« خَيْرُ الْجِيرَانِ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرُهُمْ لِجَارِهِ »

محمد البدر
1440/04/20 - 2018/12/27 15:31PM
الْخُطْبَةِ الأُولَى:
عِبَادَ اللهِ: قَالَ تَعَالَى:﴿وَاعْبُدُوا اللهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ﴾[النساء : 36].الجار في الاصطلاح الشرعي هو من جاورك جواراً شرعياً، سواء كان مسلماً أو كافراً، براً أو فاجراً، صديقاً أو عدواً، محسناً أو مسيئاً، نافعاً أو ضاراً، قريباً أو أجنبياً، غريباً أو بلدياً.
والنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو أفضل قدوة في حسن معاملة الجيران المسلمين وغير المسلمين، فَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : كَانَ غُلاَمٌ يَهُودِيٌّ يَخْدُمُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَرِضَ ، فَأتَاهُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُهُ ، فَقَعَدَ عِنْدَ رَأسِهِ ، فَقَالَ لَهُ : (أسْلِمْ) فَنَظَرَ إِلَى أبِيهِ وَهُوَ عِنْدَهُ؟ فَقَالَ: أَطِعْ أَبَا القَاسِمِ ، فَأسْلَمَ فَخَرَجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ :«الحَمْدُ للهِ الَّذِي أنْقَذَهُ منَ النَّارِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.والأحاديث النبوية في هذا الباب كثيرة منها على سبيل المثال عَنْ ابنِ عمرَ وَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالاَ : قَالَ رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: «مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالجَارِ، حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَعَنْ سَمُرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «جَارُ الدَّارِ أَحَقُّ بِدَارِ الْجَارِ أَوِ الْأَرْضِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ .
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ « خَيْرُ الأَصْحَابِ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرُهُمْ لِصَاحِبِهِ وَخَيْرُ الْجِيرَانِ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرُهُمْ لِجَارِهِ » رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ .
وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا « إِنَّهُ مَنْ أُعْطِىَ حَظَّهُ مِنَ الرِّفْقِ فَقَدْ أُعْطِىَ حَظَّهُ مِنْ خَيْرِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَصِلَةُ الرَّحِمِ وَحُسْنُ الْخُلُقِ وَحُسْنُ الْجِوَارِ يَعْمُرَانِ الدِّيَارَ وَيَزِيدَانِ فِي الأَعْمَارِ » رَوَاهُ أَحمَدُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.
وَعَنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ « خَيْرُ الأَصْحَابِ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرُهُمْ لِصَاحِبِهِ وَخَيْرُ الْجِيرَانِ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرُهُمْ لِجَارِهِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.
وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ « أَوَّلُ خَصْمَيْنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ جَارَانِ » رَوَاهُ أَحمَدُ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ.
وَعَن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالُوا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: يَا رَسُولَ اللهِ « إِنَّ فُلَانَةَ تَقُومُ اللَّيْلَ وَتَصُومُ النَّهَارَ، وَتَفْعَلُ وَتَصَّدَّقُ ,غَيْرَ أَنَّهَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا، قَالَ: لَا خَيْرَ فِيهَا , هِيَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ »  فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ «فَإِنَّ فُلَانَةَ تُصَلِّي الْمَكْتُوبَةَ، وَإِنَّهَا تَصَدَّقُ بِالْأَثْوَارِ مِنْ الْأَقِطِ، وَلَا تُؤْذِي أَحَدًا» فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « هِيَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ » رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ في الأدب المفرد وَ صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.
وَعَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ فَيَشْهَدُ لَهُ أَرْبَعَةٌ أَهْلُ أَبْيَاتٍ مِنْ جِيرَانِهِ الأَدْنَيْنَ إِلاَّ قَالَ قَدْ قَبِلْتُ عِلْمَكُمْ فِيهِ وَغَفَرْتُ لَهُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ » رَوَاهُ أَحمَدُ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ.
وَقَالَ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم «أَرْبَعٌ مِنَ السَّعادَةِ: الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ، وَالْمَسْكَنُ الْوَاسِعُ، وَالْجَارُ الصَّالِحُ، وَالْمَرْكَبُ الْهَنِي. وَأَرْبَعٌ مِنَ الشَّقاءِ: الْجَارُ السَّوْءُ، وَالْمَرْأَةُ السَّوْءُ، وَالْمَركَبُ السَّوء، والْمَسكَنُ الضَّيِّقُ »صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ .
عِبَادَ اللهِ: واعلموا ان للجار حقوقاً منها: كف الأذى عنه وتحمل الأذى منه :فَعَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : « واللَّهِ لا يُؤْمِنُ ، واللَّهِ لا يُؤْمِنُ  » قِيلَ : منْ يا رسولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : « الَّذي :لا يأْمنُ جارُهُ بَوَائِقَهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وفي رواية لمسلم:(لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ مَنْ لاَ يَأمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ)(البَوَائِقُ):الغَوَائِلُ والشُّرُورُ.
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ، فَلا يُؤْذِ جَارَهُ ، وَمَنْ كَان يُؤْمِنُ بِاللَّهِ والْيَوْمِ الآخرِ ، فَلْيكرِمْ ضَيْفهُ ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمنُ بِاللَّهِ وَالْيومِ الآخِرِ ، فَلْيَقُلْ خَيْراً أَوْ لِيَسْكُتْ » مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَعَنْ أَبِي ذرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:« يَا أَبَا ذرّ إِذا طَبَخْتَ مَرَقَةً ، فَأَكْثِرْ مَاءَها ، وَتَعَاهَدْ جِيرَانَكَ »رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أنّها كَانَتْ تقول : وَاللهِ ، يَا ابْنَ أُخْتِي ، إنْ كُنَّا نَنْظُرُ إِلَى الهِلاَلِ ، ثُمَّ الهِلالِ : ثَلاَثَةُ أهلَّةٍ في شَهْرَيْنِ ، وَمَا أُوقِدَ في أبْيَاتِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَارٌ . قُلْتُ : يَا خَالَةُ ، فَمَا كَانَ يُعِيشُكُمْ ؟ قالت : الأَسْوَدَانِ التَّمْرُ وَالمَاءُ ، إِلاَّ أنَّهُ قَدْ كَانَ لرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِيرَانٌ مِنَ الأَنْصَارِ ، وكَانَتْ لَهُمْ مَنَائِحُ وَكَانُوا يُرْسِلُونَ إِلَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ألْبَانِهَا فَيَسْقِينَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.   منائح: هي الشاة أو الناقة تُعطي اللبن... أَقُولُ قَوْلِي هَذَا...
الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ:
عِبَادَ اللهِ: ومن حقوق الجار تفقده وقضاء حوائجه واهدائه :فَعَنْ عَائِشَةَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي جَارَيْنِ فَإِلَى أَيِّهِمَا أُهْدِي قَالَ :« إِلَى أَقْرَبِهِمَا مِنْكِ بَابًا » رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
وَعَنْ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَيْسَ الْمُؤْمِنُ الَّذِي يَشْبَعُ وَجَارُهُ جَائِعٌ إِلَى جَنْبِهِ » صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا نِسَاءَ المُسلِمَاتِ لا تَحْقِرَنَّ جارَةٌ لجارتِهَا وَلَوْ فِرْسَنَ شَاةٍ »مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَعَنْ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ « مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فَأَرَادَ بَيْعَهَا فَلْيَعْرِضْهَا عَلَى جَارِهِ » رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.
فاتقوا الله في جيرانكم وأحسن إليهم وتهادوا وتعاونوا على البر والتقوى لتنالوا رضا ربكم. الا وصلوا ...
المشاهدات 2342 | التعليقات 0