دروس و عبر من قصّة آدم عليه السلام

الشيخ محمّد الشّاذلي شلبي
1432/03/21 - 2011/02/24 14:08PM
[font="] الخطبة الأولى:
[/font]

[font="] دروس و عبر من قصة آدم عليه السلام.. [/font][font="] [/font]
[font="] [/font][font="][/font][font="][/font]
[font="]إن الحمد لله نحمده و نستعينه، و نستغفره و نتوب إليه، وأعوذ بالله من شرور أنفسنا و سيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، و من يضلل فلا هادي له. و أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له. و أشهد أنّ محمدا عبده و رسوله، اللهم فصل و سلم و بارك عليه و على آله الطيّبين الطّاهرين و على صحابته الأبرار الميامين، و من تبع نهجهم و تقواهم إلى يوم الدين.[/font]
[font="]قال الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتنّ إلاّ و أنتم مسلمون..[/font]
[font="]و قال تعالى : يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم و يغفر لكم ذنوبكم و من يطع الله و رسوله فقد فاز فوزا عظيما..[/font]
[font="]و قال تعالى : يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة و خلق منها زوجها و بثّ منهما رجالا كثيرا و نساءا واتقوا الله الذي تساءلون به و الأرحام إنّ الله كان عليكم رقيبا..[/font]
[font="]أمّا بعد، فإنّ أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه و سلم، و شر الأمور محدثاتها، و كل محدثة بدعة، و كل بدعة ضلالة و كل ضلالة في النار.. أمّا بعد:
[/font]
[font="] أيها الناس، ابتدأت قصّة الإنسان ووجوده بالحوار بين الله و الملائكة، و بين الله و إبليس أيضا، و أعطى الله العزيز الجبّار المتكبّر الحقّ لمخلوقاته بإبداء وجهة نظرهم، و التعبير عن آرائهم، و أعطي إبليس حقّه في الدفاع عن امتناعه تنفيذ أمر الله، ولا شك أن المبررات التي قدّمها، و الأعذار التي افتعلها لم تكن مقبولة، و على الرغم من ذلك فإنّ الله سبحانه لم يجبره على الطاعة، و لم يكرهه على العمل، و أجابه إلى طلبه، و أعطاه حرية العمل حتى في ممارسة الغواية، في الأرض: قال فبعزّتك لأغوينّهم أجمعين. [font="](سورة[/font][font="] [/font][font="]ص82)[/font][font="]. و ينبغي للإنسان أن يأخذ عبرة من ذلك بألاّ يكره الآخرين على اعتناق أفكاره، و لذا فإنّ من المقرّر عقيدة أنّه: لا إكراه في الدين. بل الواجب على الداعي أن يتسع صدره للكافرين فيبيّن لهم الرشد من الغيّ، ليؤمن من آمن عن بيّنة و يكفر من كفر عن حرية : من شاء فليؤمن و من شاء فليكفر. [/font][font="]( سورة الكهف الآية: 29)[/font][font="] [/font][font="]. و من المقرر فقها في الشرع الإسلامي أنّ المسلمين إذا فتحوا بلدة لا يجوز لهم هدم كنائسها، ولا العبث بمعابدها، بل ولا يجوز لهم أن يكرهوا أهلها على الدخول في الإسلام، ويقتصر واجبهم على دعوتهم إلى الإسلام أو أخذ الجزية منهم مقابل حمايتهم، و عيشهم تحت سلطان المسلمين، ليصبحوا مواطنين صالحين، لا يمسّهم أحد بسوء، و يعطوا كامل حقوقهم بذمّة الله على الرغم من مخالفتهم للعقيدة الإسلامية، أمّا الذين يضيقون ذرعا بغيرهم و يدعونهم إلى أفكارهم بإبراز صور مشوهة، و لا تتسع صدورهم للمخالفين، و يتشنّجون في مواقفهم و يكرهون الآخرين على الدخول في عقيدتهم، و يضغطون عليهم لقبول أفكارهم، فقد ضلّوا سواء السبيل، لأنّ السبيل الحقّ، و الصراط المستقيم أن يتم التواصل بين البشر بالحوار لا بالحديد و النار..[/font][/font]
[font="] أيها الناس، لقد كرّم الله الإنسان و فضله على كثير من المخلوقات كما جاء في القرآن: ولقد كرّمنا بني آدم و حملناهم في البرّ و البحر و رزقناهم من الطيّبات و فضّلناهم على كثير ممّن خلقنا تفضيلا.. [font="](سورة الإسراء 70)[/font][font="] [/font][font="]. و معلوم أنّ الإنسان لم يفضّل على غيره بطول قامته، ولا بحسن صورته، ولا بمديد عمره، ولا بقوّة بطشه، ولا بطبيعة تركيبه، فليس للطين فضل على النار، ولا للنار فضل على الطين، و لذا لم يكن مبرّر إبليس مقبولا إذ : قال أنا خير منه خلقتني من نار و خلقته من طين .. [/font][font="](سورة الأعراف الآية: 12)[/font][font="] [/font][font="]. ولو قارنا في ميزان التفاضل المادي بين الطين و النار لرأينا أنّ الطين يطفئ النار و يقهرها، غير أنّ الخيرية بين الإنسان و المخلوقات جاءت من العلم الذي علّمه الله لآدم: و علّم آدم الأسماء كلّها.. فهو مفضّل علىغيره إذنبما منحه الله من عقل و حرية وأعطاه من علوم، و استحق بهذا العلم التفضيل على الملائكة، و إن كان العلماء قد اختلفوا سابقا في الأفضلية بين الإنسان و الملائكة، فذهب جماعة إلى أنّ الإنسان أفضل من الملائكة إذ أسجد الله الملائكة لآدم : و إذ قلنا للملائكة أسجدوا لآدم فسجدوا.. و ذهب ابن عباس إلى أنّ الملائكة أفضل من الإنسان و دليله: و فضلناهم على كثير ممن خلقنا.. [/font][font="]([/font][font="] سورة الإسراء الآية: 7 )[/font][font="]. و لم تقل (كل) و يفهم من الآية بدليل الخطاب أنّ هناك ما هو أفضل من الإنسان و هم الملائكة بمقتضى قوله صلى الله عليه و سلم فيما يرويه عن الله عز و جل: من ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير من ملئه.. كما استدلّ ابن عباس بأنّ الإنسان يعصي الله، و الملائكة: لا يعصون الله ما أمرهم و يفعلون ما يأمرون.. [/font][font="]( سورةالتحريم الآية: 6 )[/font][font="]..[/font][/font]
[font="] و قسّم أهل السنة و الجماعة ، البشر و الملائكة إلى عوام و خواص فقالوا: إنّ خواص البشر و هم الأنبياء و الصديقون أفضل من خواص الملائكة و هم المذكورون في القرآن، و إنّ عوام البشر و هم الصالحون من المسلمين أفضل من عوام الملائكة و استدلّوا بقوله صلى الله عليه و سلم: إنّ الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع.. [/font]
[font="] قال القرطبي:( ولا طريق إلى القطع بأن الأنبياء أفضل من الملائكة، ولا القطع بأنّ الملائكة خير منهم، لأن طريق ذلك خبر الله و خبر رسوله أو إجماع الأمة، و ليس هاهنا شيء من ذلك). و قد وفق الإمام الغزالي إذ لم يجعل التفضيل مطلقا للإنسان، بل جعله مرتبطا بسلوكه و استخدامه لعقله، فالملائكة ركبت من نور و ليس عندها شهوة، و ركبت البهائم من شهوة و ليس لها عقل، و ركّب الإنسان من عقل و شهوة، فمن غلب عقله شهوته فهو خير من الملائكة: إنّ الذين آمنوا و عملوا الصالحات أولئك خير البريّة..و من غلبت شهوته عقله فهو شرّ من البهائم: أم تحسب أنّ أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلاّ كالأنعام بل هم أضلّ سبيلا.. [font="](سورة الفرقان 44[/font][font="] )[/font][font="]. و إنما صاروا أضلّ من البهائم لأنهم وهبوا عقولا فعطّلوها: و مثل الذين كفروا كمثل الذين ينعق بما لا يسمع إلاّ دعاءا و نداءا صمّ بكم عمي فهم لا يعقلون.. [/font][font="]( سورة البقرة الآية: 171) [/font][font="] [/font][font="]وقد ورد في الأثر ( إنّ العاقل من أطاع الله و إن كان دميم المنظر، و حقير الخطر، دنيء المنزلة، رثّ الهيئة، و إنّ الجاهل من عصى الله و إن كان جميل المنظر، عظيم الخطر، شريف المنزلة، حسن الهيئة، فصيحا نطوقا، و القردة و الخنازير أعقل عند الله ممن عصاه ).. و ورد أيضا: ( المجنون من يعصي الله )..[/font][/font]
[font="] كما أنّ ميزان التفاضل بين البشر ينبغي أن يكون على أساس استخدام العقل و توظيف العلم في طاعة الله و خدمة الخلق: يا أيها الناس إنّا خلقناكم من ذكر و أنثى و جعلناكم شعوبا و قبائل لتعارفوا إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم.. [font="](سورة الحجرات الآية: 13[/font][font="] )[/font][font="]. و نادى رسول الله صلى الله عليه و سلم في حجة الوداع: كلكم لآدم و آدم من تراب.. [/font][/font]
[font="]فلا تفضيل لعرق على آخر ولا لشعب على آخر ولا للون على آخر لإعتبارات ذاتية خلقية، بل مجرد التقوى و استخدام العقل في إعمار الكون هو ميزان التفاضل بين البشر..[/font]
[font="] عباد الله، الإنسان عرضة للنسيان: " ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي..[font="] " ( سورة طه الآية: 115)[/font][font="]. وكل بني آدم خطّاء و خير الخطّاءين التوّابون، ولو تدبرنا الأمر في قصة آدم لوجدنا معصيتين، الأولى من إبليس و الثانية من آدم وزوجه، أمّا إبليس فقد أصرّ على معصيته و استكبر و ادّعى الخيرية على آدم، و نسب إلى الله الظلم إذ قال: " قال ربّ بما أغويتني.. ". [/font][font="]( سورة الحجر الآية: 39[/font][font="] )[/font][font="]. فطرد من الجنّة بسبب معصيته و إصراره..[/font][/font]
[font="]و أمّا آدم فقد أحس بذنبه، و أخرج من الجنّة بسببه، ولما عاتبه الله: ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إنّ الشيطان لكما عدوّ مبين.[font="]( الأعراف 22 )[/font][font="]. فاعترف بخطيئته، و نسب الظلم إلى نفسه: قالا ربنا ظلمنا أنفسنا و إن لم تغفر لنا و ترحمنا لنكونّن من الخاسرين.[/font][font="]( سورة الأعراف الآية: 23[/font][font="] )[/font][font="].[/font][/font]
[font="] و العبرة من هذا أن يتوب الإنسان من خطئه توبة نصوحا، و ينسب الخطأ إلى نفسه مقرا معترفا أمام التواب الرحيم. و لكن العجب أن ترى كثيرا من العصاة المذنبين يقولون مثل إبليس و ينسبون الظلم إلى الله، و إذا سألت أحدهم لماذا تعصي الله ؟ فيتذرّعون بأن القدر الإلهي هو السبب قد ساقه مرغما إلى المعصية، و كأنه حيوان أو جماد أو آلة، مسلوب الإرادة و العقل و الحرية و المسؤولية، علما بأن الله لا يرضى لعباده الكفر و المعصية، بل طلب منهم التوبة و الشكر و الإستقامة..[/font]
[font="] أيها المؤمنون، لماذا أباح الله لآدم وزوجه الجنة و ما فيها يأكلان منها رغدا حيث يشاءان إلاّ شجرة واحدة نهاهما عن الأكل منها ؟ هل الله بحاجة إلى هذه الشجرة أيّا كان نوعها ؟ أعلموا أنّ الله لا تنفعه طاعتنا و لا تضرّه معصيتنا، فما أمرنا إلاّ بما فيه نفعنا، وما نهانا إلاّ عمّا فيه ضررنا، أدركنا ذلك أم لا.. و إنّ الإنسان قد وهبه الله إرادة يستعين بها على أداء أمانة الاستخلاف، و قد شاء الله سبحانه أن يقوي إرادة الإنسان، و إنما تقوى هذه الإرادة في اجتناب المنهيات وهي في متناول يد الإنسان، و انطلاقا من ذلك كانت عبادة الصيام، التي يتعود الإنسان فيها على تقوية إرادته، إذ يرى أمامه لذيذ الطعام ولا يأكله وهو جائع، و يغسل يديه ووجهه بالماء الزلال و يشرب منه وهو عطشان، و بجانبه زوجته ولا يقترب منها، وهذا كله يقوى في الإنسان الإرادة، و معلوم أنّ امتناعه عن الطعام و الشراب و الجماع لا يرجع لضرر هذه الأشياء بل لتقوية جانب الإرادة فيه، إذ تصبح هذه الأشياء حلالا طيّبا في الليل: و كلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتمّوا الصيام إلى الليل.. [font="]( سورة البقرة الآية: 187)[/font][font="] [/font][font="]. وفي ذلك إشارة إلى وحدة العلاقة بين الزوجين وحسن سيرها، و ينبغي على كل من الزوجين أن يتعامل مع الآخر على أنّه قطعة منه لا غنى له عنها، و هذا الشعور هو الذي يحقّق السكن النفسي، و الراحة القلبية، و الطمأنينة النفسية، و إنّ كل زوج و زوجة لا يتعاملان تحت شعار( المودة و الرحمة) فمآل ارتباطهما إلى الفشل و التفكك و الانهيار.. إذن فلماذا لا يتعامل الزوجين على أنهما من نفس واحدة ؟ .. يقول تبارك و تعالى: " و من آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها و جعل بينكم مودة و رحمة.. [/font][font="]". ( سورة الرّوم الآية: 21 ).. [/font][font="] فإذا كانت المرأة قطعة من الرجل فلماذا لا يتعامل معها على هذا الأساس؟ هل يؤذي الإنسان نفسه؟ و في هذا الإطار أقول: إنّ من أكرم زوجته فقد أكرم نفسه، ومن أهان زوجته فقد أهان نفسه، لأنّ الله قد خلقها من نفسه..[/font][/font]
[font="] جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال يا رسول الله ادع الله لي أن يزوجني من فلانة([font="] لعلها قريبته[/font][font="] ) فقال : لو دعا لك جبريل و ميكال و إسرافيل و أهل السماء و أهل الأرض و أنا معهم ما تزوجت إلاّ المرأة التي كتبت لك..[/font][/font]
[font="] أقول ما تسمعون إن كان حسن فمن الله وحده وإن كان غير ذلك فمن الشيطان و من نفسي، وأستغفر الله العلي القدير لي و لكم و لوالدي و لوالديكم و للمسلمين من كل ذنب فإستغفروه إو توبوا إليه نه هو الغفور التوّاب الرحيم، ولا حول و لا قوة إلاّ بالله العلي العظيم..[/font]
[font="]
[/font]

[font="][/font]
[font="] الخطبة الثانية: جنّة آدم[/font]

[font="] [/font]
[font="]الحمد لله ربّ العالمين ولا عدوان إلاّ على الظّالمين المعتدين.. أحمده أن شرفنا بالإسلام.. و أشكره أن أدّبنا بالصلاة و الزكاة و الصيام.. و نشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، شهادة صافية نقيّة أدّخرها لي و لكم ليوم العرض على الملك العلاّم .. و نشهد أنّ سيدنا محمدا عبده و رسوله باني دولة البيان و الإسلام، و محطّم دولة الأوثان و الأصنام، فاللهم صلّ و سلّم و بارك عليه و على آله الأطهار و صحابته الأبرار الأعلام، و على من تبع نهجهم و تقواهم إلى يوم النور و الظلام.[/font]
[font="]أما بعد، شعر آدم و حواء بمبلغ ما إقترفا من إثم في معصيتهما لله، فندما أشدّ الندم و تضرّعا إلى ربّهما قائلين: ربّنا إنّنا ظلمنا أنفسنا بعصيانك و مخالفة أمرك فأغفر لنا و ارحمنا، و إن لم تغفر لنا و ترحمنا بفضلك لنكونن من الخاسرين. قال تعالى: " فدلاّهما بغرور فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوآتهما و طفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وناداهما ربّهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إنّ الشيطان لكما عدو مبين * قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا و ترحمنا لنكونن من الخاسرين "[/font][font="]. ( سورة الأعراف الآيتان:[/font][font="] 22/23 ).[/font][font="][/font]
[font="]قبل الله توبة آدم و ألهمه أن يدعو بكلمات يقولها للتوبة، فدعا بها، فتقبّل الله منه ذلك و غفر له لأنه سبحانه كثير القبول لتوبة عباده وهو الرحيم بهم.. قال تعالى: فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنّه هو التواب الرحيم..[/font][font="]سورة البقرة الآية:37.[/font][font="][/font]
[font="]و لكن الله أخرج آدم و حواء و إبليس من الجنة إلى الأرض و أخبرهم أنه سيكون بينهم جميعا عداوات و مشاحنات لا تنقضي ولا تنتهي، و أنهم سيقيمون في الأرض يعمرونها و يتمتعون فيها تمتعا مؤقتا إلى حين انتهاء آجالهم و من الأرض يخرجهم الله أحياء يوم القيامة للحساب و الجزاء على أعمالهم..[/font]
[font="]إختلف العلماء في الجنة المذكورة في القرآن التي أسكن الله فيها آدم و التي أمره بالهبوط منها، هل كانت في الأرض أو في السماء.[/font]
[font="]و الرأي الراجح أنها في الأرض لأن الله سبحانه خلق آدم ليكون خليفة في الأرض كما في قوله تعالى: إني جاعل في الأرض خليفة.. و لم يذكر الله أنه نقله إلى السماء.[/font]
[font="]ثم إن الله تعالى وصف الجنة الموعودة في السماء(جنة الخلد) ولو كانت هي ذاتها التي أسكنها لآدم لما تجرّأ إبليس أن يقول لآدم: هل أدلّك على شجرة الخلد و ملك لا يبلى.. [/font]
[font="]كما أنّ جنة الخلد التي في السماء وصف الله من يدخلها: و هم منها بمخرجين..وأمّا الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها.. بينما أخرج آدم و حواء من الجنة التي أدخلا فيها فتعين أن تكون تلك الجنة غير الموعودة في القرآن للمؤمنين الصالحين يوم القيامة.[/font]
[font="]ووجه آخر أنّ إبليس لمّا إمتنع عن السجود لآدم، لعن و أخرج من الجنة فلو كانت هذه جنة الخلد، فإنه لا يقدر مع غضب الله عليه، أن يصل إليها و يوسوس فيها لآدم.[/font]
[font="]يتبيّن ممّا ذكرنا أنّ الجنّة التي أسكنها الله لآدم هي غير جنة الخلد التي هي في السماء، ولا يمنع أن تكون الجنة هذه مرتفعة عن سائر بقاع الأرض، ذات أشجار و ثمار و ظلال و نعيم، وهي التي وصفها الله بقوله: " إنّ لك ألاّ تجوع فيها ولا تعرى. وإنّك لاتظمأ فيها و تضحى " ( سورة [/font][font="]طه الآيتان: 119،118[/font][font="]).[/font]
[font="]أي هذه الجنة لا تجوع فيها ولا تعرى من اللباس ولا يمس باطنك عطش، ولا ظاهرك حرّ الشمس، و لكن لما أكل آدم وحواء منها، هبطا إلى أرض الشقاء و التعب و الإبتلاء و الإمتحان.[/font]
[font="]و أمّا من إحتجّ بأنّ آدم و حواء كانا في جنة الخلد التي في السماء، و أمرهما بالهبوط إلى الأرض بدليل قوله تعالى: و قلنا أهبطوا بعضكم لبعضٍ عدوّ.. فقد ردّ على ذلك بأنّ الهبوط يأتي بمعنى الإنتقال من بقعة إلى بقعة كما في قوله تعالى: إهبطوا مصر فإنّ لكم ما سألتم.. و كما قال سبحانه عن نبيّه نوح حين أمره بمغادرة السفينة: قيل يا نوح اهبط بسلام منا.. [/font][font="]هود 48 [/font][font="].[/font][font="][/font]
[font="]عباد الرحمان، كل شيء دون الله باطل، و كل نعيم دون نعيم الجنة زائل، فتحبّبوا إلى الله بإقامة الفروض و تقرّبوا إليه بالنوافل، فإنه من أحبه كان سمعه الذي يسمع به، و بصره الذي يبصر به، و يده التي يبطش بها، و رجله التي يمشي بها و إذا سأله أعطاه ما هو سائل، و إذا استعاذ به أعاذه من مكروه الآجل و العاجل، فعامل الله يا عبد الله و اعلم أنك إليه واصل، و من هذه الدنيا راحل، كما رحل الأوائل، ولا يخدعنّك الشيطان بزخارف الدنيا و ما فيها، ولا يصرفنّك عن الآخرة فإنك آتيها، و اتق الله و اصلح الأعمال فإنك ملاقيها، وعند الملك الحكم العدل ستوافيها..[/font]
[font="]إتقوا الله عباد الله و صلوا وسلموا على سيد رسله و خاتم أنبيائه و الشافع المشفع عند الله يوم تلقاه، المنزل عليه إرشادا و تعليما و تشريفا له و تعظيما: إنّ الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا و سلوا تسليما.. اللهم فصل و سلم و بارك على سيدنا محمد و على آله و صحبه الذين هم فيما عند الله راغبون و مما لديه راهبون،، اللهم أعز الإسلام و المسلمين،، و أذل الشرك و المشركين،، و اجعل كلمتك هي العليا إلى يوم الدين..اللهم انفعنا بكتابك نفعا يصقل إيماننا،، ويجدد حماسنا،، ويرجع للدين سلطانه.. اللهم إن الأمم قد تداعت على أمة الإسلام،، وإنّ الكفرة الملاحدة قد اندسوا في صفوفنا،، فأيد عصابة الخير على عصابى الشر،، و بصرنا بالحق،، ويسر لنا سبل العمل به و تمثله لنا غاية دائما يا رب العالمين..[/font]
[font="]اللهم دمّر اليهود المجرمين،، و الأمريكان الصليبيين،، اللهم اجعل تدبيرهم في تدميرهم،، وأدر عليهم دائرة السوء وانزل عليهم بأسك الذي لا يرد،، اللهم شدد عليهم وطأتك وارفع عنهم عافيتك و مزّقهم كل ممزق.. اللهم أنقض ما أحكموه من خطط،، واضرب على بصائرهم بحجاب يوقعهم مواقع الردى،، اللهم زلزل تحصيناتهم واقذف الرعب في قلوبهم،، اللهم شتت شملهم،، و فرّق كلمتهم،، وانصر جيوش المسلمين على أعدائك الصهاينة و الأمريكان المعتدين المحتلين.. اللهم فلّ حدّهم، و فرّق جمعهم، و خالف بين كلمتهم، و امح آثارهم، و اقطع دابرهم، و انزل بهم بأسك الذي لا تردّه عن القوم المجرمين.. اللهم طهّر الأقصى من الخنازير الأخساس،، ونقّه من الأدناس و مواليهم الأنجاس.. يا من خضعت كل الأشياء لعزّته،، و عنت الوجوه لعظمته،، يا أرحم الرحمين.. يا من ليس معه ربّ يدعى،، ولا إله يرجى،، ولا فوقه خالق يخشى،، ولا وزير يؤتى،، ولا حاجب يرشى،، يا من يزداد عن السؤال إلاّ كرما و جودا،، و على كثرة الحوائج إلاّ تفضّلا و إحسانا،، يا من ضجت بين يديه الأصوات،، و سكبت الدموع بالعبرات و الزفرات..[/font]
[font="]اعتقنا الليلة من النار يا رب.. تب علينا الليلة يا رب،، أذقنا حلاوة القرب منك يا رب،، أبكنا من خشيتك يا رب،، أكتبنا الآن من زوار بيتك الحرام يا رب..[/font]
[font="]اللهم ارحم الأباء و الأمهات،، والأجداد و الجدات،، و البنين و البنات،، اللهم أنزلهم حسن الجوار،، وأسكنهم الجنة مع الأبرار.. يا أرحم الراحمين.. يا رب العالمين.. يا ملك الملك.. يا حي يا قيّوم.. آمين،، آمين،، يا رب العالمين و صل و سلم و بارك على سيد الأولين و الآخرين محمد ابن عبد الله و على آله و صحبه و حزبه و عترته و التابعين و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين..[/font]
[font="]عباد الله، إن الله يأمر بالعدل و الإحسان و إيتاء ذي القربى و ينهى عن الفحشاء و المنكر و البغي يعظكم لعلكم تذكرون،، اذكروا الله يذكركم واشكروه على نعمكم يزدكم ولذكر الله أكبر و الله يعلم ما تصنعون، وقوموا إلى صلاتكم و صلوا صلاة مودع يرحمكم الله..[/font]
[font="]
[/font]

[font="][/font]
[font="] الشّيخ محمّد الشّاذلي شلبي[/font]
[font="] الإمام الخطيب[/font]
[font="] جامع الإمام محمّد الفاضل ابن عاشور[/font]
[font="] بالزهور الرّابع - تونس
[/font]

[font="][/font]
[font="]
[/font]
المشاهدات 8260 | التعليقات 0