خيرُ الناسِ مَنْ طالَ عمرُه وحَسُنَ عمَلُه

عايد القزلان التميمي
1445/01/03 - 2023/07/21 06:43AM

إنَّ الْحَمْدَ لِلهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِىَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}

أَمَّا بَعْدُ

فيا أيها المؤمنون إننا في هذه الأيام استقبلنا عَاماً هِجْرِياً جَدِيدا، واعلموا أنه ليس من السنة أن نُحدث عيدا لدخوله أو نعتاد التهاني ببلوغه فليس الغبطة بكثرة السنين وإنما الغبطة بما أمضاه العبد منها في طاعة مولاه فكثرة السنين خير لمن أمضاها في طاعة ربه،

فقد قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهِ عليه وسلَّم: «خيرُ الناسِ مَنْ طالَ عمرُه وحَسُنَ عمَلُه»، رواه الترمذيُّ،

وفي هذا دليل على أن مجرَّد طول العمر ليس خيرًا للإنسان إلا إذا أحسن عمله؛ لأنه أحيانًا يكون طول العمر شرًّا للإنسان وضررًا عليه، كما قال الله تبارك وتعالى: ﴿ وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ ﴾ فهؤلاء الكفار يملى الله لهم - أي يمدهم بالرزق والعافية وطول العمر والبنين والزوجات، لا لِخير لهم ولكنه شر لهم - والعياذ بالله لأنهم سوف يزدادون بذلك إثمًا.

 فتذكروا رحمني الله وإياكم بانقضاء العام انقضاء الآجال، وبسرعة مرور الأيام دنو الآجال، وحلول هاذم اللذات،

وحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، واعملوا صالحاً ما دمتم تنعمون بنعمتين عظيمتين مغبون فيهما كثير من الناس، الصحة والفراغ.

عباد الله : واعلموا  أن شهركم هذا شهرَ محرّم شهر مبارك؛ كان صلى الله عليه وسلم  يحث  فيه على الصيام  فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم" [رواه الإمام مسلم].

وفي حديث آخر حث صلى الله عليه وسلم على صيام اليوم العاشر من محرم ، كما جاء عن ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْهمَا، عندما سُئِلَ عن صِيَامِ يَومِ عَاشُورَاءَ فَقالَ: ما عَلِمْتُ أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ صَامَ يَوْمًا يَطْلُبُ فَضْلَهُ علَى الأيَّامِ إلَّا هذا اليومَ (يعني عاشوراء)  وَلَا شَهْرًا إلَّا هذا الشَّهْرَ. يَعْنِي رَمَضَانَ)) أخرجه البخاري ومسلم

وفي الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم  قال: « هذا يوم عاشوراء، ولم يكتب عليكم صيامه، وأنا صائم، فمن شاء صام، ومن شاء أفطر ».

 وروى مسلم عن أبي قتادة رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم : «صوم يوم عاشوراء يكفر سنة ماضية » .

وقد حثنا صلى الله عليه وسلم  إلى صيام يوم قبله، أو يوم بعده؛ لأجل مخالفة اليهود. ويوم التاسع من محرم يوافق الخميس القادم وعاشوراء يوافق الجمعة القادمة إن شاء الله .

عباد الله ولم يثبت في هذا الشهر شيء من فضائل الأعمال إلا الصيام، وأما ما يروى فيه من ذِكر الصلوات أو القراءات أو الأوراد أو الأدعية الخاصة به فلم يثبت منها شيء عنه صلى الله عليه وسلم  ، وكذلك ما ورد من استحباب التوسعة على الأولاد والأهل فيه فقد ذكر الإمام أحمد أنه لم يثبت.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: لم يرد فيه شيء عنه صلى الله عليه وسلم  من طريق صحيح.

فاتقوا الله عباد الله، واحرصوا على اتباع هدي نبيكم صلى الله عليه وسلم  ، وسلفكم الصالح، فلقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة.

بارك الله لي ولكم .....

الخطبة الثانية

الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على النبي المصطفى

أما بعد

فيا أيها المسلمون، إنه يجب على العاقل أن يرجع إلى نفسه، فيحاسبها على ما قدم في يومه وأمسه، فإن كان خيرًا فليحمد الله، وليتزود من الصالحات، ويجب عليه أن يحاسب نفسه في ختام يومه وشهره، وفي نهاية عامه وفي كل دهره، واستكثروا في أعماركم من الحسنات،  قال الله تعالى ((مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ ))

فلنتدارك أنفسنا ونحاسبها وَنَنْوِ فعل الحسنات والمسابقة إلى الخيرات أيًا كانت، قال الله تعالى (( ﴿  وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ﴾ ))

وقال سبحانه (( سَابِقُوٓاْ إِلَىٰ مَغْفِرَةٍۢ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ ٱلسَّمَآءِ وَٱلْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِۦ ۚ ذَٰلِكَ فَضْلُ ٱللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ ۚ وَٱللَّهُ ذُو ٱلْفَضْلِ ٱلْعَظِيمِ))

عباد الله صلوا وسلموا على رسول الله ....

المشاهدات 892 | التعليقات 0