(دعوها فإنها خبيثة)
محمد بن مصطفى بن الحسن كركدان
1438/03/15 - 2016/12/14 18:37PM
[align=justify][align=justify](دعوها فإنها خبيثة)
رجل يبحث عن الحقيقة، ويحرص على تحصيلها في كل ثانية ودقيقة، يبذل جهده، ويجاهد نفسه في سبيل الوصول الطريق الصحيح، ترك دياره وتعذَّب، وخَلَّفَ الدنيا وراء ظهره وتَغرَّب؛ حتى وصل لمبتغاه، ووجد ما تمناه، وكان الموعد واللقاء. [/align][/align][align=justify][align=justify]لقاء من؟! ومجالسة من؟! ومحادثة من؟! ومن هو الرجل؟! ومن المقصود بالمقابلة؟!
أما الرجل الباحث عن الحقيقة فهو: سلمان الفارسي. وأما المقصود باللقاء فهو: رسول الله صلى الله عليه وسلم.
دخل سلمان على رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد عنده ضالته، وحَصَّل غايته، وتجلَّت أمام عينيه دلائل صدق نبوته، فآمن به، وصَدَّق بدعوته، وحَصَّل شرف الدنيا والآخرة. أسلم رضي الله عنه، وحسن إسلامه، وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بواجب الأخوة الإسلامية معه، وحثَّ أصحابه على إعانته، وتحريره من أسر الرقّ والعبودية؛ ليعيش حُرًّا طليقًا بعيدًا عن كل ذُلٍّ وإهانةٍ وأنانيةٍ، وقال لهم: (أَعِينُوا أَخَاكُمْ)([1])، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أول معين، فغرس له النخل، وجمع له المال، وأدى سلمان ما كان عليه من مكاتبة لليهود؛ ليتحرر من ذُلِّ العبودية، ويذوق طعم الحرية، ويعيش خادمًا للإسلام وأهله.
أرأيتم روعة ومكانة وعظمة الإسلام، وجمال أخلاق النبي الكريم صلى الله عليه وسلم مع الأنام، إنه مشهد من مشاهد التاريخ يشهد بنبذ العنصرية، وترك دعوى الجاهلية، وهذا ظاهر من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقوله.
رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ينظر إلى شكل سلمان، ولم ينظر إلى لونه، ولم ينظر إلى نسبه، ولم ينظر إلى بلده، وإنما نظر إلى واحد فقط، لم ينظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى غيره، وهو رباط العقيدة والدين أيها الإخوة؛ ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أَعِينُوا أَخَاكُمْ)، فسماه أخًا تطبيقيًا لوصف القرآن، واتباعًا لشرع الرحمن؛ حيث قال الربُّ جَلَّ وتقدَّسَ في عُلاه: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) [الحجرات:10].
إنه موقف يثبت للأمة أجمع أن الميزان الحقيقي للإنسان هو: دينه، وإسلامه، وما يحمله في قلبه من إيمان، وما يسري في عروقه من إحسان، قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) [الحجرات:13]. وتنبَّه يا عبد الله في هذا التوجيه الرباني العظيم حيث جاء بعد النهي عن الغيبة، واحتقار الناس بعضهم بعضًا، كما ذكر الحافظ ابن كثير في تفسيره([2])، وتأملوا في الآية حيث قال: (لِتَعَارَفُوا) ولم يقل: (لتفاخروا)، وبَيَّنَ أنَّ الميزان الحقيقي للإنسان هو: تقواه، وليس ما عنده من حسب ونسب وجاه ومال.
إخوة الإيمان، هذا المعنى العظيم، يؤكده نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم بقوله كما في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ النَّاسِ أَكْرَمُ؟ قَالَ: (أَكْرَمُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاهُمْ) قَالُوا: لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ قَالَ: (فَأَكْرَمُ النَّاسِ يُوسُفُ نَبِيُّ اللَّهِ ابْنُ نَبِيِّ اللَّهِ، ابْنِ نَبِيِّ اللَّهِ ابْنِ خَلِيلِ اللَّهِ)، قَالُوا: لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ، قَالَ: (فَعَنْ مَعَادِنِ العَرَبِ تَسْأَلُونِي) قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: (فَخِيَارُكُمْ فِي الجَاهِلِيَّةِ خِيَارُكُمْ فِي الإِسْلاَمِ إِذَا فَقِهُوا)([3]).
فقيمتنا عند الله تعالى لا تقاس بأشكالنا وأنسابنا، ولا تقاس بألواننا وأموالنا، وإنما تقاس بإيماننا، وإسلامنا، وما نحمله في قلوبنا عقيدة راسخة، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ اللهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ)([4]).
فما بال أقوام يتفاخرون بأنسابهم؟! ما بال أقوام يترفعون عن الناس بأموالهم؟! أين هم من أخلاق أهل الإيمان؟! وأين هم من شمائل النبي العدنان صلى الله عليه وسلم؟! أليس لهم عبرة في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَنَاجَشُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَلَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخْوَانًا الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ، وَلَا يَحْقِرُهُ، التَّقْوَى هَاهُنَا)، وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، (بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ، كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ، دَمُهُ، وَمَالُهُ، وَعِرْضُهُ)؟!([5]).
أين هم من قوله صلى الله عليه وسلم حين ذم التفاخر بالأنساب والأحساب وقال: (دَعُوهَا فَإِنَّهَا خَبِيثَةٌ)؟!([6]) وفي رواية: (مُنْتِنَةٌ)؟!([7]).
أعاذنا الله وإياكم من أخلاق أهل الجاهلية، ورزقنا التحلي بأخلاق أهل الإسلام، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ...
الخطبة الثانية:
إخوة الإيمان، إن قوتنا في ديننا، وعزتنا في إسلامنا، وصدق أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه حيث قال: "إِنَّكُمْ كُنْتُمْ أَذَلَّ النَّاسِ وَأَحْقَرَ النَّاسِ وَأَقَلَّ النَّاسِ، فَأَعَزَّكُمُ اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ، فَمَهْمَا تَطْلُبُوا الْعِزَّ بِغَيْرِهِ يُذِلَّكُمُ اللَّهُ"([8]).
أبي الإسلامُ لا أبَ لي سواه .. إذا افتخروا بقيس أو تميم
إن نبذ التعصب بالأنساب، والترفع بالأحساب، يجلب للمجتمع والأمة المسلمة قوة؛ لاتحاد صفوفها، واجتماع كلمتها، ونبذ فرقتها، فيصفى المجتمع بذلك من التمايز، يصفى من العنصرية المنتنة، ويبقى تمسكنا بديننا، واعتصامنا بشرعنا: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) [آل عمران:103]. فالله الله إخوة الإيمان بنبذ التعصب، الله الله بنبذ العنصرية، الله الله بنبذ التعصب للأنساب والأحساب، الله الله بالتخلق بأخلاق نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم، رزقني الله وإياكم ذلك، عباد الله صلوا وسلموا على السراج المنير والهادي البشير ...
([1]) أخرجه أحمد في مسنده، رقم (23737).
([2]) ينظر: تفسير القرآن العظيم 7/385.
([3]) رواه البخاري في صحيحه، رقم (4689).
([4]) رواه مسلم في صحيحه، رقم (2564).
([5]) رواه مسلم في صحيحه، رقم (2564).
([6]) رواه البخاري في صحيحه، رقم (3518).
([7]) رواه البخاري في صحيحه رقم (4907).
([8]) البداية والنهاية، لابن كثير طبعة دار هجر 9/666.
[/align][/align]
رجل يبحث عن الحقيقة، ويحرص على تحصيلها في كل ثانية ودقيقة، يبذل جهده، ويجاهد نفسه في سبيل الوصول الطريق الصحيح، ترك دياره وتعذَّب، وخَلَّفَ الدنيا وراء ظهره وتَغرَّب؛ حتى وصل لمبتغاه، ووجد ما تمناه، وكان الموعد واللقاء. [/align][/align][align=justify][align=justify]لقاء من؟! ومجالسة من؟! ومحادثة من؟! ومن هو الرجل؟! ومن المقصود بالمقابلة؟!
أما الرجل الباحث عن الحقيقة فهو: سلمان الفارسي. وأما المقصود باللقاء فهو: رسول الله صلى الله عليه وسلم.
دخل سلمان على رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد عنده ضالته، وحَصَّل غايته، وتجلَّت أمام عينيه دلائل صدق نبوته، فآمن به، وصَدَّق بدعوته، وحَصَّل شرف الدنيا والآخرة. أسلم رضي الله عنه، وحسن إسلامه، وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بواجب الأخوة الإسلامية معه، وحثَّ أصحابه على إعانته، وتحريره من أسر الرقّ والعبودية؛ ليعيش حُرًّا طليقًا بعيدًا عن كل ذُلٍّ وإهانةٍ وأنانيةٍ، وقال لهم: (أَعِينُوا أَخَاكُمْ)([1])، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أول معين، فغرس له النخل، وجمع له المال، وأدى سلمان ما كان عليه من مكاتبة لليهود؛ ليتحرر من ذُلِّ العبودية، ويذوق طعم الحرية، ويعيش خادمًا للإسلام وأهله.
أرأيتم روعة ومكانة وعظمة الإسلام، وجمال أخلاق النبي الكريم صلى الله عليه وسلم مع الأنام، إنه مشهد من مشاهد التاريخ يشهد بنبذ العنصرية، وترك دعوى الجاهلية، وهذا ظاهر من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقوله.
رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ينظر إلى شكل سلمان، ولم ينظر إلى لونه، ولم ينظر إلى نسبه، ولم ينظر إلى بلده، وإنما نظر إلى واحد فقط، لم ينظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى غيره، وهو رباط العقيدة والدين أيها الإخوة؛ ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أَعِينُوا أَخَاكُمْ)، فسماه أخًا تطبيقيًا لوصف القرآن، واتباعًا لشرع الرحمن؛ حيث قال الربُّ جَلَّ وتقدَّسَ في عُلاه: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) [الحجرات:10].
إنه موقف يثبت للأمة أجمع أن الميزان الحقيقي للإنسان هو: دينه، وإسلامه، وما يحمله في قلبه من إيمان، وما يسري في عروقه من إحسان، قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) [الحجرات:13]. وتنبَّه يا عبد الله في هذا التوجيه الرباني العظيم حيث جاء بعد النهي عن الغيبة، واحتقار الناس بعضهم بعضًا، كما ذكر الحافظ ابن كثير في تفسيره([2])، وتأملوا في الآية حيث قال: (لِتَعَارَفُوا) ولم يقل: (لتفاخروا)، وبَيَّنَ أنَّ الميزان الحقيقي للإنسان هو: تقواه، وليس ما عنده من حسب ونسب وجاه ومال.
إخوة الإيمان، هذا المعنى العظيم، يؤكده نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم بقوله كما في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ النَّاسِ أَكْرَمُ؟ قَالَ: (أَكْرَمُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاهُمْ) قَالُوا: لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ قَالَ: (فَأَكْرَمُ النَّاسِ يُوسُفُ نَبِيُّ اللَّهِ ابْنُ نَبِيِّ اللَّهِ، ابْنِ نَبِيِّ اللَّهِ ابْنِ خَلِيلِ اللَّهِ)، قَالُوا: لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ، قَالَ: (فَعَنْ مَعَادِنِ العَرَبِ تَسْأَلُونِي) قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: (فَخِيَارُكُمْ فِي الجَاهِلِيَّةِ خِيَارُكُمْ فِي الإِسْلاَمِ إِذَا فَقِهُوا)([3]).
فقيمتنا عند الله تعالى لا تقاس بأشكالنا وأنسابنا، ولا تقاس بألواننا وأموالنا، وإنما تقاس بإيماننا، وإسلامنا، وما نحمله في قلوبنا عقيدة راسخة، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ اللهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ)([4]).
فما بال أقوام يتفاخرون بأنسابهم؟! ما بال أقوام يترفعون عن الناس بأموالهم؟! أين هم من أخلاق أهل الإيمان؟! وأين هم من شمائل النبي العدنان صلى الله عليه وسلم؟! أليس لهم عبرة في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَنَاجَشُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَلَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخْوَانًا الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ، وَلَا يَحْقِرُهُ، التَّقْوَى هَاهُنَا)، وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، (بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ، كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ، دَمُهُ، وَمَالُهُ، وَعِرْضُهُ)؟!([5]).
أين هم من قوله صلى الله عليه وسلم حين ذم التفاخر بالأنساب والأحساب وقال: (دَعُوهَا فَإِنَّهَا خَبِيثَةٌ)؟!([6]) وفي رواية: (مُنْتِنَةٌ)؟!([7]).
أعاذنا الله وإياكم من أخلاق أهل الجاهلية، ورزقنا التحلي بأخلاق أهل الإسلام، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ...
الخطبة الثانية:
إخوة الإيمان، إن قوتنا في ديننا، وعزتنا في إسلامنا، وصدق أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه حيث قال: "إِنَّكُمْ كُنْتُمْ أَذَلَّ النَّاسِ وَأَحْقَرَ النَّاسِ وَأَقَلَّ النَّاسِ، فَأَعَزَّكُمُ اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ، فَمَهْمَا تَطْلُبُوا الْعِزَّ بِغَيْرِهِ يُذِلَّكُمُ اللَّهُ"([8]).
أبي الإسلامُ لا أبَ لي سواه .. إذا افتخروا بقيس أو تميم
إن نبذ التعصب بالأنساب، والترفع بالأحساب، يجلب للمجتمع والأمة المسلمة قوة؛ لاتحاد صفوفها، واجتماع كلمتها، ونبذ فرقتها، فيصفى المجتمع بذلك من التمايز، يصفى من العنصرية المنتنة، ويبقى تمسكنا بديننا، واعتصامنا بشرعنا: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) [آل عمران:103]. فالله الله إخوة الإيمان بنبذ التعصب، الله الله بنبذ العنصرية، الله الله بنبذ التعصب للأنساب والأحساب، الله الله بالتخلق بأخلاق نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم، رزقني الله وإياكم ذلك، عباد الله صلوا وسلموا على السراج المنير والهادي البشير ...
([1]) أخرجه أحمد في مسنده، رقم (23737).
([2]) ينظر: تفسير القرآن العظيم 7/385.
([3]) رواه البخاري في صحيحه، رقم (4689).
([4]) رواه مسلم في صحيحه، رقم (2564).
([5]) رواه مسلم في صحيحه، رقم (2564).
([6]) رواه البخاري في صحيحه، رقم (3518).
([7]) رواه البخاري في صحيحه رقم (4907).
([8]) البداية والنهاية، لابن كثير طبعة دار هجر 9/666.
[/align][/align]
المرفقات
دعوها فإنها خبيثة.docx
دعوها فإنها خبيثة.docx