دَعْوَةُ ذِي النُّونِ - إِذْ دَعَا، وَهُوَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ

HAMZAH HAMZAH
1442/04/03 - 2020/11/18 18:52PM

{ دَعْوَةُ ذِي النُّونِ - إِذْ دَعَا، وَهُوَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ...}

منجاة وتأملات..!

اللَّهُمَّ لكَ الحمدُ كله، ولك الملكُ كله،

‏وإليكَ المشتَكى، وبكَ المُستغاثُ،

وأنتَ المستعانُ، ولا حولَ ولا قوَّةَ إلَّا بالله".

{ أمّن يُجيبُ المضطرَ إذا دعاه ويكشفُ السوءَ، ويجعلكم خلفاءَ الأرضَ، أإله مع الله }. 

أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، صلى اللهُ عليه وعلى آلهِ وصحبه وسلم تسليمًا كثيرا...

أما بعد :

فاتقوا اللهَ يا مسلمون، وتفكّروا في أحوالكم ، واعلموا أن التقوى سعادةٌ غامرة، ومن ورائها جنانا باهرة...{ ومن يتقِ الله يكفر عنه سيئاته ويعظمْ له أجرا }. 

فليس شيءٌ يَعدلُ ذكر اللهِ فرجًا وأنسا وسعادة { الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله، ألا بذكر اللهُ تطمئنُ القلوب } سورة الرعد .

ونحنُ في أمسِ الحاجة إلى الذكر والخضوع ، واللهجِ للواحد الأحد ...!

وفي حياتِنا الدنيا ما يستلزم ذلك، بل وفيها كروبٌ وخطوب ، لا يحلها إلا ذكرُ الله ، ولا يزحزحها إلا الاعتصامُ بهديه سبحانه وتعالى { فاذكروني أذكركم } سورة البقرة .

وانظروا إلى نبي الله يونس عليه السلام، خرج من قومه مغاضبًا ، ولم يستأذن اللهَ تعالى ، فعتبَ اللهُ عليه فابتلاه بالبحر والحوت والفلك، كما قال ( فنادى في الظلمات ) فكانت ظلماتٍ شديدات ، مطبقةً عليه... وفي موضع آخر { فالتقمه الحوت وهو مليم }. 

فاستشعر هذه القصة، وكأنك في بلوى مُدلهمة، أو في عنتٍ شديد...!

فكيف تتصرفُ حينها ..؟!

وما المخرج ..؟!

وكيف الحلولُ والسبيل إليها ...؟!

ظلماتٌ فتاكة، وابتلاءاتٌ خانقة، ولحظاتٌ يتمنى كل واحد منا النجاةَ منها...!

فنادى هنالك ذاكرًا ربَّه، ومسبِّحا مصلياً ، وتائبا آئبا...

وردد " لا إلهَ إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ".

ولازِم بابَهُ قَرعًا عَساهُ.. سيفتحُ بابهُ لك إن قرعتا

‏وأكثِر ذِكره في الأرض دأبًا.. لِتُذكَرَ في السَّماءِ إذا ذَكرتا

فأديموا ذكرَ الله، وعلّقوا قلوبَكم بحبه وشكره، وأغيثوا نبضَكم بحمدِه والتوكل عليه.،،

جاء في الحديث الصحيح عَنْ سَعْدٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { دَعْوَةُ ذِي النُّونِ - إِذْ دَعَا، وَهُوَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ - : لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ؛ فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ }. رواه الترمذي وغيره .

لم يدع بها رجلٌ في شيء قط: فحضّر حوائجَك ، وجهّز مطالبَك، وتوكل على ربك، والهجْ له ذاكرا مستغفرا ...

لا إله إلا أنت : توحيدٌ خالص ، واعتماد مجرد من كل شائبة.

سبحانك : تنزيهٌ لله من كل الآفات والعيوب { فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون } سورة الروم .

من الظالمين : اعترافٌ بالذنب، وإقرارٌ بالخطيئة ، فأنت ولدُ آدم ، وطبيعتنا الهفوةُ والتقصير، ومخلوقون هنا للابتلاء { الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم احسن عملًا }.

قال تعالى : { وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ } سورة الأنبياء.

فسمعت الملائكةُ ذلك الصوت وسمعت تسبيحَه العظيم لله عز وجل، وسألوا الله تعالى أن يُفرّج الضّيق عنه، وقالوا : يا ربَّنا .. ألا تشفع له أيام الرخاء و العمل الصالح ، فتنجيه من البلاء، قال : بلى، فأمر الحوت ، فنفضه إلى العراء أي مكانا خاليًا . فاستجاب الله تعالى دعاءهُ، ونجّاه من الغمّ، والكرب، والضّيق الذي وقع فيه، لأنّه كان من المُسبّحين ، وأمر الله تعالى الحوت أن يُلقيه في البرّ، فألقاهُ الحوت في العراء، وهو المكان القفر الذي ليس فيه أشجارٌ، والأرض التي لا يُتوارى فيه بشجرٍ ولا بغيره، و كان يونس عليه السلام مريضاً ضعيفاً، وقد مكث نبي الله يونس عليه الصّلاة والسّلام في بطن الحوتِ، قيل: ثلاثة أيّام، وقيل: سبعة أيّام، وقيل غير ذلك. ولولا أنّه سبّح الله وهو في بطن الحوت ، للبث في بطن الحُوت إلى يوم القيامة ، قال الله تبارك وتعالى:{ وإنَّ يونسَ لَمِنَ المُرسلينَ * إذْ أبَقَ إلى الفُلكِ المَشحون * فساهَمَ فكانَ مِنَ المُدحضين * فالتقمهُ الحوتُ وهُوَ مُليمٌ * فلولا أنَّهُ كانَ مِنَ المُسبِّحين * للَبِثَ في بطنِهِ إلى يومٍ يُبعثون * فنبذناهُ بالعراءِ وهُوَ سقيمٌ * وأنبتنا عليهِ شجرةً مِن يقطين * وأرسلناهُ إلى مائةِ ألفٍ أو يزيدونَ * فآمنوا فمَتَّعناهُم إلى حين }. سورة الصافات . 

فتعلّموا يا مسلمون من يونسَ وبلائه ، وتعلموا منه ومن ذكرِه، وتعلموا من دعائه واستغاثته { فنجيناه من الغم وكذلك نُنجي المؤمنين }. ...

فهي عامةٌ لكل مؤمن مخلص....

اللهم آتِ نفوسنا تقواها ، وزكها أنت خير من زكاها....

أقول قولي هذا....

———

الحمدُ لله رب العالمين، ولي الصالحين ، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين ، وصلّى الله وسلم على المبعوث رحمةً للعالمين ، نبينا محمد وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعين وبعد :

فاتقوا ربَّكم يا مسلمون ، وتعلّموا ذلك الهديَ المحكم ، والتوحيدَ الملزِم ، والمسلكَ الأكرم ، وانظروا قوةَ الله وقدرته، وكيف يحفظ عباده، وأن المُلكَ له أولًا وآخراً ، وأن رحماته سابغة ، وألطافَه خفية، .

وخذوا لكروباتكم من هذا الدعاء، ومن هذه المنجيةِ العميقة، وذلك التسبيح العجيب.." لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ".

فوحدِ اللهَ بها، وسبّحه معتقدا أحسنَ التسبيح، واعترفْ مقرا بالذنب والخطيئة ... فمن أنت في كون الله وحكمته ...؟!

وحطّمِ الكروبَ بهذ الذكر العظيم، وسارع إلى مرضاة الله، ولا تُعط الدنيا أكبرَ من حجمها، فما ضخّمها إلا جهلُنا وضعفُ توحيدِنا....!

" لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين "

تعلّمها وعلّم أبناءك ، واستعصم بمعناها وهدايتها ، واعلم أن وراءها منجاةً وفتوحات نادرة ...

وفقنا الله وإياكم لما يحبه ويرضاه ...

وصلوا وسلموا يا مسلمون على الرحمة المهداة، والنعمة المسداة ....

المشاهدات 1660 | التعليقات 1

الشيخ الفاضل تكرم بتصحيح الآية {وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ} فقد وقع فيها خطأ بكتابتها بالفاء وجزاكم الله خيرا على جهودكم