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ*عَلَى قَلْبِكَ) تأملوا هذه يا إخوتي مرة ومرتين وثلاث ففيها دلالات كبيرة وعظيمة .

- هناك قضايا أريد أن ننبه عليها سريعا :
انتبه لسلوكك وأخلاقك ، كل حركة انتبه لها ، أنت معلم قرآن فأي شيء تفعله يقول الطلاب والله هذا استاذ قرآن ويفعل كذا ، والله رأينا أستاذ القرآن اليوم وضع الشنطة على المصحف أو وضع دفتر التحضير على القرآن ، انتبه وإذا وقعت في خطأ نبه وقل استغفر الله لماذا لم تنبهوني يا شباب ، نبه اعمل هذا الأمر عندهم دعهم يعظمونه وأنت تعظم القرآن ، لا تكابر فأي شيء تفعله لا يليق بالقرآن تعتذر عنه أو لا تفعله أمامهم فأنت القدوة لهم .
- انتبه للمعنى في المقطع ، بعض المعلمين يدل على أنه غير مهتم بالدرس كله فيأتي لمقطع يدرسه للطلاب الجزء الأول في المعنى في صفحة سابقة ويبدأ بآية مرتبطة بالمعنى السابق ، فإذا كنت أنا لا أفهم المقاطع ولا المعاني فهذه مشكلة .
- انتبه أيضا إلى تجديدك في العرض .
- استثمر التقنية فالبعض لا يهتم بالتقنية ، وعلى ذكر التقنية هناك سيدي فيه جميع مواد التعليم ومن ضمنها القرآن ، ممكن أن تدرس ولا حجة لك . وهناك متصفح سينور عملته الوزارة عليه المصحف كامل وتقلبه صفحة صفحة الكترونيا ومباشرة تحدد المعنى الذي تريده إذا لم تكن قد حضرت بشكل جيد ، التلاوة جاهزة تضع على الآية يتلوها المنشاوي ، التفسير موجود ، مخارج الحروف إذا أردت أن تخرج وتدرسهم شيء عن مخارج الحروف ، الحكم التجويدي له علامات وله شرح ، زد على هذا أمور كثيرة جدا تتعلق بتحليل الآية وما فيها من أفعال وأسماء وحروف إذا أردت أن يخدمك وهكذا .
- كيف نفعّل الأهداف ، الأهداف العامة : التلاوة المجودة كيف نصل للمستوى الجيد وهذا الأمر محط عنايتكم فلذلك لن أطيل فيه وانتقل مباشرة إلى :

تقوية الصلة بكتاب الله ويمكن أن أحققه بالآلية الآتية :

/ الممارسة العملية أمام الطالب التي تُشعر الطالب بعظمة القرآن .
/ إيراد القصة
/ إيراد اللطائف والفرائد
/ إيراد فضائل السور
/ الثناء على الطالب إذا أجاد وتنبيهه بلطف إذا أخفق ، فإذا أثنيت عليه سيحب القرآن ويشعر بتقدير القرآن .
/ التنبيه الدائم على صور مما لا تتناسب مع تعظيم القرآن فأنا قد تحدثت عن عظمة القرآن في آية فأنبه على بعض الأخطاء الموجودة ولا أسردها كلها أمام الطلاب حتى أُذهب كل ما تحدثت عنه عن تعظيم القرآن ، لا ، أُنبه على شيء واحد مثال : يا شباب بعد أن سمعتم أن الله عظم القرآن هل يصلح أن الواحد يكتب على المصحف ؟ فقط سؤال وأتركه ويكفي هذا لأن بعضنا يُسرف في التفصيلات فيُذهب كل ما قاله .

- كيف أحقق التأدب بآداب القرآن :

/ الممارسة الحقيقية لذلك من قبل المعلم لأن النبي - صلى الله عليه وسلم وُصف من ربه فقالت عائشة - رضي الله عنها - (كان خُلقه القرآن) فكانت ممارسة عملية أمام الناس .
/ التنبيه الدائم على هذه الآداب في أوقات متباعدة .
/ كشف بعض هذه الآداب من خلال النص المدروس ، فمن المؤكد أن أي آية تمر عليها فيها نص فيه آداب مثال : (وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) هنا تتكلم عن الانصات وتفرق بين الاستماع والانصات ، وانظر ماذا قال الله لنا وتتحدث عن السماع والاستماع ، تنطلق في هذا المجال .

- ممكن كشف بعض الأحكام لأن المطلوب أن يتمثل الطاب أحكام القرآن من خلال النص المدروس والحث على العمل بها وبمقتضاها ، قد يكون هناك حكم (إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا) أذكر مرة في درس البلاغة تتكلم عن هذه الآية (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا) الحمد لله صار لها أثر على الطلاب مع إني أدرسهم بلاغة ، لكن استثمر أنت النص الذي عندك وتحدث عن الصلاة من خلال هذه الآية ستجد أن لها وقع مختلف عن وقع مدرس الفقه الذي يدرسهم الصلاة وأحكامها مباشرة
- معرفة ثواب تلاوة القرآن أيضا من الأهداف ، التنبيه على ذلك ، ذكر الأحاديث في هذا المجال ، فيه طريقة أيضا عدّ حروف مع الاختلاف هل الحروف في الكلمة أو الحرف ، اختلاف بين المفسرين في هذا ، تعدّ الحروف الموجودة مع الطلاب .
- اطلب من الطلاب كتابة حصيلة درس واحد من الأجور والفضائل .
- فهم الآيات المقرؤة ، وكيف نحققه ؟ عرض أهم موضوعات السورة عند أولها .
- الاهتمام بمعاني الكلمات .
- التدبر والخشوع ويكون بالتنبيه على فضل الخشوع باستمرار والانصات ، قراءة بعض الآيات بصورة مؤثرة أمام الطلاب وإذا صوتك غير جيد احضر مسجل ، خصّ ذاك اليوم بهذا الموضوع بشكل جيد ، بعض الشباب يظن أن الآيات المؤثرة هي آيات العذاب ، وهذا ليش شرطا الآيات المؤثرة كثيرا هي آيات الخلق والتدبير والعظمة عندما تتكلم عن خلق السموات هذا لا يملك بشر إلا وأن يخضع ويخشع عندما يسمعها ، اجعلهم يسمعونها مرة ومرتين ستجد الذين يُشاغبون ويتحدثون سيسكنون بإذن الله .
- السؤال عن بعض دلالات الكلمات حتى نشعرهم بعظمة القرآن .
- زيادة الثروة اللغوية ويمكن أن تكون من خلال ما سبق وجمع بعض الألفاظ التي تزيدها في كل حصة لفظ أو لفظين ولا تطلب منهم حفظها .
- تذوق الأساليب البلاغية عن طريق ما سبق وعن طريق آية واحدة في الحصة أو كلمتين تسألهم ويُجيبون وبهذا أنت تبني على مدى سنوات هذا الأمر .
- هناك شيء أراه وهو : أن المعلم الذي يريد أن يُدرِّس ويريد أن يحضر في البيت أريده أن يحضر لنفسه ، عندك مقطع حضرها من أولها لآخرها من النواحي التالية : ماهي موضوعاتها ، ماهي الأفكار التي فيها ، ماهي معاني الكلمات التي فيها ، والقضايا والفوائد والأحكام هذا إذا كنت جادا سيستغرق منك ساعتان على الأقل حسب قدرتك على التوسع ولكنك ستشعر بأن هذا النص اليوم الذي قرات فيه وتعجبت من المعاني فلما تقرؤه على الطلاب ستقرؤه بصوت آخر وبنفسيه أخرى ، فلما تجي وأنت غير فاهم في النص شيءأصلا ، غير لما تجي وتنزل من السيارة ها وش عندكم اليوم ونفتح ونقرأ ، هل هذا مثل شخص البارحة كلها وهو يبحث في الآيات وشعر بقيمتها وانفعل بها ؟ فأرجوكم يا إخواني الكرام أن تفعلوا هذا ، صحيح أنه متعب ويجعل تحضير القرآن من أصعب الدروس وأكثرها تعبا لكنك ستنقلب بعدها ، بعد سنة إلى إنسان عارف وربما عالم حتى بتفسير جزء كبير من القرآن .
- في عرض القرآن ابدأ بما يجذب الانتباه ، تلاوة ندية على الطلاب ، قراءة مع الطلاب فبعض المعلمين لا يُسمعون الطلاب القرآن ، يا أخي الله سبحانه وتعالى ذكر بالذات سماع القرآن وإسماعه في أكثر من موقع ، وجعل تأثير القرآن في اسماعه بدليل الآية التي قبل قليل (لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ).....

يتبع في الجزء التالي..




دورة كيف تكون مؤثرا في تدريس القرآن الكريم (1/ 5)

دورة كيف تكون مؤثرا في تدريس القرآن الكريم (2/ 5)

دورة كيف تكون مؤثرا في تدريس القرآن الكريم (3/ 5)

دورة كيف تكون مؤثرا في تدريس القرآن الكريم (4/ 5)

دورة كيف تكون مؤثرا في تدريس القرآن الكريم (5/ 5)
المشاهدات 2443 | التعليقات 0