خمس وعشرون فائدة بمناسبة يوم عاشوراء

احمد ابوبكر
1436/01/09 - 2014/11/02 10:23AM
[align=justify]الشيخ/ أحمد بن محمد المصباحي
الأربعاء 3 أبريل 2013
نبرأ إلى الله من قتلة الحسين ومن لعنة الصحابة ..

الحمد لله رب العالمين، القائل في كتابه الكريم: {وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا} [الفرقان:20]، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه خير صحب وآل، أما بعد:

فهذه خلاصة جامعة، ومفاهيم نافعة، فيها آيات قرآنية وأحاديث نبوية ووقائع تاريخية لما ينبغي أن يعتقده المسلم حول يوم عاشوراء وما جرى قبله أو بعده من فتن وما يتعلق بذلك من ملابسات وأحداث وتجارب، ألخصها بعون ربي القدير في خمس وعشرين فائدة:

1- الحمد لله الذي هدانا للإسلام والسنة، وجعلنا مسلمين.

2- قتل الحسين بن علي -رضي الله عنهما- جريمة كبرى، وفجيعة عظمى، وداهية نكراء صلعاء خرقاء عرجاء شوهاء بلهاء وعثراء، وفتنة عمياء بكماء صماء وطريقة بشعة، وتعطيش متعمد، حيث قتل صبرا- أي بالتعطيش- ومنعه من شرب الماء مع من معه من أهل بيته وصحبه، ثم أجهزوا عليه فقتلوه مظلوما أمام نسائه وذريته، فهي فاقرة على آل رسول الله -عليهم الصلاة والسلام - وعلى من بقي من الصحابة وعلى جميع المسلمين، ضجت منها الأرض والسماء؛ فلعنة الله على قتلة الحسين ومن رضي هذه الفعلة الشنيعة.

3- قال تعالى: {وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَّقْدُورًا} [الأحزاب:38]، وقال تعالى: {وَكَانَ أَمْرُ اللّهِ مَفْعُولاً} [النساء:47]. جاء ابن عباس و نصح الحسين بترك الخروج إلى الكوفة فأبى إلا الخروج إلى الكوفة، فقال له ابن عباس: لولا أن يزري بي وبك، لنشبت يدي في رأسك، وكان موقف عبد الله بن الزبير رضي الله عنه مثل باقي كبار الصحابة الذين نصحوا الحسين بعدم الخروج، والحجة في ذلك ما أخرجه ابن أبي شيبة بإسناد حسن قال: لقي عبد الله بن الزبير الحسين بن علي بمكة فقال: يا أبا عبد الله بلغني أنك تريد العراق، قال: أجل، فلا تفعل، فإنهم قتلة أبيك، الطاعنين بطن أخيك، وإن أتيتهم قتلوك. [المصنف (7/477)].

ولما علم ابن عمر بخروج الحسين أدركه على بعد ثلاث مراحل من المدينة فقال للحسين أين وجهتك؟ فقال: أريد العراق، ثم أخرج إليه كتب القوم، ثم قال: هذه بيعتهم و كتبهم، فناشده الله أن يرجع، فأبى الحسين، ثم قال ابن عمر: أحدثك بحديث ما حدثت به أحداً قبلك: إن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم يخيره بين الدنيا والآخرة، فاختار الآخرة، و إنكم بضعة منه، فو الله لا يليها أحد من أهل بيته، ما صرفها الله عنكم إلا لما هو خير لكم، فارجع. أنت تعرف غدر أهل العراق و ما كان يلقى أبوك منهم، فأبى، فاعتنقه و قال: استودعتك من قتيل. [ابن سعد في الطبقات (5/360) و ابن حبان (9/58) وكشف الأستار (3/232-233) بسند رجاله ثقات]. و عند غيرهم. لكن هذه النصائح والتحذيرات لم تثن الحسين عن إرادته و عزمه على الخروج نحو الكوفة.

4- جريمة قتل أمير المؤمنين ذي النورين عثمان - رضي الله عنه- على يد الخوارج من أفظع الجرائم العظام، حيث قتلوه وهو يقرأ كتاب الله وتسقط قطرات من دمه الطاهر على قوله تعالى: {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } [البقرة:137].

5- أفضل الخلق على الإطلاق رسول الله -عليه الصلاة والسلام- فالرسل والأنبياء الكرام عليهم الصلاة والسلام والعصمة لهم فقط، ونحن نحب جميع الصحابة ونجلهم ونترضى عنهم لقوله تعالى: {وَكُلاًّ وَعَدَ اللّهُ الْحُسْنَى} [النساء:95]، ولقوله تعالى: {رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ} [المائدة:119]. ونفضل بعضهم على بعض فأفضلهم أبوبكر فعمر فعثمان فعلي فبقية العشرة المبشرة بالجنة فالبدريون فأصحاب البيعتين والهجرتين ومن صلى إلى القبلتين وأصحاب بيعة الرضوان وسائر الصحابة الكرام.

6- لقد ربحنا - أهل السنّة- الفريقين حب الآل والأصحاب، وغيرنا ربح بعضا ورفض بعضا.

7- قال الإمام أحمد بن حسين بن رسلان الشافعي في منظومته "صفوة الزبد" موضحا الموقف مما جري بين الصحابة:

وما جرَى بين الصِّحَابِ نَسْكُتُ *** عنه وأجرَ الاجتِهَادِ نُثْبِتُ.

8- روى البخاري في " صحيحه " [حديث رقم/2704] عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: فَقَالَ الحَسَنُ: وَلَقَدْ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرَةَ يَقُولُ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى المِنْبَرِ - وَالحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ إِلَى جَنْبِهِ -، وَهُوَ يُقْبِلُ عَلَى النَّاسِ مَرَّةً، وَعَلَيْهِ أُخْرَى وَيَقُولُ: «إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنَ المُسْلِمِينَ» يعني فئة علي ومعاوية -رضي الله عنهما-.

يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله: في هذه القصة من الفوائد:

. أن صلح الحسن بن علي علم من أعلام النبوة.

. ومنقبة للحسن بن علي، وفيه رد على الخوارج الذين كانوا يكفرون عليا ومن معه، ومعاوية ومن معه، بشهادة النبي صلى الله عليه وسلم للطائفتين بأنهم من المسلمين.

. وذهب جمهور أهل السنة إلى تصويب من قاتل مع علي لامتثال قوله تعالى: {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا} [الحجرات:9] الآية، ففيها الأمر بقتال الفئة الباغية، وقد ثبت أن من قاتل عليا كانوا بغاة، لحديث عمار «تقتلك الفئة الباغية» وهؤلاء مع هذا التصويب متفقون على أنه لا يذم واحد من هؤلاء، بل يقولون: اجتهدوا فأخطئوا. انتهى باختصار من [ فتح الباري 13/66-68] والله أعلم.

9- وقال عمر بن عبد العزيز: " تلك دماء طهر الله منها سيوفنا فلا تخضب بها ألسنتنا". يقول الحق تبارك وتعالى في كتابه العزيز: {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [البقرة:134].

10- السنة ماضية ويعرفها من قرأ التاريخ ووعاه في دول أهل البدع "إعمال السيف في الأمة". أما دول أهل السنة ففي الغالب تتسع صدورهم للمخالفين رحمة بهم، وما جرى بخلاف ذلك فعلى غير المعروف.

11- الصحابة كلهم عدول وما حصل لبعضهم فإنهم موفقون بإذن الله للتوبة النصوح الخالصة أو يحصل التطهير بإقامة الحد لمن وقع في المخالفة الموجبة له، أو يكون هناك من السابقة ما يغطي كل نقص كما في الحديث "لعل الله اطلع على أهل بدر فقال: «اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم».

12- قال أبو زرعة -رحمه الله-: "إذا رأيت الرَّجلَ يَنْتَقِصُ أحدًا منْ أصحابِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلَّم، فاعْلَمْ أنَّه زِنْدِيقٌ، وذلك أنَّ الرَّسولَ صلى الله عليه وسلَّم عندنا حقٌّ، والقرآنُ حقٌّ، وإنَّما أدَّى إلينا هذا القرآنَ والسُّنَنَ أصحابُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلَّم، وإنَّما يريدون أن يُجَرِّحُوا شهودَنا لِيُبْطِلُوا الكتابَ والسُّنَّةَ، والجَرحُ بهم أَوْلَى وهم زَنادِقَة".

13- عن عبد الله بن عباس أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم قال: «من سب أصحابي، فعليه لعنة الله و الملائكة و الناس أجمعين»، [السلسلة الصحيحة- الصفحة أو الرقم:2340 قال الشيخ الألباني: حسن بجموع الطرق]

14- قال الإمام الشافعي:

يا آل بيت رسول الله حبكم *** فرض من الله في القرآن أنزله

يكفيكم من عظيم الفخر أنكم *** من لم يصل عليكم لا صلاة له

15- أول ما بدأ التشيع كان خفيفا ثم انتقل إلى تفضيل علي وتقديمه على الشيخين أبي بكر وعمر-رضي الله عنهم- ووصل الغلو فيه إلى رفض الشيخين والبراءة منهما ولعنهما ووصمهما بالجبت والطاغوت ناهيك عن بقية الأصحاب، وهذا الغلو المجحف مكيدة يهودية من عبد الله بن سبأ الشخصية الحقيقية اليهودية.

16- حدثني الشيخان العلامتان القاضيان/ محمد بن إسماعيل العمراني ويحي بن يحي الشبامي أنهما كانا يكتبان على طرة بعض كتبهما أول مدد طلبهما للعلم الشريف هذا البيت:

من كان يؤمن بالله خالقه *** فلا يسب أبا بكر ولا عمرا

17- قال العلامة محمد بن إسماعيل بن الأمير الصنعاني:النّصب - بغض الآل - شرٌ من التشيع الخفيف؛ وذلك لأن الناصبي خالف الحق أصلا ببغضه للآل، أما المتشيع تشيعا خفيفا فقد أتى بالواجب وزاد عليه. ا.ه بمعناه من بعض تقريراته.

18- نرفض العصبية الحزبية أو المذهبية أو السلالية أو العرقية أو التعالي على الآخرين أوالتفاخر بالأحساب والأنساب فهي من أعمال الجاهلية المذمومة.

19- انتقل الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم -إلى الرفيق الأعلى وترك الأمر للمسلمين، فاختاروا بعد مناقشات أبا بكر لقرائن ظهرت لهم حيث قدمه -عليه الصلاة والسلام- في أمر دينهم وهو الصلاة فارتضوه في أمر دنياهم، ولفضله وسابقته وتقدمه على غيره، فتمت له البيعة، ثم رشح أبوبكر عمر-رضي الله عنه- خليفة للمسلمين فارتضاه المسلمون إماما، ولما طعن أبو لؤلؤة المجوسي عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - اختار الفاروق - رضي الله عنه - ستة من الصحابة الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو عنهم راضٍ من أجل أن يختاروا واحداً منهم خليفة للمسلمين.

20- الآل والأصحاب أصهار وأحباب وأنساب.

21- حديث النبي عليه الصلاة والسلام: "الأئمة من قريش"هو مذهب الجمهور من العلماء مع توفر بقية الشروط من العلم والقدرة والكفاية وغيرها، ومال المؤرخ ابن خلدون إلى تعليل ذلك بالعصبية القبلية لقريش ومثلها في زماننا قوة الحزب أو الجماعة أو غيرها.

22- الانتخابات المعاصرة جزء من الديموقراطية التي هي نظام غربي والولد للفراش. وقد أصبحت الانتخابات بديلا لا مفر منه لتخفيف الديكتاتورية من باب الأخذ بجزئية من نظام جاهلي كمبدأ الجوار الذي أخذ به النبي -عليه الصلاة والسلام - فيستفاد منه من باب ارتكاب أخف الضررين وأهون الشرين مع تقرير مخالفة النظام الديموقراطي للخالق الآمر القائل: {أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ} [الأعراف:54]؛ لأن السيادة للشعب عندهم لا لمن خلق الشعب والأمة، وهو الله تعالى.

23- النبوة ثم الخلافة الراشدة ثم الملك العاض ثم الحكم الجبري ثم ما ننتظره وهو الخلافة الراشدة على منهاج النبوة.

24- روى الإمام مسلم في صحيحه(1218) ضمن حديث جابر الطويل في صفة الحج «وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به، كتاب الله»، وفي صحيح مسلم [ج4/ص1873] عن زيد بن أرقم. . . قال قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فينا خطيبا بماء يدعى خُمّا بين مكة والمدينة فحمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكر ثم قال «أما بعد: ألا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب وأنا تارك فيكم ثقلين أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به فحث على كتاب الله ورغب فيه ثم قال وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي»

فهذا الحديث فيه الوصاية بكتاب الله تعالى والتمسك به، وفيه تذكير النبي صلى الله عليه وسلم ووصيته بأهل بيته في محبتهم ورعاية حقوقهم وعدم ظلمهم ونحو ذلك، لا جعل ذلك اليوم عيدا، والحسنة حسنة وهي من بيت النبوة أحسن والسيئة سيئة وهي من بيت النبوة أسوأ، والعصمة لرسل الله فقط، لا لإمام أو ولي أو صحابي.

25- النواح واللطم والطعن يوم عاشوراء من البدع التي لا يرضاها الإسلام الذي ينهى عن النياحة على الميت حال الوفاة فضلا بعد تقادم القرون. ثم إنه لا يرد مفقودا.

في الصحيحين في حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله لمّا قدم المدينة وجد يهودًا تصوم عاشوراء فقال رسول الله: «ما هذا؟» فقالوا: هو يوم صالح نجى الله فيه موسى وبني إسرائيل وأغرق فيه فرعون وقومه، فقال النبي: «نحن أحق بموسى منكم» فصامه وأمر بصيامه، وذلك قبل فرض رمضان، فلما فرض رمضان قال عليه الصلاة والسلام: «من شاء صامه، ومن شاء تركه». ومن قول الله تعالى: {وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللّهِ} [إبراهيم:5] نفرح حين نقرأ هذه الآية بذهاب وراثي فرعون من الظلمة والطواغيت المعاصرين الذين فرحت الأمة بذهابهم إلى غير رجعة.

وفي الختام: هذه دعوة لمن يخالفنا من أهل الكتاب أو غيرهم كما قال تعالى {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [آل عمران:64].

نسأل الله أن يرينا الحق حقا وأن يرزقنا اتباعه، وأن يرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه. وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.

وكتبه محب الآل والأصحاب: أبو البراء أحمد بن محمد بن إسماعيل الجهمي المصباحي.
[/align]
المشاهدات 1449 | التعليقات 0