خُطـــــــــــــــْبَةُ عِيــــــــــْــــدِ الأَضـــْــــــــــــــــحَى 1443هـ
يوسف العوض
الخطبة الأولى
اَلْحَمْد لِلَّهِ اَلْمُبْدِئِ اَلْمُعِيدِ ، اَلْوَلِيِّ اَلْحَمِيدِ ، ذِي اَلْعَرْشِ اَلْمَجِيدِ ، اَلْفَعَّالِ مَا يُرِيدُ ، وَنَشْهَدُ أَلَا إِلَهَ إِلَّا اَللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَلَا ضِدَّ وَلَا نَدِيدَ ، شَهَادَةَ مُخْلِصٍ فِي اَلتَّوْحِيدِ ، رَاجٍ لِلْحُسْنَى وَالْمَزِيدِ ، وَنَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهْ وَرَسُولُهُ لَبِنَةُ اَلتَّمَامِ وَبَيْتُ اَلْقَصِيدِ ، صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَالتَّابِعِينَ ، وَالنَّاصِرِينَ لِسَنَتِهِ بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ إِلَى يَوْمِ اَلدِّينِ .
اَللَّهُ أَكْبَرُ اَللَّهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اَللَّهُ ، اَللَّهُ أَكْبَرُ اَللَّهُ أَكْبَرُ وللَّهِ الحَمْدُ ،،
عِبَادَ اَللَّهِ : إِنَّ هَذَا اَلْعِيدَ مِنْ شَعَائِرِ اَلْإِسْلَامِ اَلْعَظِيمَةِ ، وَسُنَنِ اَلدِّينِ اَلْقَوِيمَةِ ، شَرَعَ اَللَّهُ فِيهِ هَذِهِ اَلصَّلَاةَ لِنَجْتَمِعَ بِقُلُوبِنَا وَأَجْسَادِنَا ، وَنَتَعَاطَفَ وَنَتَرَاحَمَ وَنَتَسَامَحَ وَنَتَصَافَحَ ، وَتُظْهِرَ اَلْأُخُوَّةُ اَلْإِسْلَامِيَّةُ عَلَى حَقِيقَتِهَا ، وَشَرَعَ فِيهِ اَلْأُضْحِيَّةَ لِنُوَسِّعَ فِيهَا عَلَى اَلْعِيَالِ ، وَنُدْخُلَ اَلْفَرَحَ عَلَى اَلنِّسَاءِ وَالْأَطْفَالِ ، وَنَتَصَدَّقَ مِنْهَا عَلَى اَلْفُقَرَاءِ وَالسُّؤَالِ ، وَبِهَذَا يَشْتَرِكُ اَلْمُسْلِمُونَ كُلُّهُمْ فِي هَذَا اَلْيَوْمِ فِي اَلسُّرُورِ ، وَيَتَقَارَبُ اَلْأَغْنِيَاءُ وَالْفُقَرَاءُ بِالرَّحْمَةِ ، وَتَتَوَاصَلُ أَرْوَاحُهُمْ وَأَجْسَادُهُمْ بِالْأُخُوَّةِ وَالْمَحَبَّةِ ، وَيَتَذَكَّرُونَ جَمِيعًا مَا أَتَى بِهِ اَلدِّينُ اَلْحَنِيفُ مِنْ خَيْرٍ وَمَعْرُوفٍ وَإِحْسَانٍ .
اَللَّهُ أَكْبَرُ اَللَّهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اَللَّهُ ، اَللَّهُ أَكْبَرُ اَللَّهُ أَكْبَرُ وللَّهِ الحَمْدُ،، عِبَادَ اَللَّهِ : إِنَّ سُنّةَ اَلْأُضْحِيَّةِ مُرَغَّبٌ فِيهَا مِنْ نَبِيِّنَا صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ كُلِّ قَادِرٍ عَلَيْهَا ، وَلَمَّا كَانَتْ قِرْبَةً إِلَى اَللَّهِ فَإِنَّهُ يُشْتَرِطُ فِيهَا أَنْ تَكُونَ كَامِلَةَ اَلْأَجْزَاءِ ، سَلِيمَةً مِنْ اَلْعُيُوبِ لِقَوْلِ اَللَّهِ تَعَالَى فِي هَذَا اَلْمَقَامِ : (( لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ )) ، وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي مَقَامِ اَلذَّمِّ : (( وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ )) .
اَللَّهُ أَكْبَرُ اَللَّهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اَللَّهُ ، اَللَّهُ أَكْبَرُ اَللَّهُ أَكْبَرُ وللَّهِ الحَمْدُ ،،
عِبَادَ اَللَّهِ : وَقَدْ كَانَ نَبِيُّنَا صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرِّغَبُ فِي اَلتَّصَدُّقِ مِنْ لَحْمِهَا عَلَى اَلْفُقَرَاءِ ، فَاجْمَعُوا أَيُّهَا اَلنَّاسُ بَيْنَ سُنَةِ اَلْأَكْلِ وَالصَّدَقَةِ عَلَى إِخْوَانِكُمْ اَلْفُقَرَاءِ .
اَللَّهُ أَكْبَرُ اَللَّهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اَللَّهُ ، اَللَّهُ أَكْبَرُ اَللَّهُ أَكْبَرُ وللَّهِ الحَمْدُ ،،
عِبَادَ اَللَّهِ : إِنَّ هَذِهِ اَلشَّعِيرَةَ اَلدِّينِيَّةَ وَأَمْثَالَهَا مِنْ اَلشَّعَائِرِ هِيَ كَالرِّبْحِ فِي اَلتِّجَارَةِ ، لَا يَنْتَظِرُهُ اَلتَّاجِرُ إِلَّا إِذَا كَانَ رَأْسُ اَلْمَالِ سَالِمًا ، وأَمَّا رَأْسُ اَلْمَالِ فِي اَلدِّينِ فَهُوَ تَصْحِيحُ اَلْعَقَائِدِ ، وَتَصْحِيحُ اَلْعِبَادَاتِ ، وَتَصْحِيحُ اَلْأَخْلَاقِ اَلصَّالِحَةِ ، وَاتِّبَاعُ سُنّةِ نَبِيِّنَا صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كُلِّ فِعْلٍ وَتَرْكٍ ، وَالْمُحَافَظَةُ عَلَيْهَا وَالِانْتِصَارُ لَهَا ، وَنَبْذُ اَلْبِدَعِ اَلْمُخَالِفَةِ لَهَا ، ثُمَّ صَرْفُ اَلْوَقْتِ اَلزَّائِدِ عَلَى ذَلِكَ فِي اَلْأَعْمَالِ اَلنَّافِعَةِ فِي اَلدُّنْيَا ، فَإِنَّ اَللَّهَ لَا يَرْضَى لِعَبْدِهِ اَلْمُؤَمَّنِ أَنْ يَكُونَ ذَلِيلاً حَقِيرًا ، وَإِنَّمَا يَرْضَى لَهُ - بَعْدَ اَلْإِيمَانِ اَلصَّحِيحِ - أَنْ يَكُونَ عَزِيزًا شَرِيفًا عَامِلاً لِدِينِهِ وَدُنْيَاهُ ، مُعِينًاً لِإِخْوَانِهِ عَلَى اَلْخَيْرِ ، نَاصِحًا لَهُمْ ، آخِذًاً بِيَدِ ضَعِيفِهِمْ ، مُحَسِّنًا لَهُمْ بِيَدِهِ وَلِسَانِهِ ، وَبِجَاهِهِ وَمَالهِ .
اَللَّهُ أَكْبَرُ اَللَّهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اَللَّهُ ، اَللَّهُ أَكْبَرُ اَللَّهُ أَكْبَرُ وللَّهِ الحَمْدُ،،
عِبَادَ اَللَّهِ : صَحَّحُواَ عَقَائِدَكُمْ فِي اَللَّهِ ، وَاعْلَمُوا أَنَّهُ وَاحِدٌ أَحَدٌ صَمَدٌ ، لَا شَرِيكَ لَهُ فِي ذَاتِهِ وَلَا فِي صِفَاتِهِ وَلَا فِي أَفْعَالِهِ ، هُوَ اَلْمُتَفَرِّدُ بِالْخَلْقِ وَالرِّزْقِ وَالْإِعْطَاءِ وَالْمَنْعِ وَالضُّرِّ وَالنَّفْعِ ، فَأَخْلِصُوا لَهُ اَلدُّعَاءَ وَالْعِبَادَةَ ، وَلَا تَدَعُوا مَعَهُ أَحَدًا وَلَا مِنْ دُونِهِ أَحَدًا ، وَطَهَّرُوا أَنْفُسَكُمْ وَعُقُولَكُمْ مِنْ كلِّ اَلْعَقَائِدِ اَلْبَاطِلَةِ اَلرَّائِجَةِ بَيْنَ بَعْضِ اَلْمُسْلِمِينَ اَلْيَوْمَ ، فَإِنَّهَا أَهْلَكَتْهُمْ وَأَضَلَّتْهُمْ عَنْ سَوَاء اَلسَّبِيلِ ، وَإِيَّاكُمْ وَالْبِدَعَ فِي اَلدِّينِ فَإِنَّهَا مَفْسَدَةٌ لَهُ ، وَكُلَُ مَا خَالَفَ اَلسَّنَةَ اَلثَّابِتَةَ عَنْ نَبِيِّنَا صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ بِدْعَةٌ ، وَصَحَّحُوا عِبَادَاتِكُمْ بِمَعْرِفَةِ أَحْكَامِهَا وَشُرُوطِهَا وَمَعْرِفَةِ مَا هُوَ مَشْرُوعٌ وَمَا هُوَ غَيْرُ مَشْرُوعٍ ، فَإِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى لَا يَقْبَلُ مِنْكُمْ إِلَّا مَا شَرَعَهُ لَكُمْ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
اَللَّهُ أَكْبَرُ اَللَّهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اَللَّهُ ، اَللَّهُ أَكْبَرُ اَللَّهُ أَكْبَرُ وللَّهِ الحَمْدُ ،،
الخطبة الثانية
اَلْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ فَسَوى ، وَقَدَّرَ فَهَدَى ، وَشَرَعَ لَنَا مِنْ اَلدِّينِ هَذِهِ اَلْعِبَادَاتِ اَلْعَظِيمَةَ لِنُوَحِّدَهُ ، وَنُكَبَّرَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اَللَّهِ وَرَسُولُه اَلْأَمِينُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ ، اَللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَى نَبِيِّه اَلْأَمِينِ ، وَعَلَى آلِهِ وَأَزْوَاجِهِ وَخُلَفَائِهِ اَلْمَيَامِينِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ اَلدِّينِ وَارْضَ اَللَّهُمَّ عَنْ صَحَابَةِ نَبِيِّك أَجْمَعِينَ .
اَللَّهُ أَكْبَرُ اَللَّهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اَللَّهُ ، اَللَّهُ أَكْبَرُ اَللَّهُ أَكْبَرُ وللَّهِ الحَمْدُ ،،
عِبَادَ اَللَّهِ : وَقْتُ اَلذَّبْحِ بَعْد صَلاةِ اَلْعِيدِ إِلَى مَغْرِبِ اَلثَّالِثِ عَشَرَ مِنْ أَيَّامِ اَلتَّشْرِيقِ عَلَى اَلرَّاجِحِ ، كُلُهُ وَقْتٌ لِلذَّبْحِ ، فَإِذَا قَالَ : لَا يَتَيَسَّرُ لِي أَنْ أَشْتَرِيَ فِي اَلْيَوْمِ اَلْأَوَّل وأَسْعَارُ اَلْأَضَاحِيِّ مُرْتَفِعَةٌ نَقُولُ : لَا حَرَجَ أَنْ تَذبحَ فِي اَلْيَوْمِ اَلثَّانِي وَالثَّالِثِ وَالرَّابِعِ وَهُوَ اَلثَّالِثُ عَشَرَ مِنْ أَيَّامِ اَلتَّشْرِيقِ إِلَى اَلْمَغْرِبِ ، وَكُلُّ اَللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَقْتٌ لِلذَّبْحِ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ ، فَاحْرِصْ على اَلْأُضْحِيَّةِ مَا أَمْكَنَكَ ذَلِكَ فهي عِبَادَةٌ عَظِيمَةٌ وإِنَّهَا بِرْكَةٌ لِأَهْلِ اَلْبَيْتِ .
اَللَّهُ أَكْبَرُ اَللَّهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اَللَّهُ ، اَللَّهُ أَكْبَرُ اَللَّهُ أَكْبَرُ وللَّهِ الحَمْدُ ،،
عِبَادَ اَللَّهِ : إِنَّنَا نَذْكُرُ فِي هَذَا اَلْمَقَامِ إِخْوَانَنَا اَلْحُجَّاجَ وَنَغْبِطُهُمْ عَلَى مَا يَسَّرَ اَللَّهُ لَهُمْ ، ونَسْأَلُ اَللَّهَ أَنْ يَتَقَبَّلَ مِنْهُمْ وَأَنْ يُيَسِّرَ أُمُورَهُمْ ، وَأَنْ يُعِيدَهُمْ إِلَى بُلْدَانِهِمْ سَالِمِينَ ، وَبِالْأَجْرِ غَانِمِينَ ، اَللَّهُمَّ تقبّلْ منّا إنّك أنتَ السّميعُ العليمُ وتُب علينا إنّك أنتَ التوّابُ الرحيمُ ، سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ ، والْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ .
المرفقات
1656908669_خطبة الاضحى1443.pdf