خطية: التّحذيرُ من الإشاعات.
وليد بن محمد العباد
بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيم
خطبة: التّحذيرُ من الإشاعات.
الخطبة الأولى
إنّ الحمدَ للهِ، نَحمدُه ونَستعينُه ونَستهديه، ونَعوذُ باللهِ مِن شرورِ أنفسِنا وسيئاتِ أعمالِنا، مَن يَهده اللهُ فلا مُضلَّ له، ومَن يُضللْ فلا هاديَ له، وأَشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأَشهدُ أنّ محمّدًا عبدُه ورسولُه، صلّى اللهُ عليه وعلى آلِه وصحبِه وسلّمَ تسليمًا كثيرًا، أمّا بعدُ عبادَ الله
في هذا الزّمنِ الذي نَعيشُه اليوم، تَطوّرَتْ وسائلُ الاتّصال، وأصبحَ العالمُ كالقريةِ الواحدة، ونَتَجَ عن ذلك سرعةُ انتشارِ الأخبارِ والمعلومات، ومع كَثرةِ الأحداثِ والصّراعات، رَاجَ سوقُ الإشاعات، وهي معلوماتٌ مَغلوطة، أو أخبارٌ كاذبة، لا يُعلمُ مَصدرُها وقائلُها، تَنْتَشِرُ بينَ قطاعِ كبيرٍ مِن عوامِّ النّاس، عن طريقِ شخصٍ مجهول، أو وَسيلةٍ إعلاميّةٍ عَمِيلة؛ لإِحْداثِ البلبلةِ وعدمِ الاستقرارِ بينَ الأفرادِ والأُسَرِ والمجتمعات، ولنَشْرِ الفوضى والخوفِ والقلقِ والفتنِ والخلافات، ضِمْنَ أَجْنِدَةٍ خبيثة، تَعتمدُ على الغرائبِ والتّكهّناتِ والشّعوذةِ والأباطيل، وتَستهدفُ جميعَ جوانبِ الحياةِ الحيويّة، الدّينيّةِ والاجتماعيّةِ والسياسيّةِ والاقتصاديّةِ والصّحيّة، وقد كَثُرَ الكذبُ والتّزويرُ النّصيُّ، والتّعديلُ الصّوتيُّ بالذّكاءِ الاصطناعيّ، فالواجبُ على المسلمِ أنْ يَتَجَنَّبَ تَلَقِّي هذه الإشاعات، وأنْ يَحْذَرَ مِن تصديقِها، قالَ تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) فالمسلمُ يَتَعاملُ بوَعْيٍ وحكمةٍ مع تلك الإشاعات، فليس بالخِبِّ ولا الخِبُّ يَخدعُهُ، فعندَ سماعِها أو قراءتِها فإنّه يَتَأَنَّى ولا يَستعجلُ في تصديقِها، أو الحُكْمِ على الأحداثِ والأفرادِ مِن خلالِها، بل يَتَثبّتُ مِن صدقِها وصحّتِها، فيَرْجِعُ إلى الحسابِ الشّخصيِّ لقائلِها، أو إلى الموقعِ الرّسميِّ للجهةِ التي يُدَّعَى أنّها صدرتْ عنه، فيَتَأَكَّدُ مِن صحّةِ نسبتِها إليهم، وإنْ كانت مِن جاهلٍ أو مجهولٍ تَجاهلَها، وإنْ كانت دينيّةً فيَسألُ أهلَ العلمِ الموثوقين (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) وعلى المسلمِ أنْ يَحذرَ كلَّ الحذرِ مِن المساهمةِ في ترويجِها ونشرِها، فليس كلُّ ما يُسمعُ يُقال، ولا كلُّ ما يُقالُ يُصدّق، ولا كلُّ ما يُصدّقُ يُنشر، فلا يُنشرُ إلا ما ثَبتتْ صحّتُه وظهرتْ مصلحتُه، قالَ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: كَفَى بالمرءِ كذِبًا أنْ يُحدِّثَ بِكُلِّ ما سَمِعَ. وقالَ عليه الصّلاةُ والسّلام: بئسَ مَطيَّةُ الرَّجُلِ زَعموا. فاتّقوا اللهَ رحمَكم الله، واحذروا مِن الاشاعاتِ ولا تُصدّقوها ولا تَنشروها، وتَثبّتوا مِن الرّسائلِ والمعلوماتِ والأخبار، ولا تَأخذوها إلا مِن مصادرِها الرّسميّةِ الموثوقة، حَفِظَ اللهُ وطنَنا وحكومتَنا وشعبَنا والمسلمين، وكفانا شرَّ الحاسدينَ والحاقدينَ والمعتدين، إنّه على كلِّ شيءٍ قدير.
باركَ اللهُ لي ولكم بالقرآنِ العظيم، وبهديِ سيّدِ المرسلين، أقولُ قولي هذا، وأستغفرُ اللهَ العظيمَ لي ولكم ولسائرِ المسلمينَ مِن كلِّ ذنبٍ فاستغفروه، إنّه هو الغفورُ الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمدُ للهِ على إحسانِه، والشكرُ له على توفيقِه وامتنانِه، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له تعظيمًا لشأنِه، وأشهدُ أنّ محمدًا عبدُه ورسولُه الداعي إلى رضوانِه، صلى اللهُ وسلمَ وباركَ عليه وعلى آلِه وأصحابِه وأتباعِه وإخوانِه، أبدًا إلى يومِ الدّين. أمّا بعدُ عبادَ الله:
اتّقوا اللهَ حقَّ التقوى، واستمسكوا من الإسلامِ بالعروةِ الوُثقى، واحذروا المعاصي فإنّ أجسادَكم على النّارِ لا تقوى، واعلموا أنّ ملَكَ الموتِ قد تخطّاكم إلى غيرِكم، وسيتخطّى غيرَكم إليكم فخذوا حذرَكم، الكيّسُ مَنْ دانَ نفسَه، وعملَ لمَا بعدَ الموت، والعاجزُ من أتبعَ نفسَه هواها وتمنّى على اللهِ الأمانيّ. إنّ أصدقَ الحديثِ كتابُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ رسولِ الله، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعةٍ ضلالة، وعليكم بجماعةِ المسلمينَ فإنّ يدَ اللهِ مع الجماعة، ومن شذَّ عنهم شذَّ في النّار.
اللهمّ أعزَّ الإسلامَ والمسلمين، وأذلَّ الشّركَ والمشركين، ودمّرْ أعداءَ الدّين، وانصرْ عبادَك المجاهدينَ وجنودَنا المرابطين، وأَنجِ إخوانَنا المستضعفينَ في غزّةَ وفلسطينَ، وفي كلِّ مكانٍ يا ربَّ العالمين، اللهمّ عليك باليهودِ الغاصبين، والصهاينة المعتدين، اللهم عليك بهم فإنّهم لا يُعجزونَك، اللهمّ أَنزلْ بهم بأسَك الذي لا يُرَدُّ عن القومِ المجرمين، اللهمّ آمِنّا في أوطانِنا ودورِنا، وأصلحْ أئمّتَنا وولاةَ أمورِنا، وهيّءْ لهم البطانةَ الصّالحةَ النّاصحةَ يا ربَّ العالمين، اللهمَّ أبرمْ لأمّةِ الإسلامِ أمرًا رَشَدًا يُعزُّ فيه أولياؤُك ويُذلُّ فيه أعداؤُك ويُعملُ فيه بطاعتِك ويُنهى فيه عن معصيتِك يا سميعَ الدّعاء. اللهمّ ادفعْ عنّا الغَلا والوَبا والرّبا والزّنا والزلازلَ والمحنَ وسوءَ الفتنِ ما ظهرَ منها وما بطن، اللهمّ فرّجْ همَّ المهمومينَ ونفّسْ كرْبَ المكروبينَ واقضِ الدّينَ عن المدينينَ واشفِ مرضانا ومرضى المسلمين، اللهمّ اغفرْ لنا ولوالدِينا وأزواجِنا وذريّاتِنا ولجميعِ المسلمينَ برحمتِك يا أرحمَ الرّاحمين.
دعاء الاستسقاء،،،
عبادَ الله، إنّ اللهَ وملائكتَه يصلّونَ على النبيّ، يا أيّها الذينَ آمنوا صلّوا عليه وسلّموا تسليمًا، ويقولُ عليه الصّلاةُ والسّلام: مَن صلّى عليّ صلاةً صلى اللهُ عليه بها عَشْرًا. اللهمّ صلِّ وسلمْ وباركْ على عبدِك ورسولِك نبيِّنا محمدٍ وعلى آلِه وأصحابِه وأتباعِه أبدًا إلى يومِ الدّين. فاذكروا اللهَ العظيمَ يَذكرْكم، واشكروه على آلائِه ونعمِه يَزدْكم، ولذكرُ اللهِ أكبرُ واللهُ يعلمُ ما تصنعون.
إعداد/ وليد بن محمد العباد غفر الله له ولوالديه وأهله وذريته والمسلمين
جامع السعيد بحي المصيف شمال الرياض 9/ 6/ 1445هـ