داعية من دعاة الرعيل الأول
حسن بن ناصر
1438/08/02 - 2017/04/28 04:13AM
الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، أحمده سبحانه وأثني عليه الخير كله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، بعثه الله بالهدى ودين الحق بين يدي الساعة بشيراً ونذيراً، فبلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق الجهاد حتى أتاه اليقين وهو على ذلك، فصلى الله عليه وعلى آله وصحبه، ومن اتبع سنته، واستمسك بهديه بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فاتقوا الله واجتنبوا ما حرم الله في أقوالكم وأفعالكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون
أيها المؤمنون: إنّ الله اصطفى محمدًا صلى الله عليه وسلم على سائر الأنبياء والمرسلين، وجعله رسولاً للعالمين أجمعين، فاختار له صحابة أخيارًا صالحين، آمنوا به واتبعوه وآزروه ونصروه، وفدوه بالنفس والنفيس، فكانوا خير صحبة لخير نبي.
قال ابن مسعود رضي الله عنه: (إن الله عز وجل نظر في قلوب العباد، فوجد قلب محمد خير قلوب العباد، فاصطفاه لنفسه، وابتعثه برسالته، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد صلى الله عليه وسلم، فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد، فجعلهم وزراء نبيه)، وقال ابن عمر رضي الله عنهما: (كان أصحاب رسول الله خير هذه الأمة قلوبًا، وأعمقها علمًا، وأقلها تكلفًا، قوم اختارهم الله عز وجل لصحبة نبيه ونقل دينه).
إنهم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، هذا الجيل العظيم الذي رباه النبي صلى الله عليه وسلم وأحسن تربيته، فأصبحوا صدارة هذه البشرية بعد الأنبياء والرسل، تحقق فيهم رضي الله عنهم ما لم يتحقق في غيرهم منذ بدء الخليقة، ولن يتحقق في غيرهم حتى قيام الساعة. لقد اجتمع فيهم من عوامل الخير ما لم يتجمع في جيل قبلهم، ولن يتجمع في جيل بعدهم.
قال عز وجل: ▬مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمْ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا♂
وفي هذا اليوم نقف مع سيرة صحابي جليل وبطل من أبطال الإسلام ، الذين خلد التاريخ ذكرهم ، وأعلى الإسلام منزلتهم .
إنه أحد دعاة الإسلام الكبار، من الرعيل الأول ومن السابقين الأولين المهاجرين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
إنه سفير الإسلام الأول : مُصعبُ بنُ عمير رضي الله عنه وأرضاه و أكرم منزلته و طيب ثراه
فمن هو مصعب بن عمير ؟ وما هي منزلته في الإسلام ؟ ومالذي جعله السفيرَ الأول لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة النبوية قبل هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم.
إنه مصعب بْن عمير بْن هاشم بْن عبد مناف بْن عبد الدار بْن قصي القرشي
من أبناء عمومة النبي صلى الله عليه وسلم
كان مصعب بن عمير رضي الله عنه من أوائل المسلمين الذين أسلموا عند النبي صلى الله عليه وسلم في دار الأرقم بن أبي الأرقم بمكة وتعلم القرآن وأحكام الإسلام ولازم النبي صلى الله عليه وسلم وترك الدنيا كلها وراء ظهره .
وكان قبل إسلامه من أغنى فتيان مكة وأكثرهم ثراء.
وابتلي مصعب رضي الله عنه بعد إسلامه فقد كانت أمه المشركة سدا منيعا أمامه تحاول ثنيه عن الإسلام بشتى الوسائل ، وحبسته في بيتها ، وأحكمت عليه ، ومنعته من التواصل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقطعت عنه النعيم الذي كانت تغدقه عليه ومنعته من الأكل من طعامها حتى يرجع عن دينه.
إلا أن مصعبا رضي الله عنه لم يكترث لهذه الضغوط وصبر على دينه وثبت عليه ثبوت الجبال الراسيات .
لقد آثر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم على الترف والنعيم الذي كان فيه رضي الله عنه ، حتى أصبح من فقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله.
عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: كنا قبل الهجرة يصيبنا ظلف العيش وشدته، فلا نصبر عليه، فما هو إلا أن هاجرنا، فأصابنا الجوع والشدة، فاستضلعنا بهما، - أي اعتدنا عليهما وقوينا عليهما . إلا مصعب بن عمير، فإنه كان أترف غلام بمكة بين أبويه فيما بيننا، فلما أصابه ما أصابنا، لم يقوَ على ذلك، فلقد رأيته وإن جلده ليتطاير عنه تطاير جلد الحية، ولقد رأيته ينقطع به، فما يستطيع أن يمشي، فنعرض له القسي ثم نحمله على عواتقنا.
وعن علي -رضي الله عنه- قال: إنا لجلوس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ طلع علينا مصعب بن عمير، ما عليه إلا بردة له مرقوعة بفرو، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر ما كان فيه من النعيم، ورأى حاله التي هو عليها، فذرفت عيناه عليه الصلاة والسلام ثم قال : ((كيف بكم – يعني إذا فتح الله عليكم الدنيا – و غدا أحدكم في حلة، وراح في حلة، ووضعت بين يديه صحفة، ورفعت أخرى، وسترتم بيوتكم كما تُستر الكعبة))، قالوا: يا رسول الله, نحن يومئذ خيرٌ منّا اليوم! فنفرغ للعبادة ونُكفى المؤونة, فقال : ((لأنتم اليوم خير منكم يومئذ)).
هاجر مصعب بن عمير رضي الله عنه إلى الحبشة، مرتين فارَّا بدينه تاركا وطنه وراءه ، مؤثرا اللهَ ورسوله صلى الله عليه وسلم .
ثم عاد بعد سنوات إلى مكة شوقا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وشارك معه في محنة الحصار في شعب عامر ثلاثَ سنوات .
ولما بايع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الأنصار بيعة العقبة الأولى قبل الهجرة ، أرسل معهم مصعبَ ابنَ عمير فكان أول سفير في الإسلام، فخرج مصعب إلى المدينة معلمًا وداعية وإمامًا، فأسس في المدينة النبوية أول طلائع الدعوة الإسلامية وأسلم على يديه في عام واحد أكثرُ أهل المدينة حتى لم يبق في المدينة بيت إلا وفيه إسلام ، وتأثر سادة المدينة وزعماؤها بمصعب بن عمير، وتوافدوا عليه حتى كثر المسلمون صغارا وكبارا، رجالا ونساءً ، في المدينة، قبل أن يهاجر إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
لقد كان عدد المسلمين في المدينة حين قدمها مصعب بن عمير اثنى عشر رجلا فما زال يدعوا أهلها إلى الإسلام حتى دخل أهل المدينة في دين الله أفواجا .
وممن أسلم على يديه من الصحابة الكرام سعد بن معاذ سيد الأوس رضي الله عنه وهو الذي اهتز لموته عرش الرحمن وأسيد بن حضير الذي نزلت ملائكة السماء لسماع تلاوته وسعد بن عبادة سيد الخزرج رضي الله عنهم أجمعين ثم تتابع أهل المدينة في الدخول في دين الله .
فيالله ما أعظم بركة هذا السفير ويا لله ما أعظم حسنته على الإسلام والمسلمين ، فالأنصار كلهم حسنة في ميزان مصعب بن عمير رضي الله عنه.
ومن هم الأنصار؟! إنهم الذين لا يحبهم إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منافق، وهم بطانة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحماة الإسلام، ودرعه الحصين، على أكتافهم قام الدين، ومن أرضهم سارت جحافله، إنهم المرحومون، والمرحوم عقبهم بدعوة النبي صلى الله عليه وسلم الذين قال فيهم : " اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار "
ولما قضى مصعب بن عمير مهمته في المدينة ، ووطد العلاقات بين رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكة ومسلمي المدينة، وبنى الروابط المتينة ، ومثَّل النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة خير تمثيل عاد بعدها إلى مكة، إلى أرضِ البلاء والمحنة، لتنعم عيناه برؤية النبي صلى الله عليه وسلم ، ويسعد بصحبته، وليكون في طليعة المهاجرين حين يأُذنُ اللهُ لهم بالهجرة.
فكان له رضي الله عنه أربع هجرات: اثنتان للحبشة واثنتان للمدينة.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ▬لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ♂ .
أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم من كل ذنب وخطيئة فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم...
الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لاّ إله إلا الله تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .
أما بعد:
فتعالوا -أيها الأحبة- لنقف على المحطة الأخيرة من حياة هذا البطل، وكيف كانت نهاية هذا الصحابي الجليل ، وبماذا ختم رسالته في نصرة هذا الدين ، لنقف على اللحظات الأخيرة من حياة هذا الداعية الإسلامي الكبير .
إنها في غزوة أحد، وأي شيء غزوة أحد؟! إنها الفصل الأخير من مشهد البطولات والتضحيات في حياة مصعبِ الخير، فلقد كان مصعب بن عمير هو حاملُ راية المسلمين يوم أحد، ولما حمي الوطيس، والتحمت الصفوف، وصالت السيوف، سقطت راية كفارِ قريش سبع مرات، تأخذها يدٌ بعد يد، ورايةُ المسلمين ثابتة في يد مصعب بن عمير لا تتزعزع
وقاتل مصعب بن عمير دون رسول الله، صلى الله عليه وسلمأشد القتال
ولما شاع في الناس مقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم وانكشف منهم من انكشف ثبت مصعب مع الثابتين، حاملا لراية رسول الله صلى الله عليه وسلم رافعا لها بين صفوف المقاتلين.
فتقدم إليه أحد كفار قريش يبارزه وهو عدوُّ الله ابن القمئة ، واشتد القتال بينهما، فأهوى ابن القمئة على يمنى مصعب فقطعها، فتناول الراية بيسراه فقُطعت، فاحتضنها بين جنبيه، فحمل عليه عدو الله الثالثة فأهوى بالرمح على جسده الشريف الطاهر، فخرَّ مصعب على الأرض صريعًا، وشاع في الناس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قتل، لشدة شبه مصعب بن عمير برسول الله صلى الله عليه وسلم.
هكذا قضى مصعب الخير نحبه، وجاءه الأجل المحتوم وهو بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم يذود عنه ويدافع ويبذل روحه فداء لرسول الله صلى الله عليه وسلم ونصرة لدين الله .
ووقف رسول الله صلى الله عليه وسلمعلى قتلى أحد ومرَّ بهم واحدًا واحدًا، حتى إذا حاذى مصعب بن عمير وقف عنده ورفع يديه إلى السماء يدعو له، ثم قرأ قول الله عز وجل: ▬مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً ♂
لقد شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه من الرجال المؤمنين الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه. ويالها من شهادة ويا له من موقف عظيم لا تساويه الدنيا بأسرها .
قال خَبَّابٌ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: هَاجَرْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَلْتَمِسُ وَجْهَ اللهِ فَوَقَعَ أَجْرُنَا عَلَى اللهِ فَمِنَّا مَنْ مَاتَ لَمْ يَأْكُلْ مِنْ أجْرِهِ شَيْئًا مِنْهُمْ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ وَمِنَّا مَنْ أَيْنَعَتْ لَهُ ثَمَرَتُهُ فَهُوَ يَهْدِبُهَا قُتِلَ مصعب يَوْمَ أُحُدٍ فَلَمْ نَجِدْ مَا نُكَفِّنُهُ بِهِ إِلَّا بُرْدَةً إِذَا غَطَّيْنَا بِهَا رَأْسَهُ خَرَجَتْ رِجْلَاهُ وَإِذَا غَطَّيْنَا رِجْلَيْهِ خَرَجَ رَأْسُهُ فَأَمَرَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نُغَطِّيَ رَأْسَهُ وَأَنْ نَجْعَلَ عَلَى رِجْلَيْهِ مِنَ الْإِذْخِرِ.
لقد ذهب مصعب ولم يأخذ من أجره في هذه الدنيا شيئا، ورحل قبل أن تقر عينه بنصرة الإسلام، وقبل أن يرى فتح مكة وما بعده من الانتصارات والمغانم الكثيرة، ليلقى جزاءه موفورا عند رب شكور، استشهد رضي الله عنه مع شهداء أحد ومع سيد الشهداء حمزة بن عبدالمطلب رضي الله عنهم أجمعين .
رحل مصعب ولم ترحل ذكراه ولا ذكرى بطولاته ولا ذكرى تضحياته من قلوب أصحاب محمد ، فهذا عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه أحد العشرة المبشرين بالجنة وهو يستعيد ذكرياته مع مصعب بن عمير بعد سنوات طويلة على مقتله رضي الله عنه فعن ابْرَاهِيمَ بن عبدالرحمن بن عوف أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أُتِيَ بِطَعَامٍ وَكَانَ صَائِمًا فَقَالَ قُتِلَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ وَهُوَ خَيْرٌ مِنِّي فكُفِّنَ فِي بُرْدَةٍ إِنْ غُطِّيَ رَأْسُهُ بَدَتْ رِجْلَاهُ وَإِنْ غُطِّيَ رِجْلَاهُ بَدَا رَأْسُهُ وَقُتِلَ حَمْزَةُ وَهُوَ خَيْرٌ مِنِّي ثُمَّ بُسِطَ لَنَا مِنَ الدُّنْيَا مَا بُسِطَ أَوْ قَالَ أُعْطِينَا مِنَ الدُّنْيَا مَا أُعْطِينَا وَقَدْ خَشِينَا أَنْ تَكُونَ حَسَنَاتُنَا عُجِّلَتْ لَنَا ثُمَّ جَعَلَ يَبْكِي حَتَّى تَرَكَ الطَّعَامَ رواه البخاري.
اللهم ارض عن مصعب بن عمير وألحقنا به مع نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام ، في أعلى عليين... آمين يا رب العالمين.
هذا ، وصلوا - رحمكم الله - على خير البرية وأزكى البشرية محمد بن عبد الله صاحب الحوض والشفاعة ؛ فقد أمركم الله بذلك ، فقال - سبحانه - : ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا )
وقال - صلوات الله وسلامه عليه - : "من صلى علي صلاة صلّى الله عليه به عشرا " .
اللهمّ صلِّ وسلِّمْ وزِدْ وبارِكْ على عبدك ورسولك محمدٍ صاحب الوجه الأنور والجبين الأزهر ، وارض اللهم عن الخلفاء الأربعة الراشدين - أبي بكر وعمر وعثمان وعلي - وعن سائر صحابة نبيك محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - وعن التابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين ، وعنا معهم بعفوك وجودك وكرمك يا أرحم الراحمين .
....
أما بعد: فاتقوا الله واجتنبوا ما حرم الله في أقوالكم وأفعالكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون
أيها المؤمنون: إنّ الله اصطفى محمدًا صلى الله عليه وسلم على سائر الأنبياء والمرسلين، وجعله رسولاً للعالمين أجمعين، فاختار له صحابة أخيارًا صالحين، آمنوا به واتبعوه وآزروه ونصروه، وفدوه بالنفس والنفيس، فكانوا خير صحبة لخير نبي.
قال ابن مسعود رضي الله عنه: (إن الله عز وجل نظر في قلوب العباد، فوجد قلب محمد خير قلوب العباد، فاصطفاه لنفسه، وابتعثه برسالته، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد صلى الله عليه وسلم، فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد، فجعلهم وزراء نبيه)، وقال ابن عمر رضي الله عنهما: (كان أصحاب رسول الله خير هذه الأمة قلوبًا، وأعمقها علمًا، وأقلها تكلفًا، قوم اختارهم الله عز وجل لصحبة نبيه ونقل دينه).
إنهم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، هذا الجيل العظيم الذي رباه النبي صلى الله عليه وسلم وأحسن تربيته، فأصبحوا صدارة هذه البشرية بعد الأنبياء والرسل، تحقق فيهم رضي الله عنهم ما لم يتحقق في غيرهم منذ بدء الخليقة، ولن يتحقق في غيرهم حتى قيام الساعة. لقد اجتمع فيهم من عوامل الخير ما لم يتجمع في جيل قبلهم، ولن يتجمع في جيل بعدهم.
قال عز وجل: ▬مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمْ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا♂
وفي هذا اليوم نقف مع سيرة صحابي جليل وبطل من أبطال الإسلام ، الذين خلد التاريخ ذكرهم ، وأعلى الإسلام منزلتهم .
إنه أحد دعاة الإسلام الكبار، من الرعيل الأول ومن السابقين الأولين المهاجرين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
إنه سفير الإسلام الأول : مُصعبُ بنُ عمير رضي الله عنه وأرضاه و أكرم منزلته و طيب ثراه
فمن هو مصعب بن عمير ؟ وما هي منزلته في الإسلام ؟ ومالذي جعله السفيرَ الأول لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة النبوية قبل هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم.
إنه مصعب بْن عمير بْن هاشم بْن عبد مناف بْن عبد الدار بْن قصي القرشي
من أبناء عمومة النبي صلى الله عليه وسلم
كان مصعب بن عمير رضي الله عنه من أوائل المسلمين الذين أسلموا عند النبي صلى الله عليه وسلم في دار الأرقم بن أبي الأرقم بمكة وتعلم القرآن وأحكام الإسلام ولازم النبي صلى الله عليه وسلم وترك الدنيا كلها وراء ظهره .
وكان قبل إسلامه من أغنى فتيان مكة وأكثرهم ثراء.
وابتلي مصعب رضي الله عنه بعد إسلامه فقد كانت أمه المشركة سدا منيعا أمامه تحاول ثنيه عن الإسلام بشتى الوسائل ، وحبسته في بيتها ، وأحكمت عليه ، ومنعته من التواصل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقطعت عنه النعيم الذي كانت تغدقه عليه ومنعته من الأكل من طعامها حتى يرجع عن دينه.
إلا أن مصعبا رضي الله عنه لم يكترث لهذه الضغوط وصبر على دينه وثبت عليه ثبوت الجبال الراسيات .
لقد آثر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم على الترف والنعيم الذي كان فيه رضي الله عنه ، حتى أصبح من فقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله.
عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: كنا قبل الهجرة يصيبنا ظلف العيش وشدته، فلا نصبر عليه، فما هو إلا أن هاجرنا، فأصابنا الجوع والشدة، فاستضلعنا بهما، - أي اعتدنا عليهما وقوينا عليهما . إلا مصعب بن عمير، فإنه كان أترف غلام بمكة بين أبويه فيما بيننا، فلما أصابه ما أصابنا، لم يقوَ على ذلك، فلقد رأيته وإن جلده ليتطاير عنه تطاير جلد الحية، ولقد رأيته ينقطع به، فما يستطيع أن يمشي، فنعرض له القسي ثم نحمله على عواتقنا.
وعن علي -رضي الله عنه- قال: إنا لجلوس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ طلع علينا مصعب بن عمير، ما عليه إلا بردة له مرقوعة بفرو، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر ما كان فيه من النعيم، ورأى حاله التي هو عليها، فذرفت عيناه عليه الصلاة والسلام ثم قال : ((كيف بكم – يعني إذا فتح الله عليكم الدنيا – و غدا أحدكم في حلة، وراح في حلة، ووضعت بين يديه صحفة، ورفعت أخرى، وسترتم بيوتكم كما تُستر الكعبة))، قالوا: يا رسول الله, نحن يومئذ خيرٌ منّا اليوم! فنفرغ للعبادة ونُكفى المؤونة, فقال : ((لأنتم اليوم خير منكم يومئذ)).
هاجر مصعب بن عمير رضي الله عنه إلى الحبشة، مرتين فارَّا بدينه تاركا وطنه وراءه ، مؤثرا اللهَ ورسوله صلى الله عليه وسلم .
ثم عاد بعد سنوات إلى مكة شوقا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وشارك معه في محنة الحصار في شعب عامر ثلاثَ سنوات .
ولما بايع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الأنصار بيعة العقبة الأولى قبل الهجرة ، أرسل معهم مصعبَ ابنَ عمير فكان أول سفير في الإسلام، فخرج مصعب إلى المدينة معلمًا وداعية وإمامًا، فأسس في المدينة النبوية أول طلائع الدعوة الإسلامية وأسلم على يديه في عام واحد أكثرُ أهل المدينة حتى لم يبق في المدينة بيت إلا وفيه إسلام ، وتأثر سادة المدينة وزعماؤها بمصعب بن عمير، وتوافدوا عليه حتى كثر المسلمون صغارا وكبارا، رجالا ونساءً ، في المدينة، قبل أن يهاجر إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
لقد كان عدد المسلمين في المدينة حين قدمها مصعب بن عمير اثنى عشر رجلا فما زال يدعوا أهلها إلى الإسلام حتى دخل أهل المدينة في دين الله أفواجا .
وممن أسلم على يديه من الصحابة الكرام سعد بن معاذ سيد الأوس رضي الله عنه وهو الذي اهتز لموته عرش الرحمن وأسيد بن حضير الذي نزلت ملائكة السماء لسماع تلاوته وسعد بن عبادة سيد الخزرج رضي الله عنهم أجمعين ثم تتابع أهل المدينة في الدخول في دين الله .
فيالله ما أعظم بركة هذا السفير ويا لله ما أعظم حسنته على الإسلام والمسلمين ، فالأنصار كلهم حسنة في ميزان مصعب بن عمير رضي الله عنه.
ومن هم الأنصار؟! إنهم الذين لا يحبهم إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منافق، وهم بطانة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحماة الإسلام، ودرعه الحصين، على أكتافهم قام الدين، ومن أرضهم سارت جحافله، إنهم المرحومون، والمرحوم عقبهم بدعوة النبي صلى الله عليه وسلم الذين قال فيهم : " اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار "
ولما قضى مصعب بن عمير مهمته في المدينة ، ووطد العلاقات بين رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكة ومسلمي المدينة، وبنى الروابط المتينة ، ومثَّل النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة خير تمثيل عاد بعدها إلى مكة، إلى أرضِ البلاء والمحنة، لتنعم عيناه برؤية النبي صلى الله عليه وسلم ، ويسعد بصحبته، وليكون في طليعة المهاجرين حين يأُذنُ اللهُ لهم بالهجرة.
فكان له رضي الله عنه أربع هجرات: اثنتان للحبشة واثنتان للمدينة.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ▬لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ♂ .
أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم من كل ذنب وخطيئة فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم...
الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لاّ إله إلا الله تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .
أما بعد:
فتعالوا -أيها الأحبة- لنقف على المحطة الأخيرة من حياة هذا البطل، وكيف كانت نهاية هذا الصحابي الجليل ، وبماذا ختم رسالته في نصرة هذا الدين ، لنقف على اللحظات الأخيرة من حياة هذا الداعية الإسلامي الكبير .
إنها في غزوة أحد، وأي شيء غزوة أحد؟! إنها الفصل الأخير من مشهد البطولات والتضحيات في حياة مصعبِ الخير، فلقد كان مصعب بن عمير هو حاملُ راية المسلمين يوم أحد، ولما حمي الوطيس، والتحمت الصفوف، وصالت السيوف، سقطت راية كفارِ قريش سبع مرات، تأخذها يدٌ بعد يد، ورايةُ المسلمين ثابتة في يد مصعب بن عمير لا تتزعزع
وقاتل مصعب بن عمير دون رسول الله، صلى الله عليه وسلمأشد القتال
ولما شاع في الناس مقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم وانكشف منهم من انكشف ثبت مصعب مع الثابتين، حاملا لراية رسول الله صلى الله عليه وسلم رافعا لها بين صفوف المقاتلين.
فتقدم إليه أحد كفار قريش يبارزه وهو عدوُّ الله ابن القمئة ، واشتد القتال بينهما، فأهوى ابن القمئة على يمنى مصعب فقطعها، فتناول الراية بيسراه فقُطعت، فاحتضنها بين جنبيه، فحمل عليه عدو الله الثالثة فأهوى بالرمح على جسده الشريف الطاهر، فخرَّ مصعب على الأرض صريعًا، وشاع في الناس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قتل، لشدة شبه مصعب بن عمير برسول الله صلى الله عليه وسلم.
هكذا قضى مصعب الخير نحبه، وجاءه الأجل المحتوم وهو بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم يذود عنه ويدافع ويبذل روحه فداء لرسول الله صلى الله عليه وسلم ونصرة لدين الله .
ووقف رسول الله صلى الله عليه وسلمعلى قتلى أحد ومرَّ بهم واحدًا واحدًا، حتى إذا حاذى مصعب بن عمير وقف عنده ورفع يديه إلى السماء يدعو له، ثم قرأ قول الله عز وجل: ▬مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً ♂
لقد شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه من الرجال المؤمنين الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه. ويالها من شهادة ويا له من موقف عظيم لا تساويه الدنيا بأسرها .
قال خَبَّابٌ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: هَاجَرْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَلْتَمِسُ وَجْهَ اللهِ فَوَقَعَ أَجْرُنَا عَلَى اللهِ فَمِنَّا مَنْ مَاتَ لَمْ يَأْكُلْ مِنْ أجْرِهِ شَيْئًا مِنْهُمْ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ وَمِنَّا مَنْ أَيْنَعَتْ لَهُ ثَمَرَتُهُ فَهُوَ يَهْدِبُهَا قُتِلَ مصعب يَوْمَ أُحُدٍ فَلَمْ نَجِدْ مَا نُكَفِّنُهُ بِهِ إِلَّا بُرْدَةً إِذَا غَطَّيْنَا بِهَا رَأْسَهُ خَرَجَتْ رِجْلَاهُ وَإِذَا غَطَّيْنَا رِجْلَيْهِ خَرَجَ رَأْسُهُ فَأَمَرَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نُغَطِّيَ رَأْسَهُ وَأَنْ نَجْعَلَ عَلَى رِجْلَيْهِ مِنَ الْإِذْخِرِ.
لقد ذهب مصعب ولم يأخذ من أجره في هذه الدنيا شيئا، ورحل قبل أن تقر عينه بنصرة الإسلام، وقبل أن يرى فتح مكة وما بعده من الانتصارات والمغانم الكثيرة، ليلقى جزاءه موفورا عند رب شكور، استشهد رضي الله عنه مع شهداء أحد ومع سيد الشهداء حمزة بن عبدالمطلب رضي الله عنهم أجمعين .
رحل مصعب ولم ترحل ذكراه ولا ذكرى بطولاته ولا ذكرى تضحياته من قلوب أصحاب محمد ، فهذا عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه أحد العشرة المبشرين بالجنة وهو يستعيد ذكرياته مع مصعب بن عمير بعد سنوات طويلة على مقتله رضي الله عنه فعن ابْرَاهِيمَ بن عبدالرحمن بن عوف أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أُتِيَ بِطَعَامٍ وَكَانَ صَائِمًا فَقَالَ قُتِلَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ وَهُوَ خَيْرٌ مِنِّي فكُفِّنَ فِي بُرْدَةٍ إِنْ غُطِّيَ رَأْسُهُ بَدَتْ رِجْلَاهُ وَإِنْ غُطِّيَ رِجْلَاهُ بَدَا رَأْسُهُ وَقُتِلَ حَمْزَةُ وَهُوَ خَيْرٌ مِنِّي ثُمَّ بُسِطَ لَنَا مِنَ الدُّنْيَا مَا بُسِطَ أَوْ قَالَ أُعْطِينَا مِنَ الدُّنْيَا مَا أُعْطِينَا وَقَدْ خَشِينَا أَنْ تَكُونَ حَسَنَاتُنَا عُجِّلَتْ لَنَا ثُمَّ جَعَلَ يَبْكِي حَتَّى تَرَكَ الطَّعَامَ رواه البخاري.
اللهم ارض عن مصعب بن عمير وألحقنا به مع نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام ، في أعلى عليين... آمين يا رب العالمين.
هذا ، وصلوا - رحمكم الله - على خير البرية وأزكى البشرية محمد بن عبد الله صاحب الحوض والشفاعة ؛ فقد أمركم الله بذلك ، فقال - سبحانه - : ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا )
وقال - صلوات الله وسلامه عليه - : "من صلى علي صلاة صلّى الله عليه به عشرا " .
اللهمّ صلِّ وسلِّمْ وزِدْ وبارِكْ على عبدك ورسولك محمدٍ صاحب الوجه الأنور والجبين الأزهر ، وارض اللهم عن الخلفاء الأربعة الراشدين - أبي بكر وعمر وعثمان وعلي - وعن سائر صحابة نبيك محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - وعن التابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين ، وعنا معهم بعفوك وجودك وكرمك يا أرحم الراحمين .
....
المرفقات
مصعب بن عمير.pdf
مصعب بن عمير.pdf
مصعب بن عمير.docx
مصعب بن عمير.docx