خطورة اللسان
خالد الكناني
خطورة اللسان
الحمد لله رب العالمين ، خلق الإنسان علمه البيان ، وحذره من آفات اللسان ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المؤيد بالمعجزات والبرهان ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أهل البر والإحسان ، وسلم تسليما كثيرا . أما بعد : عباد الله اتقوا الله تعالى ، وتحفظوا من ألسنتكم ، واحذروا عواقب كلامكم .
قال تعالى : { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا }
وقال تعالى : { أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25) وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ (26) يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ
الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ }
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ((مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ ))
عباد الله : اللسان جارحة تحتاج منا إلى صيانة ، وإلى تهذيب ، وإلى تدريب مستمر
فهي إما تنطق بخير وتتكلم بما يرفعك في الدنيا والآخرة
قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «إِنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ، لاَ يُلْقِي لَهَا بَالًا، يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ ))
وقال صلى الله عليه وسلم ((«الكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ»
فاللسان الرطب بذكر الله ، يستخدمه صاحبه استخداما يعود عليه بالمكاسب ،
هذا اللسان تجده إما تاليًا للقرآن، أو ذاكرا للرحمن ، أو متحدثا بما يصلح شأنه وشأن من يعول ، أو ناصحا أمينا لإخوانه ، أو داعيا إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة
مثل هذا تزيد حسانته ويرفع الله درجاته
وإما تنطق وتتكلم بما يضرك في الدنيا والآخرة ، قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ((وَإِنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ، لاَ يُلْقِي لَهَا بَالًا، يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ»
فتكمون الخطورة بما يتكلم ويتحدث ، فالغيبة محرمة وهي ذكرك أخاك بما يكره
قال تعالى : ((وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ ))
والنميمة محرمة ، وهي نقل الكلام للإفساد بين المسلمين
قال تعالى : { {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ} } وقال تعالى : { هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ }
وعن حُذَيْفَةُ قال : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا يَدْخُلُ الجَنَّةَ قَتَّاتٌ»
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَعْضِ حِيطَانِ المَدِينَةِ، فَسَمِعَ صَوْتَ إِنْسَانَيْنِ يُعَذَّبَانِ فِي قُبُورِهِمَا، فَقَالَ: «يُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ، وَإِنَّهُ لَكَبِيرٌ، كَانَ أَحَدُهُمَا لاَ يَسْتَتِرُ مِنَ البَوْلِ، وَكَانَ الآخَرُ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ»
ومن خطورة اللسان ، الكذب والزور والبهتان والسب والشتم واللعن وكل أنواع السفه اللفظي
وفي حديث معاذ رضي الله عنه قال : قال لي النبي صلى الله عليه وسلم : «أَلَا أُخْبِرُكَ بِمَلَاكِ ذَلِكَ كُلِّهِ»؟ قُلْتُ: بَلَى يَا نَبِيَّ اللَّهِ، فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ قَالَ: «كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا»، فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ؟ فَقَالَ: «ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ، وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ»
أقول ما تسمعون واستغفر الله العظيم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا . أما بعد... عباد الله :
لقد كثر في هذه الأزمنة كثرة ما يتحدث به الإنسان ويتكلم به ، ومن ذلك ما ينشره عبر وسائل التواصل المختلفة من الفيس بك والواتس وعبر المواقع وغيرها دون تثبت أو روية فيعطي للسانه الحرية فيما يتكلم به ، ولقلمه أن يسطر ما يحلو له ، ويرسل عبر هذه الوسائل الغث والسمين ، وربما المحرم أحيانا
فاتقوا الله عباد الله وتحفظوا من ألسنتكم
قال تعالى : ((إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ )) .... حتى أن جميع أعضاء الجسم تناشد اللسان كل يوم أن يقول خيرا ، عن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِذَا أَصْبَحَ ابْنُ آدَمَ , فَإِنَّ الْأَعْضَاءَ كُلَّهَا تُكَفِّرُ اللِّسَانَ فَتَقُولُ: اتَّقِ اللهَ فِينَا , فَإِنَّمَا نَحْنُ بِكَ , فَإِنْ اسْتَقَمْتَ اسْتَقَمْنَا , وَإِنْ اعْوَجَجْتَ اعْوَجَجْنَا ))
عباد الله : إن من الواجب علينا أن نمرن ألسنتنا وندربها على أن تتحدث بكل ما ينفعها في الدنيا والآخرة
قال تعالى : (( لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (114)
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كَلِمَتَانِ حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ، خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ، ثَقِيلَتَانِ فِي المِيزَانِ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، سُبْحَانَ اللَّهِ العَظِيمِ "
هذا وصلوا على من أمركم الله تعالى بالصلاة والسلام عليه قال تعالى : ((إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ))